بوابة الوفد:
2025-12-13@07:07:13 GMT

الأقباط فى ملاعب «كرة القدم»

تاريخ النشر: 30th, November 2024 GMT

د. إليزابيث شاكر: أنشطة الكنيسة ساحة لاستيعاب مواهب الأطفالد. رامى عطا: الفترة الحالية فى مصر هى الأنسب لترسيخ المواطنةد. سامح فوزى: استغلال قواعد ما بعد «30 يونيو» سيفتح باب المساواة وتكافؤ الفرص

قبل نحو عامين أطلقت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ممثلة فى أسقفية وسط القاهرة إعلانها عن نادى «عيون مصر» - تحت التأسيس- لكرة القدم، لخوض منافسات دورى الدرابعة، معلنة عن استعدادها لاستقبال لاعبين جدد.

لقاء ذلك، كشف القس جرجس شفيق مسئول نادى «عيون مصر» عن استراتيجية النادى الجديد، باعتزامه الانتشار فى كل قرى، ونجوع مصر، ومتابعة الفعاليات الرياضية، والدورات الرمضانية لاكتشاف الموهوبين، وفق رؤية رياضية واضحة.

بهذا الإعلان، ارتأى معنيون بالشأن القبطى أن النادى الجديد يعد امتدادًا، أو نتاجًا طبيعيًا لـ«دورى الكرازة» الذى تقيمه الكنيسة على مستوى إيبارشيات الجمهورية، فيما رأى فريق آخر، أن هذا النادى الذى أعلنت جهة كنسية امتلاكه يعد إشارة لشىء ما، إزاء تعثر اللاعبين الأقباط فى الالتحاق بالفرق الرياضية، والمشاركة فى بطولة الدورى الممتاز لكرة القدم.

كما أنه يعد تحركا كنسيا باتجاه تأسيس كيان يستوعب مواهب الأقباط فى كرة القدم، وينافس فى مساحة رياضية تتسع للجميع، مع الإبقاء على جدل حول الأثر المصاحب للانعزال، مقارنة بالفرص المتاحة لترسيخ المواطنة، والمساواة، وتكافؤ الفرص.

وخشى البعض من أن تكون الفكرة مولدة لانعزال قبطى عن المجال العام فى الرياضة المصرية، عكس اتجاه سائد فى مصر يقر المساواة، وتكافؤ الفرص خلال المرحلة الراهنة.

 

بداية الانعزال

وتحكى أستاذة علم الاجتماع هدى زكريا عن مصر «سعد زغلول» –عام 1923- حين أقبل الزعيم الوطنى على كتابة الدستور المسمى بالتاريخ ذاته، واقترح عليه زملاؤه 30 اسمًا للمشاركة فى جمعية تأسيسية آنذاك، فاختار 20 شخصًا مسلمًا، و7 مسيحيين، و3 يهود، كتشكيل معبر عن طبيعة المجتمع المصرى، ويعطى تقديرًا لقيمة المواطنة، من بين هؤلاء كان صديقه الرمز التاريخى المعروف «ويصا واصف».

بعدها، وحتى فترة الستينيات لم تصمد الوحدة الوطنية أمام موجات التفرقة المنبثقة عن خلل فى قاع المجتمع بفعل أشخاص يدركون خطورة استمرار البنيان المصرى الوطنى، وعلى حد قولها فإن دراسة حملت عنوان «مفهوم نحن عند المصريين» كشفت عن منابر بعيدة عن العين فى شمال سيناء، ونظيراتها من المناطق النائية يعتليها أشخاص بأسماء مصرية مسلمة، وهم يتبعون جهات استخباراتية أخرى تعبث بالانتماء الوطنى، وتعزز التطرف.

وإلى حينه تقلص مفهوم الضمير الجمعى فى مصر، وهو يعنى مجموعة القيم، والمعايير التى يتبناها المجتمع، ويتعامل على أساسها، كما أنها قائم على تجربة تاريخية طويلة فى الوحدة الوطنية، وحتى أتت فترة الرئيس الراحل «محمد أنور السادات»، وأفرج عن مجموعة أسهمت بشكل، أو بآخر فى إشعال المعارك الداخلية، ومنذ حينها يدفع المجتمع فاتورة اجتماعية باهظة الثمن.

