نهيان بن مبارك: الإمارات ستظل النموذج والقدوة في رعاية وتمكين أصحاب الهمم
تاريخ النشر: 21st, November 2024 GMT
أكد معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح والتعايش، أن الامارات ستظل النموذج والقدوة في رعاية وتمكين أصحاب الهمم على مستوى العالم، في ظل القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله” ، الذي يولي أصحاب الهمم كل الاهتمام والرعاية باعتبارهم فئة مهمة في نسيج المجتمع الإماراتي.
وشدد معاليه – خلال تسلمه شهادة الاعتماد الأمريكية من مركز ” CLM ” للتميز على أن الإمارات لا تدخر جهدا في سبيل تعزيز قدرات أصحاب الهمم ودعم فرصهم في الاندماج بمختلف فئات المجتمع، منوهاً إلى أن المستوى العالي والمتميز الذي وصلت إليه دولة الإمارات في رعاية وتأهيل أصحاب الهمم وفق أفضل المعايير لتحقيق الرعاية المتكاملة والشاملة لهم ودمجهم بالمجتمع أصبح نموذجا عالميا، يمكن أن يستفيد منه الآخرون .
من جانبه استعرض سعادة محمد عبد الجليل الفهيم رئيس مجلس إدارة مركز المستقبل للتأهيل في أبوظبي أمام معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، أسلوب العمل داخل المركز والذي يتوافق مع أفضل الممارسات العالمية سواء في مجالات الدراسة بالفصول التعليمية، أو الورش التدريبية والمهنية، والغرف العلاجية، أو الخدمات التي يقدمها لطلابه من أصحاب الهمم في من خلال بيئة تعليمية مميزة.
وشرح الفهيم أسلوب تطبيق البرامج العالمية والمتخصصة التي تساهم في تطوير قدرات أصحاب الهمم وتعزيز استقلاليتهم، بما في ذلك برنامج نموذج التعليم الأساسي ” CLM” الذي تكلل بحصول المركزعلى شهادة تجديد الاعتماد للبرنامج من معهد توتشي للحلول التعليمية بكاليفورنيا – الولايات المتحدة الأميركية.
وأعرب عن امتنانه لمعالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان على الدعم الكبير والمشاركة الفعالة التي ساهمت بشكل كبير في نجاح المركز في تقديم خدمات متميزة لطلابه من أصحاب الهمم مؤكدا التزام المركز بالوصول إلى أعلى المعايير الدولية لتوفير أفضل وسائل التعليم والتأهيل لطلابه من أصحاب الهمم.
وعبر معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان عن سعادته بالمستوى الرائع الذي وصل إليه مركزالمستقبل للتأهيل في أبوظبي، سواء على مستوى التأهيل أو التمكين، مشيدا بجهود جميع العاملين بالمركز وتمنى لهم النجاح والتوفيق في كل ما يقدمونه من عمل وتفان لتأهيل أصحاب الهمم وأكد أن الشهادة التي حصل عليها المركز تمثل دليلا دامغا على تميزه وكفاءته، وجودة برامجه.
من جانبها قالت كاثي سكوتا، مديرة مركز” CLM” للتميز- من ولاية بنسلفانيا إنّ برنامج نموذج التعليم الأساسي ” CLM”
يعمل على تنمية مهارات المتعلمين وتطويرها وتوفير العديد من الفرص للنجاح.
وأعربت عن فخرها بهذه الشراكة، مشيدةً بأداء مركزالمستقبل للتأهيل لمواصلته تطبيق معايير البرنامج على أعلى المستويات، معبرة عن اعتزازها بالجهود التي يبذلها معالي الشيخ نهيان بن مبارك لتعزيز قدرات أصحاب الهمم بالإمارات.
