خطيب المسجد الحرام يوضح عقوبة من امتدت يده للحرام لزيادة ثروته
تاريخ النشر: 6th, December 2024 GMT
قال الشيخ الدكتور ياسر الدوسري، إمام وخطيب المسجد الحرام ، إن قد جاءَ الوعيدُ الشديد فيمن امتدتْ يدُهُ إلى ما حرَّمَ اللهُ من أجلِ إشباعِ شهواتِهِ ونزواتِهِ، أو زيادةِ مكاسبِهِ وأموالِهِ.
عقوبة من امتدت يده للحرامواستشهد “ الدوسري” خلال خطبة الجمعة الأولى من جمادي الآخر من المسجد الحرام بمكة المكرمة، بما ورد عَنْ خَوْلَةَ الأَنْصَارِيَّة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «إِنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَهُمُ النَّارُ يَوْمَ القِيَامَةِ».
وأوضح أنه حينَ تَضعف الديانة تضمحل الأمانةُ وتشيعُ الخيانةُ، ويدبُّ الفسادُ، فتصدأُ الضمائرُ ويَكثُرُ العقوقُ، وتُباع الذمم وتستباح الحقوق، والشريعة حذرت من الفسادِ بكلِّ صورِهِ وأشكالِهِ، وكلُّ انحرافٍ عمَّا وُضِعتْ لهُ الوظيفة فهو فسادٌ وخيانةٌ وجريمةٌ.
وتابع: وهو مُخالفةٌ للأحكام الشرعيَّةِ، والقِيَمِ الأخلاقيَّة، والأنظمَة المرعيَّة فعَن عَدِيِّ بْنِ عَمِيرَةَ رضيَ اللهُ عنهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَلٍ، فَلْيَجِئْ بِقَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ، فَمَا أُوتِي مِنْهُ أَخَذَ، وَمَا نُهِيَ عَنْهُ انْتَهَى»، رواه مسلم.
وأضاف أن من تضييعِ الأمانةِ الاعتداء على المالِ العامِ بالإهمالِ والتقصيرِ، والإسرافِ والتبذيرِ، وقبضِ الرشوةِ والاختلاسِ، وتعطيلِ مصالحِ الناسِ، قالَ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.
تضييع الأمانةوأشار إلى أن الخيانة في كلِّ مالٍ يتولاهُ الإنسانُ منَ الكبائرِ المحرَّمةِ إجماعًا، وهي منْ أعظمِ الذنوبِ، وأشرِّ العيوبِ، منوهًا بأن الخيانةُ عملٌ دنيءٌ تعافُه النفوس الكريمة، وتستقبحُه العقول السليمة، وتردُّهُ الفِطَرُ القويمةُ.
وأكد أنَّ مُحاربةَ الفسادِ ومكافحتَه واجبٌ شرعيٌّ ووطنيٌّ، لا يقتصرُ على جهةٍ مُعيَّنةٍ؛ بلْ هو مسؤوليَّةُ الجميعِ ديانةً وأمانةً وخُلُقًا، ممَّا يُوجبُ التعاونَ بين أفرادِ المجتمعِ والجهاتِ والهيئاتِ المعنيةِ؛ إرشادًا وتبصرة، ونصيحة وتذكرة.
ونبه إلى أن نصوص الوحيين حثت ورغَّبتْ في الفضائلِ، وحذَّرت ورهَّبت منَ الرذائلِ، فالشريعةُ اشتملتْ على أنْفَسِ الأعلاقِ، في الآدابِ والأخلاقِ، ما بينَ تأديبٍ وتربيةٍ، وتهذيبٍ وترقيةٍ.
ودلل بقولُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلَاقِ». رواه البيهقي، مشيرًا إلى أن مكارمَ الأخلاقِ لباسٌ تزيَّنَ بهِ الأنبياءُ الأصفياءُ، ورداء تجمَّلَ بهِ الأتقياء الحُنفاء، هي أساسٌ مِنْ أُسسِ الإسلامِ، وركيزةٌ مِنْ ركائزِ الإيمانِ ، ومظهرٌ مِنْ مظاهرِ الإحسانِ، بها تُنَالُ الدرجاتُ العَليَّةُ، والمَقَامَاتُ السَّنِيةُ، وجوارُ خيرِ البريَّةِ.
وأوصى المسلمين بتقوى الله عز وجل فإنَّها خيرُ ما تتزوَّدُونَ، وأرْجَى مَا تَدَّخِرُونَ، وهي النَّجاةُ ممَّا تَحذَرُونَ، وبهَا تُرزقُون مِنْ حيثُ لا تحتسبونَ، لافتًا إلى أن الله تعالى منَّ على نبيهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بكمالِ العقلِ، والرأيَّ الجَزْلِ، والكلامِ الفَصْلِ، وزيَّنَهُ بالأعمالِ الصالحةِ، والأخلاق الكاملة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: خطيب المسجد الحرام خطبة الجمعة من المسجد الحرام إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور ياسر الدوسري المزيد المزيد ى الله إلى أن
إقرأ أيضاً:
ضيوف الرحمن يتوافدون إلى المسجد الحرام لأداء «طواف القدوم»
أحمد شعبان (مكة المكرمة)
يواصل حجاج بيت الله الحرام من مختلف أنحاء العالم التوافد إلى السعودية لأداء مناسك الحج هذا العام، وسط أجواء روحانية وإيمانية، فيما كشف مدير الأمن العام، رئيس اللجنة الأمنية في الحج، الفريق محمد البسامي، أن فرق الأمن العام أخرجت أكثر من 205 آلاف شخص من مكة لمحاولتهم الحج بلا تصريح. ووصل الحجاج لأداء «طواف القدوم»، وهو الطواف الذي يؤديه الحاج عند وصوله إلى مكة المكرمة تحية للمسجد الحرام.
