حباد حركة يهودية نشأت بروسيا البيضاء وتحولت إلى حركة عالمية
تاريخ النشر: 26th, November 2024 GMT
حركة "حباد" -وتعرف أيضا بـ"حباد لوبافيتش"- هي حركة يهودية أرثوذكسية حسيدية، يقع مقرها الرئيسي في الولايات المتحدة الأميركية، أسسها الحاخام شنيور زلمان في القرن الـ18 في روسيا البيضاء (بيلاروسيا)، ومع بداية الألفية الثالثة صار لها أتباع بالآلاف، وحتى عام 2021 أرسلت الحركة 4900 عائلة يهودية في بعثات إلى 100 دولة وإقليم بهدف إدارة بيوت تعليم اليهودية الحسيدية.
من قرية لياودي الصغيرة في روسيا البيضاء نشأت حركة حباد عام 1775 على يد الحاخام شنيور زلمان (يعرف بالرِّبّي ألتر) الذي تتلمذ على يد قادة في الحركة الحسيدية الناشئة حينئذ.
وقد وضع زلمان الأسس الأولى للحركة، وركّز على دراسة نصوص القبّالة (التصوف اليهودي)، ونشر التعاليم الحسيدية، وألّف كتاب "هتانيا"، الذي يحوي الأفكار الرئيسية لفلسفة الحركة، واختار اسم "حباد" لحركته، وهو اختصار لـ3 كلمات عبرية هي الحكمة والفهم والمعرفة، تلخص الفلسفة الدينية الأساسية للطائفة.
الفكر والأيديولوجياتسعى حركة "حباد" إلى إحياء المفاهيم اليهودية في نفوس أتباعها، وزرع شعور التفاني والمحبة تجاه الآخرين، وتهدف إلى تقريب اليهود غير المتدينين من عقيدتهم.
وتتوافق ممارسات حباد مع الممارسات الأرثوذكسية اليهودية العامة والمجموعات الحسيدية، لكن لها بعض العادات الفريدة في اللباس وفي طرق الاحتفال بالأعياد.
ومن الآراء التي تروج لها حركته رفض فكرة "الأرض مقابل السلام"، كما تدعو إلى ترحيل وقتل العرب، وحسبما ذكر في كتاب "هَتانيا" (الكتاب الأصولي الأشهر للحركة)، فإن "غير اليهود كلهم مخلوقات شيطانية ليس بداخلها أي شيء جيد على الإطلاق"، كما أن الكتاب ينص على أن "على اليهود الخروج من بلاد الأغيار المدنّسة، والاستيطان في أرض فلسطين المقدّسة".
وتميّزت الحركة عن غيرها من الحركات الحسيدية المنعزلة بمحاولتها الاستفادة من الأدوات الحديثة للوصول إلى كل المجتمعات اليهودية المشتتة حول العالم، فاكتسبت بذلك حضورا وشهرة عالميين.
وتعتمد الحركة في توسيع نفوذها عالميا على مبعوثيها المعروفين باسم "شلوشيم"، وغالبا ما ترسل أسرة كاملة لإدارة "بيت حباد" في دولة ما.
وُلد زلمان في 18 سبتمبر/أيلول 1745، في بلدة ليوزنا في روسيا البيضاء، وبدأ في تلقي العلوم الدينية في سن مبكرة، إذ انضم إلى عضوية "جمعية القداسة" في المدينة وعمره آنذاك لم يتجاوز الخامسة، وحصل على لقب حاخام في سن الثامنة.
وبعدما بلغ الـ18 سافر إلى بلدة ميزريتش وانضم إلى الحركة الحسيدية، وكان يديرها حينئذ الحاخام دوف بير، وسرعان ما أصبح زلمان أحد أبرز تلاميذه.
بعد وفاة الحاخام بير عام 1773، عُين زلمان مسؤولا عن تنظيم أعمال الحسيدية وتوسيع نشاطاتها، وأسس بعد عامين "حركة حباد" لنشر تعاليم الحسيدية.
