على مدار الأشهر الثلاثة الأخيرة، أقدمت قوات النظام السوري على الدفع بتعزيزات كبيرة إلى المناطق المحيطة بإدلب، على وقع أنباء عن تحضيرات تجريها فصائل المعارضة لاستعادة السيطرة على المناطق التي خسرتها في حرب 2020 مع النظام، بمساعدة مليشيات إيران والقوات الروسية.
لم تُخف فصائل المعارضة عزمها القيام بعملية عسكرية، لكن أهداف العملية كانت محدودة جدا لا تتعدى استعادة السيطرة على سراقب ومعرة النعمان وخان شيخون وإبعاد قوات النظام في ريف حلب الغربي، وكان الهدف من ذلك ليس تحسين الوضع الاستراتيجي لمنطقة سيطرة المعارضة ولا تقوية أوراق التفاوض في مواجهة النظام وداعميه، بل كان قتال ضرورة الهدفُ منه إبعاد خطر نظام الأسد الذي كان ينكّل بالمدنيين عبر القصف المدفعي اليومي والمسيرات الانتحارية، فيما كانت الطائرات الروسية تقصف بتواتر يومي مناطق المدنيين في إدلب وحولها.
من كان يتابع إعلام النظام ربما وصل الى حد القناعة أن هناك عملية عسكرية كبرى سيجردها النظام ضد إدلب، مستغلا انشغال العالم بحروب لبنان وغزة، إذ كثيرا ما خرجت الصحف بعناوين من نوع: إرسال الفرقة 25 إلى حدود إدلب، ووصول أرتال من قوات الجيش السوري إلى مناطق خط المواجهة مع الفصائل، وروسيا توقف عملياتها في البادية وترسل قواتها إلى خطوط المواجهة في إدلب، ووصول تعزيزات كبيرة من مليشيا الفاطميون إلى مناطق المواجهة في إدلب!
هذه حدود وقدرات قوة النظام، ولم يكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي ذهب الأسد يتوسله لدعمه في مواجهة هجوم المعارضة، مخطئا عندما تعامل معه باحتقار لأنه لم يعمل، طوال السنوات الماضية، على بناء جيش احترافي، وظل متكلا على مليشيات إيران والقوات الروسية، في المقابل بقي متعنتا متعاليا ورافضا إجراء أي تسوية مع المعارضة أو التفاهم مع الدول العربية والإقليمية لإجراء ترتيبات جديدة تدعم الاستقرار في سوريا وتمهّد لعملية إعادة الإعمار
أين تبخرت كل هذه التعزيزات؟ وأين اختفت تلك القوات عشية بدء هجوم قوات المعارضة؟ لقد سال حبر كثير عن أسباب هذا الانهيار في خطوط دفاع قوات النظام، من ضعف قوّة إيران جراء الاستنزاف الذي تعرضت له مليشياتها طوال الشهور الماضية بضربات إسرائيلية وأمريكية طالت مراكز السيطرة والقيادة ومخازن الأسلحة، وكذلك ضعف القوة النارية لروسيا بعد سحب قواتها الجوية الفاعلة والإبقاء على أسلحة أقل فعالية في الساحة السورية.. وسوى ذلك من أسباب.
لا شك أن هذه أسباب موضوعية إلى حد بعيد، لكن ماذا عن جيش النظام الذي توعّد بملاحقة الفصائل حتى باب الهوى، واعتبار الكثير من الخبراء الموالين للنظام أن الحرب ستكون فرصة للنظام للتخلص من الالتزام التفاهمات الروسية التركية التي كبلت جيش النظام من القضاء على فصائل المعارضة، وأن الجيش السوري ينتظر هذه الفرصة بفارغ الصبر للتخلص من المعارضة السورية المسلحة إلى الأبد؟!