ورأت أستاذة علم الاجتماع أن حديثًا عن انعزال الأقباط لمجرد إعلان تأسيس نادٍ رياضى لممارسة كرة القدم يعد تسطيحًا للقضية، لافتة إلى أنه منذ تصرف «السادات» مع البابا شنودة الراحل، وعزله إلى دير الأنبا بيشوى، تمدد شعور العزلة فى الوسط القبطى، وتحول الحس الوطنى إلى انغلاق داخل الكنيسة بعد تفكك كامل للضمير الجمعى فى مصر.

 

أنشطة الكنيسة.. محاولة للبقاء أم عزلة مفروضة؟

وقبل إعلان تأسيس «نادى عيون مصر» العام الماضى، وتوصيفه على أنه «خطوة لتعميق التمييز» فى المجتمع، نظمت أسقفية الشباب منذ عام 2002 «دورى الكرازة» على مستوى كنائس الجمهورية بمشاركة نحو 10 آلاف لاعب كرة قدم، وبإشراف كنسى كامل، وتنعقد المنافسة على 6 مراحل، ويتسلم الفائز من كل مرحلة كأس الكرازة، وميداليات من «البابا» فى احتفال يقام عقب المباراة النهائية.

 يبدأ دورى الكرازة حسب تصريحات سابقة لـ«أندرو رأفت» مسئول النشاط الرياضى بكنيسة العذراء بالزيتون فى شهر «يوليو» وينتهى فى «سبتمبر» من كل عام.

 هذا النشاط الكنسى وصفته «أستاذة علم الاجتماع» على أنه محاولة كنسية للبقاء فى مقابل ما اعتبره الأقباط الملاذ البديل، وينبثق عن ذلك تساؤل منطقى: «لماذا الآن تحديدًا لإعلان تأسيس ناد رياضى؟».

على حد قولها فإن لدينا فى الإعلام المصرى قنوات، وبرامج رياضية تتجاوز العدد 20، بين هذه البرامج التى تبث بانتظام، وانتشار لافت، هل هناك وجود، ومساحة للاعب قبطى يحكى تجربة انضمامه للأندية الشهيرة، أو منتخب مصر، أو يسلط الضوء على تجربة احترافية؟

وتستطرد «زكريا»: سقطت هويتنا الوطنية فى يد من لا يرحم منذ 50 عاما، أو يزيد، وكانت النتيجة الآلية.

والنتيجة لا يمكن اختزالها فى إنشاء ناد كنسى حسبما يوصفه البعض، وإنما هى استكمال لمسيرة رد الفعل السائد بعد تفكيك الضمير الجمعى المصرى.

تمثيل الأقباط فى كرة القدم

مقارنة بالواقع الرياضى منذ ثلاثينيات القرن الماضى، وحتى بداية الألفية الجديدة، فإن تراجعًا ملحوظًا فى تمثيل الأقباط بفرق كرة القدم المصرية، حيث لعب «رزق الله حنين» للنادى الأهلى، وكامل أندراوس للزمالك فى فترة الثلاثينيات.

 كما حظيت فترة الستينيات بوجود لاعبين مميزين فى أندية السكة الحديد، وغزل المحلة، والمصرى البورسعيدى، من بينهم: جرجس نجيب، رمزى برسوم، نخلة جرجس، وصليب، وفهمى رزق، ومنير جرجس.

وبزغ فى مطلع الثمانينيات نجم اللاعبين الشهيرين «محسن عبدالمسيح، وطارق فهيم» بنادى الإسماعيلى، و«أشرف يوسف» بنادى الزمالك، وفى نهايتها ظهر اللاعب هانى رمزى أصغر المشاركين فى كأس العالم عام 1990، وقائد خط دفاع النادى الأهلى، وصاحب التجربة الاحترافية الرائدة طوال فترة التسعينيات، وحتى مطلع الألفية.

ومؤخرًا يشارك اللاعبان «جرجس مجدى»، و«أمير عادل» فى صفوف ناديى «إنبى، ووادى دجلة»، ومع هذه المشاركة، ورغم رعاية إعلامية استثنائية للدورى المصرى، وبث لا ينقطع لـ«ستوديوهات تحليلية» طوال مبارياته، ولقاءات حصرية شبه يومية مع اللاعبين، لم يحظ اللاعبان بحضور فى لقاءات إعلامية داخل «ستوديوهات» البرامج المسائية، ولا لقاءات ما بعد المباريات.

