الفيدرالي الأمريكي وخفض الفائدة| هل هو قرار اقتصادي أم حسابات انتخابية؟
تاريخ النشر: 8th, November 2024 GMT
خفض الفيدرالي الأمريكي مؤخرًا أسعار الفائدة بعد سلسلة من الزيادات التي هدفت إلى كبح التضخم، ويُعتبر هذا القرار تغييراً في سياسته النقدية، وقد يأتي ذلك في إطار دعم الاقتصاد الأمريكي وتحفيز الإنفاق والاستثمار، والخفض في الفائدة يعني تقليل تكلفة الاقتراض، مما يسهم في زيادة النشاط الاقتصادي، ويأتي هذا القرار رغم التحديات فقد يؤدي إلى ضغوط تضخمية جديدة على المدى البعيد.
ويؤثر خفض الفائدة على الأسواق العالمية، بما في ذلك أسعار الصرف والسلع، كما أنه قد يترك أثراً على اقتصادات الدول الأخرى المرتبطة بالدولار، خصوصًا في الأسواق الناشئة.
من جانبها، قالت الخبيرة الاقتصادية سهر الدماطي، إن قرار الفيدرالي الأمريكي الأخير بتخفيض أسعار الفائدة يأتي استجابة للضغوط الاقتصادية، حيث إن معدلات التضخم بدأت تتراجع بشكل يقترب من المستهدف، مشيرة إلى أنه عند النظر إلى تأثيرات هذا القرار، يمكن ملاحظة أن الاقتصاد الأمريكي شهد ضغوطًا خلال فترات سابقة، مثل أزمة الاثنين الأسود عندما انهارت البورصات نتيجة تباطؤ اقتصادي واضح وارتفاع معدلات البطالة.
وأشارت الدماطي لـ"صدى البلد"، إلى أن القرار الأمريكي بخفض الفائدة، والذي يعد الثاني من نوعه، من المتوقع أن يؤثر إيجابيًا على الاستثمار في الأسواق الناشئة، مثل السوق المصري، حيث سيصبح الاستثمار في مصر أكثر جاذبية بسبب ارتفاع أسعار الفائدة المحلية، موضحة أن تخفيض الفائدة سيؤدي إلى تخفيف أعباء القروض ذات الفائدة المتغيرة، في حين ستظل القروض ذات الفائدة الثابتة دون تغيير.
وأكدت الخبير الاقتصادي أن هذا القرار لا يرتبط بالانتخابات الأمريكية، بل يعكس توجهات الاقتصاد الأمريكي نحو السيطرة على التضخم وتحقيق استقرار أكبر في الأسواق.
ويعتمد هذا القرار على عدة عوامل اقتصادية، منها تراجع النمو الاقتصادي أو ظهور ضغوط تضخمية أو اضطرابات في الأسواق المالية، حيث يسعى البنك المركزي الأمريكي (الاحتياطي الفيدرالي) من خلاله إلى تحقيق توازن بين النمو الاقتصادي واستقرار الأسعار.
ويعد تحفيظ النمو الاقتصادي أحد أهم الأسباب التي تدفع الفيدرالي الأمريكي إلى خفض الفائدة يساعد خفض الفائدة الأفراد والشركات على الاقتراض بتكلفة أقل، مما يشجعهم على الاستثمار والاستهلاك، وهذا بدوره يعزز من نشاط الاقتصاد، ويأتي خفض الفائدة في إطار مكافحة التضخم المنخفض، فعندما يتراجع التضخم دون المستويات المستهدفة، يعمل الفيدرالي على تحفيز النشاط الاقتصادي لرفع معدلات التضخم إلى المستوى المطلوب، ويسهم خفض الفائدة في استقرار الأسواق المالية، حيث يلجأ الفيدرالي إلى هذه الخطوة لطمأنة المستثمرين وضخ السيولة في السوق عند حدوث تقلبات مالية أو أزمات اقتصادية.
خفض أسعار الفائدةويؤثر خفض الفائدة بشكل إيجابي على سوق الأسهم؛ فمع انخفاض العائد على السندات، يبحث المستثمرون عن عوائد أفضل، مما يزيد من جاذبية الاستثمار في الأسهم ويدفع بأسعارها نحو الصعود، ويؤدي خفض الفائدة إلى تراجع قيمة الدولار أمام العملات الأخرى، مما قد يعزز من تنافسية الصادرات الأمريكية. كما أن خفض الفائدة يجعل الاقتراض أكثر سهولة للأفراد والشركات، مما يرفع من معدلات الإنفاق والاستثمار. وعلى المدى الطويل، يمكن أن يؤدي ارتفاع الطلب نتيجة لهذه العوامل إلى زيادة معدلات التضخم بشكل تدريجي.
في هذا السياق، قال خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي، إن قرار الفيدرالي الأمريكي برفع أو خفض سعر الفائدة له تأثيرات مباشرة على الاقتصادات العالمية، عندما يقرر الفيدرالي رفع الفائدة، يزداد تكلفة الاقتراض، مما يؤدي إلى تراجع في الاستثمارات والاستهلاك، وهو ما قد يؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي، بينما في حالة خفض الفائدة، تنشط حركة الاقتراض مما يحفز الاقتصاد في بعض الأحيان، لكنه قد يؤدي أيضًا إلى زيادة التضخم.
وأوضح الشافعي لـ “صدى البلد”، أن العديد من البنوك المركزية حول العالم تحذو حذو الفيدرالي الأمريكي، سواء بزيادة أو تخفيض الفائدة، وفقًا للظروف الاقتصادية المحلية والعالمية، بالتنسيق بين البنوك المركزية يؤثر بشكل مباشر على الأسواق المالية والعلاقات التجارية بين الدول.
