عربي21:
2025-08-01@02:55:34 GMT

في أسباب الحياد السوري من الحرب الإسرائيلية

تاريخ النشر: 9th, November 2024 GMT

أن ينأى النظام السوري بنفسه عن الحرب الإسرائيلية في غزة، فهذا أمر مفهوم، بسبب العلاقات الجافة بينه وبين حركة حماس، وبسبب استحالة الدعم العسكري للمقاومة نتيجة البعد الجغرافي.

لكن أن ينأى النظام السوري بنفسه عن المقتلة الإسرائيلية ضد "حزب الله" وجمهوره، فهذا يثير الكثير من إشارات الاستفهام لمن لم يعاين بدقة سياسة النظام طوال العقود الخمسة الماضية.



اعتمد النظام السوري منذ حافظ الأسد سياسة فن الممكن، واللعب على الهوامش المتاحة إقليميا ودوليا، مع استشعار سياسي عالي المستوى للمخاطر، يجعله ينكفئ، ويلجأ إلى استراتيجيته المعتادة القائمة على تمرير المراحل على أمل حدوث متغيرات تصب في صالحه.

لم يكن النظام السوري بحاجة إلى تحذير إسرائيلي عبر وسيط عربي بعد عملية "طوفان الأقصى"، ولا إلى تحذير روسي مباشرة للعكوف عن هذه الحرب وعدم تقديم المساعدة للمقاومة الفلسطينية واللبنانية، فقد أدرك أن إسرائيل والعالم سيكون مختلفا عما قبل السابع من أكتوبر عام 2023، وأن موجة عسكرية شرسة ستقوم بها إسرائيل تجاه كل بقعة جغرافية تشارك في الحرب.

هذه المقاربة كانت واضحة تماما لدمشق التي قدمت خطابا إعلاميا باهتا حيال الحرب، ثم قامت بإبعاد قواتها عن مواقع تمركز القوات والميليشيات التابعة لإيران، فضلا عن عدم مشاركة الأسد في تشييع الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي في رسالة سياسية واضحة ليست موجهة لطهران فحسب، بل إلى العواصم المعنية الأخرى، مفادها أن ثمة تمايز بين دمشق وطهران حيال ما يجري في المنطقة.

لم يكن النظام السوري بحاجة إلى تحذير إسرائيلي عبر وسيط عربي بعد عملية "طوفان الأقصى"، ولا إلى تحذير روسي مباشرة للعكوف عن هذه الحرب وعدم تقديم المساعدة للمقاومة الفلسطينية واللبنانية، فقد أدرك أن إسرائيل والعالم سيكون مختلفا عما قبل السابع من أكتوبر عام 2023، وأن موجة عسكرية شرسة ستقوم بها إسرائيل تجاه كل بقعة جغرافية تشارك في الحرب.لا يعني ذلك ما ذهبت إليه تقارير إعلامية، وما قاله مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي من وجود محاولات لإخراج سوريا من المعادلات الإقليمية بأساليب مختلفة، في إشارة إلى إغراء النظام السوري برفع العقوبات عنه، وإنهاء عزلته الدولية.

لا يتعلق الموقف السوري إطلاقا بالإغراءات العربية، فهذه الإغراءات موجودة ومستمرة منذ عام 2011، ولا يمكن للنظام أن يبتعد عن إيران بسبب الترابط الوجودي بين النظامين الذي يتجاوز حدود المصالح العادية بين الدول.

العلاقة السورية الإيرانية علاقة فوق استراتيجية مبنية على تداخل وترابط متين على كافة المستويات، والنظام السوري لا يمكن له المخاطرة بترك إيران من أجل دول عربية قد تتغير مصالحها في الأمد المتوسط وتنقلب عليه.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى، يدرك النظام أن المطالب العربية لن تكتف بمجرد الابتعاد عن طهران، بل ستلحقها بمطالب أخرى تتعلق بالوضع السياسي الداخلي، وهذا أمر لا يساوم عليه النظام إطلاقا بعد النجاحات العسكرية التي حققها خلال السنوات الماضية بدعم إيراني وروسي.

