4 ديسمبر، 2024

بغداد/المسلة: رغم التصعيد المستمر في سوريا، أطلق رئيس تحالف قوى الدولة، عمار الحكيم، سلسلة من التصريحات التي ركزت على التفاؤل، مؤكداً أن المنطقة تسير نحو الاستقرار. جاء ذلك في مستهل زيارته إلى محافظة ديالى، حيث حث الحكيم على الصمود في مواجهة التحديات ودعا إلى تبادل الرؤى والأفكار بين القوى السياسية لتدارس أوضاع العراق والمنطقة.

“أحداث سوريا تتطلب الحيطة والحذر”، قال الحكيم في تصريحاته، مشيراً إلى أن البيئة الاجتماعية باتت أكثر وعياً، وأن العراق يمتلك إمكانات عسكرية كبيرة وجهوزية عالية لقواته الأمنية. وأضاف أن العراق اليوم أقوى مما كان عليه، مبرزاً التفهم المتزايد بين القادة السياسيين لموقف العراق من الأزمة السورية واتفاقهم على ضرورة الحفاظ على سيادة الدول.

على منصة “إكس”، تفاعل المستخدمون مع تصريحات الحكيم. كتب أحدهم: “الحكيم محق، لا يمكن للعراق أن يتحمل عودة سيناريو الإرهاب. الأمن أولاً”. بينما غرّدت ناشطة أخرى من بغداد: “الوعي الاجتماعي جزء من الحل، لكن ماذا عن التحديات الأمنية التي تهدد حدودنا؟”.

تحدث محللون عن أسباب التفاؤل الذي أبداه الحكيم، مشيرين إلى التحولات الإقليمية التي تشير إلى تفاهمات دولية لخفض التصعيد، خاصة في ظل انشغال القوى الكبرى بتحديات اقتصادية وجيوسياسية أخرى.

ووفق رأي باحث اجتماعي من الموصل، فإن “وعي المجتمع العراقي بضرورة الوحدة، والتعاون مع الأجهزة الأمنية، أصبح أساسياً في التعامل مع الأزمات الإقليمية. لكن، الحذر واجب لأن التداعيات قد تصل إلى الداخل”.

لكن خلف هذه الطمأنينة الظاهرة، تتحدث مصادر أمنية عن مخاوف متزايدة من تأثير الأوضاع السورية، خاصة بعد تقارير عن تحركات جماعات مسلحة قرب حلب.

مصادر سياسية في بغداد أكدت أن “العراق لا يريد تكرار سيناريو اجتياح الإرهاب لمدنه، كما حدث في الموصل. لهذا فإن موقفه واضح في دعم الحكومات وسيادة الدول، ورفض التعامل مع أي جماعات مسلحة”.

في إحدى ضواحي بعقوبة، تحدث المواطن سعد الزبيدي، الذي يدير محلاً صغيراً لبيع المواد الغذائية، قائلاً: “سمعنا الكثير من الكلام عن استقرار المنطقة، وبجهود قادة العراق فان التصعيد لن يصل إلينا”.

من جهتها، ذكرت أم مصطفى، وهي معلمة في إحدى مدارس ديالى: “نحن اليوم أكثر وعياً،  و علينا أن نكون صادقين معهم بشأن التحديات، مع تأكيد الأمل”.

تحليلات إضافية أفادت أن العراق ينظر إلى الأزمة السورية من زاويتين: الحفاظ على أمنه القومي، وضمان استقراره الداخلي. وبينما تسعى الحكومة إلى تعزيز علاقاتها الإقليمية والدولية، فإن التحدي الأكبر يكمن في إدارة تداعيات أي تصعيد قد يطال حدوده.

كتب ناشط من بغداد على “فيسبوك”: “دعم الحكومات وسيادة الدول ليس مجرد شعار. العراق بحاجة إلى سياسات ذكية تمنع انزلاقه مرة أخرى إلى مستنقع الأزمات”. وأضاف تعليق آخر: “بين التفاؤل والحذر، نحن بحاجة إلى خطط عملية على الأرض”.

في ظل هذه الظروف، تبدو رسالة الحكيم محاولة لرسم ملامح مستقبل أكثر استقراراً للعراق، لكنها أيضاً دعوة للمزيد من الجهود المشتركة بين مختلف الأطراف.

 

 

 

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

تعداد سكاني بأرقام تخالف المنطق

11 دجنبر، 2025

بغداد/المسلة:

كتب علي مارد الأسدي: ليس من المبالغة القول إن الأرقام، حين تتعلق بالسكان، تتحول من مجرد بيانات إلى أساس للعدالة في التخطيط والخدمات والتمثيل. ومن هذا المنطلق، تثير نتائج التعداد السكاني الأخير لقضاء الزهور (الحسينية) في بغداد تساؤلات جدية حول مهنية ودقة نتائج تعداد عام 2024.

