تتصاعد حدة الهجمات الإسرائيلية المتواصلة على الأراضي السورية بوتيرة موازية للزيارات الإيرانية رفيعة المستوى المتتالية إلى دمشق للقاء مع النظام السوري ورئيسه بشار الأسد، الذي يلتزم الحياد إزاء التصعيد الإسرائيلي العنيف في المنطقة والغارات المتواصلة على بلاده.

ويواجه الأسد ضغوطا متزايدة من عدة أطراف فاعلة على المشهد الإقليمي من أجل إعادة تقييم  تحالفه الاستراتيجي مع إيران التي تمتلك نفوذا واسعا على الأرض السورية عبر المليشيات الموالية لها، والتي كانت أحد الركائز الأساسية في منع انهيار النظام السوري إبان الثورة التي انطلقت عام 2011.



وتتمحور الضغوطات التي تحدثت عنها تقارير صحفية إسرائيلية حول تحذير الأسد من التدخل في العدوان المتواصل على لبنان وقطاع غزة أو السماح بتنفيذ هجمات ضد دولة الاحتلال انطلاقا من الأراضي السورية.

كما تتمحور حول تقديم "إغراءات" من قبل الإمارات التي تلعب دور الوسيط، من أجل دفع النظام السوري إلى التخلي عن تحالفه مع إيران وحزب الله، لصالح اتخاذ موقفا أقرب من الاحتلال الإسرائيلي، حسب تقرير لصحيفة "الأخبار" اللبنانية المقربة من حزب الله.

تترافق هذه المساعي المتواصلة خلف الكواليس مع تطورات متسارعة على الساحة الميدانية، حيث نفذت دولة الاحتلال الإسرائيلي خلال الأسبوع الماضي غارات عنيفة على مناطق متفرقة من الأراضي السورية، ما أسفر عن عشرات الشهداء والمصابين.

وكانت هذه الغارات التي تركزت في محيط العاصمة دمشق من أعنف الضربات الإسرائيلية على الأراضي السورية وأكثر دموية، منذ بدأت بانتهاك الأجواء السورية قبل سنوات بوتيرة متواصلة من أجل استهداف مواقع تابعة لإيران وحزب الله.

وتهدد هذه الهجمات بتصعيد إضافي في الصراع المتصاعد في الشرق الأوسط، سيما أنها تأتي على وقع مخاوف من توسيع الاحتلال الإسرائيلي لدائرة النار في المنطقة لتشمل الأراضي السورية.

الزيارات الإيرانية إلى دمشق
في إطار التصعيد المستمر في المنطقة، شهدت دمشق مؤخرا سلسلة من الزيارات الإيرانية رفيعة المستوى. كان أبرز هذه الزيارات زيارة علي لاريجاني، مستشار المرشد الإيراني الأعلى، الذي التقى مع الأسد في زيارة سعت إيران من خلالها إلى التأكيد على أن "محور المقاومة" لا يزال متماسكا، رغم الضغوط والهجمات العسكرية المستمرة.

كما أجرى وزير الدفاع الإيراني، عزيز نصر زاده، زيارة إلى دمشق في إطار تعزيز التعاون العسكري والتنسيق بين البلدين في مواجهة التهديدات المتصاعدة في المنطقة.




خلال هذه الزيارات، شدد المسؤولون الإيرانيون على التزام إيران العميق بالحفاظ على العلاقات مع دمشق، موضحين أن الدعم الإيراني لسوريا في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية يبقى ثابتا.

ووفقا للتصريح الذي أدلى به لاريجاني في مقابلة مع قناة "الميادين" اللبنانية، فإن الرسالة التي جلبها معه إلى النظام السوري تتعلق بدعم "محور المقاومة" في مواجهة التحديات المشتركة.

والاثنين، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، إن زيارة لاريجاني إلى دمشق وبيروت "تحمل رسالة دعم واضحة للشعبين السوري واللبناني وللمقاومة في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية".

وفي الإطار ذاته، وصل وزير خارجية النظام السوري بسام الصباغ إلى العاصمة الإيرانية طهران في أول زيارة له منذ توليه منصبه، حيث التقى نظيره الإيراني عباس عراقجي لبحث "القضايا ذات الاهتمام المشترك وأهم القضايا في المنطقة"، حسب وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا".

وخلال مؤتمر صحفي مع الصباغ، شدد عراقجي الذي أجرى بدوره زيارة إلى سوريا في تشرين الأول /أكتوبر الماضي، على وقوف طهران إلى جانب النظام السوري و"محور المقاومة".

موقف الأسد والضغوطات المتصاعدة
في المقابل، تتحدث تقارير عن تعرض نظام الأسد لضغوط متزايدة من بعض الدول العربية والغربية من أجل إحداث تحول في سياساته الاستراتيجية.

هذا التغيير يتطلب إعادة النظر في تحالفه مع إيران، على اعتبار أن التقارب مع الاحتلال الإسرائيلي قد يفتح له أبوابا أوسع نحو تطبيع العلاقات مع الدول الغربية والعربية التي كانت قد عزلت النظام في وقت سابق بسبب الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب السوري عقب انطلاق الثورة عام 2011.

