هل عدد أسماء الله الحسنى 99 اسما؟.. علي جمعة: 220 بعد حذف المكرر
تاريخ النشر: 15th, August 2023 GMT
لا شك أن الاستفهام عن هل عدد أسماء الله الحسنى 99 اسما ؟ يعد أحد أهم الأسرار التي ينبغي ألا تخفى عنا، لما لها فضل عظيم لا يفوته عاقل، وقد يظن البعض أن عدد أسماء الله الحسنى تسعة وتسعين اسما ، وهو ما يضعنا أمام استفهام هل عدد أسماء الله الحسنى 99 اسما؟، حيث يحمل كل اسم من أسماء الله الحسنى طاقة فرج وجبر لقلوبنا المنكسرة وقد أرهقتها الذنوب ، ومن ثم ينبغي الوقوف على حقيقة هل عدد أسماء الله الحسنى 99 اسما ؟، وما هي ؟.
هل عدد أسماء الله الحسنى
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف، إن التجلي الإلهي مبني علىٰ أن الحق سبحانه له أسماء، وأسماء الله الحسنىٰ مائة وثلاثة وخمسون اسما في القرآن الكريم، ومائة وأربعة وستون اسماً في السُنّة المطهرة، فمع حذف المكرر منها تكون أسماؤه -سبحانه- مائتين وعشرين اسما.
وأوضح «جمعة»، عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، في إجابته عن سؤال: « هل عدد أسماء الله الحسنى 99 اسما؟»، أن أسماء الله الحسنى تمثل: (منظومة القيم) التي عاشها المؤمنون، بعضها للجمال، وبعضها للجلال، وبعضها للكمال، فالجمال مثل: (الرحمن، الرحيم، العفو، الغفور، الرؤوف)، والجلال مثل: (المنتقم، الجبار، العظيم، شديد المحال، جل جلال الله).
وتابع: والكــمال: (الأول، الآخر، الظاهر، الباطن، الضار، النافع، المعز، المذل، السميع، البصير)، وهناك أيضا ما يسمونه بـ (الأسماء المزدوجة): فـ (الأول الآخر) معا كلاهما اسم ، و(الضار النافع) اسم، و(الظاهر الباطن) اسم؛ لأنه بهما الكمال المطلق لله رب العالمين.
وهذه المنظومة التي توصلك إلىٰ: "التخلي ، والتحلي ، والتجلي"، الأول: أن تخلي قلبك من القبيح، ثم تحليه بالصحيح، ثم يحدث التجلي، فيتجلىٰ الله بأنواره وأسراره علىٰ قلبك، فتخرج من دائرة الحيرة إلىٰ دائرة الرضا، { أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} .
ما هي أسماء الله الحسنىورد أن أسماء الله الحسنى هي الأسماء التي اختارها ورضيها الله -تعالى- لنفسه وأثبتها له رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-؛ لأنّه أكثر الناس معرفة به، وهي التي صدّقها المؤمنون وآمنوا بها، وأمّا عددها فهو في علم الله -تعالى-، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ما أصاب أحدًا قطُّ همٌّ ولا حَزَنٌ فقال اللهمَّ إني عبدُك ابنُ عبدِك ابنُ أمَتِك ناصيَتي بيدِك ماضٍ فيَّ حُكمُك عَدْلٌ فيَّ قضاؤُك أسألُك بكلِّ اسمٍ هو لك سميتَ به نفسَك أوْ علَّمْتَه أحدًا مِنْ خلقِك أو أنزلته في كتابِك أو استأثرتَ به في علمِ الغيبِ عندَك أنْ تجعلَ القرآنَ ربيعَ قلبي ونورَ صدري وجلاءَ حُزني وذهابَ هَمِّي إلا أذهب اللهُ همَّه وحُزْنَه).
فضل أسماء الله الحسنىورد في الأحاديث النبويّة الشريفة الفضل العظيم الذي يناله المسلم بحفظ أسماء الله الحسنى ومن ذلك ما ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (لِلَّهِ تِسْعَةٌ وتِسْعُونَ اسْمًا، مِئَةٌ إلَّا واحِدًا، لا يَحْفَظُها أحَدٌ إلَّا دَخَلَ الجَنَّةَ)، وفي رواية أخرى للبخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (إنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وتِسْعِينَ اسْمًا، مِائَةً إلَّا واحِدًا، مَن أحْصاها دَخَلَ الجَنَّةَ)، فيتبيّن من خلال الحديثين السابقين أنّ حفظ أسماء الله الحسنى من أسباب دخول الجنّة، وهو أمر حتميّ الوقوع لا شكّ فيه دلّت عليه صيغة الفعل الماضي الواردة في قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إلَّا دَخَلَ الجَنَّةَ).