لكن سؤالًا عالقًا يطرحه الناقد الرياضى «ياسر أيوب» بشأن مواهب الأقباط فى ملاعب كرة القدم يتبلور فى: هل من المعقول مشاركة 10 آلاف لاعب فى دورى الكرازة، ولا يظهر من بينهم «موهبة واحدة» فى أندية الدورى الممتاز، أو على الأقل تستوعب المئات منهم قطاعات الناشئين بالأندية الجماهيرية؟

 

إرث السبعينيات

بطرح دعوة البحث عن حلول واقعية على أرضية المواطنة، وتصدى منظمات المجتمع المدنى لممارسات التعصب، عبر خلق مناخ تنافسى يعتمد مبدأ «تكافؤ الفرص»، فإننا بحاجة إلى التخلص من إرث السبعينيات الذى يتبلور فى احتضان الكنيسة للأقباط خشية مواجهة التمييز الخارجى من جهة، والتطرف، والتمييز ضد المسيحيين من جهة أخرى-على حد قول الباحث سامح فوزى.

ورغم أن العلاقة بين مكونات المجتمع تغيرت فى الفترة الراهنة، لكننا لم نتغير، والمدربون الذين يرفضون اللاعبين على أساس دينى، أو طبقى لم يتغيروا، حسب وصفه.

الطرح ذاته ينسجم مع رؤية أستاذة علم الاجتماع «هدى زكريا» القائلة بأن إجراء مسح فى الأندية الشهيرة سيكشف عن حقيقة المعاناة، والتى أنتجت المعادلة «أنا أعانى من عنصرية، وهناك من أعطانى مكانًا».

لكن ذلك لا يعفى السياسة التعليمية، والإعلامية منذ فترة السبعينيات، والتى توجهت توجهًا دينيًا تقليديًا دفع للعزلة، والخوف من المجتمع، من تحمل مسئولية النتائج الكارثية التى تهدر مبدأ المساواة، والمواطنة فى الوقت الراهن على حد قولها.

أضافت الخبيرة الاجتماعية لـ«الوفد» أن الثقافة المجتمعية قبل هذه الحقبة كانت تستوعب فكرة التعددية، والتنوع، حتى بائع الجرجير كان يعقل جيدًا عبارة دارجة «موسى نبى، وعيسى نبى، ومحمد نبى، وكل من له نبى يصلى عليه»، والآن اختل الخيال التاريخى للمصريين، ولا زلنا نستغرق فى تحليل النتائج بعيدًا عن الأسباب.

 

«عيون مصر».. ما الأزمة بالضبط؟

بمحاذاة الإرث التاريخى، وتصنيفاته، وبعد جنوح الأقباط للانعزال فى أنشطة كنسية، ومحاولة «الأنبا رافائيل» أسقف وسط القاهرة، ورفاقه فى الإعلان عن تأسيس كيان يستوعب لاعبى كرة القدم المسيحيين، دعا الباحث فى شئون المواطنة د. سامح فوزى إلى التفرقة بين أمرين، أولهما: إنشاء هيئة، أو مؤسسة فى قلب المجتمع تتبع القيم الأساسية السائدة فى المجتمع، بما يعنى أن المسألة ليست فى ملكية المؤسسة، أو ديانة مؤسسها، وإنما بالقيم، والآليات التى تحكم المؤسسة.

والآخر -على حد قوله- يأتى فى الخبرة الحياتية، بما يعنى أن الكنيسة لديها مستشفيات، وجمعيات أهلية تلتزم بمبدأ المساواة فى تقديم الخدمة دون تمييز، أو تفرقة، وبالتالى الجهة المنشأة ليست هى القضية، وإنما القضية فى إنشاء مؤسسة تعبر عن لون واحد، وتندرج تحت مظلة الطائفية.

بإعلان «إدارة مدنية» لهذه المؤسسة «عيون مصر»، وإدراج لوائح لا تتضمن بندًا دينيًا، أو روحيًا، وإتاحته للمصريين دون تمييز، فإن ذلك يعد تجاوزًا للجدل، والأزمة – على حد تعبيره.

الباحث فى شئون المواطنة تخوف من تعميق «الانعزالية» حال الإبقاء على نادى عيون مصر كحاضنة للمسيحيين فقط، لكنه فى الوقت ذاته أعرب عن أمنيته فى تقديمه كهدية للمجتمع المدنى.