في تلك الفترة برزت "حركة التنوير اليهودية" (هسكلاه)، وكانت تدعو إلى تبني قيم عصر التنوير والعلمانية، وإلى اندماج اليهود في المجتمع الأوروبي، إذ كانوا معروفين بانعزالهم، فوقفت أمام حركات يهودية عدة خالفتها في توجهها، منها حركة "حباد" التي صارت هدفا رئيسيا لها.
عانى زلمان من حركة التنوير اليهودية، وتعرّض بسببها للاعتقال، وقضى 53 يوما في السجن مهددا بالإعدام، قبل أن تبرئه الحركة وتطلق سراحه.
واصل الحاخام زلمان -الذي كان يؤمن بضرورة إقامة "دولة يهودية على أرض الميعاد من نهر النيل إلى نهر الفرات"- تطوير وتوسيع حركة "حباد" حتى وفاته في 24 ديسمبر/كانون الأول 1813.
مناحيم مندل شنيرسونوُلد مناحيم مندل شنيرسون في 18 أبريل/نيسان 1902 بنيكولايف جنوب أوكرانيا، وهو الحفيد الخامس للحاخام الثالث لحركة "حباد لوبافيتش".
وبعد وفاة قائد الحركة السادس الحاخام يوسف إسحاق في يناير/كانون الثاني 1950، خَلفه شنيرسون في يناير/كانون الثاني 1951، وباتت مئات المعاهد التربوية تحت تحكّمه، وصار مرشدا ومكتبه مَقصَدا لليهود لاستشارته في حلول لمشاكلهم الشخصية، أو للقضايا العامة التي تواجه الجماعات اليهودية في العالم أو في إسرائيل.
وطوال 40 عاما من قيادة الحركة، استطاع شنيرسون تحويل "حباد" من طائفة صغيرة نسبيا، إلى "قوة يهودية مؤثرة عالميا"، إذ أرسل مبعوثين إلى جميع القارات، بهدف احتضان "جميع اليهود باختلاف أصولهم وأفكارهم"، ونشر التعاليم اليهودية في الجماعات اليهودية المتشتتة، فقد كان من دعاة رفض الانعزال الديني.
وتوفي الحاخام السابع لحركة "حباد" شنيرسون في يونيو/حزيران 1994، بعد أن تعرض لجلطة دماغية قبلها بعامين، أدت إلى شلل جانبه الأيمن، وفقده القدرة على الكلام. ولم يخلفه أحد في قيادة حركة "حباد"، ولا يزال كثير من أتباعه يؤمنون بأنه سيبعث من جديد لأنه "المسيح المنتظر".
عقب وفاة الحاخام شنيور زلمان، انقسم اتباع الحركة إلى مجموعتين: الأولى قادها ابنه دوف بير شنئوري، والأخرى اتبعت تلميذه أهارون هاليفي.
ونقل الابن بير مقر الحركة إلى بلدة لوبافيتش الروسية القريبة من الحدود مع روسيا البيضاء. وظلّت الحركة متمركزة هناك قرابة قرن، ثم نقلها شالوم دوف بير شنيرسون إلى مدينة روستوف الروسية عام 1915.
وبعد وفاة الحاخام شنيرسون عام 1920، تولى ابنه الوحيد يوسف إسحاق قيادة الحركة، في فترة سياسية حرجة عانت منها روسيا بعد اندلاع الثورة البلشيفية، التي فرَضت الشيوعية إلحادا رسميا في روسيا.
واعتقل إسحاق وسجن بتهمة التخطيط لنشاط مضاد للثورة، وأجبر في نهاية المطاف على مغادرة روسيا، وعاش فترة في لاتفيا وبولندا قبل أن ينتقل إلى الولايات المتحدة عام 1940.
وعقب وفاة إسحاق عام 1950، خلفه في زعامة الحركة الحاخام مناحيم مندل شنيرسيون (زوج ابنته)، الذي نشر فكر الحركة عالميا، وحرص على إرسال مبعوثين إلى جميع القارات، بهدف نشر التعاليم اليهودية في الجماعات اليهودية المتشتتة.
وطالبت الحركة، في فترة قيادة شنيرسون، الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بضم الأراضي الفلسطينية والجولان بعد حرب عام 1967، معتبرة ذلك أمرا مقدسا لا يقل أهمية عن انتظار ظهور المسيح.
