عربي21:
2025-10-13@22:03:46 GMT

في أسباب الحياد السوري من الحرب الإسرائيلية

تاريخ النشر: 9th, November 2024 GMT

أن ينأى النظام السوري بنفسه عن الحرب الإسرائيلية في غزة، فهذا أمر مفهوم، بسبب العلاقات الجافة بينه وبين حركة حماس، وبسبب استحالة الدعم العسكري للمقاومة نتيجة البعد الجغرافي.

لكن أن ينأى النظام السوري بنفسه عن المقتلة الإسرائيلية ضد "حزب الله" وجمهوره، فهذا يثير الكثير من إشارات الاستفهام لمن لم يعاين بدقة سياسة النظام طوال العقود الخمسة الماضية.



اعتمد النظام السوري منذ حافظ الأسد سياسة فن الممكن، واللعب على الهوامش المتاحة إقليميا ودوليا، مع استشعار سياسي عالي المستوى للمخاطر، يجعله ينكفئ، ويلجأ إلى استراتيجيته المعتادة القائمة على تمرير المراحل على أمل حدوث متغيرات تصب في صالحه.

لم يكن النظام السوري بحاجة إلى تحذير إسرائيلي عبر وسيط عربي بعد عملية "طوفان الأقصى"، ولا إلى تحذير روسي مباشرة للعكوف عن هذه الحرب وعدم تقديم المساعدة للمقاومة الفلسطينية واللبنانية، فقد أدرك أن إسرائيل والعالم سيكون مختلفا عما قبل السابع من أكتوبر عام 2023، وأن موجة عسكرية شرسة ستقوم بها إسرائيل تجاه كل بقعة جغرافية تشارك في الحرب.

هذه المقاربة كانت واضحة تماما لدمشق التي قدمت خطابا إعلاميا باهتا حيال الحرب، ثم قامت بإبعاد قواتها عن مواقع تمركز القوات والميليشيات التابعة لإيران، فضلا عن عدم مشاركة الأسد في تشييع الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي في رسالة سياسية واضحة ليست موجهة لطهران فحسب، بل إلى العواصم المعنية الأخرى، مفادها أن ثمة تمايز بين دمشق وطهران حيال ما يجري في المنطقة.

لم يكن النظام السوري بحاجة إلى تحذير إسرائيلي عبر وسيط عربي بعد عملية "طوفان الأقصى"، ولا إلى تحذير روسي مباشرة للعكوف عن هذه الحرب وعدم تقديم المساعدة للمقاومة الفلسطينية واللبنانية، فقد أدرك أن إسرائيل والعالم سيكون مختلفا عما قبل السابع من أكتوبر عام 2023، وأن موجة عسكرية شرسة ستقوم بها إسرائيل تجاه كل بقعة جغرافية تشارك في الحرب.لا يعني ذلك ما ذهبت إليه تقارير إعلامية، وما قاله مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي من وجود محاولات لإخراج سوريا من المعادلات الإقليمية بأساليب مختلفة، في إشارة إلى إغراء النظام السوري برفع العقوبات عنه، وإنهاء عزلته الدولية.

لا يتعلق الموقف السوري إطلاقا بالإغراءات العربية، فهذه الإغراءات موجودة ومستمرة منذ عام 2011، ولا يمكن للنظام أن يبتعد عن إيران بسبب الترابط الوجودي بين النظامين الذي يتجاوز حدود المصالح العادية بين الدول.

العلاقة السورية الإيرانية علاقة فوق استراتيجية مبنية على تداخل وترابط متين على كافة المستويات، والنظام السوري لا يمكن له المخاطرة بترك إيران من أجل دول عربية قد تتغير مصالحها في الأمد المتوسط وتنقلب عليه.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى، يدرك النظام أن المطالب العربية لن تكتف بمجرد الابتعاد عن طهران، بل ستلحقها بمطالب أخرى تتعلق بالوضع السياسي الداخلي، وهذا أمر لا يساوم عليه النظام إطلاقا بعد النجاحات العسكرية التي حققها خلال السنوات الماضية بدعم إيراني وروسي.

وفقا لذلك، لا يمكن تفسير الحياد السوري بناء على الإغراءات العربية، وإنما على أساس وضعه الداخلي، فلم يعد النظام اليوم كما كان قبل عام ألفين وأحد عشر، فهو لا يملك سوى قوة عسكرية مترهلة، وترسانة أسلحة بدائية مقارنة بقدرات إسرائيل، واقتصاد مترنح، وعدد بشري لا يفي بمتطلبات الحرب، ناهيك عن خسارته للأسلحة الكيماوية.

