لأول مرة وبعد مرور أكثر من 1700 عام على جعل عيد الميلاد "الكريسماس" رمزًا للفرح والبهجة كشفت دراسة حديثة عن ملامح وجه الأسقف نيكولاس، الذي كان مصدر الإلهام لشخصية "سانتا كلوز" أو "بابا نويل".

واعتمد العلماء في الدراسة، التي نشرت في مجلة "OrtogOnLineMag" على بيانات مستخلصة من جمجمة القديس نيكولاس من ميرا، الذي اشتهر بكرمه وتقديم الهدايا، لإعادة تشكيل صورته ذات اللحية البيضاء، باستخدام تقنيات إعادة البناء الجنائي.

وتُظهر الصور التي تعود إلى القرن الرابع، ملامح القديس بجبهة عريضة وشفتين رفيعتين وأنف مستدير، وفقا لما أوضحه المؤلف الرئيسي للدراسة، شيشرون مورايس، الذي أكد أن هذا التصميم يعتمد على "توقعات إحصائية" ومقاربات "فنية"، وفقا لموقع "إنكوايرر".

وعلى الرغم من وفاة الأسقف عام 343 ميلادية، أي قبل ظهور التصوير الفوتوغرافي بقرون، فإن الصور ثلاثية الأبعاد الحديثة تظهر وجها يمتاز بالقوة واللطف.

وأوضح مورايس أن الجمجمة تتميز بأبعاد أفقية أكبر من المتوسط، ما يعكس مظهرا قويا، يعززه وجود لحية كثيفة، وهو ما يتطابق مع التصور السائد لشخصية "سانتا كلوز".

وقال شيشرون مورايس، في الدراسة الحديثة: "بدأنا بإعادة بناء الجمجمة باستخدام تقنية ثلاثية الأبعاد استنادا إلى البيانات المتاحة، ثم استخدمنا تقنية التشوه التشريحي، إذ تم تعديل التصوير المقطعي لرأس شخص حي لتتطابق جمجمة المتبرع الافتراضي مع جمجمة القديس".

وأضاف أن الصورة النهائية هي نتيجة دمج كل هذه المعلومات، لتحقيق تماسك تشريحي وإحصائي.

وكان القديس نيكولاس من ميرا، المعروف بمكافأته للأطفال المطيعين بالهدايا، مصدر إلهام لشخصية "سانتا كلوز" الهولندية، التي تطورت لاحقا إلى الصورة الشهيرة للرجل المرح الذي يوزع الهدايا على الأطفال في أمريكا.

وأعرب شيشرون مورايس، عن دهشته من مدى توافق الصور المستندة إلى البيانات العلمية مع الأوصاف الأدبية القديمة لـ"سانتا كلوز"، مثل قصيدة "كانت ليلة عيد الميلاد" عام 1823، التي أشارت إلى "وجنتيه المتوردتين ووجهه العريض وأنفه الذي يشبه الكرز".

وأظهرت دراسة بقايا رفات القديس، أنه كان يعاني من التهاب مفاصل مزمن في العمود الفقري والحوض، بالإضافة إلى جمجمة سميكة يُرجح أنها سببت له صداعًا متكررًا.

وأشار العلماء إلى أن القديس ربما كان يعتمد على نظام غذائي نباتي بشكل أساسي.

وعلى الرغم من أن القديس نيكولاس دُفن في الأصل في ميرا، التي تقع في تركيا الحديثة، لكن رفاته نُقلت لاحقا إلى مدينة باري الإيطالية، حيث تُحفظ حتى اليوم.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: سانتا كلوز بابا نويل الكريسماس سانتا کلوز

إقرأ أيضاً:

في ذكرى ميلاده.. «نجيب محفوظ» رجل صاغ القاهرة من طين الحكايات وصنع للروح العربية مرآتها الحقيقية

في كل ذكرى لميلاد نجيب محفوظ، تُفتح نافذة سرّية على وجدان الأمة؛ كأننا نتذكّر فجأة أن هذا الرجل لم يكن مجرد روائي، بل كان «ذاكرة جماعية» تمشي على قدمين، كان يمسك بالقلم كما يمسك العازف بوترٍ حساس، يضربه برفقٍ مرة، وينفجر منه اللحن مرة أخرى، ليرسم من خلاله ملامح الإنسان في ضعفه وقوته، خضوعه وتمرده، خطيئته وخلاصه.