لا مانع من إلغائه بشرط!

من زاوية مختلفة فضل د. رامى عطا، الباحث فى الشأن القبطى، ورئيس قسم الصحافة بكلية الإعلام -الشروق- تغليب المصلحة العامة، وإعلاء شأن التعددية بإلغاء فكرة انطلاق نادى «عيون مصر» خشية تصاعد وتيرة التمييز، والطائفية، واستطرد قائلًا: «لا بد أن نضع فى الاعتبار أن طموح اللاعبين سينخفض، واللاعب المسيحى سيستسهل الأمر، ويكف عن المحاولة، داعيًا إلى وقف التوريث فى الأندية المصرية، والبحث عن الكفاءات».

ورغم التقاء رفض الباحثين فى شئون المواطنة لفكرة الانعزال، مع دعوة مؤسسات الدولة لفتح الأبواب، والمناخ العام، وتجاوز فكرة الانعزال، فإن الباحث «رامى عطا» تجاوز رفض الفكرة إلى رفض مطلق لوضع الأقباط فى اختبار نفسى صعب يتجلى فى وضعهم بين تأسيس نادى يحتويهم، وأندية رياضية ترفض قبولهم، ومنحهم الفرصة على معيار الكفاءة.

ويصف «رامى عطا» الأنشطة الكنسية المتعلقة بكرة القدم، أو مسابقات المواهب، بأنها تجرى فى إطار عام، ويلجأ لها الأهالى نظير قيمة الاشتراك المخفضة، لافتًا إلى أنها ليست إشكالية إذا أدرجت ضمن أنشطة وزارة الشباب، وفتحت أمام الشباب أنشطة أخرى على نطاق أوسع، مع تعزيز الشعور بالطمأنينة، وترك الكنيسة للجانب الروحى فقط.

بينما اعتبرت النائبة د. إليزابيث شاكر عضو مجلس النواب السابق أنشطة الكنيسة بأنها ساحة لاستيعاب مواهب الأطفال، وتفريغ لطاقة الشباب، مؤكدة أن «دورى الكرازة» يجرى داخليًا لأن المشتركين لم يصلوا بعد لدرجة الاحتراف، وهو تدريب عملى على المنافسة، بإمكانية المؤسسات استيعاب المشاركين فى دورى المدارس.

 

من هنا تبدأ المساواة

بنظرة أفقية، وبالتوازى مع أطروحات الباحثين فى شئون المواطنة، وأساتذة الاجتماع فإن القضية لا تكمن فى إلغاء «نادى عيون» مصر، أو مراجعة الفكرة فحسب، وإنما ثمة حلول مستمدة من تاريخ المساواة، والمواطنة عبر الأجيال فى المجتمع المصرى.

ونحو ذلك استشهدت أستاذة علم الاجتماع «د. هدى زكريا» بفروق بين الأجيال حين كان التعليم المصرى يستهدف تعزيز القيم الوطنية، لافتة إلى أن مدرس اللغة العربية فى جيلها كان حريصًا على شرح كلمة «قبطى» داخل الفصل، والتأكيد على معناها الواضح «مصرى»، بما يعنى أنها تجمع المسلم، والمسيحى، بينما فى أجيال جديدة استأثر بها المسيحيون نظير تغول تيار متطرف ينسلخ من هويته المصرية، مما أحدث فجوة تاريخية عميقة فى المفاهيم الوطنية.

فى مواجهة ذلك –على حد قولها- لا يمكن التركيز على مهاجمة الكنيسة، والنادى المستحدث، فالكنيسة حسب رؤيتها لديها مدارس الأحد، ولديها مدارس خاصة تجمع المسلمين، والمسيحيين، داعية إلى التحرك باتجاه الضمير الوطنى الذى يعمق فرص المساواة.

على الصعيد ذاته أعرب الباحث فى شئون المواطنة «د. سامح فوزى» عن أمله فى فتح المجال العام، واستغلال قواعد مرحلة ما بعد 30 يونيو التى تحرص على تعزيز الهوية المصرية، والمساواة على أساس الكفاءة، داعيًا الأندية الشهيرة إلى تبنى مقترح عقد اختبارات قطاعات الناشئين على أكثر من مرحلة للتأكد من مصداقية الاختيار، ولعدم وضع القرار فى يد شخص واحد.