يضاف إلى ذلك، أرضه مقسمة بين ثلاثة أقسام، وفيها قوتين معاديتين (تركيا، والولايات المتحدة)، ووضع اجتماعي قابل للانفجار، أحد معالمه احتجاجا السويداء.

ضمن هذه المعادلة المعقدة، لا يمتلك النظام السوري سوى أهداف محلية بامتياز، تتمثل أولا الحفاظ على السلطة وديمومتها في ظل تقاطع جيوسياسي مزلزل، وعدم إضعاف ما تبقى من قوة عسكرية يدخرها لمعركته الكبرى المتمثلة في إعادة السيطرة على الأراضي الخاضعة لسيطرة المعارضة و"قوات سوريا الديمقراطية".

ولأجل هذه الأهداف نأى النظام بنفسه عن الحرب، غير أن اشتداد التوتر بين إيران وإسرائيل ومحاولة طهران استغلال الأرض السورية، دفع النظام بدعم روسي إلى القيام بخطوات عملية، أولا بإغلاق مراكز التجمع البشري التي أقامتها إيران من أجل جلب مقاتلين إلى لبنان، وثانيا الابتعاد عن نقل الأسلحة لـ "حزب الله"، وترك هذا الأمر منوط بالقوات الإيرانية فقط، وثالثا بتقييد حركة "حزب الله" وميليشيات تابعة لإيران في الجولان ومحافظات ريف دمشق وبادية حمص.

هذه السياسة تسمح للنظام بعدم التعرض إلى أي هجوم إسرائيلي قد يؤدي إلى انهيار قوته، قد تستغله قوى المعارضة و"قوات سوريا الديمقراطية" في الداخل.

كما تسمح له هذه السياسة بالتقرب أكثر من ما يسمى "دول الاعتدال العربي" التي لها مصلحة بالقضاء على المقاومة في غزة ولبنان، وهي الدول التي يعول عليها النظام السوري ليس في إعادة تقوية وجوده العربي، فقط، بل والأهم أن تكون عاملا قويا في إقناع الولايات المتحدة بتغيير مقاربتها تجاه سوريا، وربما يشكل موقفه المحايد من الحرب الإسرائيلية أحد العناوين الرئيسية لهذه الدول في الضغط على واشنطن.

ولن يكون مستغربا بعدما تضع الحرب أوزارها أن يتحول النظام السوري إلى عقبة وسد منيع أمام إيران في إرسال السلاح إلى "حزب الله".

لقد انتهى عمليا "محور المقاومة"، وبات النظام السوري يقبل بالاعتدال العربي الذي حاربه لعقود طالما يحقق له البقاء في السلطة.. هنا سقط القناع وسقطت الثوابت لصالح براغماتية مغرقة في انتهازيتها.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإسرائيلية العلاقات سوريا سوريا إسرائيل علاقات رأي مقالات مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة رياضة صحافة سياسة عالم الفن سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة النظام السوری إلى تحذیر حزب الله

إقرأ أيضاً:

القاهرة للدراسات الاقتصادية: إلغاء الامتيازات الضريبية أبرز مزايا الحياد التنافسي في مصر .. تفاصيل

 قال الدكتور عبدالمنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن وثيقة سياسة ملكية الدولة التي تم الإعلان عنها عام 2022 أحد أهم الأدوات التي مهدت لتطبيق مبدأ الحياد التنافسي، إذ وضعت رؤية واضحة لدور الدولة في النشاط الاقتصادي، تقوم على الانسحاب التدريجي من بعض الأنشطة التجارية، والتركيز على القطاعات الاستراتيجية ذات البعد القومي.

وأضاف مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، في تصريحات خاصة لـ"صدى البلد" أن مبدأ الحياد التنافسي يأتي في صدارة الإصلاحات الاقتصادية التي تهدف إلى تحقيق العدالة في المعاملة بين الكيانات الاقتصادية الحكومية والخاصة، وإزالة أي امتيازات أو إعفاءات كانت تمنح لطرف دون آخر.

