تعرضت الأمة الإسلامية عبر تاريخها لنكسات، أبرزها الحروب الصليبية والغزو المغولي، إلاّ أن إصرار المسلمين وقوة إيمانهم وثقتهم بالله وتوكلهم عليه، أعطاهم الثقة في مواجهة كل التحديات والمخاطر والانتصار للحق في مواجهة الباطل عبر تجميع عناصر القوة من الوحدة والتمسّك بخيار المقاومة ضد الأعداء في مراحل متعددة ومتفرقة من تاريخها.

ما تعاني منه الأمة الإسلامية اليوم من انكسار وضعف وخضوع للقوى الاستعمارية، شبيه بما حصل لها نهاية الخلافة العباسية، عندما غزاها التتار وأسقطوا الدولة الإسلامية، وهو الأمر ذاته، باختلاف أن الأعداء زرعوا الكيان الصهيوني اللقيط في "فلسطين" كذريعة لهم لاحتلال البلدان والشعوب العربية والإسلامية ونهب الخيرات والثروات التي تمتلكها.

ما تعيشه الأمة الإسلامية حاليًا أسوأ بكثير مما طالها سابقًا من مؤامرات استهدفت وجودها البشري، وما يُقدّمه محور المقاومة الإسلامية اليوم من تضحيات في فلسطين ولبنان واليمن والعراق وسوريا وإيران شواهد حيّة على المضي في التحرر من هيمنة القوى الاستعمارية.

لطالما انعقدت قمّم عربية وإسلامية وراء قمم ومشاورات واجتماعات ولقاءات منذ منتصف القرن الماضي، لتدارس القضايا على الساحة العربية والإسلامية، وفي مقدمتها "قضية فلسطين"، لكن مخرجاتها مع الأسف تأتي مخيبة لآمال وتطلعات الشعوب في الحرية والكرامة والاستقلال ودحر المحتل الصهيوني من الأراضي العربية المحتلة.

بعد أكثر من عام على حرب الإبادة الصهيونية في غزة بمشاركة أمريكية وبريطانية مباشرة وسقوط ما يقارب من 150 ألف شهيد وجريح وأسير ومفقود، تداعى حكام العرب والمسلمين المتخاذلين لعقد قمة في مدينة الرياض السعودية، لبحث العدوان الإسرائيلي المتواصل على فلسطين ولبنان وانعكاساته على المنطقة والتحرك إزائه، ويا ليتها لم تُعقد!!

كالعادة لم تأت هذه القمة بأي جديد ولم تكن مخرجاتها عند مستوى التحدي الذي تواجهه الشعوب العربية والإسلامية إزاء العدوان الصهيوني الأمريكي البريطاني على غزة ولبنان ومعظم الدول المناهضة لإسرائيل، ولم تتخذ أية قرارات شجاعة، وإنما صدر بيان أجوف مشحون بعبارات الشجب والتنديد والمطالبة بإيقاف العدوان الصهيوني على غزة ولبنان.

وبالنظر إلى مستوى الجُرم الذي ترتكبه إسرائيل وما تزال حتى اليوم منذ أكثر من عام في غزة، وما تفرضه من حصار وتضييق وتجويع للمدنيين، كان يُؤمّل من المجتمعين في قمة الرياض، كأقل واجب تصنيف إسرائيل كياناً إرهابياً ومطالبة العالم بتصنيفه وإيقاف دعمه بالأسلحة المحرمة دوليًا التي تقتل المدنيين في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق واليمن.

لكن من يُقيم مهرجانات الرقص والمجون ويستقطب فنانين وفنانات عرب وأجانب إلى بلاد الحرمين الشريفين، في ظل مأساة كبيرة يعيشها الشعبان الفلسطيني واللبناني، لا يُؤمل فيهم الانتصار لقضايا الأمة ولا إيقاف حملات التشويه التي تسيء للإسلام والمسلمين ولا دعم الدول والفصائل المناهضة للمشروع الأمريكي، الصهيوني، الأوروبي في المنطقة.

وبهذا الصدد قال قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في كلمة الخميس الماضي "لقد أدمى قلوبنا وأحزننا وأغضبنا وآسفنا جدًّا، إعلان النظام السعودي عن موسم الرياض، موسم الرقص والمجون، يستضيف فيه عدداً كبيراً من الفرق الغربية، من أمريكا وأوروبا من الفرق المروِّجة للشذوذ والفاحشة والرذيلة، بالتزامن مع ما يحصل في غزة من جرائم رهيبة من العدو اليهودي الصهيوني، ومن مأساة كبيرة للشعب الفلسطيني".

