شخصيات فاسدة وخلافات سياسية.. ما سر حرب التسريبات في العراق؟ - عاجل
تاريخ النشر: 29th, October 2024 GMT
بغداد اليوم - بغداد
كشف الباحث في الشأن السياسي مجاشع التميمي، اليوم الثلاثاء (29 تشرين الأول 2024)، عن سر حرب التسريبات الصوتية للمسؤولين التي انتشرت في الآونة الأخيرة.
وقال التميمي في حديث لـ"بغداد اليوم"، ان" التسريبات الصوتية هي خلافات تحصل بين المسؤولين الفاسدين والجهات صاحبة العلاقة التي تريد الاستفادة وحين تكون هناك خلافات تقوم الجهة المستفيدة بكشف التسريبات الصوتية ونظرا لأن أغلب المسؤولين على موارد الدولة من الفاسدين فعملية سقوطهم تكون سهلة لأن أغلبهم لا يمتلك خبرة في إدارة الأمور الإدارية والمالية".
وبين، ان "أغلب العمليات التي كُشفت من خلال تسجيلات صوتية تتم عبر الهاتف ولكن هناك طرق وأساليب تدخل فيها التكنولوجيا في عمليات الكشف مثل الكاميرات وأجهزة التسجيل الرقمية والتي تكون أشبه بعمليات الغش والتزوير في الامتحانات لكن أغلب العمليات التي كشف عنها هي تتم عبر الهاتف أو عبر تسجيل من خلال أجهزة تسجيل دقيقة رقمية".
وأضاف التميمي، ان" التوافق بين القوى السياسية هو من يأتي بشخصيات فاسدة وغالبا ما تكون محمية والدولة ومؤسساتها الرقابية تعلم ذلك ولولا كشف هذه الصفقات بسبب الخلافات بين الأشخاص المستفيدين والمسؤول الفاسد لما كشفه أي ملف فساد لأن هؤلاء المسؤولين مدعومين من قبل جهات سياسية وهناك الكثير من ملفات الفساد على المسؤولين التنفيذيين لكن التأثير السياسي يمنع من المحاسبة والإقصاء".
وختم الباحث في الشأن السياسي قوله، ان "المسؤول الذي ينتمي إلى جهة سياسية محمي وما حصل من عمليات تسريب تمت بسبب الخلافات وليس لأسباب تتعلق بالمحاسبة والرقبة القانونية والدستورية ولهذا لم نسمع عن إدانة مسؤول وفق السياقات القانونية إلا من خلال التسريب الصوتي أو كشف عن طريق الإعلام".
وضجت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي يوم امس الإثنين، بتسريب صوتي منسوب لمدير عام هيئة الضرائب علي علاوي وهو يتحدث عن قيامه بالتلاعب بالنسب الضريبية لصالح إحدى الشركات، إلا أن الرعيل الأول في الحكومة يوجه بتحقيق فوري بصحة تلك التسريبات من عدمها.
وفي التسريب الصوتي المنسوب لمدير عام هيئة الضرائب وهو يتحدث عن قيامه بالتلاعب بالنسب الضريبية لصالح احدى الشركات، يقول علي وعد علاوي مخاطبا شخصا يدعى "ابو فهد": "المعاملة الاولى اليوم خلصت من اجل الدخول في المناقصات، وغدا سنسلمهم براءة الذمة"، مطالبا الشخص المخاطب (ابو فهد) بعدم إرسال المحامي الخاص به كون الاخير ثرثار و"العيون كلها مفتوحة علينا".
ويتحدث علاوي في التسريب الصوتي المزعوم، عن اموال تقدر بين 89 مليون دينار وسبعة مليارات دينار تدفع كرشاوى للتلاعب بالنسب الضريبية لصالح إحدى الشركات.
وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وجه في وقت سابق من يوم أمس الاثنين (28 تشرين الأول 2024)، هيئة النزاهة بفتح تحقيق عاجل بالتسريب الصوتي المنسوب إلى مدير الضرائب.
وزيرة المالية طيف سامي، أوعزت أيضا، بتشكيل لجنة تحقيقية عاجلة، للوقوف على التسريب الصوتي المنسوب لمدير هيئة الضرائب.
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: التسریب الصوتی
إقرأ أيضاً:
شخصيات « خيالية» في كوكب آخر!
لعبت وسائل الإعلام دورًا بارزًا في تسليط الضوء على بعض الأشخاص، وصورتهم على أنهم نوابغ عصرهم، ليس في مجالات تخصصاتهم الحقيقية فحسب، بل امتد تأثيرهم إلى إصدار الفتاوى والرأي في ميادين متعددة تتجاوز خبراتهم الحقيقية.
كما دفعت وسائل التواصل الاجتماعي هذه الشخصيات إلى الادعاء بـ«المعرفة والنبوغ في كل المجالات»، ولذا أصبح يتهافت الناس على الاستماع إليهم ومتابعة ما يهرفون به من جميع الاتجاهات.
