المزاج العام والرأي العام.. المفهوم والارتباط
تاريخ النشر: 11th, November 2024 GMT
يعتبر المزاج العام أحد المفاهيم الذي تربطه علاقة وثيقة بالعلوم الاجتماعية لفهمه وتكوّنه ودراسته ومناقشة جوانبه، وهو إحدى المعالجات الفاعلة لفهم الرأي العام ودراسة انعطافاته وأسباب تكوّنه؛ فالمزاج العام وفقا لما ورد في عدد من البحوث والدراسات هو «الشعور الذي ينشأ نتيجة وجود الفرد داخل جماعة، وليس كونه عنصرا مستقلا بذاته»، ولتبسيط المفهوم؛ فإن المزاج العام هو الحالة التي يكون عليها المجتمع بالمشاعر والعاطفة التي يبديها حتى وإن كانت الحالة غير ناتجة عن موضوع يناقش أو قضية رأي عام، وهو مهم جدا في تكوين اتجاهات الرأي العام تجاه ظاهرة أو حدث عابر؛ لذلك نستطيع القول إن المزاج العام هو مدخل مؤثر في تكوين الرأي العام.
وهنا نطرح سؤالا، هل نحنُ مزاجيون في إبداء آرائنا تجاه موضوع معيّن؟ إلى حد ما نعم يغلب علينا المزاج العام في تحديد منطلقات تفاعلنا مع الأحداث، ونتأثر بآراء الآخرين وإن كانت في مضمونها صحيحة وتجسّد الواقع الذي نعيشه، حيث لم نقم بتحديد توجهاتنا الحقيقية من السياسات العامة ولا بما تحويه من تفاصيل دقيقة أو أهداف سامية من إقرارها وتفعيلها، ونلحظ ذلك في منظومة الحماية الاجتماعية التي فقدت مفهومها الاجتماعي وتوجّه التفاعل إلى سلبية المزاج العام السائد في المجتمع عن المنظومة؛ ولذلك المزاج العام السلبي عن المنظومة كان مدخلا في تكوين الرأي العام في شبكات التواصل الاجتماعي على أقل تقدير. خلال الفترة الماضية، اطلعت على عدد من الدراسات والأبحاث التي ناقشت موضوع المزاج العام؛ حيث توصلت غالبيتها إلى أن توقعات الأشخاص تؤثر كثيرا على المزاج العام، إذا كانت التوقعات إيجابية، فإن المزاج العام إيجابي وإذا كانت سلبية، فالمزاج العام سيكون سلبيا، وهنا استحضر بعض التوقعات السلبية التي تبناها البعض قرب إصدار القوانين المرتبطة بالحياة الاجتماعية اليومية رغم أنها جاءت على عكس توقعاتهم والسبب يعود إلى نمط التفاعل السلبي مع القرارات الحكومية الذي ظل لفترة طويلة منهجا لأولئك الذين تعوّدوا على الاستنقاص من حجم الجهود المبذولة؛ لإعادة الأوضاع المالية والاقتصادية إلى نصابها الصحيح. إن ما يدعو للنقاش هو دافع الاستنتاجات والفرضيات غير المستندة على دليل واضح ومثبت على إطلاق الحكم تجاه موضوع معيّن قبل دراسة كافة جوانبه وحيثياته، وهنا ينبغي أن نكون حذرين في تبني أي فكرة سلبية تمر علينا قبل مناقشتها باستضافة تامة، لا يمكن افتراض سوء النوايا؛ نتيجة أصوات تلقيناها من هنا وهناك أو تم بناؤها وفقا لتجارب الآخرين، ليس من الحكمة أن نطلق الأحكام بناءً على مفردات واهية مرتبطة بالجانب العاطفي والنفسي، علينا أن نحسن الظن في كل ما نقول وكل ما نفسّر، لنكن ذوي رأي سديد، ولنحسن الظن فهو من نضج العقل؛ لذلك من الجيد استخدام العلاج المعرفي السلوكي للتعامل مع المزاج العام السلبي، وهو بذل جهود أكبر في تحسين الصورة الذهنية عن بعض السياسات والقوانين والقرارات المتخذة عبر تحليل المحتوى المنشور لدى الجمهور من حيث تدفق البيانات ووضوحها وضمان صناعة الأثر المتوقع على الفئة المستهدفة، مع دراسة إمكانية تغيير الهُوية البصرية في حال ثبوت تكوّن صورة ذهنية سلبية للمتلقي عن الموضوع؛ فالمزاج العام السلبي مؤثر في تكوين اتجاهات الرأي العام ويساعد على نمط سلوكي في التفاعل سيتحول مستقبلا إلى ممارسة دائمة عند التفاعل مع الموضوعات التي لا تحظى بقبول المزاج العام للمجتمع. |
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: المزاج العام الرأی العام فی تکوین
إقرأ أيضاً:
اجتماع صلاة العيد والجمعة في يوم واحد.. ما هو الرأي الشرعي؟
من المسائل الَّتي يكثر الكلام عنها مسألة اجتماع العيد والجمعة في يومٍ واحدٍ، وهذا قد حدث في زمن النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- فصلَّى الصَّلاتين، وخطب الخطبتين، ولم يترك الجمعة ولا العيد، وهذا هو الرَّاجح لدى جمهور الفقهاء.