وظل مناحيم ينشر أفكار الحركة حتى وفاته عام 1994، ولم يخلفه في زعامتها أحد، لكنها حافظت على اتساعها وانتشارها، وصارت الأكثر انفتاحا بين الجماعات "اليهودية والأرثوذكسية المتشددة" في العصر الحديث.
وفي أعقاب عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 على مستوطنات غلاف غزة، انتشرت صور لجنود إسرائيليين من أتباع الحركة، يعلنون فيها تحويل مبنى في بلدة بيت حانون في غزة إلى بيت "حباد".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات روسیا البیضاء الیهودیة فی یهودیة فی فی روسیا
إقرأ أيضاً:
صنعاء تستعد لإطلاق حملة لتنظيم الأسواق العشوائية وتحسين الحركة المرورية
يمانيون../
في إطار الجهود المتواصلة للارتقاء بالسلامة المرورية وتحسين المشهد العام في العاصمة صنعاء، عقد اليوم اجتماع موسع ضم عدداً من القيادات المعنية بالمرور والأشغال العامة وصندوق النظافة والتحسين، لمناقشة ترتيبات تنفيذ حملة شاملة تستهدف الأسواق العشوائية المعيقة لحركة السير في العاصمة.
ترأس الاجتماع مدير عام شرطة المرور اللواء الدكتور بكيل محمد البراشي، بحضور مدير عام مكتب الأشغال بأمانة العاصمة عبدالسلام الجرادي، ونائب مدير عام شرطة المرور العميد الركن عبدالله العقر، إضافة إلى مدير مرور العاصمة العقيد نجيب الأسدي ونائبه العقيد حسين المنحي، ونواب مديري الأشغال وصندوق النظافة.
واستعرض الحاضرون مصفوفة الإجراءات التي أعدتها شرطة المرور، والهادفة إلى الحد من الازدحام المروري والمظاهر العشوائية في الشوارع العامة. وتضمنت المصفوفة خطوات توعوية وقانونية، يعقبها تنفيذ حملة ميدانية مشتركة تستهدف إزالة الأسواق والبسطات غير النظامية، وتنظيم خطوط السير، وإلزام المنشآت التجارية بتوفير مواقف لمرتاديها، بما يسهم في تحسين انسيابية الحركة المرورية في الشوارع الرئيسية والفرعية.
وأكد اللواء البراشي أن هذه الخطوة تأتي تنفيذاً لتوجيهات قيادة وزارة الداخلية، وانسجاماً مع الرؤية الوطنية لتعزيز مظهر العاصمة وضمان سلامة مستخدمي الطريق، مشيراً إلى أهمية التنسيق بين مختلف الجهات ذات العلاقة لترجمة هذه الخطط إلى إجراءات عملية على الأرض.
كما شدد على ضرورة إزالة المعوقات التي تمثلها الأسواق والبسطات غير النظامية، وتوفير بدائل مناسبة لأصحابها، إلى جانب تنظيم سير باصات الأجرة، بما يخدم حركة المواطنين ويحافظ على النظام العام.
من جهته، أشاد مدير مكتب الأشغال عبدالسلام الجرادي بجهود شرطة المرور، مؤكداً أهمية العمل الجماعي والتكامل بين الأجهزة المختلفة لإنجاح هذه الحملة، ومطالباً بإشراك مدراء عموم المديريات لضمان استدامة النتائج وتحقيق التحسينات المرجوة.
وشهد الاجتماع مشاركة عدد من مديري الإدارات المعنية، بينهم مدير إدارة السلامة المرورية الرائد عبدالخالق السماوي، ومدير التموين بمرور العاصمة الرائد يوسف الصراري، ومدير المرافق والأسواق بمكتب الأشغال ذاكر العامري، ومدير نظافة منطقة السبعين يحيى سعيد، حيث أكدوا التزامهم الكامل بالمشاركة الفاعلة في تنفيذ هذه الحملة بما يخدم الصالح العام ويعزز من جودة الحياة في العاصمة.