في تحول مفاجئ للأحداث الميدانية في شمال سوريا، نجحت فصائل مسلحة، على رأسها "هيئة تحرير الشام"، في السيطرة على مناطق واسعة من محافظة حلب وريف إدلب، بما في ذلك مطار حلب الدولي، أحد أبرز المنشآت الجوية في البلاد، تأتي هذه التطورات في وقت حساس، لتضيف بعدًا جديدًا في مسار الحرب السورية المستمرة منذ أكثر من 13 عامًا.


التطورات العسكرية في سوريا

أعلنت الفصائل المسلحة سيطرتها على مطار حلب الدولي، في خطوة مفاجئة تمثل تغييرًا جوهريًا في الواقع العسكري في شمال سوريا.

وبحسب المتحدث باسم "التحالف العسكري المعارض في سوريا"، حسن عبدالغني، فإن قوات المعارضة تمكنت من السيطرة على المطار الذي يقع شرق المدينة مباشرة، إضافة إلى العديد من القرى والبلدات في ريف إدلب وحماة.

وقد تم الإعلان عن السيطرة على أكثر من 25 قرية وبلدة في منطقة تمتد على نحو 400 كيلومتر مربع، ما يوسع نطاق العمليات العسكرية بشكل ملحوظ.

أهمية مطار حلب الدولي

ويعد مطار حلب الدولي، الذي يبعد نحو 10 كيلومترات عن وسط مدينة حلب، ثاني أكبر مطار في سوريا بعد مطار دمشق الدولي.

فقد تأسس المطار في خمسينيات القرن الماضي، وكان في وقتٍ ما واحدًا من أهم مراكز النقل الجوي في سوريا، ومع توسعاته الحديثة قبل اندلاع الحرب، كان يُعتبر بوابة اقتصادية وتجارية رئيسية للمدينة، التي تُعد العاصمة الاقتصادية لسوريا.

وقد امتد تأثير المطار ليشمل ربط حلب مع العديد من الوجهات الداخلية والدولية، مما جعل السيطرة عليه في غاية الأهمية من الناحية العسكرية والاقتصادية.

الآثار العسكرية للسيطرة على المطار

ويمثل الاستيلاء على مطار حلب الدولي تطورًا عسكريًا بالغ الأهمية في سياق الحرب السورية، فهو يفتح أمام الفصائل المسلحة مجالًا أوسع للتحرك في شمال البلاد.

كما يتضمن هذا السيطرة على خطوط الإمداد الرئيسية التي كانت تحت سيطرة النظام السوري، ما يعزز قدرة الفصائل على تنفيذ عمليات هجومية في مناطق أخرى، بالإضافة إلى ذلك فإن السيطرة على المطار تسهم في قطع الطريق أمام القوات الحكومية، ما يضفي صعوبة إضافية على استعادة النظام السوري للمناطق التي فقدها في حلب وإدلب.

التأثيرات السياسية

والتحولات العسكرية في حلب قد يكون لها تداعيات سياسية واسعة النطاق على المشهد السوري، حيث تمثل هذه السيطرة رسالة قوية عن تنامي قدرة الفصائل المسلحة على تغيير موازين القوة في البلاد.

كما أن هذا التطور يضع المزيد من الضغط على النظام السوري وحلفائه، ما يعزز من تعقيد المفاوضات السياسية حول مستقبل سوريا.

ومع سيطرة "هيئة تحرير الشام" على المطار ونجاحها في توسيع نطاق نفوذها في مناطق أخرى مثل ريف حماة، من المرجح أن تشهد الفترة القادمة تصعيدًا في العمليات العسكرية وتغييرًا في خريطة السيطرة السورية.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: استعادة النظام إستعادة الإعلان الاقتصادية التحالف العسكري التطورات العسكرية التطورات الحرب السورية الداخلي الحرب السيطرة على السيطرة الفترة القادمة العمليات العسكرية الفصائل المسلحة

إقرأ أيضاً:

موجة جديدة من الانقلابات العسكرية بأفريقيا تحت مجهر مؤتمر الجزيرة للدراسات

الدوحة- في ظل مشهد أفريقي يتقاطع فيه تصاعد الانقلابات العسكرية مع تراجع المسارات الديمقراطية وتنامي التهديدات الأمنية، عقد مركز الجزيرة للدراسات اليوم السبت جلسة نقاشية بعنوان "الحكومات العسكرية والتهديدات الأمنية وتنافس الإستراتيجيات الإقليمية"، ضمن مؤتمر "أفريقيا وتحديات الأمن والسيادة في ظل التحولات الجيوسياسية الراهنة"، الذي انطلقت أعماله صباح اليوم السبت وتستمر يومين.

