#موعد_مفتوح_مع_الدم _ د. #منذر_الحوارات
مع بدايات السابع من أكتوبر أدرك العارفون أن هذه ستكون نقطة البداية لتغيرات جوهرية ستطال المنطقة برمتها، والتي تركها الغزو الأميركي للعراق واحتلاله عام 2003 وتفكيك نظام بغداد غارقةً في فراغ اللايقين، وما تلا ذلك من خطة الرئيس باراك أوباما والتي ابتدأت في العام 2009-2017 والتي أدت إلى الانسحاب من العراق 2011 والاتفاق النووي الإيراني 2015 والتعامل بنهج مختلف مع ثورات الربيع العربي 2011-2013 والذي أدى إلى تخلي الولايات المتحدة عن الكثير من حلفائها في المنطقة.
بعد النجاح الهائل للطوفان أدركت إسرائيل بأن ثمة خطة لإضعاف دورها ودور الولايات المتحدة من خلال استخدام الأذرع الإيرانية، عزز هذه القناعة هجمات المؤازرة من قبل حزب الله والحوثيين وبعض الفصائل العراقية الموالية لإيران، والتي لم تلتقط اللحظة التاريخية بضرورة تنفيذ هجوم مباغت شامل يطيح أو على الأقل يضعف بشكل كبير إسرائيل، بل كان تدخلها مبرمجاً بغية عدم توسع الصراع والخوف من مواجهة الولايات المتحدة. هذا أعطى إسرائيل فرصة لالتقاط الأنفاس والتفكير ملياً بضرورة الحسم النهائي للوضع. طبعاً كان لا بد من أخذ الضمانات بأن الهجوم على إسرائيل لن يتوسع ولهذا السبب حضرت أميركا بعدها وعديدها عند كل مفترق خطير. كانت هذه الخطة هي الوسيلة الأمثل للاستفراد بالمحور الواحد تلو الآخر، فبدأت في إعمال الدمار في غزة قتلاً وتشريداً.
بعد غزة انفردت بحزب الله، فكان ما كان من حادثة البيجر وقتل القيادات وتدمير الضاحية الجنوبية وجنوب لبنان إلى أن وصلت للحظة إبرام الهدنة والتي ضمنت تطبيق اتفاق 1701 مع إضافات كثيرة، وتم إيقاف إطلاق النار بينما بنود كثيرة مفتوحة باتجاهين: إما عودة العدوان الإسرائيلي على لبنان أو تكفل اللبنانيين بذلك بين أنفسهم، مما يبقي كل الاحتمالات مفتوحة. وبينما اللبنانيون كعادتهم منهمكون في الجدل بين هل انتصر الحزب أو هزم؟، تتلقى إسرائيل مكافأة الهدنة برفع القيود عن تصدير القنابل الكبيرة وكذلك الحصول على أسلحة دقيقة لغرض قادم لم تفصح عنه بعد. وفي الأثناء تندلع جبهة أخرى ولكن هذه المرة في أقصى شمال هذه البقعة الموبوءة بالموت، في حلب وهجوم صاعق قامت به فصائل معارضة للنظام السوري والتي استفادت من إضعاف نفوذ إيران وحلفائها. وهنا يبدو أن تركيا لم تكن غاضبة من إضعاف الطرف الثالث من أضلع ميزان القوة في المنطقة.
استثمرت تركيا هذه الظروف الموضوعية لملء فراغ قوة يكاد يتشكل نتيجة قناعة راسخة بأن النفوذ الإيراني في طريقه للأفول في المنطقة بعد أن تجرأت على قمة المثلث إسرائيل، بالذات أنها اعتبرت وصول دونالد ترامب كان في أهم تجلياته هو إنهاء الأوبامية السياسية في المنطقة وبالتالي بداية تفكك هذه العقيدة وإعادة تشكيل المنطقة وفق سيناريو جديد يضمن إسرائيل سيدة للمسارات كافة، ومن يريد التعاون عليه الانخراط في هذا المسار وهو تقطيع أذرع إيران وصولاً إلى الرأس. وهذا ما تدركه إيران جيداً وحتى روسيا والنظام والذين لم يكونا متحمسين جداً للوقوف، لا مع حزب الله ولا لاحقاً مع إيران طالما أن النار بعيدة عن رأس الأسد في دمشق، وأمل صفقة في أوكرانيا بالنسبة لروسيا. لذلك بدأت إيران تسابق الزمن للوصول إما إلى قنبلة نووية أو على عتبتها بالذات بعد أن توصلت إلى قناعة إلى أن النتيجة باتت محسومة وأن عليها أن تتمسك بورقتها النووية كي لا تخرج من اللعبة خالية الوفاض.
