حكم القراءة من المصحف أثناء الصلاة
تاريخ النشر: 7th, December 2024 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية إن القراءة من المصحف أثناء الصلاة جائزةٌ شرعًا ولا كراهة فيها؛ سواء أكان ذلك في الفريضة أم النافلة.
مذهب الشافعية والحنابلة في القراءة من المصحف في الصلاة
وأوضحت الإفتاء أن من أفضل القربات والسُّنن الحَسَنات أن يجمع الإنسان بين الحُسنيين، وهما الصلاة، وقراءة القرآن، فيحرص على ختم القرآن الكريم في صلاته، ولما كان من غير المتيسر لكل واحدٍ أن يقوم بذلك من حفظه تكلم الفقهاء عن إمكانية الاستعانة بالقراءة من المصحف في الصلاة، وذلك عن طريق حمله في اليد، أو وضعه على حامل يُمَكِّن المصلي من القراءة.
وأضافت أن مذهب الشافعية، والمفتَى به في مذهب الحنابلة هو جواز القراءة من المصحف في الصلاة للإمام والمنفرد لا فرق في ذلك بين فرض ونفل وبين حافظ وغيره، وهذا هو المعتمد، ونقله الإمام ابن قُدامة في "المغني" (1/ 336) عن عطاء ويحيى الأنصاري من فقهاء السلف.
وفي صحيح البخاري معلَّقًا بصيغة الجزم، ووصله ابن أبي شيبة في "المصنف" (2/ 235)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (2/ 253) عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: "أنها كان يؤمها عبدُها ذكوان ويقرأ من المصحف".
وسُئِل الإمام الزهريُّ عن رجلٍ يقرأ في رمضان في المصحف، فقال: كان خيارنا يقرءون في المصاحف. "المدونة الكبرى" (1/ 288-289)، و"المغني" لابن قدامة (1/ 335).
وكما أن قراءة القرآن عبادةٌ فإن النظر في المصحف عبادةٌ أيضًا، وانضمامُ العبادة إلى العبادة لا يوجب المنع، بل يوجب زيادة الأجر؛ إذ فيه زيادة في العمل من النظر في المصحف؛ قال حجة الإسلام الغزالي في "إحياء علوم الدين" (1/ 229): [وقد قيل الختمة في المصحف بسبع؛ لأنَّ النَّظر في المصحف أيضًا عبادة] اهـ.
والقاعدة الشرعية أن "الوسائل تأخذ حكم المقاصد"، والمقصود هو حصول القراءة، فإذا حصل هذا المقصود عن طريق النظر في مكتوبٍ كالمصحف كان جائزًا؛ قال الإمام النووي في "المجموع" (4/ 27): [لَوْ قَرَأَ الْقُرْآنَ مِنْ الْمُصْحَفِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ، سَوَاءٌ كَانَ يَحْفَظُهُ أَمْ لَا، بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَحْفَظِ الْفَاتِحَةَ كَمَا سَبَقَ، وَلَوْ قَلَّبَ أَوْرَاقَهُ أَحْيَانًا فِي صَلَاتِهِ لَمْ تَبْطُلْ] اهـ.
وقال العلامة منصور البُهُوتِي الحنْبلي في "كشَّاف القِنَاع" (1/ 384): [وله -أي المصلِّي- القراءةُ في المصحف ولو حافظًا، والفرض والنفل سواء؛ قاله ابن حامد] اهـ.
مذهب الحنفية في القراءة من المصحف في الصلاة
يرى الحنفية أن القراءة من المصحف في الصلاة تفسدها، وهو مذهب ابن حزم من الظاهرية، واستَدَل على ذلك بأدلةٍ منها:
ما أخرجه ابن أبي داود في كتاب "المصاحف" (655) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "نَهَانَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يُؤَمَّ النَّاسُ فِي الْمُصْحَفِ، وَنَهَانَا أَنْ يَؤُمَّنَا إِلَّا الْمُحْتَلِمُ". وهذا أثرٌ لا يَثْبُت؛ ففي إسناده نَهْشَل بن سعيدٍ النيسابوري، وهو كذَّابٌ متروك، قال عنه البخاري في "التاريخ الكبير" (8/ 115): [أحاديثه مناكير] اهـ، وقال النسائي كما في "تهذيب التهذيب" (10/ 427): [ليس بثقة، ولا يُكتَب حديثُه] اهـ.
ومنها: أن حمل المصحف والنظر فيه وتقليب أوراقه عملًا كثيرًا مبطلًا للصلاة؛ أمَّا الحمل فقد صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حاملًا أُمامة بنت أبي العاص على عاتقه، فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها.