لم يكن محفوظ يكتب روايات بقدر ما كان يكتب خريطة الروح، يقتفي أثر الإنسان في شوارع القاهرة، يلتقط تنهيدتها، يلاحق صمتها، ويعيد تشكيلها في نصوصٍ تشبه المدن القديمة: صلبة، معقدة، لكنها مسكونة بالدفء والدهشة، في يوم ميلاده، يعود السؤال الأبدي: كيف تحوّل ابن الجمالية الهادئ إلى الأب المؤسس للرواية العربية الحديثة، وإلى الاسم الذي هزّ المؤسسة الأدبية العالمية حتى فتحت له أبواب نوبل؟

من الجمالية إلى العالم.. رحلة طفل مفتون بالأسئلة

وُلد نجيب محفوظ عام 1911 في قلب القاهرة الفاطمية، بين الأزقة التي ستصبح لاحقًا وطنًا كاملاً لأبطال رواياته. لم يكن طفلاً صاخبًا؛ كان مراقبًا، ينصت أكثر مما يتكلم، يجمع التفاصيل الصغيرة مثل مقتنيات أثرية، ليعيد صياغتها في ذاكرته بحسّ فلسفي مبكر.

طموحه الأول كان الفلسفة، وقرأ بشغف لابن خلدون وتوفيق الحكيم واليونانيين، لكنه اكتشف سريعًا أن المقال لا يسعه، وأن الرواية هي الوسيط الأقدر على حمل أسئلته الوجودية، هكذا وُلد الروائي من رحم الفيلسوف.

بدأ محفوظ بكتابة الرواية التاريخية عن مصر القديمة، قبل أن يقفز إلى الحاضر بقوة، ليُطلق أكبر مشروع روائي عرفه الأدب العربي: الثلاثية. لم تكن الثلاثية مجرد حكاية عائلة، بل كانت وثيقة حية لبنية المجتمع المصري بين الحربين، وصورة عميقة لتحولات الطبقة والسلطة والوعي.


كاتب يكتب بالانضباط قبل الإلهام.. وسر الساعة الواحدة

كان نجيب محفوظ نموذجًا نادرًا في الانضباط: يكتب ساعة واحدة فقط في الصباح، في الموعد نفسه، وبالهدوء نفسه، وكأنه موظف في محراب الكتابة.
لم يؤمن بالكتابة المزاجية، وكان يرى أن “الإبداع الحقيقي يحتاج نظامًا صارمًا، وإلا ضاع العمر في محاولات لا تكتمل”.

الغريب أن هذا الانضباط لم يُنتج نصوصًا جامدة، بل أعمالًا مليئة بالروح، مشتعلة بالحياة، وكأن تلك الساعة الواحدة كانت نافذته الوحيدة على الخلود، ورغم شهرته الطاغية، كان يتجنب الأضواء، وينفر من الكاميرات، ويعيش حياة شديدة البساطة. حتى جائزة نوبل لم يذهب لاستلامها، وبقي وفيًّا لمقهاه وأصدقائه وطقوسه الصباحية.

«أولاد حارتنا».. الجرح الذي لم يندمل

من بين كل أعماله، تبقى رواية “أولاد حارتنا” هي الأكثر إثارة للجدل، والأقرب إلى قدره الشخصي، عندما نُشرت في الأهرام عام 1959 انفجرت معركة ثقافية كبرى، ووُجهت إليها اتهامات قاسية دون أن يقرأها معظم من هاجموها.

حُوصرت الرواية لسنوات ومنعت من النشر في مصر، وأصبح محفوظ هدفًا للغضب وسوء التأويل، حتى جاءت محاولة اغتياله عام 1994 على يد شاب لم يرَ الرواية في حياته.

