أدى المصلون في جميع مناطق المملكة اليوم صلاة الاستسقاء اتباعا لسنة المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام عند الجدب وتأخر نزول المطر أملا في طلب المزيد من الجواد الكريم أن ينعم بفضله وإحسانه بالغيث على أرجاء البلاد.

وقد توافد المصلون إلى المصليات والجوامع التي هيئت لصلاة الاستسقاء في جميع مدن المملكة ومحافظاتها ومراكزها وقراها.

ففي المسجد الحرام، أمّ المصلين إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور ماهر بن حمد المعيقلي، يتقدمهم صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن مشعل بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة مكة المكرمة، وأوصى فضيلة الشيخ في خطبته المسلمين بتقوى الله سبحانه.

وقال فضيلته “شرع الله صلاة الاستسقاء، عند تأخر القطر من السماء، لحكم عظيمة، من عودة الناس إليه، والخوف من عذابه، والإقبال على طاعته، وعدم أمنهم من مكره،؟ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ?، فصلاة الاستسقاء، باب من أبواب الاستغفار، والخضوع لله والانكسار، والله تعالى يُعِزُ من ذلَّ له، ويعطي من سأله، ويحب التوابين المستغفرين، والاستسقاء مِن سُنن الأنبياء والمرسلين، حيث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أبطأت السماء بالمطر؛ بادر إلى الاستسقاء، واستغاث الله تبارك وتعالى، وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: شَكَا النَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُحُوطَ الْمَطَرِ، فَأَمَرَ بِمِنْبَرٍ، فَوُضِعَ لَهُ فِي الْمُصَلَّى، وَوَعَدَ النَّاسَ يَوْمًا يَخْرُجُونَ فِيهِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ، فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَكَبَّرَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ قَالَ: “”إِنَّكُمْ شَكَوْتُمْ جَدْبَ دِيَارِكُمْ، وَاسْتِئْخَارَ الْمَطَرِ عَنْ إِبَّانِ زَمَانِهِ عَنْكُمْ، وَقَدْ أَمَرَكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ تَدْعُوهُ، وَوَعَدَكُمْ أَنْ يَسْتَجِيبَ لَكُمْ””، ثُمَّ صلى ودعا صلى الله عليه وسلم، فَأَنْشَأَ اللَّهُ سَحَابَةً فَرَعَدَتْ وَبَرَقَتْ، ثُمَّ أَمْطَرَتْ بِإِذْنِ اللَّهِ، فَلَمْ يَأْتِ مَسْجِدَهُ حَتَّى سَالَتِ السُّيُولُ، فَلَمَّا رَأَى سُرْعَتَهُمْ إِلَى الْكِنِّ ضَحِكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، فَقَالَ: “”أَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَأَنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ””، وفي مسند الإمام أحمد: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: “أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مُتَخَشِّعًا، مُتَضَرِّعًا، مُتَوَاضِعًا، مُتَبَذِّلًا، مُتَرَسِّلًا”.

وأوضح الشيخ المعيقلي أن المسلم يخرج لصلاة الاستسقاء، متأسيا برسول الله صلى الله عليه وسلم، خاشعًا متذللًا متضرعًا لله، مُظهِرًا الخوف والخشية منه، متخلصا من المظالم، مبتعدا عن الشحناء والبغضاء، يَصْدُق في توبته، يُكثر من الاستغفار لخالقه، والله تبارك وتعالى، خزائنه لا تنفد، وخيره لا ينقطع، وعطاؤه لا يُحْظَر، فإذا رأى من عِبَاده صدق التوجه إليه، والاستقامة على طريقه، رَحِمَهُمْ وسقاهم، ورفع البلاء عنهم، مؤكداً على أن كثرة التوبة والاستغفار، إلى الرحيم الغفار، باب عظيم تتنزل به الرحمات، وتغفر به الزلات، والله تعالى، لم يكن مغيراً نعمة أنعمها على قوم، حتى يغيروا ما بأنفسهم، فما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رفع إلا باستغفار وتوبة، وقد حث الأنبياء أقوامهم على الاستغفار، وبينوا حميد عاقبته، وحسن ثمرته، وأخبر سبحانه، في مواضع عديدة من كتابه، عن سعة رحمته وعظيم مغفرته، وأنهما من أسماءه وصفاته، فقال: “”نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ””، فالعبد إذا عرف كمال رحمة الله ومغفرته، سعى في تحصيلها، وأقلع عن معصيته، بل من فضل الله تعالى وكرمه، وجوده وإحسانه، أن وعد المستغفرين التائبين، بتبديل سيِّئاتهم إلى حسنات، وزلاتهم إلى درجات.