وأمَّا تقليب أوراق المصحف فقد جاءت بعض الأحاديث الدَّالة على إباحة العمل اليسير في الصلاة، والتقليب هو من جنس هذا العمل اليسير المغتفر، والقراءةُ من المصحف لا يلزم أن تصل لحدِّ العمل الكثير، فتقليبُ أوراق المصحف يكون في أضْيَقِ نطاق لبعد الزمان بين طَيِّ الصفحة والتي بعدها، ولكون التقليب في ذاته عملًا يسيرًا، وقد يُستعان على هذا بوضع المصحف ذي الخط الكبير على شيء مرتفع أمام المصلي ليقرأ منه الصفحة والصفحتين، ولا يحتاج إلى تقليب الأوراق كثيرًا.
وذهب الصاحبان من الحنفية أبو يوسف القاضي ومحمد بن الحسن الشيباني إلى أن القراءة من المصحف في الصلاة مكروهةٌ مطلقًا سواء في ذلك الفرض والنفل، ولكنها لا تفسد الصلاة؛ لأنها عبادة انضافت إلى عبادة، ووجه الكراهة أنها تَشَبُّهٌ بصنيع أهل الكتاب.
مذهب المالكية في القراءة من المصحف في الصلاة
ذهب المالكية إلى التفرقة بين الفرض والنفل؛ فرأوا كراهة قراءة المصلِّي في المصحف في صلاة الفرض مطلقًا سواء كانت القراءة في الأول أو في الأثناء، وكذلك يكره في النافلة إذا بدأ في أثنائها؛ لاشتغاله غالبًا، ويجوز ذلك في النافلة إذا ابتدأ القراءة في المصحف من غير كراهةٍ؛ لأنه يغتفر فيها ما لا يغتفر في الفرض. "منح الجليل شرح مختصر خليل" (1/ 345).
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المصحف قراءة المصحف قراءة حكم قراءة المصحف الصلاة القراءة من المصحف فی الصلاة فی المصحف
إقرأ أيضاً:
هل تجوز الصلاة بالسلسلة للرجال؟.. الإفتاء تجيب
هل تجوز الصلاة بالسلسلة للرجال؟ سؤال أجاب عنه الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الأزهر الأسبق.
وقال إن صلاة المؤمن جائزة في كل الأحوال حتى إذا صلى وهو يرتدي ذهبا وليس فضة، ولكن ارتداء الرجل لأي أشياء من الحلي بغض النظر عن معدنها غير خاتم الفضة، فهو نوع من التحلي والتزين الذي لا يجوز إلا للنساء.
وأشار فى تصريح له الى أن الله سبحانه وتعالي حرم الذهب على الرجال لقوله عز وجل: «أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ» وهنا يقصد بهم النساء وليس الرجال.
هل تجوز صلاة الرجل بـالفانلة الحمالات بسبب الحر
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه: هل تجوز الصلاة للرجل بـ"الفانلة الحمالات" بسبب الحر؟
و أجاب الشيخ محمود شلبي، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، عن السؤال، قائلا إنه يجوز الصلاة بتلك الملابس ولا مانع من ذلك بالنسبة للرجل،
وأوضح خلال فيديو نشرته دار الإفتاء عبر قناتها على يوتيوب أن عورة الرجل في الصلاة تبدأ من السرة إلى الركبة.
وأشار الى بأنه من الأولى والأفضل ان يستر الإنسان نفسه، وقد ورد الطلب في السنة النبوية بذلك.
حكم الصلاة في جماعة عبر الانترنت وهل تقبل
حكم الصلاة عبر الإنترنت جماعة هل تجوز شرعا ؟.. اعيش فى إنجلترا والمساجد لدينا مغلقة، فهل يجوز لي إقامة الجماعة للصلوات الخمس والتراويح والجمعة من خلال الإنترنت عبر برنامج "زووم"؟.. سؤال تلقته دار الإفتاء المصرية، خلال إحدى حلقات البث المباشر للصفحة الرسمية للدار على فيسبوك.
وأكد الدكتور محمد وسام - أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية - أن هناك فارقا كبيرا بين متابعة ومشاهدة وسماع القرآن والصلاة، وبين أن تأتم بالإمام عبر هذا البرنامج.
وأشار إلى أن صلاة الجماعة شرطها الأساسي هي أداؤها فى مكان واحد، وأما اتباع الصلاة خلف إمام عبر الإنترنت فهذا الأمر غير مشروع ولا يعد بهذا أنه أدى الصلاة جماعة لأنها فاقدة شرطها الأساسي شرعًا.