حول الحرب والشعار (الفخ) لا للحرب! ؟ السودان نحو نهج بديل! الخطة هي أن نبقي أحياء!
تاريخ النشر: 11th, November 2024 GMT
تغيب بعض المفاهيم الأساسية علي المناديين بشعار لا للحرب. حيث أن هذا الشعار سيقود البلاد نحو الضياع الحتمي و لن ينفع السودان في مستقبله القريب أو البعيد المحدودية في الرؤية و ضيق الأفق الذي زيّن للبعض التقوقع داخل هذا الخطاب دون سند أو منطق سليم ..دعنا هنا نعرج علي مبدأ معروف و فكرة أزلية هي أصل البقاء و هي القتال من أجل السلام !
هذه العبارة تُستخدم للتعبير عن واقع تاريخي وفلسفي، حيث نجد أن السلام الدائم لا يتحقق دائماً عبر السُبل السلمية أو الحوار وحده، خاصة عندما يكون هناك تهديد حقيقي للأمن أو العدالة.
المنطق خلف هذا القول هو أنه بدون مواجهة الظلم أو التهديدات الموجهة ضد الكيان أو الجماعة، يمكن أن يستمر هذا الظلم أو هذه التهديدات ويتفاقمان، مما يجعل السلام أمراً مستحيلاً. لذا، يتطلب السلام في بعض الأحيان اتخاذ موقف صارم ضد قوى الشر أو الاستبداد لضمان الأمان والاستقرار للمجتمع. بمعنى آخر، القتال هنا يأتي كوسيلة دفاعية لضمان أن تكون هناك بيئة مستدامة للسلام، حيث يتم حماية القيم الأساسية والأرواح من التهديدات المستمرة.
يمر السودان بمرحلة حرجة من تاريخه، حيث يواجه تحديات جسيمة وحرباً تهدد أمنه واستقراره ووحدته الوطنية. لقد أثبتت التجارب عبر العصور أن الشعب السوداني قادر على الصمود وتجاوز الصعاب مهما بلغت قوتها، وأن الأرض التي تجمعنا ما زالت تزخر بثرواتها الكامنة، التي تنتظر منا استثمارها من جديد بإرادة قوية وطموح لا ينكسر
ضرورة الإنتصار علي القوات المعادية واستعادة الكرامة الوطنية
إن الصراع ضد قوات الدعم السريع والقوى الخبيثة التي تسعى لزعزعة استقرار السودان ليس مجرد حرب على الأرض، بل هو حرب على الهوية والكرامة. إننا أمام معركة تتجاوز البقاء الفعلي، فهي معركة الحفاظ على إرثنا، هويتنا، ومستقبلنا. السودان اليوم في حاجة إلى تماسك وطني يجمع كافة أطيافه، من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه، حيث يصبح الهدف الأسمى هو الانتصار من أجل بقاء الوطن والحفاظ على مكتسباته.
تستدعي هذه المرحلة إيماناً قوياً ووعياً متجدداً بمسؤولياتنا تجاه الوطن، من أجل حماية ترابه وثرواته وتاريخه. وهذا يتطلب تضافر الجهود الشعبية والحكومية والتعاون المستمر بين قوى المجتمع لمواجهة هذه التحديات، بما يضمن الانتصار في معركة الوجود والبقاء.
“لا للحرب” ليست الطريق لتحقيق هذا الهدف
على الرغم من أن فكرة السلام الدائم هي طموح نبيل يستحق السعي لتحقيقه، إلا أن رفع شعار “لا للحرب” في هذا السياق قد لا يكون الطريق الفعلي لتحقيق الأهداف الوطنية العظيمة التي نسعى إليها. إن رفض المواجهة دون وجود بدائل واقعية وحلول قوية في مواجهة قوى تهدد وحدة الوطن وسلامته هو ببساطة دعوة إلى الهروب، وهو ما سيترك الوطن عرضة للانهيار والخضوع لأجندات خارجية وأخرى داخلية لا تريد الخير للسودان.
إن أي توجه يهدف إلى إنهاء الصراع دون دعم القوات المسلحة والسعي لحماية السودان من كل ما يهدده سيضعف من قوة السودان وهيبته في نظر العالم، ويقلل من قدرة الشعب على إعادة بناء وطنه بحرية. لا يمكن تحقيق الأمن والاستقرار عبر التساهل في الدفاع عن الوطن أو التقاعس عن مواجهة التهديدات، بل يتطلب ذلك من كل سوداني دعم الجيش في هذه اللحظة التاريخية، وتحمل المسؤولية الجماعية من أجل مستقبل مشرق.
إذن ما هو النهج البديل؟
بناءً على الدروس التي قدمتها الشعوب الأخرى، من الضروري تبني نهج جديد يقوم على دعم الجيش الوطني بشكل كامل كرمز للوحدة والاستقرار، والعمل على إصلاح الأخطاء السابقة التي أدت إلى الأزمات الحالية. وهذا يعني معالجة الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي قد ساهمت في تدهور الوضع، وتعلم الدروس من تلك الأخطاء حتى لا تتكرر.