كل ذلك يشير إلى أن المنطقة ما تزال مفتوحة على مزيد من الحروب، بالتالي فإن المعركة التي ابتدأت من غزة وغدت الآن في حلب ولاحقاً سورية كلها والعراق واليمن ما تزال بعيدة تماماً عن التسويات وإن في جراب الحاوي الكثير من التغيرات غير المقروءة حتى اللحظة، والتي لا يمكن التنبؤ بها بدقة، بالتالي فإن الموعد مع الدم ما زال مفتوحاً إلى أجل غير مسمى.
الغد
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: فی المنطقة
إقرأ أيضاً:
الملف الأسود لتمويل الحرب والتجنيد.. إيران تنقل مصانعها من سوريا لليمن وتوسع شبكات التهريب لإغراق دول المنطقة بالمخدرات
في السنوات الأخيرة تحوّل ملف المخدرات في اليمن من ظاهرة محلية إلى قضية إقليمية ذات بعد أمني وسياسي دولي, تقارير أممية والدولية تتحدث عن زيادة في تهريب وتجارة مخدرات عبر المياه الإقليمية وفي الداخل اليمني، وتحمّل جماعة الحوثي دوراً محورياً في الاستفادة من هذه التجارة لتمويل عملياتها، بينما تشير تقارير أخرى ضلوع إيران في توسيع شبكات تهريب المخدرات عبر اليمن وبناء مصانع للمخدرات بعد تعرضها لضربات موجعة في سوريا.
هذا التوسع النشط يأتي في ظل تصاعد مهول في الأرباح الاقتصادية التي حققتها المليشيا من تلك التجارة وكشفت تقديرات حقوقية واقتصادية أن مليشيا الحوثي تجني المليارات من الدولارات سنويًا من تجارة المخدرات.
مسارات التهريب
تشير تقارير أممية وإقليمية إلى تحوّل مسارات التهريب بعد تقلّص بعض قنوات التهريب من سوريا ولبنان وأماكن أخرى نتيجة ضغوط متزايدة، باتت اليمن تُعتبر مساراً بديلاً للطرق البحرية والبرية إلى دول شبه الجزيرة العربية.
تشير تقارير أمنية إلى أن إيران تلعب دورًا محوريًا في دعم تجارة المخدرات داخل اليمن، حيث يشرف ضباط من الحرس الثوري الإيراني على عمليات تهريب المواد المخدرة إلى مناطق سيطرة الحوثيين، بهدف تمويل المجهود الحربي للمليشيا وتحقيق أرباح ضخمة بعيدًا عن الرقابة الدولية.
مافيا التهريب ومصانع التصدير
كشف العميد عبدالله أحمد لحمدي، مدير عام الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بوزارة الداخلية، عن تحول خطير في نمط تهريب وتصنيع المخدرات في اليمن، مؤكدًا أن البلاد أصبحت وجهة رئيسية لعصابات المافيا الإقليمية بعد تلقيها ضربات موجعة في سوريا.
وأوضح العميد لحمدي أن العمليات الأمنية محافظة المهرة، كشفت عن أول مصنع متكامل لصناعة مادتي الكبتاجون والشبو على الأراضي اليمنية، مضيفًا أن ستة متهمين يمنيين ضُبطوا مرتبطين بشبكات تمويل ودعم تتبع مليشيا الحوثي الإرهابية، إضافة إلى خبراء أجانب سبق ضبط بعضهم في عدن والمهرة.
وأشار إلى أن المعلومات الاستخباراتية أكدت وجود مصانع نشطة للمخدرات في مناطق سيطرة الحوثيين، ما يعكس حجم التهديدات الأمنية والإنسانية التي تواجه اليمن والمنطقة بأكملها.
وأوضح مصدر أمني خاص لـ"مارب برس" أن "المستهدف الأساسي من تهريب المخدرات هي دول الخليج العربي واليمن ليست سوى محطة ترانزيت" رغم توسّع انتشارها داخل اليمن.
ولفت إلى أن المليشيا الحوثية تعتبر نشاطها في تهريب المخدرات إلى دول الخليج جزءً من حربها الطائفية ضد الخصوم وتعتمد على هذه التجارة منذ بداية ظهورها، قبل نحو ثلاثة عقود، كأحد أهم مصادر تمويل أنشطتها التوسّعية, لافتاً إلى أنها تستند في ذلك على فتوى لمؤسسها الأوّل بدر الدين الحوثي، الذي أجاز لها تجارة الممنوعات لمحاربة من الوهابية وتمويل الجهاد.