وأكد أن رفع الفائدة قد يكون له تأثير إيجابي على بعض الاقتصادات، حيث يسهم في السيطرة على التضخم. في المقابل، يمكن أن يكون له تأثير سلبي على الدول التي تعتمد على الاستدانة أو التي تشهد نمواً اقتصادياً ضعيفاً، حيث يرفع من تكلفة الدين العام.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الفيدرالى الفيدرالى الامريكى الفائدة اسعار الفائدة خفض الفائدة البطالة قرار الفیدرالی الأمریکی النمو الاقتصادی أسعار الفائدة خفض الفائدة هذا القرار فی الأسواق
إقرأ أيضاً:
دورات انتخابية متلاحقة.. ومقعد الثقة ما زال شاغراً
31 مايو، 2025
بغداد/المسلة: يدخل العراق موعداً انتخابياً جديداً في 11 تشرين الثاني المقبل، وسط استقرار أمني غير مسبوق نسبياً، بينما تتصاعد شكوك الجمهور في جدوى العملية السياسية، بعد نحو عشرين عاماً من التحولات المتعاقبة التي لم تؤسس لمسار ديمقراطي راسخ، بل دفعت نسبة المشاركة إلى الانحدار المتواصل من دورة إلى أخرى، واختزلت التنافس السياسي إلى صراع نخبوي تتحكم به الولاءات الطائفية والتحالفات المرحلية.
وتنطلق حكاية الانتخابات العراقية الحديثة في كانون الثاني 2005، حين أجريت أول انتخابات للجمعية الوطنية المؤقتة، في ظل مقاطعة واسعة من العرب السُنة احتجاجاً على الاحتلال الأميركي، فلم تتجاوز المشاركة في الأنبار 2%، وحصلت قائمة غازي الياور على 1.78% فقط من أصوات الناخبين، ما أنتج برلماناً غير متوازن وأرسى قاعدة المحاصصة الطائفية التي لا تزال تحكم المشهد.
وشهدت انتخابات كانون الأول 2005 مقاطعة إضافية من طيف واسع من القوى القومية واليسارية إلى جانب السُنّة، فيما استُخدم نظام القوائم المغلقة والدائرة الواحدة على مستوى العراق، ما عزز سطوة الأحزاب الكبيرة، وأقصى المستقلين والمناطق الصغيرة من التمثيل الفعلي.
وانتُخب برلمان آذار 2010 في ظل قانون انتخابي معدل، قسّم العراق إلى 18 دائرة، وأتاح التصويت لمرشحين بعينهم، ما رفع من مستوى الشفافية ولو نظرياً، لكن التوترات الطائفية كانت تتصاعد في الخلفية، لتتراجع نسبة المشاركة إلى 62.4%.
وتراكمت الأزمات حتى انفجر الوضع الأمني في 2014 مع اجتياح تنظيم داعش لمدن عراقية عدة، وعودة التوتر الطائفي، ما انعكس على إقبال الناخبين في انتخابات نيسان 2014 التي سجلت مشاركة بنسبة 60%، وسط مشهد انقسامي وصعود خطاب الهوية.
وجاءت انتخابات 2018 بعد دحر داعش، بدعم من التحالف الدولي والحشد الشعبي، ومع بروز خطاب عابر للطوائف في بعض التحالفات، لكن النسبة انخفضت إلى 44.5%، وسط شكاوى من تهميش النازحين، وحرمان مكونات من التصويت بسبب ظروفهم الأمنية والإدارية.
وتمخضت احتجاجات تشرين 2019 عن تغييرات تشريعية، أبرزها قانون الانتخابات رقم 9 لعام 2020، الذي جزّأ البلاد إلى 83 دائرة صغيرة، ومنح الناخب حق التصويت لمرشح وليس لقائمة، ما فتح الباب أمام المستقلين والتيارات الناشئة، وساهم في فوز التيار الصدري بـ73 مقعداً في انتخابات تشرين 2021، التي سجلت أدنى نسبة مشاركة منذ 2003، بلغت 41.05%.
وقاد انسحاب التيار الصدري من العملية السياسية في حزيران 2022 إلى شلل تشريعي دام شهوراً، وأعاد التوازن البرلماني إلى نقطة الصفر، وسط تصاعد دور الإطار التنسيقي، وتراجع ثقة الجمهور بكل أطراف المشهد، بما في ذلك قوى تشرين التي تفككت تنظيمياً، وتعرض ناشطوها للتصفية والاعتقال.
ويعاني الناخب العراقي اليوم من أزمة تمثيل متفاقمة، إذ أعلن المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان أن نحو 8 ملايين ناخب لم يحدثوا بياناتهم حتى أيار 2025، ما يشير إلى عزوف مرشح للتفاقم في الانتخابات المقبلة، خاصة بعد إعلان مقتدى الصدر رفضه القاطع للمشاركة، قائلاً: “ما دام الفساد موجوداً، فلن أشارك في أي عملية انتخابية عرجاء لا همّ لها إلا المصالح الطائفية والحزبية”.
وتخيم على المشهد مخاوف من تعمق القطيعة بين الدولة والمجتمع، في ظل أزمات اقتصادية متواصلة، وارتفاع نسبة البطالة إلى 16.5%، وتدهور الخدمات، رغم موازنة انفجارية لعام 2024 بلغت 153 مليار دولار، وتوزعت وفق صيغ محاصصة لا تلامس واقع المواطن.
وتتباين التوقعات بشأن الانتخابات المقبلة، إذ تراهن قوى الإطار التنسيقي على تعبئة جمهورها التقليدي، بينما يحذر مراقبون من أن تكون نسبة التصويت هي الأدنى في تاريخ العراق الحديث، إذا استمر الاستقطاب الطائفي، وبقيت قوى الاحتجاج غائبة عن الساحة.
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts