يُنتظر أن تبدأ اللجنة الخماسية لمراقبة تطبيق اتفاقية وقف إطلاق النار في جنوب لبنان، مهمتها بشكل عملي، منتصف الأسبوع المقبل، برئاسة الجنرال الأميركي جاسبر جيفيرز، التي يُفترض أن يشكل حضورها على الأرض بداية لوقف الانتهاكات الإسرائيلية للاتفاقية.

وأوضح مصدر أمني لبناني أن اللجنة «بدأت تأخذ دورها منذ وصول الجنرال جيفيرز الذي سيترأس اجتماعاً أولياً للجنة خلال ساعات».

وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن اللجنة «استكملت هيكليتها مع وصول الجنرال الفرنسي غيوم بونشان إلى بيروت ولقائه قائد الجيش العماد جوزف عون الذي اطلع منه على طبيعة عمله، ودور الفريق الفرنسي في اللجنة، وقيام بونشان بجولة على القيادات اللبنانية». وقال: «ستعقد اللجنة خلال الساعات القليلة المقبلة اجتماعها الأولي في مقرّ قيادة قوات (اليونيفيل) في الناقورة لوضع خطّة تنسيق لما يسمّى (فكّ الاشتباك) ما بين الطرفين اللبناني والإسرائيلي، ومنع أي تصادم ما بين الجيش الإسرائيلي والجيش اللبناني».
وأشار المصدر الأمني إلى أن «كل طرف لديه علم بانتهاك ما، يخطر اللجنة به فوراً، وتقوم الأخيرة بالتحقق منه ومعالجته بأقصى سرعة، حتى لا يستدعي انتهاكاً مقابلاً». وقال: «الجانب اللبناني يبلغ اللجنة بأي خرق إسرائيلي، وجيش العدو يبلغها في حال اكتشف خرقاً على الطرف الآخر، وتتولى اللجنة معالجة هذه الخروقات».
وقال المصدر الأمني إن اللجنة «أمامها 60 يوماً لمعالجة كل الخروقات ومواكبة انسحاب الجيش الإسرائيلي من البلدات اللبنانية والأراضي اللبنانية التي يحتلّها، وستكون هناك آلية واضحة ومحددة الأهداف لتطبيق القرار (1701)».
ومنذ اليوم الأول لمباشرة دورها على الأرض، ستكون اللجنة أمام اختبار نجاحها في تنفيذ اتفاقية وقف النار وتنفيذ القرار «1701». ووضع حدّ للخروقات الإسرائيلية التي لم تتوقف منذ دخول الاتفاقية حيّز التنفيذ عند الساعة الرابعة من فجر الأربعاء في 27 تشرين الثاني الماضي.

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

بين خطابين.. خليل الحية والجنرال السيسي

"يا أهل مصر، يا قادة مصر، يا جيش مصر وعشائرها وقبائلها وعلماءها وأزهرها وكنائسها ونخبها: أيموت إخوانكم من الجوع وهم على حدودكم، وعلى مقربة منكم" (القائد الفلسطيني خليل الحية في نداء متلفز للشعبين المصري والأردني).

نداء إنساني يخاطب ضمائر المصريين بعد أن عجزت كل محاولات السياسة والسياسيين، توجه القائد الفلسطيني خليل الحية إلى الشعوب مباشرة، وهي محاولة رجل يشعر بآلام شعبه ويعيش هموم مواطنيه بعد أن أدرك أن الساسة العرب قد باعوا القضية وانحازوا للطرف الصهيوني المعتدي، فكان حتما ولا بد أن يخاطب المجتمعات بكل ما فيها، لعل وعسى أن تجد كلماته آذانا صاغية وقلوبا واعية. وأظن أنها وجدت ذلك وحرّكت بعض المياه الراكدة في المحيط العربي الآسن.

لقد تحركت الشعوب العربية وابتكرت طرقا جديدة بعد أن لم تجد صرخات الأطفال والنساء في غزة من يستجيب لها سوى بالكلام أو الصمت طويلا، وأنا هنا معني بتحليل ليس مغزى خطاب الحية فهو واضح لا يحتاج إلى تفسير، ولكن المطلوب هو فهم التوقيت الذي جاء فيه خطابه بل نداؤه.