في الواقع هذه حدود وقدرات قوة النظام، ولم يكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي ذهب الأسد يتوسله لدعمه في مواجهة هجوم المعارضة، مخطئا عندما تعامل معه باحتقار لأنه لم يعمل، طوال السنوات الماضية، على بناء جيش احترافي، وظل متكلا على مليشيات إيران والقوات الروسية، في المقابل بقي متعنتا متعاليا ورافضا إجراء أي تسوية مع المعارضة أو التفاهم مع الدول العربية والإقليمية لإجراء ترتيبات جديدة تدعم الاستقرار في سوريا وتمهّد لعملية إعادة الإعمار.
وضع الأسد كل موارد سوريا في خدمة مشروعه لإخضاع السوريين وتحطيم أي إمكانية لديهم للاعتراض على سياساته أو لتحصيل حقوقهم الخدمية، نزع عن السوريين آدميتهم، وحوّلهم لكائنات جائعة وخائفة تلهث وراء لقمة الخبز، لدرجة باتت معها أغلبية الأشياء العادية نوعا من الرفاهية التي لا تتجرأ أحلام السوريين على الاقتراب منها حتى في مناماتهم أو أحلام يقظتهم.
ليست مطالب السوريين، ولا تأسيس جيش احترافي، من مهام الأسد، هذه أشياء لا تحمل قيمة مضافة لحكمه ودوام سلطته؛ فالسوري الذي لا تعجبه الحال يمكنه الرحيل الى أي وجهة يريد، أما الجيش فلا داعي لإيجاد مؤسسة وطنية قد تنقلب عليه أو تتعاطف مع الشعب ضده، أما عن الأعداء الخارجيين فهو يعرف كيف يجعل الآخرين يدافعون عنه؛ بالأصل هو يجعل من نفسه ضرورة للجميع
بنفس الوقت، بقي هو قابعا في برجه العاجي، وإن تفاعل فإنه يتكلم عن ظلم السوريين له، عن جرحه من خيانتهم له، وكأن هؤلاء الذين في القبور والمشردين على حدود سوريا وفي مخيمات اللجوء في بلدان الجوار، ومن يقبعون في غياهب سجونه، قد دمروا نمط حياته وعكّروا صفو أيامه، وأن كل ما فعله بهم أقل بكثير مما يستحقونه، ظلّ في برجه العاجي يزاود على أقرانه العرب الذين لم يدعموا الفلسطينيين ولم يقدموا على أي فعل سوى التنديد والشجب، وهو الذي منع حتى خروج مظاهرة صغيرة مؤيدة لغزة!
ليست مطالب السوريين، ولا تأسيس جيش احترافي، من مهام الأسد، هذه أشياء لا تحمل قيمة مضافة لحكمه ودوام سلطته؛ فالسوري الذي لا تعجبه الحال يمكنه الرحيل الى أي وجهة يريد، أما الجيش فلا داعي لإيجاد مؤسسة وطنية قد تنقلب عليه أو تتعاطف مع الشعب ضده، أما عن الأعداء الخارجيين فهو يعرف كيف يجعل الآخرين يدافعون عنه؛ بالأصل هو يجعل من نفسه ضرورة للجميع ومدماكا مهما في استقرار وأمن الإقليم عبر ادعائه محاربة التطرف والإرهاب، وهي بضاعة مرغوبة إقليميا ودوليا.
