جريدة الوطن:
2025-06-28@01:35:24 GMT

الجوع المناخي

تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT

مع اقتراب موعد المؤتمر الدولي عن المناخ، كوب 28، الذي تستضيفه الإمارات هذا العام في شهر نوفمبر القادم، يكثر الحديث عن التغيُّرات المناخيَّة وأضرارها المتزايدة وضرورة الإسراع بوقف انبعاثات الغازات المُسبِّبة للاحتباس الحراري. لكنَّ ذلك طقس سنوي يتكرر تقريبًا منذ مؤتمر المناخ الشهير في باريس عام 2015، مع تحذيرات متكرِّرة من الأُمم المُتَّحدة وعلماء البيئة والمناخ بأنَّ ارتفاع درجات الحرارة على كوكب الأرض عن معدَّلاتها ينذر بأخطار قَدْ تكُونُ كارثيَّة.

لكن هذا العام، يبدو أنَّ البَشَريَّة بدأت تدرك خطورة التغيُّرات المناخيَّة، ليس فقط نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وإنَّما مع زيادة حدَّة ظواهر طبيعيَّة متكرِّرة وتأثيرها الهائل على حياة البَشَر. وأدَّعي أنِّي من أوَّل هؤلاء البَشَر. فقَبل سنوات اقتطعت مساحة صغيرة جدًّا من حديقة المنزل الصغيرة أصلًا ومهَّدتها لزراعة الخضار في الموسم القصير من فصل الصَّيف كُلَّ عام. ولأنَّ الجزية البريطانيَّة طقسها أصلًا صَعْب، فكُلُّ عام يختلف الزرع والمحصول، لكنَّ هذا العام كان غريبًا فعلًا. ليس فقط لاختلاف درجات الحرارة الموسميَّة عن نظامها التقليدي مع التغيُّر السنوي الطفيف، بل وحتى سقوط المطر وظهور الشمس…إلخ. وما من تفسير لذلك أكثر من التغيُّر المناخي وأنَّه وصل بالقعل إلى درجة تهدِّد حتى حفنة المحصول لديَّ. وإن كان ذلك لَنْ يؤدِّيَ إلى جوع أُسْرتي بسبب المناخ، لكنَّه مثال مصغَّر جدًّا على ما يجري في العالَم.
أعلنت الهند الشهر الماضي حظرًا على تصدير الأرز الأبيض غير البسمتي لتلبية احتياجات السُّوق المحلِّي نتيجة تضرُّر المحصول. لَمْ يتضرَّر المحصول بسبب الجفاف أو ارتفاع درجات الحرارة بشدَّة، وإنَّما لهطول الأمطار الموسميَّة بكثافة غير اعتياديَّة أضرَّت بالزرع قَبل نضجه. تلك الأمطار التي تحَوَّلَت قَبل أيَّام إلى سيولٍ وفيضانات أودت بحياة العشرات في الهند. وقَبلها مباشرة اكتسحت الحرائق جزيرة هاواي في أسوأ كارثة طبيعيَّة تضرب الولايات المُتَّحدة على الإطلاق، على الأقلِّ من ناحية الخسائر في الأرواح والممتلكات. وأودت حرائق هاواي بحياة أكثر من مئة شخص. وقَبلها أيضًا تعرَّضت اليونان لحرائق غير مسبوقة القوَّة والمدى ضربت الموسم السِّياحي السَّنوي في البلاد مع ترحيل السَّائحين من الجزر اليونانيَّة وغيرها. ومن بَيْنِ أسباب قوَّة حرائق هاواي أنَّ الممارسات الزراعيَّة في الآونة الأخيرة تركت مساحات شاسعة من الأراضي تنمو فيها حشائش شديدة القابليَّة للاشتعال تُشبه السَّافانا في إفريقيا التي غالبًا ما تشهد حرائق مُدمِّرة أيضًا.
لَمْ يَعُدِ التحذير من أنَّ ارتفاع درجات الحرارة عن معدَّلاتها بمقدار 1.5 درجة مئويَّة هو حدُّ الخطر الذي يسعى العالَم لتفاديه بتقليل الانبعاثات وتنعقد من أجْله المؤتمرات، وتُقدِّم دوَل العالَم التعهُّدات بالحدِّ من تلوُّث البيئة. إنَّما يبدو أنَّ الخطر وصل بالفعل، ليس فقط من ارتفاع درجات الحرارة، بل من التغيُّرات الهائلة في الطقس والمناخ عمومًا وفي التنوُّع الحيوي البيئي على وجْه الأرض. ولذلك تأثير هائل على حياة البَشَر، وأهمُّ تأثير هو على إنتاج الغذاء بما يكفي سكَّان الكوكب الذين يزيد عددهم يوميًّا. ولعلَّ ذلك بدأ حثيثًا منذ فترة، لكنَّه الآن أصبح قريبًا من ذروته بما يؤثِّر ليس فقط على أسعار الغذاء والمنتجات الزراعيَّة، بل ويُهدِّد بنقصها وعدم كفايتها. وكأنَّ العالَم يقترب بوضوح من جوع مناخي، أي يُسبِّبه تغيُّر المناخ. فالتصحُّر والفيضانات والممارسات الزراعيَّة السلبيَّة التي تأتي نتيجة الهجرات وأيضًا تغيُّر إنتاج المحاصيل هي نتيجة للتغيُّر المناخي، حتى قَبل وصول درجة حرارة الكوكب إلى الحدِّ الذي يُحذِّر مِنه العلماء. فرغم أنَّ الأعاصير تحدُث سنويًّا بشكلٍ موسمي، إلَّا أنَّ إعصار النينو هذا العام يُهدِّد محصول الأرز في تايلاند وفيتنام، ما جعل أسعار الغذاء الرئيسي في آسيا ترتفع حتى قَبل أن يعلنَ أيٌّ من البلدَيْنِ حظر تصدير.
ماذا إذًا على العالَم أن يفعلَ لتفادي الجوع المناخي الذي بدأت ملامحه واضحة من الآن؟ لا يكفي ما نفعله كبَشَر منذ بدأ التحذير بشأن الاحتباس الحراري، فحتى الآن ورغم التعهُّدات وسياسات التحَوُّل إلى طاقة نظيفة قليلة الانبعاثات، لَمْ ننجز الكثير على هذا الطريق. ربَّما يُمكِن للبَشَر تحمُّل درجات الحرارة، فالجسم البَشَري قادر على التكيُّف ولو بعد أجيال. أمَّا احتمال الجوع فأمْرٌ صَعْب على البَشَريَّة، حتى لو قنَّنت استهلاك الغذاء ورشَّدته. المُشْكِلة أنَّ صوت المدافعين عن البيئة ضدَّ الانبعاثات وارتفاع درجات الحرارة أقوى ممَّن يُحذِّر من أزمات غذاء عالميَّة. وتبدو النُّخَب العالَميَّة مستكينة إلى أنَّه سيُمكِن دومًا توفير الغذاء ولو بكلفة أعلى. لكنَّ المُشْكِلة أنَّ أساس الغذاء هو الزراعة، حتى الثروة الحيوانيَّة والدَّاجنة تعتمد على المنتجات الزراعيَّة رعيًا وأعلافًا. وما لَمْ يبدأ العالَم على الفور زيادة الاستثمار في الزراعة، والتكيُّف مع التغيُّرات التي حصلت بالفعل في الطقس وغيره، فسنفوِّت فرصة مواجهة احتمال الجوع المناخي القادم بقوَّة. وعلى البَشَريَّة أيضًا الأخذ في الاعتبار أنَّ خريطة الزراعة العالَميَّة التقليديَّة لَمْ تَعُدْ مناسِبةً تمامًا، سواء من حيث المحاصيل بأنواعها وطريقة زراعتها ولا حتى من حيث مناطق زراعتها التقليديَّة في فصول ومواسم غيرها بالفعل التغيُّر المناخي.
د.أحمد مصطفى أحمد
كاتب صحفي مصري
mustafahmed@hotmail.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: ارتفاع درجات الحرارة هذا العام ر المناخ لیس فقط العال م الب ش ر