ولا يظهر بشار الأسد حتى الآن أي توجه علني نحو تغيير موقفه من التحالف مع إيران، رغم هذه الضغوط والهجمات الإسرائيلية المتواصلة.

ومع ذلك، يرى سمير العبد الله، مدير قسم التحليل السياسي في مركز حرمون للدراسات المعاصرة، أن الأسد "يلعب على كل الحبال"، ويراهن على التوازنات الإقليمية والدولية.

ويوضح العبد الله في حديثه مع "عربي21"، أن الأسد "يوحي للعرب بأنه سيتخلى عن إيران ولكنه يريد ضمانات"، بينما "يوحي لإيران بأنه ما زال ضمن محورها، ولكنه مضطر للمناورة".

وأضاف أن الأسد يعتمد على الوقت وتغيير الأوضاع في المنطقة، مشيرا إلى أن "بشار الأسد يبقي حاليا كل الخيارات مفتوحة ريثما تظهر ملامح التغيرات الإقليمية، لا سيما في حال عودة ترامب إلى البيت الأبيض أو تغييرات في سياسة الإدارة الأمريكية".

إيران ومخاوف التغير في موقف النظام
أما عبد الرحمن الحاج، الخبير بالشأن الإيراني ومدير مؤسسة الذاكرة السورية، فيرى أن "هناك قلقا إيرانيا متزايدا من الإغراءات والضغوط الغربية التي قد تدفع بشار الأسد إلى تعديل علاقاته مع إيران".

ويشير الحاج في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن الزيارات الإيرانية الأخيرة، بما في ذلك زيارة لاريجاني، كانت بمثابة "رسالة تأكيد من إيران على أن محور المقاومة ما يزال متماسكا رغم الضغوط والضربات التي تلقتها"، مضيفا أن "إيران تسعى إلى دعم موقفها في المنطقة ولا تريد أن يرى أحد تغيرا في علاقة الأسد معها".


وأشار الحاج أيضا إلى أنه "في حال تراجعت علاقة الأسد مع الإيرانيين فسيهدد ذلك حياته بشكل مباشر"، نظرا لأن "بشار الأسد يمتلك معلومات حيوية حول الانتشار الإيراني وحزب الله في سوريا"، وهذا يعطيه تأثيرا كبيرا على الوجود الإيراني في البلاد.

ومع ذلك، يعتقد الحاج أن الأسد يبقى في موقف الصمت المريح حاليا، حيث لا يزال يجد في هذا الصمت أقل الخيارات خطرا، لكنه يضيف أن "بشار الأسد سيتعين عليه في النهاية اتخاذ موقف حاسم، وسيكون عليه في لحظة ما الانحياز إلى أحد الطرفين".

روسيا "أكبر المستفيدين"
وإلى جانب إيران، تعد روسيا التي فرضت واقعا عسكريا وسياسيا جديد في سوريا بعد تدخلها العسكري في الأزمة  السورية عام 2015 لصالح الحفاظ على نظام الأسد، أحد أهم اللاعبين على الساحة السورية.

وبالرغم من اتفاق حليفا الأسد، روسيا وإيران، على ضرورة تثبيت حكم بشار الأسد، إلا أن التطورات في المنطقة تضع سوريا في معادلات إقليمية جديدة بعيدا عن الأزمة المحلية التي جرى تجميدها بموجب الاتفاقات الدولية بين الدول الفاعلة.

وفي حين يواجه النفوذ الإيراني في سوريا ضربات عنيفة من الاحتلال الإسرائيلي بهدف إحداث خرق في الوجود الإيراني على الساحة السورية، فإن "روسيا  تعد من أكبر المستفيدين من أي تغييرات في سوريا"، حسب سمير العبد الله.

ويقول العبد الله إن "روسيا تعتبر أن أي تراجع في الوجود الإيراني في سوريا قد يكون في صالحها، حيث ستزيد من نفوذها العسكري والسياسي".

كما يرى مدير قسم التحليل السياسي في مركز حرمون للدراسات المعاصرة، أن "روسيا تعول على عودة ترامب للبيت الأبيض من أجل إعادة بناء التفاهمات مع الإدارة الأمريكية، وهو ما قد يتيح لها المزيد من المناورة في سوريا".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية الإيرانية الأسد الاحتلال سوريا روسيا إيران سوريا الأسد روسيا الاحتلال المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاحتلال الإسرائیلی الأراضی السوریة محور المقاومة النظام السوری فی المنطقة العبد الله بشار الأسد فی مواجهة فی سوریا أن الأسد إلى دمشق مع إیران من أجل

إقرأ أيضاً:

سوريا.. إعلان موعد أول انتخابات برلمانية بعد الأسد

القاهرة (زمان التركية)ــ من المقرر أن تُجرى انتخابات برلمانية في سوريا في سبتمبر/أيلول. وستكون هذه الانتخابات الأولى التي تُجرى في البلاد منذ الإطاحة بنظام البعث الذي دام 61 عامًا، وسقوط الرئيس بشار الأسد.