إن فكرة التنازل عن الجيش و معاداته و ربطه و تسليمه طوعا لتنظيم سياسي معين هي خطأ كبير..
المرحلة المقبلة يجب أن تكون فرصة للتغيير الحقيقي عبر الإصلاحات التي تحترم سيادة الدولة وتدعم مؤسساتها. يمكن تحقيق ذلك من خلال إطلاق مشاريع وطنية تستهدف البنية التحتية والتعليم والصحة، بالإضافة إلى خلق فرص اقتصادية تنعكس على حياة المواطنين. هذه الإصلاحات يجب أن تكون متوازية مع دعم الجيش الذي يمثل خط الدفاع الأول في وجه الأعداء الداخليين والخارجيين، والعمل على ترسيخ ثقافة وطنية جديدة قائمة على الفخر بالهوية السودانية والانتماء للوطن.
استعادة الأراضي والموارد: خطوات نحو التنمية المستدامة
بعد هذه الأزمة، لا بد من وضع خطط استراتيجية لاستعادة الأراضي والثروات التي تأثرت، والعمل على بناء اقتصاد وطني قوي ومستدام. السودان يمتلك من الموارد الطبيعية والثروات ما يمكنه من تحقيق نهضة شاملة؛ فالأنهار، الأراضي الزراعية، والمعادن هي كنوز تنتظر من يعيد لها الحياة ويستثمرها بالشكل الأمثل.
أحد أبرز الدروس التي يمكننا تعلمها من تجارب الأمم العظيمة هو أهمية تطوير استراتيجيات فعالة للحفاظ على الموارد واستثمارها في تحقيق الأمن الغذائي والاستقلال الاقتصادي. فالدول التي خرجت من الحروب والصراعات، مثل ألمانيا واليابان، ركزت جهودها على إعادة بناء البنية التحتية ودعم الاقتصاد المحلي وتنمية الموارد البشرية. لم يكن الطريق سهلاً، لكن إصرار شعوب هذه الدول على النهوض من جديد صنع المعجزات.
البناء على أساسات التاريخ والثقافة الغنية
يمتلك السودان تاريخاً طويلاً وثقافة غنية ومتنوعة، ويُعتبر بلداً ذا تراث حضاري فريد. ينبغي على السودانيين اليوم أن يستمدوا قوتهم من هذا التراث الحضاري، وأن يستلهموا من أمجاد الأجداد العزيمة والصمود. إن القيم الراسخة، والتقاليد العريقة، والنسيج الاجتماعي المتماسك هي أعمدة أساسية يجب أن تُبنى عليها المرحلة المقبلة.
الدروس المستفادة من دول مثل الصين، التي تحولت من دولة منهكة بفعل الحروب الداخلية والخارجية إلى قوة عالمية اقتصادية، تكمن في الإيمان بأن البناء يبدأ من الثقافة والانتماء الوطني. حينما تستند الدولة على قيمها وهويتها، تصبح قادرة على التغلب على أية صعاب.
النهوض نحو مستقبل واعد: الطريق إلى السودان الجديد
إن الخطة هي البقاء، ولكنها لا تقتصر على مجرد النجاة، بل تحمل في طياتها طموحاً أكبر نحو إعادة بناء السودان كدولة متقدمة ومزدهرة. إن الشعب السوداني يملك القوة والإرادة التي تمكنه من تجاوز هذه المحن، وعلينا أن نستثمر هذه القوة في صياغة رؤية مستقبلية قائمة على التنمية والازدهار.
يمكننا تحقيق مستقبل أفضل من خلال تعزيز التعليم وتطوير البنية التحتية، ودعم المشاريع الوطنية التي تهدف إلى تحسين حياة الناس. يجب أن يكون لكل فرد دوره في إعادة بناء الوطن، سواء من خلال العمل الدؤوب أو من خلال نشر الوعي بأهمية الحفاظ على الوحدة الوطنية والالتزام بتعزيز الاستقرار.
لقد أثبتت تجارب التاريخ أن الدول التي تتحد من أجل هدف واحد تستطيع أن تحقق المستحيل، وأن السودان ليس استثناءً. إن شعبنا، الذي صمد في وجه التحديات، قادر على النهوض من جديد واستعادة مكانته، ليكون السودان مرة أخرى دولة قوية ومستقرة، تجمع بين تراثها العريق وطموحات أبنائها الذين يسعون لبناء مستقبل أكثر إشراقاً.
habusin@yahoo.com
بقلم حاتم أبوسن
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: إعادة بناء لا للحرب من خلال من أجل یجب أن
إقرأ أيضاً:
نعم لسلام يخلو من الخدعة والغفلة
إن إدانة الغزو الأجنبي ووحشية ميليشيا متورطة في استعباد جنسي ممنهج لا تعني الدعوة إلى الحرب أو معارضة السلام. الوقوف بحزم ضد الغزو الميليشي يشكل ببساطة رفضا للقوى المتوحشة التي تدمر المجتمعات المسالمة بالقتل والنهب والاستعباد . وفي الموقف الحازم تاكيد على أن الغرباء لا يملكون الحق في غزو الدول ذات السيادة، أو سرقة مواردها، أو شراء ساستها أو فرض السيطرة علي مجتمعاتها بالعنف المتطرف .