كما أكّدت مصادر أمنية وعسكرية لـ"مارب برس" أن مليشيا الحوثي هي من تتحكّم بأنشطة التهريب من اليمن إلى السعودية على طول الشريط الحدودي بين البلدين الذي يبلغ طوله 1,458 كم، بدءً من مدينة ميدي بمحافظة حجّة غرباً إلى المهرة شرقاً.
أرقام صادمة… اليمن يغرق في سموم المخدرات
منذ بداية عام 2025، سجلت الأجهزة الأمنية ضبطيات ضخمة، أبرزها:
599 كجم من الكوكايين داخل شحنة سكر في عدن
646,290 قرص بريجابالين في دار سعد
314 كجم شبو و25 كجم هيروين و108 كجم حشيش في سواحل لحج
432 كجم شبو عبر البحر الأحمر
150,000 حبة كبتاجون في قارب بباب المندب
13,750 قرص كبتاجون عبر منفذ الوديعة في شاحنة قادمة من صنعاء
المخدرات أداة للتجنيد والسيطرة
بحسب تقارير دولية، يستخدم الحوثيون المخدرات لتجنيد الشباب والأطفال، حيث يُعطى المقاتلون الكبتاجون قبل المعارك لزيادة العدوانية والولاء، ما يفاقم الانهيار الاجتماعي ويحوّل المدمنين إلى أدوات حرب يمكن الاستغناء عنها.
وحول ذلك حذرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من أن تجارة المخدرات تحولت إلى وسيلة للسيطرة النفسية على المجندين، في مشهد يعكس تشابك العنف والإدمان في مشروع الجماعة.
الحوثيون ينقلون زراعة المخدرات إلى اليمن
كشفت مصادر قبيلة بمحافظة الجوف لمأرب برس أن المليشيات الحوثية باشرت في زراعة عدة أنواع من المخدرات في عدة مناطق من الجوف العالي وفي عشرات المزارع , وقالت المصادر أن المليشيات تمنع المزارعين والأهالي القاطنين بالقرب من تلك المزارع من الاقتراب من تلك المزارع أو الوصول اليها , خاصة في ظل السلطة القمعية التي تفرضها المليشيات على مناطق سيطرتها, كما كشفت ذات المصادر عن قيام جماعة الحوثي بزراعة المخدرات قبل سنوات في عدة مديريات من محافظة صعدة مسقط رأس عبدالملك الحوثي ويشرف علي ذلك جهاز أمني خاص مهمته توفير الأمن والحماية لتلك المناطق.
احتكار التهريب وتأهيل العصابات
بعيد سيطرتهم على العاصمة صنعاء هيمنت جماعة الحوثي على تجارة الممنوعات بأنواعها، وأخضعت المهربين المحليين لسلطتها مستغلّة سطوتها على الأجهزة الأمنية والعسكرية، وفقاً لما أكّدته مصادر أمنية لـ"مارب برس".
وخلال السنوات الماضية تقول المصادر إن الحوثيين اطلقوا عشرات المعتقلين على ذمّة تهريب أو ترويج وبيع المخدّرات، مشترطين عليهم العمل لصالحهم, مضيفة أنهم تلقّوا بعد إطلاقهم أموالاً وتسهيلات لاستعادة نشاطهم في تجارة الممنوعات.
وفي سبتمبر 2016، تداول نشطاء على مواقع التواصل وثائق تؤكّد إفراج الحوثيين عن تجار مخدرات، منهم 82 سجينًا من السجن المركزي بصنعاء أغلبهم تجار مخدرات، و4 تجار مخدرات أفرجوا عنهم من مركزي محافظة حجة.
وقال مسؤول أمني كان يعمل بمحافظة الجوف لـ"مارب برس"، طلب عدم كشف هويّته، إن مليشيا الحوثي اعتقلت مهربي الحشيش ممن لا يخضعون لسلطتها خصوصاً الذين كانوا ينشطون في محافظة صعدة على الشريط الحدودي مع السعودية.
ووفقاً للمسؤول فإن من جملة من اعتقلتهم "950 رجلًا و50 امرأة كانوا يعملون ضمن شبكات التهريب", موضحاً أن ذلك جاء ضمن مساعيها لمنع أي "عملية تهريب حشيش أو مخدرات في اليمن أو من خلالها إلى المملكة إلا عن طريقها وتحت إشرافها".