أضاف «فوزى» لـ«الوفد» أن غياب القانون الحاكم لمدربى الأندية فى هذا القطاع، جعل السلوك، والمزاج الشخصى محددًا لفرص الموهوبين بغض النظر عن الكفاءة.

بدورها طالبت الخبيرة الاجتماعية «إنشاد عزالدين» -أستاذ علم الاجتماع العائلى- جامعة المنوفية اتحاد كرة القدم بمحاسبة المتجاوزين عبر وضع لوائح تمنع التمييز، وتعطى فرص الناشئين على أساس الكفاءة.

 

علاج الأزمة

ولم يخف د. رامى عطا رغبته فى فتح المجال العام أمام الجميع، لتقليل الأنشطة الكنسية إذا كان ثمة تخوف من تعميقها للانعزالية المجتمعية، لافتًا إلى أن ذلك يستلزم تعزيز الشعور بالأمان، والطمأنينة، وإتاحة فرص أفضل على كافة المستويات «الرياضية، والتعليمية، وغيرها» بأسعار مقبولة، دون أن تشكل عبئًا إضافيًا على الأسرة المصرية.

وأضاف لـ«الوفد» أن الفترة الحالية هى الأنسب لترسيخ المواطنة، والمساواة، والاستفادة من كل المواهب، والمبدعين فى مختلف المجالات، دون النظر إلى خانة الديانة، لافتًا إلى أن الدولة بعد 30 يونيو، تتخذ خطوات جادة نحو ذلك، ويدلل على ذلك خطاب المساواة الذى يتبناه رئيس الجمهورية، بما يتضمنه من إعلاء قيمة الهوية المصرية.

لكن «د. هدى زكريا» أستاذ علم الاجتماع السياسى وصفت العلاج بـ«الصعب»، لأن تناول الأمور بشكل سطحى يعمق من الأزمة، ولا يأتى بجديد –على حد وصفها-.

على الأقل من وجهة نظرها لا بد من دراسة الهوية الوطنية لمدة عام، ويستغرق ذلك ضرورة العمل على تغيير المناهج التعليمية، التاريخ، والتربية الوطنية، والبحث فى السؤال الصعب، من سيكتب هذه المناهج.

أستاذة علم الاجتماع السياسى التى أدهشها استنكار تأسيس نادٍ رياضى تابع للكنيسة فى الوقت الراهن، قالت: إن اتخاذ هذه الخطوات يعد دفعًا باتجاه العودة إلى الضمير الجمعى الوطنى، وإعادة تصحيح مفهوم «نحن».

 وأضافت لـ«الوفد» أن روشتة العلاج يجب أن تتضمن إعادة الخطاب الإعلامى المصرى الذى يتعرض لمثل هذه القضايا إلى العمق، لأن هذه الحلول لن تأتى على سبيل المفاجأة، وإنما ستنتج عن حركة ثقافية شاملة، واجتماعات جادة وموسعة لإعداد أجيال تؤمن بـ«الهوية الوطنية».

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الكنيسة القبطية الأرثوذكسية عيون مصر أستاذة علم الاجتماع الأقباط فى الباحث فى هدى زکریا کرة القدم لـ الوفد عیون مصر فى مصر إلى أن

إقرأ أيضاً:

بين تضحيات الرياضة وركام الحرب.. المنتخب السوري يلمع عربيا في ذكرى الثورة

بعد سنوات من النزاع والدمار، تبدو الرياضة السورية اليوم أمام محطة مفصلية ومحاولة "إعادة بعث" ملاعب وصالات، ترميم ما تهدم، وإعادة جذب الشباب إلى الحلبات، خطوة أذن بها نحاج المنتخب السوري في بطولة كأس العرب المقامة بقطر خلال الفترة من الأول من كانون الأول / ديسمبر حتى يوم 18 من الشهر ذاته.

وقدم منتخب سوريا الذي كان بعيدا عن الترشيحات في ظل تواجده مع منتخبي قطر المضيف وتونس، أداء كبيرا وصعد لدور الثمانية بالتزامن مع احتفالات الشعب السوري بالذكري الاولي لانتصار الثورة السورية، ليفتح الباب أمام الحديث عن انقاذ الرياضة السورية بعد سنوات من الإهمال والانهيار، تحولت الملاعب خلالها إلى ثكنات عسكرية أو انهارت بشكل كامل.