إن تشويه هذا الرفض المبدئي للبربرية وتصويره على أنه تحريض على الحرب خطأٌ فادح يخدم المعتدين ومشعلي الحروب. قد ينبع هذا الخلط من تواطؤ مع الغزاة، أو من عقلية تبسيطية تعتمد على كليشيهات عاجزة عن تفكيك واقع معقد – رغم وضوحه الشديد.
أو – في السودان تحديدًا – قد ينبع هذا التخليط من منظورٍ مشوه لطبقة مُسيّسة ولكنها مصدومة نفسيا وفكريا جراء حكم نظام البشير لثلاثة عقود فقدت معه استقلالها الفكري وتلاشت قدرتها على التقييم الأخلاقي والفكري المستقل .
تعمل أذهان هذه الطبقة الآن حصريًا من خلال المعارضة التلقائية لأي موقف مرتبط بالإخوان، رد فعلها الوحيد هو معارضة كل ما يدعمه الإخوان، بغض النظر عن السياق وجوهر المشكل. وهذا يُعمّق الأزمة الوطنية التي سببتها برجوازية فشلت في تنمية السودان أو حمايته. بل وفشلت في حماية وجودها وأسباب كرامتها فصارت نسخة أسيفة من ديك عدة معزز بتفوق أخلاقي لسلمية جوهرها إستسلام يكون فيه واجب أي ضحية في أي زمكان أن تواجه مغتصبها بشعار لا للعنف وان تجلس معه وتعطيه شيئا من لحمها مقابل السلام.
بدأت معارضتي الراسخة للحرب في منتصف التسعينيات، وكتبت حد السأم أن الدعوة إلى العمل العسكري لإزاحة البشير لم تُسفر إلا عن دمار شامل ما فتح باب الشيطان واطلق العنان للفوضى . إن الموقف الحالي لبعض دعاة هذا العنف السابقين، من أحزاب وافراد، المتظاهرين بانهم أبطال للسلام، مثير للسخرية إلى حد كبير، إذ يكشف إما عن تواطؤهم مع الميليشيا أو عن سذاجة مقلقة وغفلة شديدة الخطر.
إن في الدعوة إلى السلام مع الهروب من إتخاذ موقف حازم ضد الغزو تواطؤٌ مُفرط مع الميليشيا عن قصد أو عن سهو. هذه سلمية في فراغ تُساوي زورًا بين ضحايا يدافعون عن مجتمعاتهم والجناة، وتصوّر الصراع على أنه نزاع بين أنداد بدلًا من كونه اعتداءً غاشما. وهذه سلمية جوهرها تشجيع الحرب بمساواة المعتدي والضحية وتحميلهما نفس درجة المسؤولية عن دمار الحرب.
يتحمل دعاة السلام الحقيقيون، بمن فيهم أنا، مسؤولية تحديد موقف واضح ضد كل من الغزو الأجنبي والميليشيا العنيفة. إن الدعوة إلى السلام دون إدانة الاستعمار وفظائع الميليشيا يقارب التواطؤً المقصود أو غير المقصود إذ يقيم تكافؤًا أخلاقيًا زائفًا بين ضحية وجلاد ويساوي بين بطولة الدفاع عن النفس والوطن وعنف الغزاة .
طالما دافعت هذه الصفحة عن السلام، ولكنها عارضت الاستعمار وميليشيا العنف الجنسي بنفس القدر. لم نستخدم قط التزامنا بالسلام كذريعة للتهرب من اتخاذ موقف حازم ضد الغزاة وحلفائهم من ميليشيا العنف الجنسي. لم نستخدم موقفنا المؤيد للسلام أبدًا كوسيلة لتجنب مواجهة السؤال الجوهري عن الموقف من الغزاة والهمجية.
أما التبرير للغزو بالقول أن للجيش أيضا دولا أخري تدعمه فهذا هراء لان كل جيوش العالم تقيم العلاقات مع دول أخري وتتبادل السلاح والمساعدات المختلفة، وهذه ممارسة مشروعة في السياسة والقانون الدولي تمارسها كل جيوش العالم . ولا يمكن إطلاقا الركون إلي حقيقة أن أي جيش في العالم يحصل علي سلاح من الخارج – بما في ذلك الجيش الروسي والامريكي والصين -للتبرير للوجود ميليشيا عبودية جنسية تملكها أسرة وتبريرتلقيها التمويل من دول أخري. ولا أعرف فضاء سياسيا آخرا يتم فيه تبرير وجود وتسليح ميليشيا إبادة عرقية بحجة أن جيش الدولة يحصل علي سلاح من دول أخري.
بإختصار: نعم للسلام. نعمين للسلام. لا للغزو. لا لميليشيا نهب تملكها أسرة. لا نساوي أبدا بين معتد أثيم وبين مدافع عن نفسه ومجتمعه ووطنه. لا للتواطوء مع الحرب باسم سلام الخدعة والغفلة.
معتصم أقرع
إنضم لقناة النيلين على واتساب