من جانبه أوضح موفق مصطفى مدير مركزالمستقبل للتأهيل أنه منذ بدء تطبيق برنامج CLM حقق المركز العديد من الإنجازات على صعيد التحسن الواضح بالمستوى السلوكي والفكري والمعرفي للطلاب ومهارات التواصل الاجتماعي مشيرا إلى أن هذا النموذج من التعليم يوفر برنامجا تعليميا مكثفا وفرديا يعتمد على مبادئ تحليل السلوك التطبيقي (ABA) والتدريس الدقيق والتعليم المباشر.
يضم مركز المستقبل الذي أفتتح عام 2000 بأبوظبي، 146 طالباً وطالبة من مختلف الجنسيات والفئات العمرية، ويعمل على تأهيلهم لدمجهم في المجتمع ولديه حوالي 86 موظفا ما بين معلم ومعالج وإداري ويحتضن طلابا من مختلف الأعمار والجنسيات وبلغت نسبة الطلاب المواطنين حوالي 40% من إجمالي عدد الطلاب.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: أصحاب الهمم
إقرأ أيضاً:
إشكالية التحيز الأيديولوجي في الرؤى الغربية الراهنة
في راهننا المعاصر بدأت النظرات السلبية، لمسألة التحيز المعرفية والأيديولوجية، في رؤى الكثير من سياسات بعض النخب الفكرية والسياسية في هذا العصر، وخاصة في الفكر الغربي الذي يتعامل من خلال تحيز بارز ومخالف للحقائق الواضحة، القانونية والإنسانية، وهذه النظرة للأسف كرستها المركزية الغربية للمعرفة، لكنها منطلقة من أيديولوجيا منحازة وغير منصفة لما هو حق وعدل، على جانب أنه مشبع بالنظرة الجامدة للآخر المختلف، خاصة للقضايا التي لا تقبل الاختلاف في مضامينها، ما جعل قضية التحيز مسألة ممكن قبولها معرفيًا، مع أنها جزء من الاستعلائية تجاه ثقافة الآخر دون مبرر معرفي وفكري. ففي الكتاب الضخم (إشكالية التحيز) الذي قدم له وحرره د/ عبدالوهاب المسيري، واشترك فيه العديد من الباحثين العرب.. يطرح د/ المسيري في المقدمة، قضية التحيز التي برزت في الغرب، في مجالات كثيرة من العلوم والمعارف الإنسانية، فيقول في هذا الكتاب المهم : «من الحقائق الأساسية التي تجابه الإنسان في القرن العشرين أن النموذج الحضاري الغربي أصبح يشغل مكانًا مركزيًا في وجدان معظم المفكرين والشعوب، وليس من المستغرب أن يحقق نموذجا حضاريا له مقدرات تعبوية وتنظيمية مرتفعة (بسبب بساطته وماديته) انتصارات باهرة، على المستويين المعنوي والمادي، في مراحله الأولى (فتوحات وغزوات ـ سلع ورخاء وراحة مادية للشعوب الغربية ـ فنون رائعة ـ فلسفات عقلانية مادية بسيطة وواضحة ذات مقدرة تفسيرية مباشرة وعالية)». وقد ترجمت انتصارات المشروع الحضاري الغربي، كما يشير د/ المسيري، نفسها إلى إحساس متزايد بالثقة بالنفس من جانب الإنسان الغربي، وإلى إيمانه بأن رؤيته للعالم هي أرقى ما وصل إليه الإنسان، وأن كل التاريخ البشري يصل إلى أعلى مراحله في التاريخ الغربي الحديث، وأن العلوم الغربية علوم عالمية، وأن النموذج الحضاري الغربي يصلح لكل زمان ومكان، أو على الأقل يصلح لكل زمان ومكان في العصر الحديث».