وتجدر الإشارة إلى أنّ دخول الجنّة لا يتحقّق إلّا بانتفاء الموانع؛ كالامتناع عن المداومة على المعاصي والذنوب التي من شأنها أن تحول بين العبد والجنّة بحيث لا يدخلها حتى يُعذّب ويُطهّر من ذنوبه إن كان قد مات عليها، وقد يَشمَله عفو الله -تعالى- فيُدخله الجنّة دون عذاب مالم تكن ذنوبه من الكبائر، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إلى الجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إلى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ ما بيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الكَبَائِرَ)، والكبيرة هي كلّ معصية ترتّب عليها وعيد أو غضب أو لعن من الله -تعالى- كالزنا، وشرب الخمر، وعقوق الوالدَين، وأكل الربا، والغيبة والنميمة وغيرها.
وقد تعدّدت أقوال العلماء في المعنى المراد بلفظ (مَن أحْصاها) الوارد في الحديث السابق، وممّا قيل في معناه ما يأتي: إحصاء الأسماء الحسنى هو حفظها عن ظهر قلب وهو المعنى الذي أشار إليه الإمام البخاري والطيبي وغيرهم، وذلك لأنّ تَقرّب العبد إلى الله -تعالى- بقولها لا تكون دون حفظها، وكذلك البركة التي ينالها عند ذكرها لا تكون إلّا بحفظها، وقد استُنبِط هذا المعنى من الرواية الأخرى للحديث السابق وهي قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (لا يَحْفَظُها أحَدٌ إلَّا دَخَلَ الجَنَّةَ)، وإحصاء الأسماء الحسنى هو العلم بمعانيها والعمل بما تستوجبه والتخلّق بها، وذلك بمطالبة النفس أن تتّصف بالرحمة والودّ والمغفرة والستر وغيرها من الصفات التي يمكن للعبد أن يوصف بها، والانكسار والخضوع للأسماء والصفات التي لا يوصَف بها إلّا الله -تعالى- كالقهّار والجبّار والمتكبّر وغيرها.
وورد أن إحصاء الأسماء الحسنى يحتمل عدّة وجوه وهو ما ذهب إليه الإمام الخطابي، وقد أشار إليها وهي كالآتي:
الإحصاء هو أن يستوفي العبد جميع أسماء الله الحسنى في دعاء الله -تعالى- والثناء عليه بحيث لا يقتصر على البعض منها.
الإحصاء هو أن يحسن العبد العمل بما تستوجبه أسماء الله الحسنى، وإلزام النفس بالقيام بحقّها والتصديق بمعانيها؛ كقول: الرزّاق؛ فهو يستلزم من العبد الثقة بأنّ الرزق يكون من عند الله -تعالى-.
الإحصاء هو أن يحيط العبد بكافّة معاني أسماء الله الحسنى حسب اللسان العربيّ.