وحذر الباحثون والأكاديميون المشاركون في الجلسة من أن القارة الأفريقية تشهد منذ عام 2020 موجة جديدة من الانقلابات التي تتميز بالقبول الشعبي المتزايد، مدفوعة بالفساد والتلاعب بالدساتير وفشل الحكومات المدنية في إدارة الأزمات، إضافة إلى ما أسموه "البيئة التمكينية" المتمثلة في عدوى الانقلابات والمشاعر المناهضة للقوى الأجنبية، لا سيما فرنسا.

كما رأوا أن الديمقراطية الأفريقية لم تتجذر رغم التعددية الشكلية، بسبب تحكم الأنظمة في المسار الانتخابي واستفحال الفساد والاضطرابات الأمنية، محذرين من أن استمرار هذه الأوضاع قد يبدد فرص استثمار التنافس الدولي على موارد القارة في تحقيق نهضة اقتصادية وتنموية.

وبحث المتحدثون في الجلسة أيضا أنماط الجماعات المسلحة في أفريقيا، من الجهادية والانفصالية إلى الإثنية وعصابات الجريمة المنظمة، وأهمية المزج بين المقاربات الأمنية والتنموية وربطها بالسياقات المحلية لضمان الفاعلية.

الكاتب والإعلامي الموريتاني محفوظ السالك شارك في جلسات مؤتمر أفريقيا وتحديات الأمن والسيادة عبر منصة "زووم" (الجزيرة)موجة جديدة من الانقلابات العسكرية

وتطرح الموجة الأخيرة من الانقلابات العسكرية في أفريقيا سؤالا عميقا حول أسباب تكرارها واتساع رقعتها، لا سيما في غرب القارة ومنطقة الساحل، وسط قبول شعبي ملحوظ في بعض الدول، مما يميزها عن الموجات السابقة.

إعلان

ولذلك يوضح الباحث النيجيري حكيم ألادي نجم الدين أن العوامل المفسرة لهذه الظاهرة تنقسم إلى 3 مجموعات:

عوامل أساسية محلية تشمل الفساد والمحسوبية، والتلاعب بالدساتير، وتمديد الفترات الرئاسية، وضعف الأداء الاقتصادي، وغياب استقلالية المؤسسات التشريعية والقضائية. عوامل محفِّزة مثل انعدام الأمن، وهشاشة الدولة، والتاريخ الطويل للحكم العسكري، إلى جانب استياء المواطنين من فشل الحكومات المدنية في تقديم الخدمات. بيئة تمكينية تتمثل في تأثير "عدوى الانقلابات"، وتنامي المشاعر المناهضة لفرنسا، وانهيار الشراكات الأمنية التقليدية، وفشل العقوبات الإقليمية في ردع من يعبث بالدساتير أو ينقلب على الشرعية.

وأشار نجم الدين إلى وجود منظورين رئيسيين لتحليل هذه الظاهرة:

الأول يرى الانقلابات انعكاسا لـ"أزمة الدولة". الثاني يعتبرها شكلا من "السيادة الجديدة" في مواجهة الهيمنة الخارجية. الباحث النيجيري حكيم ألادي نجم الدين ناقش في ورقته مستقبل الديمقراطيات في أفريقيا (الجزيرة)الديمقراطية بين الانفتاح السياسي وإجهاض التجربة

ويكشف واقع الديمقراطية في أفريقيا عن فجوة بين الشكل التعددي وصورة الانتخابات، وبين المضمون والمؤسسية الحقيقية، حيث لم تثمر موجة الانفتاح السياسي منذ التسعينيات عن ديمقراطية راسخة في معظم بلدان القارة.

وهذا ما استعرضه الإعلامي الموريتاني محفوظ السالك في ورقته التي قدمها تحت عنوان "مستقبل الديمقراطيات في أفريقيا"، موضحا أن كثيرا من الدول انتقلت من حقبة الحزب الواحد إلى التعددية، لكن الأنظمة الحاكمة ظلت تتحكم في المسار الانتخابي، مما أدى إلى إبقاء رؤساء في السلطة عقودا طويلة.

كما أشار السالك إلى أن الانقلابات العسكرية، واستشراء الفساد، وضعف الحوكمة، وانتشار الإرهاب والنزاعات المسلحة، كلها عوامل قوّضت المسار الديمقراطي. موضحا أن أفريقيا تخسر سنويا ما لا يقل عن 120 مليار دولار بسبب الفساد، وأن نحو نصف النزاعات المسلحة في العالم العام الماضي وقعت في القارة.

وأكد الإعلامي الموريتاني أن القارة تمتلك فرصا إذا أحسنت استثمارها يمكنها منافسة القوى الدولية عليها، عبر تنويع الشركاء واستغلال مواردها، شريطة وجود مؤسسات قوية، وأن تتصف بالشفافية، وتكون هناك سيادة حقيقية على المقدرات.