ويواجه المنتخب السوري نظيره المغربي على أرض استاد خليفة الدولي ضمن ربع نهائي كأس العرب 2025، حيث تتجه الأنظار إلى حضور الجماهير السورية التي أثبتت خلال البطولة شغفا استثنائيا ورغبة عميقة في الفرح بعد سنوات طويلة من الانتظار.

????????عمر خريبين ????️:

"المغرب يعد نموذجاً يحتدى به، وينافس أقوى المنتخبات في العالم، سواءاً انتصرنا أو خسرنا... تحيا سوريا ويحيا المغرب". pic.twitter.com/1bwVJJlXqe — كأس العرب FIFA ™ (@_90TM) December 10, 2025
فقد تحولت مباريات المنتخب إلى مساحة جامعة للسوريين في الداخل والخارج، حيث لم تعد المتابعة مقتصرة على المدرجات، بل امتدت إلى المقاهي والشوارع والبلدات، لتصبح كرة القدم نافذة للتعبير عن الانتماء والأمل وتعزيز الروابط الاجتماعية.

وفي ظل الفوارق الفنية بين المنتخبين، يراهن السوريون على إرادة لاعبيهم وتصاعد مستواهم تحت قيادة المدرب خوسيه لانا، آملين في تحقيق مفاجأة جديدة تقودهم إلى نصف النهائي. ويجمع المراقبون على أن الجمهور سيكون غدًا اللاعب رقم 12 بكل ما يحمله من حماس وهتاف ودعم، ما قد يمنح المنتخب دفعة إضافية في مواجهة “أسود الأطلس”، الذين تصدروا مجموعتهم ويُنظر إليهم كأحد أبرز المرشحين للقب.

ثقافة القتال من أجل وطن يبحث عن لحظة فرح… وعن انتصار في أي ميدان.

المنتخب السوري… قصة مختلفة تمامًا لكنها جميلة .
لا ملاعب… لا تجنيس… لا مال… لا دعم…

ومع ذلك يثبت في كل مرة أنه الأفضل… انه يمتلم روح وعزيمة واصرار وقلب أكبر من كل الظروف pic.twitter.com/Sw4LGOTMoF — Talha Ahmad - طلحة أحمد (@TalhaAhmad81) December 4, 2025
أول وزارة في تاريخ سوريا

ولأول مرة في تاريخ سوريا أعلنت الرئيس السوري تأسيس وزارة الرياضة والشباب في 29 آذار/ مارس 2025، لتأخذ مكان الاتحاد الرياضي العام، في مسعى لإعادة هيكلة القطاع الرياضي وتنظيفه من آثار الإهمال الطويل.

لكن الصورة أمام هذه الوزارة شديدة الصعوبة: ملاعب تحولت إلى ثكنات أو مواقع حرب، بنى تحتية مدمرة، نقص كبير في الكوادر، وغموض في التمويل، رغم ذلك، بدأت خطوات على الأرض ترمي لإعادة الحياة، ولو ببطء، إلا أن الشرع أكد خلال تهنئة للاعبي المنتخب المشارك في بطولة كأس العرب أنه يتبني تطوير البني التحتية للرياضية.

ملاعب عاجزة عن مواكبة الحلم

بين الملاعب التي كانت تعج بالجماهير والأحداث، وبين الواقع الحالي، مسافة كبيرة من الدمار والخراب، وأبرز الأمثلة هو ملعب العباسيين في دمشق إذ تحول خلال الحرب إلى ثكنة عسكرية، ثم منشأة مهجورة. اليوم أرضيته غير صالحة لأي نشاط رياضي، والمرافق مدمرة بالكامل.

ولا يختلف مصير ملعب حلب الدولي كثيراً، فهذا الصرح الرياضي، الأكبر في البلاد قبل الحرب، اعتبر على مدى سنوات "ممنوع الدخول" بعدما أصبح مقرا عسكريا بقايا القناصات، السواتر الرملية، حتى مخلفات القذائف كلها تشهد على ما صار إليه من خراب.