إقرأ أيضاً:

تصل لـ 36 بالقاهرة.. درجات الحرارة المتوقعة في المحافظات

يشهد الطقس اليوم الجمعة 27 يونيو حر شديد مع ارتفاع درجات الحرارة خلال الأيام القليلة الماضية.

درجات الحرارة في القاهرة والمحافظات

المدينة العظمى الصغرى

القاهرة 36 24

العاصمة الادارية 37 23

6 اكتوبر 37 22

بنها 36 23

دمنهور 34 22

وادى النطرون 37 22

كفر الشيخ 35 23

المنصورة 35 23

الزقازيق 36 24

شبين الكوم 35 23

طنطا 35 23

دمياط 31 23

بورسعيد 31 23

الاسماعيلية 38 22

السويس 37 23

العريش 32 22

رفح 32 21

رأس سدر 38 24

نخل 36 16

كاترين 33 15

الطور 33 24

طابا 33 22

شرم الشيخ 38 29

الإسكندرية 31 22

العلمين 31 22

مطروح 30 20

السلوم 33 21

سيوة 36 21

رأس غارب 38 27

الغردقة 39 28

سفاجا 38 27

مرسى علم 37 26


شلاتين 37 26

حلايب 35 27

أبو رماد 36 26

رأس حدربة 35 28

الفيوم 36 22

بني سويف 37 23

المنيا 37 23

أسيوط 37 22

سوهاج 38 24

قنا 40 25

الأقصر 40 25

أسوان 41 26

الوادي الجديد 39 22

أبوسمبل 40 23

 حالة البحر المتوسط

بالنسبة لحالة البحر المتوسط تكون خفيفة إلى معتدلة وارتفاع الموج من 1.5 متر إلى 2 متر والرياح شمالية غربية.

حالة البحر الأحمر

بالنسبة لحالة البحر الأحمر تكون معتدلة وارتفاع الموج من متر إلى 1.5 والرياح شمالية غربية.

طباعة شارك الطقس ارتفاع درجات الحرارة حر شديد القاهرة

مقالات مشابهة

  • هل تعود الموجات الحارة الى المملكة مع بداية شهر تموز؟
  • موجة حر شديدة تجتاح تركيا مع تحذيرات للأهالي
  • حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم
  • دول البلقان تشهد أول موجة حر صيفية
  • تصل لـ 36 بالقاهرة.. درجات الحرارة المتوقعة في المحافظات
  • الدمام 31 مئوية.. بيان درجات الحرارة الصغرى على بعض مدن المملكة
  • هل تؤثر درجات الحرارة على مرضى القلب؟
  • مبادرات مقاومة التغيّر المناخي الجديدة والمتواصلة في قطر للحفاظ على المياه في المناطق الصحراوية
  • طقس حار يشمل مناطق واسعة بالمملكة ابتداءً من الأربعاء
  • الحرارة إلى ارتفاع والجو صيفي حار