وقد دخل العالم الإسلامي، بحسب المسيري، في صراع كبير ومتعدد المجالات عندما احتدم الصراع بين الغرب والعالم العربي والإسلامي، مع هذا التشكيل الحضاري من البداية: وقامت جيوش الدولة العثمانية بحماية دار الإسلام في الشرق العربي وفي أماكن أخرى من الهجمة الاستعمارية، ولذا التف الاستعمار الغربي حول الدولة العثمانية فاحتل أطراف إفريقيا والهند ووصل إلى العالم الجديد وظل العالم الإسلامي ذاته بمنأى عن جيوشه. ولكن، مع أزمة الدولة العثمانية، بدأت الجيوش الغربية في غزو المشرق الإسلامي، ويعد تاريخ وصول جيوش نابليون إلى مصر هو بداية المحاولات الغربية الرامية إلى تقطيع أوصال الدولة العثمانية والعالم الإسلامي. وقد تبع هذا الغزو استيلاء الروس على الإمارات التركية على البحر الأسود، والإنجليز على قبرص ثم على مصر، إلى أن تم تقسيم معظم العالم الإسلامي وتقطيع أوصاله».
ويتضح هذا أكثر ما يتضح في الفكر العلماني الليبرالي، فهو فكر قد حدد «النهضة» ابتداء بأنها نقل الفكر الغربي والنظريات الغربية بأمانة شديدة، وتقبل النموذج الحضاري الغربي بكل مزاياه وعيوبه، بـ «بحلوه ومره، وبخيره وشره»، وإعادة صياغة المجتمعات العربية الإسلامية وسلوك أفرادها حتى تتفق مع المعايير التي يفترضها هذا النموذج. وقد عبر عن هذه النزعة ما يسمى «جيل النهضة» من الليبراليين أمثال أحمد لطفي السيد وشبلي شميل وسلامة موسى وغيرهم. ومنهم من كان متطرفًا مغتربًا تمامًا عن ذاته، فدعا إلى التفاهات المسرحية مثل ارتداء القبعة وكتابة العربية بحروف لاتينية، ومنهم من كان أكثر تعقلًا وابتعادًا عن مثل هذه الأشياء الشكلية الصبيانية. ولكن أعضاء الفريقين، المتطرف منهم والمعتدل / الصبياني منهم والناضج، كانوا في نهاية الأمر دعاة تغريب وتحديث على طريقة أوروبا».
والمدهش، كما يقول د/ عبد الوهاب المسيري : «محاولة اللحاق بالغرب لها أصداؤها العميقة في بعض الاتجاهات الإسلامية السطحية. فبعض المفكرين الإسلاميين يتقبلون النموذج الحضاري الغربي (أو جوانب كثيرة منه)، عن وعي وعن غير وعي، بل ويحولون هذا النموذج إلى المثال الذي يحتذى والنقطة المرجعية الصامتة، بحيث يصبح المشروع النهضوي الإسلامي بالنسبة لهم هو أيسر الطرق للحاق بالغرب. بل إن بعضهم يذهب إلى أنه يرى أن المشروع الإسلامي هو خير تطبيق للنموذج الغربي الذي يمكن تبنيه بعد إدخال التحسينات الزخرفية مثل إضافة الصوم والصلاة واستبعاد اختلاط الجنسين وفرض الحجاب على المرأة. ومرة أخرى يعاد اكتشاف الدين، فنكتشف أن الدين سبق العلم، وأن القوانين العلمية كلها في القرآن، وأنه لا يوجد أي تعارض بين الدين والعلم، ويتبارى المتبارون في إثبات أن الإسلام سبق العلم في منح المرأة حقوقها وفي نظم الإدارة الحديثة وكل هذا يعني أن الإسلام يكتسب شرعيته بمقدار اقترابه من النموذج الحضاري الغربي ـ وبالتدريج، يتم تغريب النموذج الإسلامي بحيث يتفق مع النموذج الحضاري الغربي». وقد تكوّن داخل العالم العربي الإسلامي مجموعة من المتعلمين (في مقابل المثقفين)، يشغلون وظائف قيادية وغير قيادية، فمنهم الصحفيون والمدرسون والأساتذة الجامعيون والإعلاميون والمترجمون الذين استوعبوا تمامًا النموذج الحضاري الغربي واستنبطوه ـ كما يقول ـ دون أن يدركوا تضميناته ، فقد استوعبوه في غالب الأمر باعتباره مجموعة من الأفكار الجميلة النبيلة التي لا تترابط داخل منظومة واحدة. وتحولوا إلى أدوات توصيل جيدة له ولقيمه، أحيانًا عن وعي، ولكن في معظم الأحيان عن غير وعي وبدون فهم عميق. وهذه الفئة من المتعلمين تتسم بأنها عندها ملكات فكرية استيعابية ضخمة، وهم عادة مجدون في الاستذكار والتحصيل والحصول على الشهادات، ولكن مقدراتهم النقدية وإدراكهم للمنظومات الكلية أمر محدود للغاية». ولكن لابد، كما يرى د/ عبد الوهاب المسيري، أن يواكب هذا التخلص من الإحساس بمركزية الغرب ونزع صفة العالمية والعلمية والمطلقية عن الحضارة الغربية وتوضيح أن كثيرًا من «القوانين العلمية» التي يدافع عنها دعاة التغريب باعتبارها تصلح لكل زمان ومكان هي نتيجة تطور تاريخي وحضاري محدد وثمرة تضافر ظروف فريدة في لحظة فريدة.
