الأحياء التخليقية وتغيير الإنسان
تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT
أ.د. حيدر بن أحمد اللواتي **
إذا كان هناك شبه اتفاق على أنَّ المصلحة الإنسانية هي الحاكمة في إجراء تغييرات على أشكال الحياة المختلفة، فإنَّ هناك خلاف كبير حول السماح بإجراء تغييرات على الخارطة الجينية للإنسان، حتى وإن كان ذلك في مصلحته.
يقول أحد علماء الأحياء التخليقية في كتابه "Regenesis" بأنه يمكن إجراء التغييرات المطلوبة على جينوم الخلايا الجذعية للإنسان بحيث يكون الجينوم الجديد يُشابه أو يُماثل إنسان النياندرتال (الإنسان البدائي)، ومن ثم يمكن استنساخ النياندرتال بواسطة أم بديلة، هذا إذا رأت البشرية قيمة للتنوع البشري.
وكما نلاحظ فإنَّ هذا التنوع البشري ليس تنوعًا في الأعراق والأجناس بل هو تنوع في نوع الكائن البشري!
وقد يرى البعض أن هذا التنوع له أضرار بليغة وليست له فوائد تُذكر، ولكن ماذا لو أننا قمنا بانتقاء جينات مُعينة من إنسان النياندرتال وأضفناها إلى جينياتنا لحل بعض التحديات الصحية، فمن المعلوم أن النياندرتال كان يمتلك عظامًا قوية وصلبة للغاية، واليوم تُعاني الكثير من النساء مع تقدم العمر من مرض هشاشة العظام، ألا يمكن الاستعانة بجينات النياندرتال لحل هذا التحدي. وهنا لا بُد من التوضيح أننا سنقوم بتغيير في الخلايا الجنسية للبشر، ولذا فإن هذا التغير هو تغير سيرثه أبناؤنا فيما بعد.
قد يطرح البعض بأن ذلك سيولِّد آثارًا سلبية أخرى، وهذا ممكن بل سيحصل قطعًا، ولكن لنفترض أن الإيجابيات أكثر بكثير من السلبيات، فهل يصح لنا القيام بذلك؟ وهل هناك تجاوزات أخلاقية لأنَّ ذلك يُعد تغييرًا حقيقيًا في الطبيعة البشرية؟!
بالمقابل هل هناك حرج من تغيير الطبيعة البشرية؟ بحيث يصبح الإنسان أكثر قوة وصلابة في مواجهة الأمراض المختلفة، فنحن لا نجد حرجًا في معالجة الإنسان من المرض، فلماذا التحرج من وقايته من تلك الأمراض، بأن يتم تغيير جيناته بحيث تصبح أكثر قدرة على مواجهة تلك الأمراض؟
وإذا كان ذلك أمراً لا حرج فيه، لننتقل إلى خطوة أكثر جرأة، ونتساءل ماذا عن محاولة تحسين صورته وإضفاء بعض لمسات الجمال عليه، فمثلًا يمكن للأبوين اختيار لون العينين اللذين يرغبان به لولديهما.
هناك بحوث مستمرة- وإن كانت تواجه تحديات كبيرة- عن الذكاء وربطه بالخارطة الجينية، كما إن هناك بحوث حول إطالة عمر الإنسان وهي محاولات جادة وواعدة، فهل يحق للبشر هندسة الإنسان وتطويره بحيث يمكنه العيش فترات أطول وبصحة أفضل؟
وهناك بحوث جريئة وخطيرة فقد تم وبنجاح إنتاج فئران من ذكرين من الفئران ودون الحاجة إلى بويضة أنثى، وذلك بتحويل الخلايا الجذعية من أحد الفئران الذكور إلى بويضة وتلقيح تلك البويضة بالحيوان المنوي، وقد نشر البحث في مجلة "نيتشر" العالمية ذائعة الصيت وأشارت المجلة بأن تطبيق التقنية على البشر لازال يواجه الكثير من التحديات والصعوبات.
إنَّ البحث العلمي الأخير يُشير إلى توجهات خطيرة تنحو إليها هذه البحوث فهذا يعني أن فكرة الإنجاب من الشواذ جنسيًا فكرة مُمكِنة، وربما ينجح البحث العلمي مستقبلًا أن ينحو هذا المنحى الخطير إذا لم توضع ضوابط قانونية.
كما إن هناك بحوثًا أخرى حول تطوير جنين في مختبر؛ وذلك بهدف فهم آلية تكون الجنين بصورة مفصلة، وعلى الرغم من أن القوانين في أغلب الدول تفرض قيودًا مشددة على هذا النوع من البحوث العلمية، وهذه القيود قائمة في بعض الدول على فكرة أخلاقية مفادها أنه لا يحق للأبوين التحكم بالجنين وإجراء تغييرات جينية على خارطته الجينية بهدف تحسين قدراته أو إضفاء لمسات جمالية على جسده.