وصرح رئيس اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب محمد طه أحمد لوكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن الانتخابات ستجرى في الفترة من 15 إلى 20 أيلول/سبتمبر المقبل.

وتم زيادة عدد المقاعد البرلمانية إلى 210، ومن بين 210 مقاعد في البرلمان، سيُعيّن الرئيس الانتقالي أحمد الشرع ثلثها. أما المقاعد المتبقية، فسيتم تحديدها بالاقتراع الشعبي.

وأعلن أن عدد مقاعد مجلس الشعب الذي سيضم ممثلين عن 14 محافظة، سيرتفع من 150 إلى 210 مقاعد.

صرّح محمد طه الأحمد، رئيس اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب، لوكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا): “سيتم زيادة عدد مقاعد مجلس الشعب من 150 إلى 210 مقاعد. وبموجب اللائحة الجديدة، سيُعاد تحديد تمثيل المحافظات في المجلس وفقًا لتعداد عام 2011. علاوة على ذلك، سيُعيّن الرئيس 70 من هؤلاء الأعضاء”.

وفي تصريح لـ”الرأي” حول رزنامة الانتخابات، أوضح الأحمد أنه بعد توقيع مرسوم نظام الانتخابات المؤقت سيتم تحديد اللجان الفرعية خلال أسبوع، وستقوم هذه اللجان بانتخاب هيئة الانتخابات خلال 15 يوما.

موعد الانتخابات في سوريا

وأوضح الأحمد أن عملية الترشيح ستبدأ بعد تحديد اللجان، ومن المقرر إجراء الانتخابات في الفترة من 15 إلى 20 سبتمبر/أيلول المقبل، وأن هناك جهوداً تبذل لضمان أن لا تقل نسبة مشاركة المرأة في الهيئات الانتخابية عن 20%.

وأوضح الأحمد أن العملية الانتخابية ستتم تحت إشراف وتنسيق المفوضية العليا للانتخابات، مضيفاً “سيتم ضمان قوائم المرشحين وحق الاعتراض على النتائج في الانتخابات التي سيراقبها مراقبون دوليون”.

يتزامن إعلان جدول الانتخابات مع فترة من الانتقادات الحادة والخلافات الموجهة للإدارة الجديدة في دمشق. ويُعد هذا النقاش الانتخابي جديرًا بالملاحظة لأنه جاء بعد اندلاع التوترات الطائفية في محافظة السويداء جنوب سوريا مطلع يوليو/تموز. قُتل المئات في الاشتباكات التي اندلعت بعد هجوم قبائل عربية بدوية على السويداء، وهي منطقة ذات أغلبية دوزية، وواجهت البلاد موجة جديدة من عدم الاستقرار في مرحلة ما بعد الحرب الأهلية.

قصفت إسرائيل مرارًا قوات الجيش السوري المنتشرة في المنطقة. وبينما حاولت قوات الحكومة السورية التدخل، أشارت تقارير عن انحيازها للعشائر العربية وارتكابها انتهاكات لحقوق الإنسان في السويداء إلى أن الوضع ما زال بعيدًا عن السيطرة. ووفقًا للتقارير، أقدمت بعض القوات المسلحة الموالية للحكومة على قتل مدنيين دروز، وحرق منازلهم، ونهب ممتلكاتهم.

ردًا على ذلك، شنّت إسرائيل غارات جوية على قوات الحكومة السورية ووزارة الدفاع في دمشق. وادعت إسرائيل أن هذه الهجمات نُفّذت لحماية الطائفة الدرزية.

Tags: الانتخابات السوريةالانتخابات في سورياموعد الانتخابات في سوريا

مقالات مشابهة

  • حاول الهرب بأوراق مزورة.. سوريون يحتفون بضبط أبرز طياري الأسد
  • توفيق عكاشة: النظام الإيراني يلفظ أنفاسه الأخيرة.. وانهياره مسألة وقت
  • المدير العام للمؤسسة السورية للمعارض والأسواق الدولية محمد حمزة: معرض دمشق الدولي حدث تاريخي عريق طالما شكل علامة فارقة في المشهد الاقتصادي السوري والعربي والدولي
  • أول دولة أوروبية تصدر مذكرة توقيف دولية جديدة بحق الرئيس السوري السابق بشار الأسد.
  • السلطات السورية تقبض على لواء طيار بارز في نظام الأسد
  • عائلة البلعوس وقصة الوقوف في وجه الأسد وإسرائيل
  • سوريا تستعد لأول انتخابات برلمانية منذ سقوط الأسد
  • سوريا.. إعلان موعد أول انتخابات برلمانية بعد الأسد
  • رئيس اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب محمد طه الأحمد لـ سانا: تم خلال اللقاء مع السيد الرئيس أحمد الشرع أمس، إطلاعه على أهم التعديلات التي أُقرت على النظام الانتخابي المؤقت لمجلس الشعب، بعد الجولات واللقاءات التي قامت بها اللجنة مع شرائح المجتمع السوري
  • بيان للأمن السوري بشأن ماهر الأسد