أهمية أسماء الله الحسنىتكمن أهميّة معرفة أسماء الله الحسنى في أمور كثيرة، ومنها ما يأتي:
معرفة أسماء الله الحسنى والاشتغال بفهمها، وهو أعلى المطالب التي يشتغل بها العبد؛ لِكون العلم بها يُعدّ أشرف العلوم والمعارف لأنّه متعلق بالله -تعالى-، لذا حرص رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- على الاعتناء ببيانه وتوضيحه للصحابة -رضي الله عنهم- ممّا منع اختلافهم فيه كاختلافهم في الأحكام.معرفة أسماء الله الحسنى وفهم معانيها هو الطريق لمعرفة الله -تعالى- والتقرّب منه، وهذا يؤدّي بدوره إلى محبّته وخشيته، ممّا يُحقّق السعادة الحقيقيّة للعبد.معرفة أسماء الله الحسنى وفهم معانيها هي أصل الإيمان وغايته؛ فكلّما ازدادت معرفة العبد بأسماء الله الحسنى ازداد إيمانه وثقته به، وذلك لأنّ معرفة أسماء الله الحسنى تشمل أنواع التوحيد الثلاثة وهي توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات.معرفة أسماء الله الحسنى وفهم معانيها هو اشتغال العبد بالغاية التي خُلِق لِأجلها؛ فحقيقة الإيمان لا تتوقّف على التلفّظ بألفاظ الإيمان فقط فحسب، إنّما بمعرفة العبد لخالقه وعبادته على أكمل وجه، ولا يكون ذلك إلّا بإشغال النفس في معرفة وفهم أسماء الله الحسنى.معرفة أسماء الله الحسنى وفهم معانيها هي الأصل في معرفة كلّ معلوم؛ سواءً كان خلقاً أو أمراً لله -تعالى-، أو كان علماً بما كوّنه -سبحانه وتعالى- أو شرعه لعباده؛ فمصدر كلّ معلوم مرتبط مباشرة بأسماء الله الحسنى.المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: رسول الله
إقرأ أيضاً:
خطيب الأوقاف: من أعظم نعم الله على الإنسان أن خلق له الوقت والزمن
ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر الدكتور عبدالفتاح العوارى، العميد الأسبق لكلية أصول الدين بالقاهرة وعضو مجمع البحوث الإسلامية، والتى دار موضوعها حول قيمة الوقت في الإسلام.
نعم الله لا تعد ولا تحصىقال الدكتور عبد الفتاح العواري، إن نعم الله تبارك وتعالى على الإنسان لا تعد ولا تحصى يقول تعالى: ﴿وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾، وأول هذه النعم التي أنهم الله تعالى على الإنسان أن أوجده من العدم وسواه وأحسن خلقه، وركبه في أحسن صورة، فجعل له السمع والبصر والفؤاد، وأخرجه من بطن أمه لا يعلم شيئاً، فأصبح إنساناً مكرماً أتت من أجله الشرائع، وأرسل الله بها الرسل حتى لا يترك الإنسان في الحياة هملاً، ولا يدعه سدىً، فالإنسان مكرم وهو غالي على خالقه ومولاه، ومن هنا اعتنى به خلقاً وتنشئةً وتربيةً.
وأوضح أن الله تبارك وتعالى سخر للإنسان الكون كله، وأسبغ عليه نِعمهُ ظاهرة وباطنه، فالإنسان مركز دائرة الكون؛ الكل في خدمته يقول تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾. هكذا قال المولى عزَّ وجلَّ، ونطق به كتابه، لكن وعينا وإدراكنا قد أصيب بالشلل فتعطلت وظائفه، فلم يدرك هذا الإنسان المكرم فضل الله عليه، ونعمه التي حباه بها، فكان لابد من تنبيهه وإيقاظه من غفلته، فتتلى عليه آياته التنزيلية لتلفت نظره إلى آيات الله الكونية، لعله يفوق من غفلته ويتوب ويعود إلى رشده.
نعمة الوقت والزمنوأضاف خطيب الجامع الأزهر، أن من أعظم نعم الله على الإنسان أن خلق له الوقت والزمن، وأوجد له الزمن ليرقب ما هو مطلوب منه في أمور معاشه، وتحقيق مصالحه وما تحتاجه حياته في دنياه، كما أوجد له الزمن فربط به جميع تكاليفه التي هو مطالب بها يؤديها ويقوم بها، فجميع التكاليف من صلاة وزكاة وصوم وحج، كل هذه العبادات إنما هي مرتبطة بزمن، وتقع من الإنسان في زمن فلا يمكنه أن يخرج شيء منها دون ارتباط بزمن ووقت.
دعاء يوم الجمعة للرزق.. اغتنمه وردده الآن يصب الله عليك الخير صبا
هل يستجاب الدعاء وقت نزول الأمطار؟.. الإفتاء تجيب
وواصل: يقول تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا﴾، أي يخلف بعضهم بعضاً. يأتي النهار فيخلفه الليل، ويأتي الليل فيخلفه النهار. ذلك لمن أراد أن يتذكر ويتأمل ويتدبر في دلائل قدرة من أوجده من العدم، وفي عظمة قدرة من يقول للشيء كن فيكون. يتنبه الإنسان فيعرف نعم ربه عليه بالزمن فيشكره ويثني عليه بما هو أهله، فهو صاحب النعم وصاحب الفضل على الإنسان، يقول تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ ۖ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِّتَبْتَغُوا فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا﴾. محى الله آية الليل بالظلام وعدم الوضوح، ليسكن الإنسان ويستريح. وجعل آية النهار مبصرة ليسعى فيها الإنسان ويحقق معاشه، ويؤدي واجباته التي كُلِفَ بها. فإذا لم يؤديها، فليس له حق.