كما إن أغلب الدول تسمح بعمل هذا النوع من الدراسات على ألا تمتد مدة تكوين الجنين 14 يومًا، وبعد ذلك يجب القضاء على الجنين المتوَلِّد.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل هذا الموقف هو موقف مبدأي لن يتغير حتى مع تطور التقنيات والتحقق من سلامتها وأمنها؟ أم أن التحريم لأسباب أخرى مثل المخاطر المرتبطة بالتقنيات والخوف من الآثار السلبية؟
فإذا تطورت التقنيات بصورة كبيرة، فإن الموقف سيتغير وسيُسمح للوالدين بهندسة أطفالهما والحصول على أطفال حسب طلبهما!
هناك شركة صينية تعرف بمجموعة BGI تقوم بجمع الخارطة الجينية لملايين البشر، وتحاول من خلال قراءة الشفرات الوراثية للخرائط الجينية أن تتعرف على الشفرات الوراثية المشتركة التي تتواجد في الرياضيين والعلماء والعباقرة، وتدّعي الشركة بأنها قادرة على تعزيز ذكاء الطفل من خلال إجراء تغييرات بسيطة على خارطته الجينية لمستوى يصل الى ارتفاع عشرين نقطة في اختبار مستوى الذكاء (IQ test).
ومن هنا، يرى البعض بأن الصين من أكثر الدول المهيأة للسماح في المستقبل القريب الى اجراء عمليات تحسين وتعزيز للخارطة الجينية للصينيين، لأسباب عدة، من أهمها ضعف الثقافة الدينية عندهم مقارنة بالدول الغربية، كما إن الصينين وحسب معتقداتهم وفلسفاتهم القديمة، يعتقدون بأن الحياة تنمو في الكائن الحي بعد ولادته وليس قبل ذلك، ولذا فالتلاعب بالجينات للأجنة أمر لا حرج فيه من الناحية الأخلاقية.
هذا إضافة الى الطموح الكبير الذي يمتلكهم، كما إن الصين تتميز بتوفر الأرضية والإمكانات اللازمة، وإذا حدث أمر كهذا فإنَّ ذلك سيدفع الخصوم السياسيين الى إجراءات شبيهة وتخفيف القيود على مثل هذه العمليات، وبذلك سنشهد صراعًا من نوع جديد، صراعاً نحو تصنيع إنسان بإمكانات جسدية وعقلية غير مسبوقة!
للحديث بقية.
** سلسة من المقالات عن تاريخ علوم الحياة وحاضرها وفلسفتها والتقنيات القائمة عليها
** كلية العلوم، جامعة السلطان قابوس
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
فوائد واسعة لـالبابونج.. هل هناك أضرار في حال تناوله يوميا؟
يُعدّ البابونج من أكثر الأعشاب الشعبية استخداماً في المنطقة العربية. ويرتبط النبات بمجموعة واسعة من الاستخدامات العلاجية تشمل تحسين النوم، تهدئة القولون، تخفيف التوتر، إضافة إلى دوره في صحة البطن والتنحيف والشعر.
فوائد البابونج العامة
يمتاز البابونج باحتوائه على مركّبات فعّالة أبرزها الأبيجينين، وهي مادة تعمل على مستقبلات في الدماغ تساعد على الاسترخاء وتخفيف القلق. كما يحتوي على مضادات أكسدة قوية ذات خصائص مضادة للالتهاب، ما يجعله مشروبًا ذا تأثير شامل على الجهازين العصبي والهضمي.
فوائد شاي البابونج للنوم والاسترخاء
يُعدّ شاي البابونج واحداً من أشهر العلاجات المنزلية لتحسين جودة النوم، وقد أظهرت دراسات طبية أن تناوله قبل ساعة من النوم يساعد على:
تقليل الأرق الخفيف والمتوسط
تهدئة نشاط الجهاز العصبي
خفض مستويات التوتر
تحسين جودة النوم لدى كبار السن والنساء بعد الولادة
ويُنصح بتناوله دافئًا دون إضافات، مع تجنّب المحلّيات الصناعية لتفادي اضطراب الجهاز الهضمي.
البابونج للقولون: هل يفيد فعلاً؟
أثبتت التجارب السريرية أن شاي البابونج قد يساعد على تهدئة القولون العصبي عبر:
تخفيف الانتفاخ والغازات
تقليل التشنّجات العضلية في الأمعاء
خفض الالتهاب داخل جدران القولون
دعم حركة الأمعاء وتنظيمها
لا يُعتبر البابونج علاجًا للقولون العصبي، لكنه عامل مساعد ممتاز للتهدئة اليومية، خصوصًا عند تناوله بعد الوجبات الثقيلة أو عند الشعور بالغازات.