تحت حكم الأسد ستبقى سوريا دائما على الحافة، حتى قبل الثورة كانت سورية الأقل تقدما في المنطقة على كافة الصعد التكنولوجية والعمرانية والسياسية، شعبها فقير، ويكفي للدلالة على ذلك، أن مئات آلاف السوريين كانوا يعملون في الأردن ولبنان، وهما بلدان يعانيان من أزمات اقتصادية مزمنة، أما الجيش فقد حوّله الأسد إلى مرتع للفساد؛ هل رأيتم جيشا لا يجد طعام عشائه غير في سوريا؟
x.com/ghazidahman1
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مليشيات إيران الأسد سوريا إيران سوريا الأسد روسيا مليشيات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
لا تغسل هذه الملابس معا أبدا.. دليلك العملي لحماية أقمشتك من التلف والبهتان
رغم أن غسل الملابس يبدو مهمة يومية بسيطة، فإنه في الحقيقة عملية تعتمد على تفاصيل دقيقة تؤثر مباشرة في عمر الملابس وجودتها. فكثير من التلف لا ينتج عن نوع المنظف أو قوة برنامج الغسيل فقط، بل عن خطأ شائع للغاية: خلط أقمشة أو ألوان غير مناسبة في دورة واحدة. هذا المزج الخطأ قد يؤدي إلى بهتان الألوان، وتمزق الألياف، وخشونة القماش، وحتى انتقال الروائح أو البقع بين القطع. لذلك، فإن معرفة الأنواع التي يجب ألا تُغسل معا تُعد خطوة أساسية للحفاظ على مظهر الملابس وجودتها لأطول فترة ممكنة.
الملابس البيضاء والملونةيُعد فصل الملابس البيضاء عن الملونة القاعدة الأولى والأهم في الغسيل. فحسب الخبرات والدراسات المتخصصة، لا يُعتبر هذا الفصل مجرد نصيحة متوارثة، بل أساسا ضروريا للحفاظ على نقاء اللون وجودة الأقمشة. إذ يمكن أن تفقد الملابس الملونة جزءا من صبغتها مع كل غسلة، مما يؤدي إلى انتقال اللون بسهولة إلى الملابس البيضاء، فتظهر عليها بقع باهتة أو اصفرار تصعب إزالته لاحقا. كما أن خلط الألوان يؤثر على فعالية التنظيف ويُضعف الطبقة الخارجية لألياف القماش.
لذلك، من الضروري غسل الملابس البيضاء على حدة، مع استخدام ماء دافئ ومنظفات مخصصة للحفاظ على بياضها، لتظل مشرقة ونظيفة لأطول فترة ممكنة.
الملابس الحساسة مع المناشفالملابس الحساسة مثل الكشمير والحرير والقطن الخفيف والصوف الناعم تحتاج إلى عناية خاصة تختلف تماما عن المناشف، فالمناشف أكثر خشونة وثقلا، وعند غسلها مع الأقمشة الرقيقة قد تسبب خدوشا وتمزقات صغيرة تتراكم مع الوقت، كما يمكن أن تعلق خيوطها بالملابس فتشوه مظهرها.
لذلك يُنصح بغسل هذه القطع في دورة منفصلة ووضعها داخل كيس شبكي لتقليل الاحتكاك، واستخدام برنامج غسيل لطيف بسرعة دوران منخفضة وماء بارد أو فاتر، مع منظف خفيف مخصص للأقمشة الدقيقة. كما يجب تجنب العصر القوي، والاكتفاء بالضغط برفق لإزالة الماء، ثم تجفيف الملابس على سطح مستوٍ للحفاظ على شكلها ونعومتها.
المناشف مع أغطية السريررغم أن غسل المناشف وأغطية السرير معا قد يبدو موفرا للوقت، غير أن الخبراء يؤكدون أن هذا الدمج يضعف فعالية الغسيل. فالغطاء الكبير والناعم يلتف غالبا حول المناشف داخل الغسالة، مما يمنع وصول الماء والمنظف بقدر متوازن إلى جميع الأجزاء. ونتيجة ذلك قد تبقى مناطق غير نظيفة أو رطبة، مما يسبب الروائح الكريهة ونمو البكتيريا. لذلك يفضل غسل كل منهما على حدة لضمان حركة أفضل داخل الحلة وتنظيف أكثر كفاءة.