1- جاء في خضم التفاعل الدولي والعجز العربي الرسمي.

2- جاء بعد أن بدأ العرب المقيمون في الخارج حملة "وضع الأقفال" على السفارات المصرية في الخارج، وتحديدا في أوروبا ثم انتقلت إلى اليابان وجنوب أفريقيا، ولا تزال مستمرة.

3- جاء البيان في ظل عدم تقديم الدعم اللازم للموقف الفلسطيني في التفاوض بعد إعلان ترامب سحب مفاوضيه وإدانة حماس، وكان المفترض أن يعلن الوسيطان العربيان (مصر وقطر) عن رفضهما لإدانة حماس وتعرية الموقف الصهيوني.

4-جاء البيان بعد أن قام ترامب بالانضمام إلى حملة نتنياهو الزاعمة أنه لا يوجد مجاعة تارة، وتارة أخرى أن حماس تسرق المساعدات.

أما لغة البيان فقد ابتعدت عن السياسة الرسمية أو إدانة أحد، بل توجهت مباشرة للقوة الفاعلة أو التي يجب أن تكون فاعلة في كل المجتمعات، واستدعى البيان لغة الإسلام وحسن الجوار (يا أهل مصر.. هل يموت إخوانكم جوعا؟)، وهذا ما جعل البيان يصل للقلوب ويحرك المشاعر. وكان من بين أهم آثاره المباشرة هو خروج حاكم مصر الجنرال السيسي ولأول مرة في تاريخ الحكام المصريين؛ يخرج ليدافع عن نفسه في موضوع فلسطين فقط لا غير، وقد جرت العادة أن يكون الموضوع ضمن خطابات رسمية أو على هامشها.

يأتي خطاب الجنرال بعد حملة ضغوط شعبية واسعة، وأظنه كان مضطرا ليس استجابة للضغط الشعبي ولكن استجابة لضغط مراكز القوى ومفاصل الدولة وعلى رأسها الجيش والشرطة التي حذرته من انفجار قادم لا يقدر على مواجهته أحد، خصوصا بعد موضوع اقتحام بعض الشباب المتأثرين بحصار غزة مقر أمن الدولة في منطقة حلوان بالقاهرة وما أثير حولها وبعدها من عزل رئيس جهاز أمن الدولة، وهو منصب اعتادت الداخلية على استمرار من يشغله لفترات طويلة دون تغيير، إضافة إلى حملة قفل السفارات، وقتل مواطن في مقر أمن الدولة في محافظة الشرقية والاحتجاجات الشعبية على محدوديتها، ناهيك عن صورة مصر التي تشوهت وتقزمت على مدار الأشهر الماضية، أضف إلى ذلك الأوضاع المعيشية السيئة والمعاملة غير الآدمية للمواطنين على كافة المستويات في الدولة.

أما أهم الملاحظات على خطاب السيسي ناهيك على أنه متفرد من نوعه، فالخطاب أظهر ما يلي:

1- بؤس الحالة التي ظهر عليها الجنرال شكلا من حيث لبس الزي الأسود، ومضمونا من حيث اختيار الكلمات وضعف التعبيرات.

2- الخطاب الدفاعي والتبريري البائس عن موقف مصر على غرار قوله: "أقول للمصريين إننا لا يمكن أن نقوم بدور سلبي تجاه أشقائنا في غزة".

3- شعوره بقلة الحيلة وعدم القدرة على اتخاذ أي إجراء (سلمي) ضد الكيان الصهيوني ولو من باب التهديد، على غرار ما قام به رئيس وزراء هولندا ديك شوف؛ الذي ربط بين إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة فورا وإلا فستعلن بلاده الانضمام إلى تعليق مشاركة الكيان في برنامج الأبحاث الأوروبي.

4- فقدان الثقة في القدرة على الفعل منفردا أو من خلال المنظومة العربية والإسلامية، لذا لم يتوجه لأي من المنظومتين، وتوجه إلى دونالد ترامب بصفته كفيل كل الأنظمة في المنطقة وترجّاه أن يفعل شيئا، وهذا نداء العاجز البائس العليل الذي لا يثق في ذاته وليس لديه القدرة على الفعل أيما كان.