فتكثر المحاضرات والندوات والمداخلات، ويصدقون أنفسهم بأنهم يمتلكون كل المعلومات التي يريد المتابع لهم معرفتها، يرفعون رايات الفخر والاعتزاز عندما يلتف حولهم البسطاء، ويتذمرون عندما ينتقدهم شخص مطّلع، ولا يترددون في مهاجمته في محاضراتهم ولقاءاتهم. وعندما يتيقن الشخص منهم بأنه قد أخطأ، وبأن كل ما أورده في حديثه هو مجرد «خزعبلات وخرافات»، يسعى إلى التنصل مما أورده، مدّعيًا أنها كبوة، وأنه بريء مما قاله كـ«براءة الذئب من دم ابن يعقوب»!
على مدار الأيام والشهور، تظهر لنا شخصيات تثير الجدل في بعض المجتمعات، تحمل خلفيات علمية متواضعة، لكنها تنطلق في رحلة البحث عن مكانة مرموقة في المجتمع، حتى وإن كان ذلك على حساب مبادئ وقيم كثيرة.
هدفها الأساسي هو توسيع دائرة تأثيرها وانتشارها، فتتنقل من قناة تلفزيونية إلى أخرى، ومن برنامج إلى آخر، إلى أن تُحاصر فكريًا وعلميًا، فتجدها تتملص وتدور في فلك بعيد عن الحقيقة.
مثل هؤلاء لديهم حسابات شخصية على مواقع التواصل الاجتماعي تُدار من قِبل مجموعة من الأشخاص، يعملون ليل نهار على استقطاب ملايين المشاهدات والاشتراكات من أجل تحقيق مبالغ مالية ضخمة.
أغلبهم إن لم يكن جميعهم، ينتقون حديثهم من خلال ملامسة جراح الناس ويبدون تضامنهم معهم، يسوقون أنفسهم على أن كل علوم الدنيا بين أيديهم، بينما يقول المولى عز وجل: «وفوق كل ذي علم عليم»، أي فوق كل عالم من هو أعلم منه، حتى ينتهي ذلك إلى الله.
ادعاء المعرفة والريادة في كل المجالات أمر مرفوض عقليًا، لكنه أصبح شيئًا واردًا ودارجًا بين فئة من الناس التي تدعي المعرفة والدراية. وهذا التداخل في مجالات العلم والتخصصات أحدث نوعًا من «الجدل والجدال معًا»، فالإنسان مهما حاول التقاط خيوط العنكبوت، فإنه لن يستطيع جمعها، لكن هؤلاء المدّعين يعرفون كيف تؤكل الكتف، وكيف يحصلون على الأموال، حتى وإن أصبح «المحظور متاحًا، والجهل معرفة».
لن نذهب مباشرة إلى شخصية جدلية بعينها بقدر ما سنتحدث بشكل عام، فهناك خط فاصل ما بين تخصص معين والتخصصات الأخرى. فمثلًا، رجل الدين أرى بأنه منوط به وعظ الناس وإظهار الجوانب الإيمانية وإبراز أهميتها، بالمقابل عليه أن يُبعد نفسه عن الأمور الأخرى مثل الإفتاء في الأمور الطبية، والنزاعات السياسية، والتأثيرات الاقتصادية؛ لأن لكل مجال قادته وخبراؤه الذين يمتلكون مفاتيح فهم أسراره، ولا ينبغي الخلط بين التخصصات أو تجاوز حدودها..
إذن، لا يناط به الحديث الإنشائي الذي يجذب الناس إليه وينسبون ما يقوله إليه بفخر واعتزاز. فلكل مهنة إنسانية مكانتها وخصوصيتها التي يجب احترامها، ولا ينبغي خلط الأمور أو تحويل هذه المهن إلى مجرد أدوات للبحث عن المال والشهرة!
أيضًا، من الملاحظ في وقتنا الراهن، كثرة الأشخاص الذين يقتحمون مجال الإعلام من نافذة وسائل التواصل الاجتماعي، ويُطلقون قنواتهم وصفحاتهم الإلكترونية عبر الإنترنت، ويُعرّفون أنفسهم بأنهم إعلاميون مخضرمون في كل المجالات!
إذًا أصبح من الضروري أن يكون هناك تنظيم وترتيب، وفصل الأشياء عن بعضها البعض، وعندما تكتمل الصورة في هذا الشأن، سيصبح كل مجال أو تخصص له إطاره المحدد. ففي غياب هذا الفصل الواضح، وتداخل الأدوار بين «الغرباء والمتطفلين» على مجالات العمل، لن تُحقّق الجهود إسهامات علمية حقيقية، بل ستسود حالة من الارتباك وظهور مفاهيم مغلوطة ومشوّشة، ولن يكون هناك إسهام حقيقي منشود، بقدر ما سيحدث بلبلة وظهور مفاهيم مغلوطة وخاطئة، فالنوايا الحسنة ليست كفيلة بوصول الشخص إلى الأهداف أو النتائج الصائبة بل لابد من العلم والاختصاص والالتزام بالمجال المناسب لضمان تقدُّم حقيقي ومستدام.