فبحسب بيانات منشورة عام 2013 ومنسوبة إلى وزارة التخطيط، وربما مأخوذة من وزارة التجارة (نظام البطاقة التموينية) بلغ عدد سكان قضاء الزهور 257,985 نسمة. لكن بعد مرور اثنتي عشرة سنة كاملة، يفاجئنا التعداد السكاني لعام 2024 برقم أقل، يبلغ 250,170 نسمة، وبمعدل زيادة 2.56%!!
وهي أرقام لا تمت للواقع بصلة، في واحدة من المناطق الحضرية المكتظة داخل العاصمة.

المنطق الديموغرافي البديهي يقول إن المناطق الحضرية في بغداد تشهد نموًا سكانيًا مستمرًا، تغذيه الولادات المرتفعة، والتوسع العمراني، والهجرة الداخلية. وقضاء الزهور تحديدًا لم يشهد حربًا، ولا تهجيرًا جماعيًا، ولا كوارث طبيعية، ولا مشاريع إخلاء واسعة. بل على العكس، شهد توسعًا عمرانيًا واضحا، وازديادًا في أعداد المدارس، وضغطًا متصاعدًا على الكهرباء والماء… فكيف يعقل أن ينخفض عدد السكان بدل أن يرتفع؟!

وحتى باعتماد معدل نمو سكاني متحفظ جدًا لا يتجاوز 2% سنويًا، كان يفترض أن يبلغ عدد سكان القضاء بعد 12 سنة ما لا يقل عن 327 ألف نسمة. أما إن اعتمدنا المعدلات الطبيعية المعمول بها في بغداد، فإن الرقم المنطقي يتراوح بين 340–370 ألف نسمة.
والسؤال البسيط هنا:
أين ذهب أكثر من مئة ألف مواطن؟
هل هو خلل في المنهج أم في التطبيق؟
نقرأ ونسمع أن الكثيرين من سكنة قضاء الزهور لم يطرق بابهم المكلف بالتعداد.
كما أن أعداد كثيرة من المشمولين بالرعاية الإجتماعية قد امتنعوا عن المشاركة بالتعداد خشية أن يكون هناك تقاطع معلوماتي مع بياناتهم المدرجة في نظام الرعاية الاجتماعية.

أن هذا الفارق الكبير لا يمكن تبريره بهامش خطأ إحصائي، ولا يمكن تمريره بوصفه “تفاوتًا طبيعيًا”. بل يطرح أسئلة جوهرية عن طبيعة وحقيقة العد، وعن منهجية الجمع والمعالجة التي لم تنشر تفاصيلها بشفافية.

الأخطر من ذلك أن هذه الأرقام ستبنى عليها خطط خدمية، وتوزيعات مالية، وقرارات تمثيلية… وكل خلل فيها يعني ظلمًا صامتًا يتجاوز حدود المنطقة وسكانها.

إن التعامل مع الإحصاء السكاني بوصفه شأنًا تقنيًا محضًا هو تبسيط مخادع. فالأرقام تملك أثرًا سياسيًا واقتصاديًا مباشرًا، وأي تلاعب أو إهمال فيها يفتح الباب أمام إعادة رسم الواقع على الورق، لا على الأرض.

وإذا كانت وزارة التخطيط واثقة من نتائجها، فإن الطريق الأسلم هو نشر المنهجية كاملة، وتوضيح أسباب التراجع العددي، وإعادة تدقيق بيانات قضاء الزهور علنًا _ كنموذج من عدة نماذج _ ومن قبل جهة رقابية محايدة.

وأما الاكتفاء بأرقام تناقض الواقع والعقل والمنطق، فلن يؤدي إلا إلى تراكم المزيد من الفشل الحكومي، والتخبط الإداري، وفقدان الثقة، ليس بالأرقام وحدها، بل بالحكومات ومؤسسات الدولة بشكل عام.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • مخاوف إنسانية وسياسية بعد الرحيل الأممي عن العراق
  • غوتيريش في بغداد وبعثة الأمم المتحدة قبل المغادرة: العراق يقود خطة “مارشال”
  • خبير أمني: ضرورة التكاتف العربي لمواجهة التحديات الإقليمية القادمة
  • رئيس الجمهورية لبزشكيان: أي عرقلة تواجه إيران هي بمثابة عداء لنا
  • إلغاء تفويضات العراق 1991-2002: ثمرة نهج هادئ يحول العراق من ملف أمني إلى شريك استراتيجي
  • إشاعات العقوبات مكشوفة: توازنات الحكومة الإقليمية تثمر عن رسائل أمريكية إيجابية
  • تعداد سكاني بأرقام تخالف المنطق
  • السفارة الأمريكية: إشراك الفصائل في حكومة العراق الجديدة لا يتوافق مع الشراكة
  • الأنواء الجوية: ضباب كثيف وانعدام للرؤية صباح غدٍ الخميس
  • من الجفاف القاتل إلى السيول المدمرة: العراق يدفع ثمن عقود من إهمال البنى التحتية