رخصة النبي في يوم العيدورخَّص رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في ترك الجمعة إذا جاءت يوم عيدٍ لأهل العوالي الَّذين بعدت منازلهم عن المسجد النَّبويِّ، وشقَّ عليهم الذِّهاب والإياب مرَّتين للصَّلاتين، فرخَّص لهم أن يصلُّوا الظُّهر في أحيائهم، وذلك بقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «قَدْ اجْتَمَعَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ؛ فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَهُ مِنْ الْجُمُعَةِ، وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ»، ومعنى قوله «وإنا مجمِّعون» يعني سنصلِّي الجمعة.
ومن شقَّ عليه الحضور لصلاة الجمعة لبعد مسافةٍ أو نحوه كبعض سكَّان المناطق الجبليَّة أو الصَّحراويَّة البعيدة عن أماكن إقامة الجمع والأعياد، فلهم في ذلك اليوم الأخذ بالرُّخصة، والاكتفاء بصلاة العيد، وصلاة الظُّهر في أماكنهم على نحو ما رخَّص به النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- لبعض الأعراب الَّذين كانوا يسكنون بعيدًا عن المدينة.
اجتماع العيد وصلاة الجمعةوقال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف السابق، إنه إذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد فذلك فضل عظيم يُغتنم ، والأفضل لمن يتيسر له حضور الجماعتين وأداء الصلاتين في جماعة، فيصلي العيد في الخلاء أو المسجد وفق ما تيسر والجمعة في المسجد فليفعل، وهذا هو الراجح عند جمهور الفقهاء، وفيه خروج من الخلاف.
وأضاف مختار جمعة، في منشور له عن اجتماع صلاة العيد وصلاة الجمعة في يوم واحد، أن من يشق عليه حضور الجماعتين لبعد مسافة كبعض سكان المناطق الجبلية أو الصحراوية البعيدة عن أماكن إقامة الجمع والأعياد فلهم في ذلك اليوم الأخذ برخصة الاكتفاء بحضور إحدى الجماعتين عن حضور الجماعة الأخرى.
وتابع: فمن كان من هؤلاء فله أن يصلي العيد منفردًا حيث تيسر له ويحضر الجمعة مع الإمام، أو يصلي العيد مع الإمام ويصلي الظهر أربع ركعات حيث تيسر له أداء الصلاة في بيته أو محل عمله إن كان من أصحاب الأعمال في الأماكن التي لا يتيسر فيها إقامة الجمعة، على نحو ما رخص به النبي (صلى الله عليه وسلم) لبعض الأعراب الذين كانوا يسكنون بعيدًا عن المدينة وضواحيها في إمكانية الاكتفاء بحضور إحدى الجماعتين.
وأكد مختار جمعة، أنه لا حرج على من أخذ بالرخصة، وإن كان الأفضل لغير أصحاب الأعذار الأخذ بالعزيمة وحضور الجماعتين مع الإمام، وعلى من أخذ برخصة الاكتفاء بحضور العيد عن الجمعة أن يصلي الظهر أربع ركعات، أما من تيسر الأمر له ولَم يجد مشقة في حضور الجماعتين فالأولى حضورهما بغية الأجر والثواب العظيم.