ومع ذلك، بقي محفوظ ثابتًا: «أنا أكتب عن الإنسان.. وليس عن العقائد»، كان يؤمن أن الأدب لا يعادي أحدًا، بل يكشف الظلم أينما كان، ويبحث عن العدالة داخل النفس البشرية قبل أن يبحث عنها في العالم.

حكيم الحارة المصرية.. الذي عرف سرّ الإنسان

يقول مقربوه إنه كان قادرًا على سبر النفوس بنظرة واحدة.
لم يكن يرفع صوته، ولم يكن ساخرًا بطبعه، لكنه كان يرى ما لا يراه الآخرون: يقرأ القلق على الوجوه، ويتتبع الشهوات الصغيرة، ويُمسك بين السطور بما يختبئ خلف الأقنعة.

ولهذا أحب الناس أعماله.. لأنهم وجدوا أنفسهم فيها، كان محفوظ يكتب عن البسطاء، لكنه في الحقيقة كان يكتب عن البشرية كلها.


ما بعد نوبل.. العالم يكتشف القاهرة من جديد

عندما مُنح محفوظ جائزة نوبل للآداب عام 1988، تغيّر مكان الأدب العربي في العالم، أصبح اسم القاهرة مرتبطًا بالرواية، وأصبحت الحارة المصرية رمزًا عالميًا للدهشة الإنسانية، ترجمت أعماله إلى لغات العالم، وتحوّلت إلى أفلام ومسلسلات قاربت الوعي الجماهيري العربي لعقود.

وبعد محاولة اغتياله، ومع ضعف يده، لم يتوقف عن الكتابة. كان يملي “أحلام فترة النقاهة” بصوت خافت، كأنها رسائل أخيرة يبعثها من على حافة الألم، وتحوّلت تلك الأحلام القصيرة إلى واحدة من أهم وأغرب تجارب السرد العربي الحديث.

في ميلاده.. نعود إلى الرجل الذي كتب ليحيا

في ذكرى ميلاد نجيب محفوظ، نعود إلى الرجل الذي لم يكتب ليشتهر، بل كتب ليعيش، الذي حوّل الحياة العادية إلى ملحمة، والمقهى إلى صالون فلسفي، والحارة إلى كونٍ كامل.

نجيب محفوظ لم يكن صوت جيل، بل صوت الإنسان في رحلته القلقة نحو الحقيقة، وبين ميلاده ورحيله، بقي شيء واحد ثابتًا: «أن الأدب يمكنه أن يغيّر العالم… حين يكتبه رجل يعرف سرّ الروح».

طباعة شارك نجيب محفوظ ذاكرة جماعية خريطة الروح شوارع القاهرة الجمالية

مقالات مشابهة

  • مركز غزة يكشف عن فقدان 1700 فلسطيني بصرهم فيما 5 آلاف مهددون جراء العدوان
  • روضة الحاج: يا بلادي أنا بالبابِ وفي كفي الأناشيدُ التي كنتِ تحبينَ
  • في ذكرى ميلاده.. «نجيب محفوظ» رجل صاغ القاهرة من طين الحكايات وصنع للروح العربية مرآتها الحقيقية
  • أوباما بقبعة سانتا.. زيارة مفاجئة تشعل فرحة تلاميذ شيكاغو (شاهد)
  • نجم الزمالك: آرني سلوت لم يعامل محمد صلاح بقيمته الفنية الحقيقية
  • تشابه الملامح السيميائية وقبول من نوع خاص.. طارق الأمير وهاني رمزي ومضة مضيئة في سياق فني متنوع
  • بابا الفاتيكان: السلام في أوكرانيا غير ممكن دون مساهمة أوروبية
  • تعطل ChatGPT على أجهزة أندرويد.. مطور التطبيق تكشف التفاصيل والحلول
  • بابا الفاتيكان يرسل مساعدات عاجلة لضحايا الأعاصير في آسيا…
  • بابا الفاتيكان يتأمل في سر الموت: عبور الإنسان نحو النور الأبدي