فوائد البابونج للبطن والجهاز الهضمي
يعالج البابونج مجموعة من الأعراض المرتبطة بالبطن، مثل:
اضطرابات الهضم
الغثيان الخفيف
المغص
عسر الهضم الناتج عن التوتر
الألم الخفيف المصاحب لالتهاب المعدة
كما أن تأثيره المهدئ يُعتبر مفيدًا في حالات التهيّج الهضمي الناتج عن الضغوط النفسية.
البابونج للتنحيف وخسارة الكرش
لا يساعد البابونج مباشرة على حرق الدهون، لكنه يساهم في عملية التنحيف بشكل غير مباشر عبر:
تحسين الهضم مما يقلل من بروز البطن
تخفيف احتباس الغازات
تحسين النوم (وهذا مرتبط مباشرة بالوزن والهرمونات)
تقليل الشهية الناتجة عن التوتر
لذلك، فهو ليس "مشروبًا سحريًا"، لكنه عامل مساعد مهم في نظام غذائي صحي.
البابونج والضغط: هل يرفع أم يخفض؟
يُعتبر البابونج من الأعشاب التي تميل إلى:
خفض ضغط الدم بشكل طفيف
وذلك بسبب تأثيره المريح للأوعية الدموية والمهدئ للجهاز العصبي.
لكن:
لا يُنصح بالإفراط فيه لمرضى الضغط المنخفض
يجب استشارة الطبيب إذا كان المريض يتناول أدوية ضغط قوية
إجمالًا: البابونج لا يرفع الضغط، بل قد يساعد في خفضه بدرجة بسيطة.
فوائد البابونج للشعر (تفتيح اللون طبيعيًا)
يُستخدم البابونج منذ عقود لتفتيح لون الشعر بطرق طبيعية، خصوصًا للشعر الأشقر أو البني الفاتح، حيث يعمل على:
إظهار خصلات أفتح بدرجة إلى درجتين
زيادة اللمعان
تقليل تهيج فروة الرأس
تهدئة القشرة البسيطة
طريقة الاستخدام:
يُغلى كوبان من الماء مع 3–4 ملاعق بابونج، ثم يترك ليبرد ويُرشّ على الشعر في الشمس لنتيجة أفضل.
طريقة تحضير شاي البابونج الصحية
للحصول على الفائدة الطبية الكاملة:
اغلي كوب ماء واتركه يبرد قليلاً (لا يُسكب على العشبة وهو يغلي).
ضع ملعقة كبيرة من البابونج الطبيعي أو كيس شاي.
اتركه 10 دقائق ليتم استخلاص المواد الفعالة.
يُشرب دون سكر أو مع سكر خفيف جداً.
يُفضّل تناوله مرة إلى مرتين يومياً.
أضرار البابونج: ما الذي يجب الانتباه له؟
على الرغم من فوائده العديدة، إلا أن البابونج قد يسبب:
حساسية لدى الأشخاص الذين يعانون من حساسية من عائلة الأقحوان
النعاس عند شربه بكميات كبيرة
تفاعلًا مع بعض أدوية المهدئات
انخفاضًا بسيطاً في الضغط لدى مرضى الضغط المنخفض
اضطرابًا بسيطًا في المعدة إذا تم تناوله بتركيز عالٍ
كما لا يُفضّل الإفراط به للحامل دون استشارة طبية.
أسئلة شائعة عن البابونج:
1. هل شرب البابونج يومياً آمن أم له أضرار؟
نعم، شرب البابونج يوميًا آمن لمعظم الناس، بشرط عدم الإفراط به. وقد يسبب مشاكل فقط لمن لديهم حساسية أو ضغط منخفض شديد.
2. هل يساعد البابونج فعلاً في علاج القولون العصبي والغازات؟
نعم، البابونج يساعد بشكل واضح في تهدئة القولون وتخفيف الغازات، لكنه لا يعتبر علاجًا جذريًا بل عاملًا مهدئًا ومساندًا.
3. ما هو أفضل وقت لشرب شاي البابونج (قبل النوم أم على الريق)؟
على الريق: ممتاز للهضم والقولون.
قبل النوم: الأفضل لتحسين النوم والاسترخاء.
4. هل البابونج يرفع ضغط الدم أم يخفضه؟
البابونج غالبًا يُخفض الضغط بشكل طفيف، ولا يرفعه.
5. هل يمكن للحامل والمرضع شرب البابونج بأمان؟
يمكن للحامل والمرضع شربه بكميات معتدلة جدًا، لكن الأفضل استشارة الطبيب لتجنب أي تداخل دوائي.
6. كيف يستخدم البابونج لتفتيح لون الشعر طبيعيًا؟
يُستخدم عبر رش ماء البابونج البارد على الشعر وتركه تحت الشمس، ويكرر 2–3 مرات أسبوعياً.