5- الدفاع عن نفسه بأنه ليس بخائن وليس بعميل من خلال ترديد كلمات دائما ما يقوله في معرض دفاعه عن نفسه منذ الانقلاب على الرئيس الراحل محمد مرسي (أنا مخلص وأمين جدا خالص)، حين قال: "دورنا محترم ومخلص وشريف".

6- تكرار مقولة "المعبر مفتوح.. المعبر مفتوح"، ورغم ذلك يناشد بإدخال المساعدات ويطالب ترامب بانهاء الحرب وإدخال المساعدات، فإذا كان المعبر مفتوحا فلماذا لا تسمح مصر بدخول الشاحنات أو القوافل أو المنظمات الإنسانية التي تنادت من كل أنحاء العالم مطالبة بالدخول إلى غزة؟ ولماذا خرجت وسائل إعلام النظام تشيد بدخول مساعدات مصرية عبر المعبر قبل يومين من خطاب الجنرال الأخير؟

7- ادعاء الفضيلة بقوله "مانقدرش نمنعه، لا أخلاقياتنا ولا قيمنا تسمح لنا بكده، ولكن التنسيق مع الطرف الآخر". ويلاحظ أنه لم يقل ديننا يمنع ذلك بل قال أخلاقياتنا وقيمنا، ولا أدري أين كانت تلك الأخلاق وهو يعتقل ويحاكم كل من هب لنصرة غزة وأهلها، ويحاصر الشعب المصري ويمنع من التظاهر نصرة لغزة وفلسطين.

8- ادعى أن مصر قامت بإدخال "أكبر حجم من المساعدات" ولم يذكر رقما يمكن الرجوع إليه، وهذا يعني الكذب الصراح ومحاولة تحسين الصورة التي تشوهت بفعل النظام وجرائمه.

9- أعاد تكرار أسطوانة رفض التهجير وهي أسطوانة مشروخة كما نقول في مصر، إذ إن هذا الشعار الجميل أخفى خلفه قضية مهمة وهي التغطية على جرائم الصهاينة ومجازرهم وحرب التجويع، وكأن رفض التهجير يعني القبول بكل تفعله دولة الاحتلال وداعموها.

10- يلاحظ أنه لم يوجه أصابع الاتهام مباشرة إلى دولة الكيان وكأنه محرم عليه فعل ذلك، رغم قيام قادة دول غربية بإدانة قادة الكيان واتهامهم، كما فعلت المحكمة الدولية بارتكاب جرائم حرب.

في رأيي المتواضع، خطاب الجنرال الأخير يشبه إلى حد كبير خطابات مبارك في أواخر أيامه عند اندلاع ثورة 25 يناير (2011) وإن اختلفت الظروف، وأن الحالة المزرية وحالة الاستجداء تلك ليس مقصودا منها دعم غزة ولا فك الحصار ولا وقف القتال، وإنما الهدف هو تنبيه الإدارة الأمريكية إلى خطورة موقف الجنرال في مصر وأنه في وضع ضعيف وهزيل وأنه قد يكون على وشك السقوط، فكان الخطاب عبارة عن رسالة موجزة ملخصها: "أنقذوني.. وإلا".

مقالات مشابهة

  • مناقشة مستوى تنفيذ الحكومة لتوصيات مجلس النواب
  • بين خطابين.. خليل الحية والجنرال السيسي
  • الهيئة الوطنية تحدد 8825 مقرا للتصويت فى انتخابات مجلس الشيوخ
  • اتفاقية بين لبنان وسوريا قيد التحضير : تبادل سجناء أم اختبار ثقة؟
  • احتجاجات في حضرموت بعد أيام من محاصرة لجنة برلمانية من قبل موالين للانتقالي
  • وزير خارجية البرازيل: المحنة التي يمر بها الفلسطينيون اختبار للقانون الدولي
  • الجيش اللبناني يوقف 90 سوريا ودمشق تستاء من تلكؤ في ملف الموقوفين
  • الجيش الإسرائيلي يعلّق عملياته في 3 مناطق ب غزة
  • التغير المناخي أمام العدل الدولية.. هل تقاضي البلدان الفقيرة الدول الصناعية؟
  • مسيرة بإسطنبول ضد الإبادة الإسرائيلية والتجويع بغزة