وأشار فضيلته إلى أن من لزم الاستغفار، جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ويرزقه سبحانه من حيث لا يحتسب، فربُّنا جل جلاله رحيم بخلقه، يدعوهم لعفوه ومغفرته، والخطأ والتقصير، من شأن البشر، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: “”وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ””، فرحمة ربنا جل جلاله، وسعت كل شيء، فمن ذا الذي يتألَّى على الله، ألَّا يغفر ذنوبَ عباده، ولو كانت مثلَ زَبَد البحر، وهو الذي يبسط يده بالليل ليتوبَ مسيء النهار، ويبسط يدَه بالنهار ليتوبَ مسيء الليل، وينادي عبادَه وهو الغني عنهم.

وذكر إمام وخطيب المسجد الحرام إن الاستغفار الصادق هو العزم على ترك الذنوب، والإنابة بالقلب إلى علامِ الغيوب، فالأمر معلَّق بصلاح القلوب والإيمان، وحينئذٍ يأتي الغفران، وإن الله سبحانه وتعالى قريب مجيب، يرزق من يشاء بغير حساب، وهو سبحانه كريم العطاء، يحب أن يلجأ إليه عباده بالدعاء، فيفتح لندائهم أبواب السماء، ويكشف ضرهم، ويرحمهم ضعفهم، كما قال سبحانه.

ودعا فضيلته إلى التضرع لله، والإلحاح عليه في الدعاء، فإنَّ الله جل وعلا رب حيي كريم، يستحيي من عبدِه، إذا رفعَ إليه يدَيْه، فيرُدَّهما صِفرًا خائبتَيْن، وَأَحْسِنُوا الظَّنَّ بِهِ؛ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ عِنْدَ ظَنِّ عبده بِهِ.

وفي المسجد النبوي، أم المصلين فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور خالد المهنا، يتقدمهم صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن سلطان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة.

واستهل فضيلة الشيخ خطبته بالحمد والثناء على الله – عز وجل –مبينًا أن الضر والنفع والخفض والرفع بيده سبحانه، إن أعطى فبرحمته وإن منع فبعدله وحكمته.

اقرأ أيضاًالمملكةمؤتمر سلاسل الإمداد 2024 يستضيف أكبر تجمع لقادة القطاع في ديسمبر المقبل

وقال: إنكم خرجتم تطلبون رحمة ربكم، وتشكون إليه تأخر الغيث عن إبان زمانه عنكم، وقد أمركم الله أن تدعوه ووعدكم أن يستجيب لكم، فإنه سبحانه كريم جزيل العطاء، يحب من عباده الإلحاح في الدعاء، مع صدق الرجاء، فاستغيثوا يا عباد الله ربكم ضارعين مضطرين، خاشعين منكسرين مفتقرين، واستعينوا على تحقيق وعده بالإنابة إليه سبحانه والأوبة، فما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة.

وحث فضيلته المسلمين على الإكثار من الاستغفار كما أمر سبحانه، وكما أمرت الرسل أقوامهم، فإنه سبب حلول الرحمة، مستشهدًا بقولة جل وعلا “لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ”.

وحث فضيلته المسلمين على الإكثار من الاستغفار كما أمر سبحانه، وكما أمرت الرسل أقوامهم، فإنه سبب حلول الرحمة، مستشهدًا بقولة جل وعلا “لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ”.

وأشار إمام وخطيب المسجد النبوي إلى أن رحمة الله – عز وجل – والأمن من عقابه وعذابه مشروطٌ بشكر العباد لربهم وتحقيقهم الإيمان بمولاهم، مستشهدًا بقولة تعالى “مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ؟ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا”، مبينًا أن ذلك لمصلحة العبيد العاجلة والآجلة، فلا طاعتهم تنفعه سبحانه، ولا تزيد في ملكه وسلطانه، ولا معصيتهم تضره أو تنقص من ملكه وسلطانه.

ودعا إمام وخطيب المسجد النبوي الله تعالى أن ينزل علينا الغيث ولا يجعلنا من القانطين وأن يغيثنا سقيا رحمه لا سقيا عذاب ولا هدم ولا غرق، غيثًا طيبًا نافعًا عاجلاً غير آجل يغيث البلاد والعباد ويجعله قوة لنا على طاعته وبلاغًا إلى حين.