عندي أمل كبير جدا أن هذا الملعب المهمل الواقع وسط العاصمة السورية دمشق "ملعب العباسين" سوف يصبح أيقونة الملاعب السورية عما قريب بأيدي سورية وأتمنى أن يكون بمساهمة المغتربين السوريين بمالهم وأفكارهم وإن حصل ما أتمنى سأكون أول المساهمين بذلك إن لم يكن هناك قرار بهدمه .#دمشق #سورية pic.twitter.com/vXuQYPhfQf — فؤاد بن محمد النادر (@fouad_alnader) January 17, 2023
وكشفت التقديرات الرسمية من داخل الوزارة أن أكثر من 70 بالمئة من المنشآت الرياضية "ملاعب وصالات" تعرضت لتدمير كلي أو جزئي خلال العقد الماضي.


انعاشات أولية: يريدون أن يعيدوا نبض الملاعب

رغم كل هذا الدمار، تبرز اليوم إشارات على أن هناك من يريد أن يسكب الأمل في الركام، وزارة الرياضة والشباب أعلنت خطة شاملة لإعادة تأهيل البنية التحتية الرياضية في سوريا، بالتعاون مع شركات محلية بالإضافة على عدة اتفاقات دولية

كما أعلنت الوزارة عن تعاون مع دول عربية أبرزها دولة قطر من خلال لجنة سورية - قطرية، لتمويل ترميم خمسة ملاعب وصالتين رياضيتين موزعة بين المحافظات، كما تم الاتفاق مع وزارة الشباب والريا ضة التركية للتعاون في تطوير المنظومة.

وفي حلب مثلاً، جرى توقيع عقود مع شركات بناء لصيانة بعض المنشآت الرياضية، ضمن خطة محلية تستهدف إعادة فتح الصالات وتسيير أنشطة رياضية تدريجية.

لحظات الفرحة التاريخية بين سوريا وفلسطين بعد التأهل الى الدور ربع النهائي :???????????????????? pic.twitter.com/6yGdpMYMYa — كأس العرب FIFA ™ (@_90TM) December 7, 2025

لكن هذه الجهود رغم أهميتها لا تزال أولية، وتستهدف في الغالب "تصليحات أساسية" لا "نهضة شاملة" الأمر يتطلب الكثير من الموارد، وقت، وخطة تنظيمية واضحة.

التحديات أكثر من مجرد بنى تحتية

ما لا يرى بسهولة لكنه لا يقل أهمية عن نقص الكوادر الفنية والإدارية فآلاف المدربين، حكام، إداريين، فنيين فروا أو غادروا أثناء سنوات الحرب، العودة إلى ملاعب آمنة لا تكفي إن لم تتبعها كفاءات قادرة على إدارة الأندية، تنظيم البطولات، صيانة الملاعب، وإعادة تأهيل أجيال.

من جهة ثانية، التمويل يبقى أقسى العوائق، حيث أن الاقتصاد يئن، الدولة لا تملك في كثير من الأحيان أبسط الموارد للصيانة، فما بالك بإعادة بناء ملاعب من الصفر، الشراكات الأجنبية (عربية أو خليجية) ممكنة لكنها تعتمد على الاستقرار السياسي وضمانات، بالإضافة إلى عقوبات تسعي الحكومة إلى التخلص منها حيث حرم القطاع من دخول أدوات الصيانة والمعدات والخامات لسنوات ومازالت.

بعد وصله إلى #حمص.. تصريح للاعب نادي الكرامة جهاد الحسين#فيديو pic.twitter.com/GVEtWTcSz1 — سوريا الآن - أخبار (@AJSyriaNowN) December 20, 2024
وعانت المنتخب السوري خلال سنوات الحرب بسبب العقوبات حيث حرم من استضافة مباريات على أرضه واللعب على ملاعب محايدة حرم من الدعم المادي من حضور الجمهور وكذلك الدعم المعنوي، كما حرم من استخراج تأشيرات لبعض البلدان وغيرها من الإجراءات؟

كما يعني القطاع الرياضي مما خلفته الحرب من فساد، استخدام الرياضيين كأدوات سياسية، وضعف إدارة الأندية كلها عوامل تركت أثراً كبيراً في الثقة: سواء من اللاعبين، الإداريين، أو الجمهور. إعادة هذه الثقة مهمة بقدر إعادة البنى.


خسائر في الأروح
في تقرير لمنظمات حقوقية، تم توثيق مقتل 264 رياضياً على الأقل، بينهم أطفال، جراء أعمال العنف، القصف، التعذيب أو الإعدام خارج القانون، خلال سنوات الحرب السورية.

وأشارت التقارير كذلك إلى إصابة نحو 117 رياضياً، واعتقال 478 رياضياً بينهم أطفال ونساء. ولا تزال 186 حالة منهم في عداد المختفين قسرياً.