فإذا كان الغرب قد تحول إلى مطلق، فإنه يجب أن يستعيد نسبيته وتاريخيته وزمنيته، وإذا كان يشغل المركز فإنه يجب أن يصبح مرة أخرى عنصرًا واحدًا ضمن عناصر أخرى تكوِّن عالم الإنسان، وإذا كان يعتبر نفسه عالميًا وعامًا فإنه لابد أن نبين خصوصيته ومحليته، أي أن الغرب يجب أن يصبح غربيًا مرة أخرى لا عالميًا. وهذا لا يمكن أن يتم إلا باستعادة المنظور العالمي والتاريخي المقارن بحيث يصبح التشكيل الحضاري الغربي تشكيلًا حضاريًا واحدًا له خصوصيته وسماته وتاريخه، تمامًا كما أن لكل التشكيلات الأخرى خصوصياتها وسماتها وتاريخها. والمنظور المقارن لا يعني علاقة التأثير والتأثر الشائعة في الدراسات الجامعية، وإنما يعني محاولة الوصول إلى رؤية عالمية حقة من خلال مقارنة البنى الحضارية والتجارب التاريخية والنماذج المتعددة التي تعامل الإنسان من خلالها مع العالم فأبدع أشكالًا حضارية خاصة متنوعة لها قوانينها الداخلية وتتبع إنسانيتها من خصوصيتها لا من خلال اتساقها مع قانون عالمي عام وهمي هو في نهاية الأمر «قانون غربي». ويرى الباحث عماد الدين عشماوي في بحثه (عبد الوهاب المسيري وفقه التحيز)، لم يكن الأمر عند المسيري (في مسألة التحيز)، «مجرد تفكيك لمقولات النموذج المعرفي الغربي وكشف تحيزاته، لكن كان الطموح هو تأسيس مشروع بناء علم جديد للتعامل مع مفهوم التحيز، علم جديد، له آلياته ومناهجه ومرجعيته، يتعامل مع قضايا التحيز، ويفتح باب الاجتهاد بخصوصها. لهذا اقترح المسيري تأسيس علم جديد، أطلق عليه «فقه التحيز»، يركز على قضية التحيز في النماذج المعرفية، الناتجة عن مجموعة من القيم الكامنة المستترة في النماذج المعرفية، والوسائل والمناهج البحثية التي توجه الباحث دون أن يشعر بها، وإن شعر بها وجدها لصيقة بالمنهج لدرجة يصعب التخلص منها، والتي تسلب الباحث كثيرًا من حريته وتحد من حركته ومجال رؤيته». فقضية التحيز أصبحت مسألة تحتاج إلى مراجعة موضوعية، وهذه لم يقلها باحثون وكتاب عرب فقط، بل حتى من الكتاب الغربيين الذين أشاروا إلى قضية التحيز والمركزية الاستعلائية للنموذج الغربي.