تم إبرام الاتفاق وخرج حزب الله من المعركة وبقيت غزة على جبهتها بعقل النصر أو الشهادة.. هذه هي الحقيقة الماثلة صباح الأربعاء، السابع والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر 2024. ربما كان هذا منطلقها ووعيها بمعركتها منذ البداية، وما الجبهة الشمالية إلا نجدة لم تصل.
هل هي مناورة مؤقتة أم سلام دائم بين لبنان والكيان؟ لا يمكن لعاقل أن لا يتمنى السلم للبنان فقد دفع أثمانه منذ زمن، لكن لدينا علامة لا يمكن إغفالها مهما أغرقنا في التحليلات.
هناك حقيقة بارزة عندما رغب الغرب في فرض تهدئة على جبهة حرب أفلح في فرضها على العدو نفسه، والجانب الخفي في هذا هو أنه لا يرغب في فرض حل في غزة، بل يستطيب تدميرها بما يكشف الوجه الحقيقي لمعركة الطوفان والذي نغفله أحيانا أنها معركة ضد صانعي الكيان قبل أن تكون ضد الأداة الصهيونية.
طرد أفكار المزايدة
أكتب من مكان بعيد جدا عن جنوب لبنان ومن بيت لم تهدمه الطائرات، لذلك فإني أرى للمواطن اللبناني حقا في العودة إلى خرابته وترميمها لإخفاء رأسه من برد الخيام في شتاء جبل الشيخ. كما أني لا أشعر ببندقية في ظهري ولا أقدر معنى الخيانة وحجمها إذا جاءت من شريك الوطن، ولو كنت مخوِّنا لنظرت إلى عباس في المقاطعة وهو صاحب المعركة الذي خان فعلا.
لكن رغم ذلك فإن الاحتمالات الكامنة في هذا الاتفاق ستفتح على أسئلة كبيرة لن يجاب عليها بسرعة؛ مستقبل حزب الله في لبنان والمنطقة.
لقد كان الحزب منذ ظهوره وتكفله بالمقاومة عنصرا ثابتا وفاعلا مركزيا يدير الأحداث وتدور حوله، لكن ماذا سيفعل وقد حيل بينه وبين جبهته، ووضع البلد برمته تحت رقابة السفارة الأمريكية التي صابحت بالحديث عن مراقبة احتمال تسلل عناصر الحزب إلى داخل الجيش؟
ونقول بيقين من خبر الأمريكي أن قائمة ضباط الجيش ومنتسبيه فوق طاولة المخابرات في السفارة، بحيث لا يمكن تمويه وجود عنصر في فرقة في منطقة. ستبدأ عملية مطاردة الساحرات ولا جدوى من حديث سيادة لبنان، الاتفاق ضحى بسيادة الدولة قبل أن يحصي عناصر الحزب ويحدد مواقعهم. الجيش (علامة السيادة) ستديره السفارة، ويبدو أن دولة المفاوض اللبناني غير مشغول بأكثر من دولته الخاصة.
هل سينجح الحزب في ترميم ترسانته الخاصة والحفاظ عليها بعيدا عن رقابة الجيش الذي تراقبه السفارة؟ إن الطريقة التي تسلحت بها حماس في غزة تُبقي هذا الباب مفتوحا، لكنه سيكون مفتوحا أيضا أمام كل أعداء الحزب في الداخل وأصغر وشاية قد تجلب رزقا كثيرا، وقد يجد الحزب نفسه أو بما تبقى له يطارد الوشاة فيمهد لحرب أهلية.
الاتفاق أخرج الحزب من موقع حامي الدولة من عدو خارجي إلى موقع عدوها الداخلي الذي يرفضه الجميع ويحقرون تاريخه.
هل سيتجه إلى عمل سياسي مدني ويخضع للصندوق الانتخابي؟ لكن هل سيبقى له هامش الحديث باسم المقاومة فيترشح في جبهة مقاومة ضد جبهة قد تزايد عليه بشعار لبنان أولا؟ ستقفز إلى المشهد من جديد كل وحوش الطائفية، وسيجد نفسه حزبا لطائفة ليست هي الأوفر عددا في الصندوق، وسيدفّعونه ثمن مغامراته في سوريا التي جلبت على لبنان مليوني نازح سوري. الاتفاق جعل الحزب مشكلا لبنانيا مزمنا.
أما غزة فقد توكلت
نقرأ وثائقهم فنجد تدبيرهم أنهم كانوا ينوون الشر بغزة، لكن غزة تغدت بهم قبل أن يتعشوا بها. وهذا عنوان توكل عظيم لم ينو فيه الغزاوي الاعتماد على غير قلبه وسلاحه.
صباح الاتفاق وقبل الظهر دفعت غزة خمسين شهيدا وستواصل الدفع. نرى العدو يعيد التفرغ لغزة وبيده نصر على جبهة أغلقت، يزايد به في الداخل (على جمهوره) وعلى الجوار العربي المرعوب منه أو الذي يتصنع الخوف على غزة، والحقيقة أنه يخاف من غزة ويوكل أمرها للعدو ليتخلص من رعب انتصارها.
تعيد غزة صباح الاتفاق ترتيب أمرها على معركة تخوضها وحدها بعقل النصر أو الشهادة. السؤال عن الثمن نطرحه دوما من قبيل الشفقة لا التثبيط المتفشي في الإعلام المعادي لغزة. الثمن غال وموجع لكن جواب السؤال سؤال آخر: هل كانت غزة ستنجو من التدمير لو لم تخرج على العدو؟ إن معركة الطوفان مصير حتمي لأنها حرب تحرير لا بد من خوضها، ولأنها كذلك فإنها حلقة من سلسلة الجهاد/ النضال الفلسطيني منذ تأسيس الكيان. وهذه السلسلة متواصلة مهما كانت نتيجة حرب الطوفان، لقد حققت مكاسب لا يمكن الاستهانة بها أبدا.
