في اللحظة التي أُعلن فيها بدء سريان مفعول وقف إطلاق النار على لبنان ومنه حضرتني "سالفة" سمعتها من أكثر من عراقي عندما زرت بغداد في العام الذي تلا وقف الحرب العراقية – الإيرانية. وتقول "السالفة" أنه يوجد في كل بيت عراقي سيف وبندقية و"خازوق". فالسيف يرمز إلى القادسية الأولى، والبندقية هي رمز للقادسية الثانية.
وإذا سألنا معظم اللبنانيين اليوم عمّا إذا كانوا يفضّلون الحرب أم العيش بسلام لأتت أجوبتهم الصادقة والعفوية بتكرار مقولة "لعنة الله على الحرب"، من دون أن ننسى أن شعارات الانتصار قد رفعت منذ اللحظة الأولى لوقف النار تحت شعار "انتصار لو شو ما صار". ولكن المنطق السليم يقول بأن لا منتصرين في الحرب. فما خلفته حرب الستين يومًا من كوارث وما نتج عنها من شهداء ودمار وتهجير لا يمكن وضعه إلا في خانة الخسارة الجماعية. وهذه الخسائر الفادحة ستبدأ بالظهور تباعًا بعد أن يبرد الجرح، وبعد زوال المظاهر الاحتفالية بانتهاء الحرب وتسجيل مواقف بطولية لجهة منع العدو الإسرائيلي من تحقيق أهدافه الاستراتيجية التي حدّدها رئيس حكومة الحرب في إسرائيل بنيامين نتنياهو عندما تحدّث عن "شرق أوسط جديد". ولعل أصدق من تحدّث عن تكلفة النصر هم الرحابنة في مسرحية بترا، عندما غنّت "يا ملك النصر وقف الساعة اللي جاية لو تعرف شو كلّف النصر…! اشياء انقالت واشيا ما نقالت وبعدا وراء الدمع مخباية".
إلاّ أن مجرد إلقاء نظرة ولو خاطفة على البنود الثلاثة عشر الواردة في اتفاق وقف إطلاق النار لرأينا كنتيجة عملية أنه كان في الإمكان تلافي هذه الحرب وتجنيب لبنان كل هذه الخسائر، التي لا يمكنه تحمّلها وحده. ففي هذا الاتفاق يُلاحظ في بنديه الأول والثاني إلزام كل من "حزب الله" وإسرائيل بعدم تنفيذ أي عمل هجومي، سواء أكان من لبنان أو من إسرائيل. أمّا ما ورد في البند الثالث لجهة اعتراف كل من لبنان وإسرائيل بأهمية القرار 1701، الذي لو طّبق من قِبل طرفي الصراع منذ اليوم الأول لإعلانه على أثر حرب تموز في العام 2006 لما كانت هذه الحرب بوجهيها الاسنادي والهجومي قد أدّت إلى ما أدّت إليه.
ويبقى ما جاء في البند الرابع لجهة "حق كل من إسرائيل أو لبنان في ممارسة حقهما الأصيل في الدفاع عن النفس"، مدعاة قلق دائم باعتبار أن إسرائيل لن تعدم من الحجج لكي تدّعي أنها تدافع عن نفسها من أي مصدر قد يشكّل خطرًا على أمنها الشمالي. وهذا ما هو حاصل عندما يقدم الجيش الإسرائيلي على إطلاق النار في اتجاه بلدات عيتا الشعب والخيام وكفركلا وغيرها من القرى والبلدات بحجة الاشتباه بحركة استفزازية كما يدّعي. وهذه الشبهات قد تكون من بين ذرائع كثيرة ستلجأ إليها إسرائيل في المستقبل للتملص من التزاماتها.
وما جاء في البند الخامس لجهة أن "تكون قوات الأمن والجيش اللبناني الرسميان هي الجهات المسلحة الوحيدة المسموح لها بحمل السلاح أو تشغيل القوات في جنوب لبنان" هو ما نصّ عليه القرار 1701، وما تضمنته وثيقة الوفاق الوطني، على أن تشرف الحكومة اللبنانية على بيع الأسلحة أو توريدها أو إنتاجها أو المواد ذات الصلة بالأسلحة في لبنان، فضلًا عن تفكيك جميع المنشآت غير المصرح بها المعنية بإنتاج الأسلحة والمواد ذات الصلة بالأسلحة، وسيتم تفكيك جميع البُنى التحتية والمواقع العسكرية، ومصادرة جميع الأسلحة غير المصرح بها التي لا تتوافق مع هذه الالتزامات.