الأكاديمي المغربي إسماعيل حمودي قال إن المقاربات الأمنية تحقق مكاسب مؤقتة لكنها تتجاهل جذور الصراع (الجزيرة)مكافحة الجماعات المسلحة

وتتوزع الجماعات المسلحة في أفريقيا على أنماط مختلفة، مما يجعل إستراتيجيات مكافحتها معقدة ومتعددة الأبعاد، تتراوح بين الحلول الأمنية البحتة والمقاربات التنموية الشاملة، حسب ما شرحه أستاذ العلوم السياسية بجامعة سيدي محمد عبد الله في المغرب إسماعيل حمودي، في ورقة بعنوان "إستراتيجيات مكافحة الجماعات المسلحة".

حيث صنّف حمودي هذه الجماعات إلى 4 أنماط: جهادية، وانفصالية، وإثنية، وجماعات الجريمة المنظمة. موضحا أن المقاربات الأمنية تعتمد على العمليات العسكرية، والتدخلات الدولية، وبرامج نزع السلاح ومكافحة التمويل.

وأضاف الأكاديمي المغربي أن هذ المقاربات غالبا ما تحقق مكاسب مؤقتة وتتجاهل جذور الصراع، بل قد تؤدي الانتهاكات الأمنية إلى إطالة أمد الأزمة.

إعلان

وفي ما يتعلق بالمقاربات التنموية، فقد قال حمودي إنها تركز على الاستثمار في التعليم والصحة والبنية التحتية، وتفعيل آليات الإنذار المبكر، والتحالفات الإقليمية. ورغم ذلك فإنه استدرك بأنها تواجه عقبات من ضعف الدولة، والفساد، واستمرار النزاع.

وشدد أستاذ العلوم السياسية على أن الحلول الفعّالة يجب أن تنطلق من السياقات المحلية، وأن تتحمل النخب الأفريقية مسؤولية صياغتها وتنفيذها.

إحدى جلسات مؤتمر أفريقيا وتحديات الأمن والسيادة الذي ينظمه مركز الجزيرة للدراسات (الجزيرة)التحديات والفرص أمام أفريقيا

وتكشف محاور هذه الجلسة صورة متشابكة لأوضاع القارة، حيث تتقاطع فيها الأزمات السياسية والأمنية مع اختلالات اقتصادية وهيكلية مزمنة. فمن منظور حكيم ألادي نجم الدين فإن أي معالجة جادة لظاهرة الانقلابات تستلزم إصلاحا عميقا في بنية الدولة ومؤسساتها.

لكن محفوظ السالك يرى أن بناء ديمقراطية حقيقية هو المدخل الأساسي لتحويل التنافس الدولي إلى فرصة تنموية، لا أداة لاستدامة النخب الحاكمة.

ويضيف إسماعيل حمودي أن مكافحة العنف المسلح تحتاج إلى رؤية متكاملة تعالج المظالم الاجتماعية وتربط الأمن بالتنمية.

ورغم حدة التحديات، يتفق المتحدثون على أن القارة ما تزال تمتلك عوامل قوة إستراتيجية، مثل: موارد طبيعية هائلة، وموقع جغرافي مؤثر، وكتلة سكانية شابة يمكن أن تقود النهضة إذا ما توفرت الإرادة السياسية، والإدارة الرشيدة، والتعاون الإقليمي الفعّال.

يذكر أن فعاليات مؤتمر "أفريقيا وتحديات الأمن والسيادة في ظل التحولات الجيوسياسية الراهنة" مستمرة حتى الغد، عبر عدة جلسات يشارك فيها باحثون وأكاديميون وإعلاميون لمناقشة المزيد من القضايا التي تتعلق بمستقبل القارة ودورها في المشهد الدولي.

مقالات مشابهة

  • موجة جديدة من الانقلابات العسكرية بأفريقيا تحت مجهر مؤتمر الجزيرة للدراسات
  • الخلافات الداخلية والرسائل الخارجية تعيد تشكيل مشهد اختيار رئيس الوزراء
  • استئناف الرحلات الجوية في مطار البصرة الدولي بعد انحسار الضباب
  • توقف حركة الملاحة الجوية في مطار البصرة الدولي وانقطاع شبه تام للكهرباء بالمحافظة
  • بعد توقف مطار عدن.. مطار سيئون يشهد شللاً كاملاً في حركة الطيران وإلغاء جميع الرحلات المقررة
  • 30 دقيقة.. سيطرة وتهديد للمغرب أمام سوريا في ربع نهائي كأس العرب
  • توقف حركة الطيران في مطار سيئون وغموض مبررات الإيقاف
  • الخدمات الاجتماعية العسكرية تكرّم عددا من ذوي الإعاقة من منتسبي القوات المسلحة
  • من مطار مهجور إلى مدينة مستدامة.. مشروع كندي يتطلّب 30 مليار دولار و30 سنة
  • تهريب الوقود والمهاجرين يقود صراع السيطرة في مدينة الزاوية