نرى غزة تفكر وتتصرف بقدر مسؤوليتها في المرحلة، أن لا تسقط البندقية وأن يظل باب المقاومة مفتوحا أبدا. وجب أن نعود إلى السقف الذي حددته غزة ونخفف عنها ثقل أحلامنا الكسولة التي نرتبها من مكان آمن بعيدا عن القنابل الماحقة للنوع البشري.
لم تطرح غزة تحرير الوطن في هذه المعركة ودخول القدس محررة، لقد طرحت أمرا قدرت عليه بعد وهي لا تزال في معركتها وتحقق مكاسب، والعدو يخسر أمامها وسيخسر أكثر. وهنا أيضا سنعتمد على حمق العدو وغطرسته، إذ نراه يتجه إلى الضفة ليحولها إلى غزة ثانية متجاوزا كل وهْم السلطة الفلسطينية، بما يفتح عليه جبهة أكبر وأخطر، إذ يحرر إنسانها من سلطة منعته من حقه في المقاومة. نرى الضفة تتحول قريبا إلى غزة أكبر.
إن تدمير العدو في تدبيره، وقد دبر دوما سببا لبقاء البندقية الفلسطينية مرفوعة في وجهه، وقد قامت غزة بدورها كاملا ولا نراها إلا تجر العدو إلى المزيد من النزف. نتواضع لغزة كما فعلنا دوما، إن معركة التحرير مستمرة والبندقية الفلسطينية مرفوعة حتى الآن. ستتخلص غزة في الأثناء من المنّ عليها بسند تاجر بها ولم تختلف نتيجة دوره عمن أدان جهادها، لقد تطهرت غزة مرة أخرى من لعبة الشطرنج المنافقة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة لبنان المقاومة لبنان غزة المقاومة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة رياضة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة لا یمکن
إقرأ أيضاً:
أرتيتا في تهنئته إلى توتنهام: الألقاب وحدها لا تكفي
وجَّه ميكيل أرتيتا، مدرب آرسنال، التهنئة لغريمه في شمال لندن توتنهام هوتسبير على الفوز بلقب الدوري الأوروبي لكرة القدم، أمس الأربعاء، لكنه أصرَّ على أن فوز أي فريق باللقب لا يحدد مدى نجاح الموسم.
وسينهي فريق المدرب أرتيتا، الذي يحتل حاليًا المركز الثاني في الدوري الإنجليزي الممتاز خلف ليفربول البطل، الموسم من دون أي لقب، لكن توتنهام الذي كان موسمه المحلي باهتًا ويحتل المركز 17 في الدوري، أنهى الموسم بشكل رائع بفوزه بلقب أوروبي.
وقال أرتيتا للصحافيين، اليوم الخميس: «توتنهام بطل الدوري الأوروبي، وعندما يحقق فريق ذلك فإن الأمر يعني أنه قام بالكثير من الأمور بشكل صحيح، أعتقد أنه مر بموسم مليء بالعقبات والصعوبات، وفي النهاية كانت لديه لحظة جميلة».
لكن عندما سُئل في المؤتمر الصحافي عن أي الفريقين كان له موسم أفضل، تجنب أرتيتا المقارنة المباشرة بين توتنهام وفريقه.
بعد استبعاده من حسابات ريال مدريد.. نجم الدوري الألماني في يختار الانتقال إلى ليفربول لوكا مودريتش.. مسيرة أسطورية تُخلّد في تاريخ ريال مدريدوقال المدرب الإسباني الذي قاد آرسنال إلى قبل نهائي دوري أبطال أوروبا، قبل أن يخرج على يد باريس سان جيرمان في وقت سابق من هذا الشهر: «لا أحب المقارنة مع الفرق الأخرى أحتاج إلى تحليل فريقي، هذه وظيفتي».
وقال أرتيتا إنه لا ينبغي الحكم على الفريق فقط بناء على عدد الألقاب التي يحصل عليها في الموسم، مستشهدًا بحالة فريقه الذي لم يفز من قبل بدوري أبطال أوروبا، ولم يرفع كأس الدوري الإنجليزي الممتاز منذ 2003-2004.
وقال أرتيتا: «أين الفرحة إذن؟ لأنه إذا اضطررت لتحليل أنفسنا فإننا فشلنا في آخر 20 عامًا في الدوري الإنجليزي الممتاز، وفشلنا طوال تاريخنا في دوري أبطال أوروبا».
وأضاف: «من نحن إذن؟ أين نادينا وقيمتنا وأسلوب لعبنا؟ أين اللحظات التي عشناها مع جماهيرنا؟».
وقال أرتيتا إن آرسنال، الذي استقبل 33 هدفًا فقط في الدوري حتى الآن هذا الموسم أي أقل بسبعة أهداف عن ليفربول، لديه الحافز لإنهاء الموسم بأفضل سجل دفاعي في الدوري عندما يحل ضيفًا على ساوثهامبتون الهابط يوم الأحد المقبل في آخر مباراة بالموسم.
وأضاف: «نريد حصد أكبر عدد ممكن من النقاط. ونسعى أيضًا إلى تحقيق أفضل سجل دفاعي... وإنهاء الموسم في أفضل صورة».