فهذه البنود التي وافق عليها لبنان الرسمي بعدما أخذ الرئيس نبيه بري موافقة "حزب الله" هي لمصلحة معنوية للدولة اللبنانية في الدرجة الأولى، خصوصًا أن البندين الخامس والسادس تشمل مفاعيلهما كل الأراضي اللبنانية وليس فقط منطقة جنوب الليطاني، مع أن الخاسر الأكبر من حيث حجم الدمار غير المسبوق هو لبنان، الذي يعاني أزمة اقتصادية تحتاج إلى كل دقيقة ضاعت في لحظات التخّلي، وإلى كل جهد لإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل أن "تطير" أموال المودعين، وقبل 17 تشرين الأول من العام 2019، وقبل أن تنهار مؤسسات الدولة، الواحدة تلو الأخرى.
فالبندان الخامس والسادس من هذا الاتفاق هما تطبيق عملي وغير مباشر للقرار 1559، وتطبيق لوثيقة الوفاق الوطني. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
إسرائيل اليوم: هؤلاء قادة حماس الذين ما زالوا في غزة
نشرت صحيفة "إسرائيل اليوم" تقريرا بعد مزاعم الاحتلال حول اغتيال القيادي في القسام رائد سعد عن قادة حماس الذين ما زالوا في غزة.
وقالت الصحيفة إنه بعد اغتيال رعد سعد، "الرجل الثاني" في "الجناح العسكري" لحماس، بقي عدد من قادة الحركة وعلى رأسهم:
1. عز الدين الحداد: القائد الحالي للجناح العسكري، الذي وصل إلى السلطة بعد اغتيال محمد ضيف ونائبه مروان عيسى ومحمد السنوار بحسب الصحيفة.
وكان الحداد قائداً للواء مدينة غزة، ووفقاً لتقارير عربية، كان من بين القلائل الذين علموا بتوقيت هجوم 7 أكتوبر. حيث كان شريكا رئيسيا في التخطيط للعملية.
وأوضحت أنه مع كل عملية تصفية، ارتقى في التسلسل القيادي، حتى أصبح مسؤولا عن قضية الأسرى الذي ذكروا أن الحداد كان يتحدث العبرية ويتواصل معهم.
وخلال الحرب، قُتل اثنان من أبنائه، اللذين كانا يعملان في صفوف نخبة القسام النخبة.
محمد عودة: رئيس مقر استخبارات حماس في غزة. لا يُعرف الكثير عن عودة، لكن بحكم طبيعته، كان متورطًا بشكل كبير في التخطيط لعملية ٧ أكتوبر.
وفي وثائق نُشرت قبل الحرب، يظهر اسمه إلى جانب محمد ضيف والمتحدث باسم القسام أبو عبيدة.
ووفقًا لتقارير ، أُجبر عودة على تولي قيادة لواء شمال غزة، بعد اغتيال القائد السابق أحمد غندور كما زعمت الصحيفة العبرية.
وبينت "إسرائيل اليوم" أنه إلى جانب كبار قادة الجناح العسكري، بقي اثنان من الشخصيات البارزة في حماس على قيد الحياة، واللذان كانا في السابق ضمن أعلى مستويات نظامها في غزة.
الأول هو توفيق أبو نعيم، الذي ترأس جهاز الشرطة وكان يُعتبر من المقربين من السنوار. أما الثاني فهو محمود الزهار، عضو المكتب السياسي في غزة وأحد أعضاء الفصائل المؤسسة لحماس.
وأشارت إلى أن هناك أيضاً قادة كتائب مخضرمون في حماس لم يُقتلوا بعد أولهم حسين فياض ("أبو حمزة")، قائد كتيبة بيت حانون، الذي نجا من محاولتي اغتيال على الأقل حيث أسفرت المحاولة الأخيرة عن مقتل أفراد من عائلته.
وفي وقت سابق من الحرب، أعلن جيش الاحتلال أنه قُتل، لكن فياض ظهر بعد فترة من وقف إطلاق النار.
ولفتت الصحيفة إلى قائد كتيبة آخر هو هيثم الحواجري، المسؤول عن كتيبة مخيم الشاطئ.
وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي اغتياله، لكنه ظهر خلال وقف إطلاق النار في إحدى المراسم الدعائية لإطلاق سراح الأسرى.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، برز اسم قائد بارز آخر في حماس وهو مهند رجب. وبحسب تقارير عربية، عُيّن رجب قائداً للواء مدينة غزة خلفاً للحداد، الذي أصبح قائداً للجناح. كما ورد أنه، على غرار رجب، عُيّن قادة ميدانيون آخرون ليحلوا محل من قُتلوا خلال الحرب.