وختم فضيلته الخطبة داعياً المسلمين إلى الاقتداء بهديُ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعد أن فرغ من خطبته أنه توجه إلى القبلة فحول رداءه تفاؤلاً بتحويل الحال من القحط إلى الغيث والخصب ثم استغاث ربه ودعا دعاءً طويلًا، فاقتدوا عباد الله بنبيكم، وادعوا ربكم وأنتم موقنون بالإجابة، عسى ربكم أن يتقبل منكم فيرحمكم.

المصدر: صحيفة الجزيرة

كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية صلى الله علیه وسلم إمام وخطیب المسجد المسجد النبوی الله تعالى ى الله ع

إقرأ أيضاً:

بث مباشر.. خطبة الجمعة من الحرمين الشريفين

نقلت قناتا القرآن الكريم والسنة النبوية، شعائر صلاة الجمعة اليوم من الحرمين الشريفين المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف.

بث مباشر.. خطبة الجمعة من الحرمين الشريفينبث مباشر.. خطبة الجمعة من الحرمين الشريفين

وفي وقت سابق، أتمت الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي مراسم استبدال كسوة الكعبة المشرفة لهذا العام 1447هـ في وقتٍ قياسي؛ وبدأت أعمال التغيير في تمام الساعة 12:00 منتصف ليل الخميس، غرة شهر المحرم، وانتهت في تمام الساعة 6:40 صباحًا من اليوم ذاته، محققة بذلك فارق عمل بلغ 4 ساعات عن المدة المعتادة في الأعوام السابقة.

ويُعد هذا التوقيت إنجازًا نوعيًا يعكس التطور الكبير في الكفاءة التشغيلية والتكامل في آليات التنفيذ ضمن منظومة متقدمة ترتكز على التخطيط المسبق والدقة والانسيابية في أداء المهام.

وأوضحت الهيئة أن هذا الإنجاز يعود إلى حزمة من العوامل الفنية والتنظيمية التي أسهمت بشكل مباشر في تسريع الإجراءات، من أبرزها اعتماد آلية محكمة لخياطة الجهات الأربع من الكسوة بشكل مسبق، والتحضير الدقيق للكعبة المشرفة زادها الله تشريفًا وتعظيمًا، وذلك من خلال تحديد الحد الأعلى والأدنى لحزام الكسوة باستخدام شريط لاصق، وهو ما قلّص الوقت الذي كان يُستغرق سابقًا في وزن الحزام وتثبيته.

وشملت الاستعدادات تجهيز الحبال المخصصة لرفع الكسوة بتحديد الارتفاع المناسب مسبقًا مما سهل على الفنيين الوصول السريع والدقيق إلى نقاط التثبيت على سطح الكعبة المشرفة إضافة إلى ذلك، جاء تدريب الكوادر الفنية قبل وقت كافٍ من موعد التنفيذ ليمنحهم مهارة أكبر وثقة أعلى، الأمر الذي انعكس بوضوح على جودة الأداء وسرعة إنجازه.

واستخدمت فرق العمل تقنيات متطورة ووسائل حديثة أسهمت في تعزيز الكفاءة وضمان سلامة جميع مراحل العمل بدءًا من فك الكسوة القديمة، ووصولًا إلى تركيب الكسوة الجديدة وتثبيتها بإحكام على أركان الكعبة المشرفة.

وتأتي هذه الجهود امتدادًا لحرص القيادة الرشيدة -أيدها الله- على الاستمرار في تطوير منظومة الخدمات المقدمة للحرمين الشريفين، ورفع جودة الأداء في كل ما يتعلق بالعناية بالكعبة المشرفة، بما يعكس مكانتها الدينية والتاريخية في نفوس المسلمين في شتى بقاع الأرض.

طباعة شارك صلاة الجمعة اليوم صلاة الجمعة شعائر صلاة الجمعة الحرمين الشريفين المسجد الحرام المسجد النبوي

مقالات مشابهة

  • خطيب الأزهر: الهجرة جسدت مزيجا فريدا بين الأخذ بالأسباب وصدق التوكل
  • ‎50 ألفًا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
  • 50 ألفًا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
  • ‎50 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
  • خطيب المسجد النبوي: الإخلاص مطلوب من العبد في جميع أمور الإيمان أصلًا وفروعًا
  • أهالي السنبلاوين يؤدون صلاة الغائب على روح غريق رأس البر
  • دعواتٌ لشدِ الرحال للأقصى لأداء صلاة الجمعة والرباط فيه
  • بث مباشر.. خطبة الجمعة من الحرمين الشريفين
  • هل صلاة الجمعة في الزوايا وترك المسجد الكبير حرام ؟.. المفتي يوضح
  • رزق واسع وقوة فى البدن ونعم لا حصر لها بذكر واحد .. تعرف عليه