حصيلة إلغاء الامتيازات الضريبية

وتابع: "أثبتت التجربة المصرية خلال عام 2024 نجاح هذا التوجه بوضوح، حيث بلغت حصيلة إلغاء الامتيازات الضريبية لشركات الدولة نحو 67.4 مليار جنيه، وهي حصيلة غير مسبوقة في تاريخ النظام الضريبي المصري، تعكس التزام الدولة بالعدالة والمساءلة، وتعكس أيضًا قدرتها على تحقيق مكاسب مالية وتنموية مباشرة من تطبيق هذا المبدأ".

معني الحياد التنافسي وأهميته

وأشار الدكتور عبد المنعم السيد، إلى أن  الحياد التنافسي هو  مجموعة من السياسات والتشريعات التي تضمن عدم منح أي امتيازات أو تفضيلات ضريبية أو مالية أو تنظيمية لأي شركة  على حساب أخرى، بغض النظر عن طبيعة ملكيتها (حكومية أو خاصة).

وزير المالية: الاقتصاد بدأ «يَشم نَفسه ويتحسن».. والقطاع الخاص يتحرك بقوةوزير المالية: التسهيلات الضريبية تثبت التزام الحكومة بدعم شباب ريادة الأعمال

أوضح مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، أن اتجاه الدولة نحو تطبيق الحياد التنافسي يرجع لعدة أسباب أهمها،تصحيح التشوهات التاريخية في بيئة المنافسة، دعم العدالة الضريبية والمساءلة المالية، تعزيز كفاءة إدارة الموارد العامة، تمكين القطاع الخاص من لعب دوره التنموي كشريك رئيسي في النمو الاقتصادي، تحقيق العدالة الاجتماعية عبر توجيه عوائد الإصلاح نحو الفئات المستحقة.

 زيادة الإيرادات الضريبية

ونوه، إلى أن تطبيق قانون الحياد التنافسي أسفر عن نتائج ملموسة خلال عام 2024، تمثلت في زيادة الإيرادات الضريبية بمقدار 67.4 مليار جنيه نتيجة إلغاء الامتيازات الضريبية لشركات وهيئات الدولة، وتوزعت هذه الحصيلة على النحو التالي:

-الشركات التابعة للجهات السيادية سددت ضرائب بلغت 16.4 مليار جنيه.

-134 جهة حكومية أخرى دفعت ضرائب بقيمة 9 مليارات جنيه.

-الجهات المنضمة حديثًا إلى مصلحة الضرائب سددت 4.1 مليار جنيه.

-الأندية الرياضية التابعة للجهات الحكومية سددت 23.4 مليار جنيه كضريبة قيمة مضافة على خدماتها.

-شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية سددت 8 مليارات جنيه ضرائب.

الالتزام الضريبي سلوكًا مؤسسيًا

وأكد الدكتور عبد المنعم السيد، أن هذه الأرقام ليست مجرد مؤشرات مالية، بل تمثل تحولًا في فلسفة إدارة الاقتصاد العام، حيث أصبح الالتزام الضريبي سلوكًا مؤسسيًا عامًا يشمل جميع الكيانات دون استثناء.

طباعة شارك الحياد التنافسي النشاط الاقتصادي القطاعات الاستراتيجية الكيانات الاقتصادية وثيقة سياسة ملكية

مقالات مشابهة

  • القدس.. الحرب التي لا تنتهي!
  • القاهرة للدراسات الاقتصادية: إلغاء الامتيازات الضريبية أبرز مزايا الحياد التنافسي في مصر .. تفاصيل
  • بعد ساعات قليلة.. إيران ترد على دعوة ترامب لها من إسرائيل للتعاون
  • لافروف: روسيا تزود إيران بالمعدات التي تحتاجها وتعاوننا العسكري معها ضمن القانون الدولي
  • معاريف: إسرائيل ترفض مشاركة تركيا بـالقوة الإقليمية التي ستدخل غزة
  • ساعة من الانتظار.. أسباب غامضة وراء تأخر خطاب ترامب في الكنيست الإسرائيلي
  • هاشم: الرسالة التي أرادت إسرائيل إيصالها وصلت
  • إيران ترفض حديث ترامب عن تطبيع محتمل مع إسرائيل وتصفه بـ”أحلام يقظة”
  • إيران توضح موقفها من حديث ترامب عن تطبيع علاقتها مع إسرائيل
  • هل تشهد إيران تحولا في خطاب النخب السياسية عن الحجاب؟