يُعد الجينز من أكثر الأقمشة التي تفقد لونها سريعا، خصوصا في الغسلات الأولى. وإذا غُسل مع الأقمشة الفاتحة فقد يلطخها، كما أن خشونته قد تخدش القمصان القطنية الرقيقة أو البلوزات. وتوصي كارولين فورتيه، خبيرة الجودة والتنظيف في منصة "غود هاوسكيبنج"، بقلب الجينز إلى الداخل وغسله بالماء البارد، خصوصا في المرات الأولى، لتقليل فقد اللون. ومن منظور صناعة الجينز، الغسل اللطيف يحافظ على الشكل والملمس ويمنع الانكماش. كما تشدد على ضرورة إزالة البقع فور ظهورها، فتنظيفها بسرعة يقلل الوقت الذي يقضيه الجينز في الغسالة أو المجفف، مما يحافظ على جودته ويطيل عمره.
إعلان الملابس الرياضية والأقمشة المعالجةتُصنع الملابس الرياضية من مواد مصنعة مثل البوليستر أو النايلون المعالج. ورغم أنها مصممة لتمرير الهواء وامتصاص العرق بسرعة، فإنها تتلف بسهولة عند تعريضها للحرارة العالية أو خلطها بملابس عادية تحتك بها بقوة. وقد يؤدي ذلك إلى فقدان قدرتها على التهوية أو ظهور روائح يصعب التخلص منها. لذلك، يُنصح باستخدام برامج غسيل باردة من دون مبيضات، ويفضل غسلها وحدها للحفاظ على خصائصها الوظيفية.
الألوان الداكنة والفاتحةتُطلق الألوان الداكنة مثل الأسود والأزرق الداكن والأحمر جزءا من صبغتها في أثناء الغسل، خاصة مع الماء الدافئ، مما يجعل خلطها مع الملابس الفاتحة سببا مباشرا لانتقال الألوان. لذلك ينصح الخبراء بفصل كل لون داكن على حدة واستخدام منظفات مخصصة للملابس الداكنة، إذ تساعد هذه المنتجات على الحفاظ على ثبات اللون وتقليل نزيف الصبغة. كما يُفضل غسل الملابس الداكنة بالماء البارد وبرنامج لطيف لضمان بقاء الألوان قوية والحفاظ على مظهرها أطول فترة ممكنة.
تُعد ملابس الأطفال من أكثر القطع غسيلا بسبب كثرة اتساخها، غير أن غسلها يحتاج إلى عناية خاصة. فلا ينبغي استخدام منظفات قوية قد تترك بقايا على النسيج وتسبب تهيجا أو حساسية للطفل، فبشرتهم ومناعتهم حساسة للغاية. لذلك يُستحسن غسلها على حدة واستخدام منظفات لطيفة مناسبة للأطفال، مع أخذ الوقت لمعالجة البقع قبل الغسيل. كما يُستحسن دائما مراجعة ملصق العناية لمعرفة درجة الحرارة المناسبة، خاصة للملابس القطنية، لتجنب الانكماش والحفاظ على شكل الملابس وجودتها عند الغسيل بدرجات مرتفعة.
الملابس شديدة الاتساخبقع الطين والزيت وبقايا النباتات على ملابس العمل أو البستنة قد تنتقل إلى قطع أخرى إذا غُسلت دون معالجة مسبقة، كما أن استخدام كميات كبيرة من المنظف لمحاولة إزالتها قد يضعف الألياف مع الوقت. لذا، من الأفضل معالجة البقع فور ظهورها قبل الغسيل، واستخدام دورة مناسبة للحفاظ على متانة النسيج. وينصح بغسل الملابس شديدة الاتساخ بشكل منفصل عن بقية القطع لتجنب انتقال الأوساخ والألوان.
الغسيل ليس مجرد عملية تنظيف، بل هو استثمار في الحفاظ على الممتلكات. إن فهم "شخصية" كل نسيج ولون هو ما يفصل بين الغسيل العشوائي والغسيل الذكي. إن فصل الملابس ليس رفاهية، بل هو ضرورة عملية تحقق نظافة أفضل، وتحمي الاستثمار الذي تمثله الملابس، وتقلل من الهدر الناتج عن تلف الملابس مبكرا.