وفقا لذلك، لا يمكن تفسير الحياد السوري بناء على الإغراءات العربية، وإنما على أساس وضعه الداخلي، فلم يعد النظام اليوم كما كان قبل عام ألفين وأحد عشر، فهو لا يملك سوى قوة عسكرية مترهلة، وترسانة أسلحة بدائية مقارنة بقدرات إسرائيل، واقتصاد مترنح، وعدد بشري لا يفي بمتطلبات الحرب، ناهيك عن خسارته للأسلحة الكيماوية.

يضاف إلى ذلك، أرضه مقسمة بين ثلاثة أقسام، وفيها قوتين معاديتين (تركيا، والولايات المتحدة)، ووضع اجتماعي قابل للانفجار، أحد معالمه احتجاجا السويداء.

ضمن هذه المعادلة المعقدة، لا يمتلك النظام السوري سوى أهداف محلية بامتياز، تتمثل أولا الحفاظ على السلطة وديمومتها في ظل تقاطع جيوسياسي مزلزل، وعدم إضعاف ما تبقى من قوة عسكرية يدخرها لمعركته الكبرى المتمثلة في إعادة السيطرة على الأراضي الخاضعة لسيطرة المعارضة و"قوات سوريا الديمقراطية".

ولأجل هذه الأهداف نأى النظام بنفسه عن الحرب، غير أن اشتداد التوتر بين إيران وإسرائيل ومحاولة طهران استغلال الأرض السورية، دفع النظام بدعم روسي إلى القيام بخطوات عملية، أولا بإغلاق مراكز التجمع البشري التي أقامتها إيران من أجل جلب مقاتلين إلى لبنان، وثانيا الابتعاد عن نقل الأسلحة لـ "حزب الله"، وترك هذا الأمر منوط بالقوات الإيرانية فقط، وثالثا بتقييد حركة "حزب الله" وميليشيات تابعة لإيران في الجولان ومحافظات ريف دمشق وبادية حمص.

هذه السياسة تسمح للنظام بعدم التعرض إلى أي هجوم إسرائيلي قد يؤدي إلى انهيار قوته، قد تستغله قوى المعارضة و"قوات سوريا الديمقراطية" في الداخل.

كما تسمح له هذه السياسة بالتقرب أكثر من ما يسمى "دول الاعتدال العربي" التي لها مصلحة بالقضاء على المقاومة في غزة ولبنان، وهي الدول التي يعول عليها النظام السوري ليس في إعادة تقوية وجوده العربي، فقط، بل والأهم أن تكون عاملا قويا في إقناع الولايات المتحدة بتغيير مقاربتها تجاه سوريا، وربما يشكل موقفه المحايد من الحرب الإسرائيلية أحد العناوين الرئيسية لهذه الدول في الضغط على واشنطن.

ولن يكون مستغربا بعدما تضع الحرب أوزارها أن يتحول النظام السوري إلى عقبة وسد منيع أمام إيران في إرسال السلاح إلى "حزب الله".

لقد انتهى عمليا "محور المقاومة"، وبات النظام السوري يقبل بالاعتدال العربي الذي حاربه لعقود طالما يحقق له البقاء في السلطة.. هنا سقط القناع وسقطت الثوابت لصالح براغماتية مغرقة في انتهازيتها.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإسرائيلية العلاقات سوريا سوريا إسرائيل علاقات رأي مقالات مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة رياضة صحافة سياسة عالم الفن سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة النظام السوری إلى تحذیر حزب الله

إقرأ أيضاً:

المعارضة الإسرائيلية تهاجم حكومة نتنياهو: قادتنا إلى كارثة سياسية ويجب وقف الحرب

أكد زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، أن الحكومة الحالية بقيادة بنيامين نتنياهو، قادت البلاد إلى "كارثة سياسية"، في إشارة إلى رغبة رئيس الوزراء بإطالة أمد حرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة منذ نحو عامين.

وقال لابيد في منشور عبر منصة "إكس" (تويتر سابقا): "هذه الحكومة قادتنا إلى كارثة سياسية. فشل يتبع فشلا"، وذلك تعليقا على استمرار الحرب في غزة وعدم التوصل إلى اتفاق لإنهائها.

وأضاف أن "رئيس وزراء غائب عن الساحة السياسية، ووزير الخارجية (جدعون ساعر) عديم الفائدة، ووزراء يعرّضون جنود الجيش الإسرائيلي للخطر في كل مرة يفتحون فيها أفواههم".