وخلال أداء «طواف القدوم» لدى وصولهم إلى مكة المكرمة، عبّر بعض الحجيج عن سعادتهم الغامرة لأنهم سيؤدون أخيراً هذه الفريضة لأول مرة.
وحشدت السلطات هذا العام أكثر من 40 جهة حكومية و250 ألف موظف، ورفعت مستوى استعدادها لمواجهة مخاطر الحرارة الشديدة.
وسجلت الإحصائية الصحية السعودية تجاوز إجمالي الخدمات الصحية المقدمة لحجاج بيت الله الحرام حتى أمس، 91 ألف خدمة، وذلك ضمن الجهود المشتركة بين مختلف مكونات المنظومة لتقديم رعاية صحية رفيعة الجودة والكفاءة لتمكين ضيوف الرحمن من أداء مناسكهم بيسر وأمان.
وشدد علماء من الأزهر على أهمية الضوابط والشروط والإجراءات التي وضعتها السعودية لموسم الحج، بهدف مواجهة ظاهرة الحجاج غير النظاميين، ومنع دخول المخالفين، مؤكدين أنها تحافظ على أمن وسلامة الحجاج، وتمكنهم من أداء المناسك بسهولة ويسر.
وأوضح هؤلاء، في تصريحات لـ«الاتحاد»، أن قرارات المملكة تأتي ضمن إطار السياسة الشرعية التي تراعي المصلحة العامة، خاصة أن الأماكن المقدسة في مكة والمدينة لها قدرة استيعابية معينة، مؤكدين أن التنظيم واجب ديني ووطني، داعين الحجاج إلى الالتزام التام بالإجراءات المعلنة، لأن الهدف الأساسي منها هو تمكين الناس من أداء عباداتهم في أمن وسلام وتنظيم، بعيداً عن الفوضى والتكدس.
وثمَّن عميد كلية القرآن الكريم السابق في جامعة الأزهر، الدكتور عبدالفتاح خضر، الجهود التي تبذلها السعودية للحفاظ على الأمن والنظام في الحرمين الشريفين، وتنظيم دخول الحجيج إلى الأراضي المقدسة، وتيسير حركتهم داخل المشاعر، مثل عرفات ومزدلفة ومنى، وكذلك المسجد النبوي في المدينة المنورة، مشيداً بالإجراءات التنظيمية التي أعلنت عنها المملكة لتنظيم موسم الحج لهذا العام.
ودعا خضر، في تصريح لـ«الاتحاد»، الحجاج إلى الالتزام الكامل بتعليمات المملكة وقوانينها، احتراماً لقدسية المكان، وحرصاً على إنجاح موسم الحج، موضحاً أن أداء فريضة الحج يتطلب الاستطاعة.
وأكد أن من يحاول المراوغة أو التحايل أو دخول الأراضي السعودية خلسة، فإنه يفتقد لشروط القبول، لأن الحج أصبح يُؤدى الآن من قبل ملايين المسلمين، والتنظيم ضروري لتفادي الفوضى.
بدوره، اعتبر المتحدث باسم جامعة الأزهر، الدكتور أحمد زارع، أن الضوابط التي وضعتها المملكة لموسم الحج تُعد خطوة مهمة لتنظيم أداء المناسك ومنع الفوضى، محذراً من عدم التزام بعض الحجاج، وعدم الحصول على التصاريح القانونية المطلوبة، يؤدي إلى تكدس في المشاعر، وزيادة الضغط على الخدمات، وعرقلة سير المناسك.
وأوضح زارع، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن انتظام الحج وسهولة أدائه يتطلبان فرض الإجراءات والغرامات المناسبة، لمنع كل من يحاول أداء الشعيرة من دون أوراق وتصاريح رسمية، حيث إن هذه المخالفات تؤثر سلباً على عمل الجهات المعنية، وتُخرج الأمور عن السيطرة، مما يؤدي إلى إيذاء ضيوف الرحمن.
من جهته، شدد أستاذ الشريعة والقانون في جامعة الأزهر، الدكتور مصطفى عرجاوي، على أن المملكة تتحمل مسؤولية عظيمة في تنظيم موسم الحج، وتعمل على توفير بيئة آمنة وصحية تُمكن الحجاج من أداء مناسكهم بعيداً عن المخاطر، مؤكداً أن التعليمات والضوابط التي وُضعت ليست فقط ضرورية بل مشروعة من الناحية الشرعية، لأنها تهدف إلى حفظ النفس البشرية، وهو من المقاصد الكبرى في الشريعة الإسلامية.
تنظيم الدخول
وقال عرجاوي، في تصريح لـ«الاتحاد»، إن أعداد المسلمين في العالم تجاوزت المليار ونصف المليار، ومن يستطيع الحج منهم بالملايين، بينما لا تستوعب المشاعر المقدسة أكثر من مليوني حاج، فيجب وضع نظام صارم لضبط العدد وتنظيم الدخول.
وأضاف أن من يأتي إلى الأراضي المقدسة من دون تصريح يُعرض نفسه والآخرين للخطر، ومن يُمنع من أداء المناسك بسبب هذه الأنظمة فله عذره من الناحية الشرعية، لأن الاستطاعة لا تقتصر على القدرة المادية أو الجسدية، بل تشمل أيضاً الالتزام بالشروط النظامية، والتي تُعد جزءاً من فقه الواقع ومصلحة الجماعة.