وأوضح خطيب الجامع الأزهر أن الله أوجد للإنسان نعمة النهار مبصرة منتشرة الضياء تطلع شمسها فيسعى الناس في جنبات الأرض محصلين أمر معاشهم قائمين بمصالحهم ليس سوى لحكمة وهي أن يبتغي الإنسان الفضل من ربه في كل ما يحقق له مصالح الدنيا، فهو ليس قاصر على شيء دون شيء. ومن هنا أتى التعبير نكرة ليعم الجميع، وكذلك ليعلم الإنسان عدد السنين والحساب.
دعاء يوم الجمعة للرزق.. اغتنمه وردده الآن يصب الله عليك الخير صبا
هل يستجاب الدعاء وقت نزول الأمطار؟.. الإفتاء تجيب
وأكد خطيب الجامع الأزهر أهمية أن يحاسب الإنسان نفسه ويسألها ماذا قدمت؟ وما الذي حققته؟ حينما تعود إلى رب كريم يُوقفها للحساب، أقسم المولى عز وجل بالزمن ليلاً ونهاراً، ضحاً وعصراً، حتى يعلم الإنسان قيمته، المتأمل في كتاب الله يرى القسم، والله لا يقسم إلا بعظيم. فهل وعى الإنسان ذلك وهو يقرأ كتاب الله الذي أنزله من أجله، وجعل نبياً من أنبيائه يبلغه آياته؟ ماذا فعل في هذا الزمن؟ ماذا لو ترك الله الإنسان بلا تعاقب في الزمن فيعيش هكذا؟ لو جعل الله الزمن متساوق غير متفاوت، ماذا كان يصنع الإنسان؟ يقول تعالى مخاطباً عباده: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاءٍ ۖ أَفَلَا تَسْمَعُونَ﴾. من غير الله يأتينا بضياء! هلا سمعنا ووعينا، ومن غيره يأتينا بليل نسكن فيه.
ودعا الدكتور العواري أولي الأبصار إلى التدبر والتأمل في نعمة الوقت ونعمة الزمن. فهو عمر الإنسان وسيُسأل عنه يوم القيامة. يقول النبي ﷺ: (لا تَزولُ قَدَمَا عَبْدٍ يومَ القيامةِ، حتَّى يُسأَلَ عن عُمُرِه؛ فيمَ أفناه؟ وعن عِلْمِه؛ فيم فعَلَ فيه؟ وعن مالِه؛ من أين اكتسَبَه؟ وفيم أنفَقَه؟ وعن جِسمِه؛ فيمَ أبلاه؟)، ويقول أيضاً: (نعمتانِ مغبونٌ فيهما كثيرٌ منَ النَّاسِ الصِّحَّةُ والفراغُ)، الغبن معناه الغفلة وعدم الوعي. الإنسان في تيه غير مستيقظ، والنعمة محيطة به.
وشدد على أننا في حاجة ماسة إلى أن نستيقظ من غفلتنا، فقد فات الكثير من العمر وما بقي إلا القليل. علينا أن نحدث مع الله توبة، وإليه أوبة ورجوع، حتى يتقبل منا ما تبقى من زماننا ووقتنا، ونعود إليه وهو راض عنا. فنعمة الزمن ونعمة الوقت حينما يراجع الإنسان نفسه يوقن يقيناً تاماً أنه قد فرط في هذه النعمة وأهدرها وضيعها، ومضى من عمره الكثير في اللهو واللعب، دون إدراك منه أن الزمن هو عمره، وأن الوقت هو حياته. يقول تقي الدين الحسن البصري رضي الله عنه: "اعلم أن الوقت عمرك، فإن ضاع يوم ضاع بعضك". فابن العشر سنين غداً لا يمكن أن يكون ابن عشر، وابن الثلاثين لا يمكن أن يكون غداً ابن الثلاثين. موصياً الجميع بضرورة أن يعاهدوا ربهم، وأن ينتبهوا إلى ما تبقى من عمرهم، وألا يضيعوا زمنهم سدى، فالله سوف يسألنا جميعاً ويحاسبنا على نعمة الزمن.