وتتهم المعارضة الإسرائيلية وعائلات الأسرى نتنياهو بالانصياع للتيار الأكثر تطرفا في حكومته ممثلا في وزيري الأمن القومي إيتمار بن غفير والمالية بتسلئيل سموتريتش، وعدم الرغبة في إنهاء الحرب في غزة حفاظا على ائتلافه الحكومي، بحسب ما ذكرت وكالة "الاناضول".

والاثنين، منعت الحكومة الهولندية، سموتريتش وبن غفير من دخول أراضيها، واعتبارهما شخصيين غير مرغوب فيهما، وذلك على خلفية دعوتهما لتطهير عرقي في غزة.

ومرارا، أعلنت حماس تعاطيها بإيجابية مع المفاوضات الدائرة منذ أكثر من 20 شهرا لإنهاء الحرب، لكن نتنياهو يتهرب بطرح شروط جديدة، بينها نزع سلاح الفصائل الفلسطينية، ويصر حاليا على إعادة احتلال غزة.

من جانبه، قال زعيم حزب "الديمقراطيين" يائير غولان في كلمة بثها على منصة "إكس" مساء الثلاثاء: "لم تعد هذه حكومة نتنياهو، بل حكومة سموتريتش وبن غفير".

وأضاف غولان: "نتنياهو ضعيف وجبان، ومن يحكم فعليا هم مستوطنان (سموتريتش وبن غفير) من شبيبة التلال، كاهانيان (نسبة إلى الحاخام مائير كاهانا مؤسس حركة كاخ اليهودية المصنفة إرهابية في إسرائيل) حولا نتنياهو إلى أداة طيعة في أيديهما".


وشبيبة التلال جماعات يهودية هي الأكثر تطرفا من بين المستوطنين تسكن في البؤر الاستيطانية بالضفة الغربية المحتلة وتنفذ جرائم بحق فلسطينيين بما في ذلك اعتداءات وحرق ممتلكات.

ومضى غولان: "سموتريتش وبن غفير هما الهامش الأكثر تطرفا في المجتمع الإسرائيلي، وهما من يحددان اليوم سياسات الحكومة الإسرائيلية، اللذان يرسلان أولادنا للموت في المعركة، وينسفان صفقات إطلاق سراح المختطفين ويطيلان أمد هذه الحرب إلى الأبد".

وتابع: "علينا أن نوقف هذه الحرب، وإعادة جميع المختطفين إلى الوطن. مواطنو إسرائيل يريدون الأمن والديمقراطية، لا التضحية بأبنائنا".

ومنذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تشن "إسرائيل" حرب إبادة جماعية بغزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.

وخلفت الإبادة، بدعم أمريكي، نحو 206 آلاف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.

مقالات مشابهة

  • أهداف الحرب الإسرائيلية في غزة تتلاشى وسط وعود فارغة
  • أنباء عن ظهور إعلامي قريب لرئيس النظام السوري المخلوع بشار الأسد
  • ترامب يُمهل بوتين 12 يومًا لإنهاء الحرب .. فهل ترد روسيا العظمى بقصف واشنطن؟ مدفيديف: لسنا (إسرائيل أو إيران)
  • المعارضة الإسرائيلية تهاجم حكومة نتنياهو: قادتنا إلى كارثة سياسية ويجب وقف الحرب
  • ميدفيديف يرد على”مهلة ترامب”: لسنا إيران أو إسرائيل
  • بعد حرب الـ12 يوما مع إيران.. بماذا أوصت مراكز الأبحاث الإسرائيلية نتنياهو؟
  • إيران تُحذّر: سنردّ بحزم أكبر في حال تكرار الهجمات الأميركية أو الإسرائيلية
  • مدفيديف يحذر ترامب: روسيا ليست إسرائيل أو إيران ولغة الإنذارات تقود إلى الحرب
  • إيران تكشف عن معركة صامتة و إحباط مؤامرة كبرى لإسقاط النظام وتقسيم البلاد بقيادة استخباراتية غربية
  • ميدفيديف لترامب: لسنا إسرائيل ولا إيران والإنذارات خطوة نحو حرب بيننا