لا يمكن ان تزور درعا وان لا تقرأ الفاتحة على روح الشهيد الاول في الثورة السورية محمود الجوابرة وحسام عياش، بدمهم الطاهر انطلقت الثورة واستمر نهر الدماء الطاهر حتى تحقق النصر باذن الله
اخو الشهيد الجوابرة ووالدته يشرحان اللحظة الاولى لاستشهاد محمود وكيف حول دمه سورية إلى بركان… pic.twitter.com/iz39YXaDCO — Radwan Ziadeh رضوان زيادة (@radwanziadeh) January 25, 2025
هذه الأرقام، رغم صدمتها، لا تعبر بشكل كامل عن عمق الأزمة: فبعض الضحايا لم تعرف هويتهم بدقة، وآلاف آخرين هجروا أو ابتعدوا عن الساحة الرياضية خوفاً على حياتهم، ما يعني أن الفقدان فعلياً أكبر مما يوثق.

بين الضحايا أسماء معروفة، كان لها حضور على المستطيل الأخضر أو في ألعاب فردية متعددة اللاعب محمود الجوابرة لاعب نادي الشعلة والذي سجل كأول شهيد في الرياضة السورية في عام 2011.

ترك الملاعب واتجه إلى الساحات، هتف للحرية وقاتل من أجلها، رحل.. لكن صوته بقي حياً،
في هذا المقطع نحاكي بالذكاء الصناعي لحظات من سيرة حياة عبد الباسط #الساروت.

من إنتاج TRT عربي.. #نرويها كما لم تُروَ من قبل pic.twitter.com/WKUcJSvneO — TRT عربي (@TRTArabi) December 10, 2025
ويوسف سليمان مهاجم سوري شاب من مدينة حمص، استشهد في 20 شباط / فبراير 2013 نتيجة سقوط قذيفة على الفندق الذي كان يقيم فيه مع فريقه في دمشق، بينما كانوا يستعدون للعب مباراة في الدوري.

كما استشهد مدافع المنتخب السوري جهاد قصاب ولعب لعدد من الأندية السورية والمعروفة خارجيا اعتقل عام 2014 في حمص، واستشهد في 30 أيلول/ سبتمبر 2016 في سجن صيدنايا تحت التعذيب.

ماذا يعني هذا لسوريا؟
إعادة تشغيل الرياضة في سوريا ليست رفاهية، في ظل سنوات من العنف، النزوح، الألم، والانقسام الرياضة يمكن أن تكون عنصر إعادة ترميم اجتماعي، فتعد فضاء للشباب، متنفس بعد سنوات من القسوة، فرصة للقاء، منافسة، حياة.

إن نجحت الوزارة فيما بدأت به "التأهيل، الشراكات، إعادة الهيكلة" فستعيد جزءاً من الهوية السورية التي تهشمت مع الحرب، ملاعب نظيفة، صالات مفتوحة، أندية تنشط، شباب يتدرب "كلها إشارات على أن سوريا تحاول أن تخلق (روتينا) جديدا، قريب من الحياة، بعد سنوات من الفوضى.

مقالات مشابهة

  • أجانب في ملاعب كأس العرب: منبهرون بقطر ومتضامنون مع فلسطين
  • أوقاف الوادي الجديد تنظم ندوة توعوية بعنوان مفهوم المواطنة والإنتماء للوطن
  • بين تضحيات الرياضة وركام الحرب.. المنتخب السوري يلمع عربيا في ذكرى الثورة
  • البابا تواضروس: الكنيسة ليست للصلاة فقط بل لإيجاد المواطن الصالح
  • البابا تواضروس يهنئ الأقباط ببدء شهر كيهك
  • فنلندا: مراهق يعترف بإشعال حريق دمّر مدرجًا في أحد أشهر ملاعب كرة القدم في البلاد
  • الكنيسة الأرثوذكسية تُحدد خطوات تسجيل حضور قداس عيد الميلاد المجيد 2026
  • جلسة حوارية تناقش المواطنة الرقمية وتحديات التفاعل في المنصات الاجتماعية
  • مطران الكنيسة اللاتينية يشارك في الحفل الختامي بالقنصلية الإيطالية بالإسكندرية
  • بوجبا من ملاعب كرة القدم إلى ميادين الهجن