وأضاف "أنَّ الأنظمة العربية ونعني أكثرها تفقد الجدية وانعدام الإرادة للتحرك الجاد تجاه ما يجري في فلسطين، في غزة، وهذا شيءٌ واضح، أكثر الأنظمة العربية لم تتوفر لديها الجدية، ولم تمتلك الإرادة للتحرك الجاد بحجم المسؤولية كما ينبغي، ولو في الحد الأدنى؛ ولذلك حتى مع القمة الأخيرة، التي هي عنوان قمة طارئة عربية إسلامية لـ 57 دولة، لم تخرج بأي موقفٍ أو إجراءٍ عملي، وهذا أمرٌ محزن، ومخزٍ".

وتساءل السيد القائد "يقولون عن القمة أنها تمثل كل المسلمين، المليار وأكثر من نصف مليار مسلم، تمثل 57 بلداً عربياً وإسلامياً، وقمَّة طارئة، وتخرج فقط ببيان، وبيان مطالبة، ومطالبة كلامية، بدون أي مواقف عملية، هل هذه قدرات 57 بلداً مسلماً وعربياً؟! هل هذه هي قدرات وإمكانات وثقل ودور أكثر من مليار ونصف مليار مسلم وعربي؟! أن يخرجوا ببيان يمكن أن يصدر من مدرسة ابتدائية، يمكن أن يصدر من شخص واحد، يُصدِر بياناً يطالب فيه، ويناشد فيه، ويقدِّم ما قدَّموا فيه، ليس هناك أي إجراء عملي".

خلاصة القول: كل عناوين القومية العربية، والحماية للعروبة والراية والحضن العربي، تلاشت مع ما يحصل في غزة ولبنان من مذابح صهيونية، بتخاذل عربي وإسلامي وتواطؤ دولي، وما يحتاجه حكام الأنظمة العربية والإسلامية اليوم، الجرأة والشجاعة في مواجهة المشروع الصهيوني، الأمريكي، الأوروبي، وليس المشاورات ولا انعقاد القمم الجوفاء.

سبأ

 

المصدر: ٢٦ سبتمبر نت

كلمات دلالية: العربیة والإسلامیة أکثر من فی غزة

إقرأ أيضاً:

البرلمان العربي يرحب بإعلان الرئيس الفرنسي عزم بلاده الاعتراف رسميًا بدولة فلسطين

البلاد (القاهرة)

أعرب رئيس البرلمان العربي محمد بن أحمد اليماحي عن ترحيبه البالغ بقرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين، مبينًا أن هذه الخطوة الشجاعة والتاريخية تُجسد انحيازًا لقيم العدالة والحرية والكرامة الإنسانية، ودعمًا لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة في إقامة دولته المستقلة ذات السيادة. وأوضح اليماحي في بيان له اليوم أن هذا القرار يأتي في توقيت بالغ الأهمية، في ظل ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من حرب إبادة وحصار وتجويع ومحاولات مستمرة لفرض سياسة الأمر الواقع وتصفية القضية الفلسطينية، وهو ما يجعل المواقف الدولية العادلة أكثر تأثيرًا وجدوى. ودعا رئيس البرلمان العربي الدول المحبة للسلام إلى السير على خطى فرنسا، وتحمّل مسؤولياتهم الأخلاقية والقانونية والإنسانية تجاه معاناة الشعب الفلسطيني، والعمل الجاد لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه المشروع في تقرير مصيره، نصرةً للحق الفلسطيني، ودعمًا للسلام العادل والشامل في المنطقة. وجدّد اليماحي دعم البرلمان العربي الكامل للحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني ومواصلة جهوده في البرلمانات الإقليمية والدولية لحشد الدعم الإقليمي والدولي لنصرة ودعم القضية الفلسطينية وحشد الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية.

مقالات مشابهة

  • البرلمان العربي يرحب بإعلان الرئيس الفرنسي عزم بلاده الاعتراف رسميًا بدولة فلسطين
  • حيت الخروج المليوني للشعب اليمني.. لجان المقاومة في فلسطين تبارك القصف اليمني على الكيان الصهيوني
  • سيف الدولة لـعربي21: الأنظمة العربية تعاني من التبعية.. والمقاومة الفلسطينية وحدها من تحمي الأمة
  • القوات المسلحة تستهدف أهدافًا حيوية للعدو الصهيوني في فلسطين المحتلة
  • البرلمان العربي يرحب بإعلان فرنسا عزمها الاعتراف بدولة فلسطين
  • اليمنيون يرحبون بإعلان السيد القائد دراسة مزيد من الخيارات لاتخاذها ضد العدو الصهيوني
  • محافظة المحويت تشهد 94 مسيرة حاشدة تنديداً بالإجرام الصهيوني بغزة
  • البرلمان العربي: إعلان ماكرون عزمه الاعتراف بدولة فلسطين انتصارا للعدالة
  • ربيع الغفير: موقف الأزهر ومصر تجاه فلسطين غير قابل للمزايدة
  • خطر عالمي يتجاوز فلسطين ليهدد مستقبل الإنسانية .. السيد القائد يكشف حقيقة المشروع الصهيوني ومن يقف وراءه من العرب