عملية القوات المسلحة في “يفنة” بأسدود.. الرسائل والدلالات
تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT
يمانيون/ تقارير جددت القوات المسلحة اليمنية اليوم الاثنين استهداف عمق الكيان الصهيوني في عملية عسكرية نوعية استهدفت هدفاً حيوياً في منطقة “يفنة” بمغتصبة أسدود الصهيونية.
ويحتاج المتأمل في البيان الصادر عن المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع إلى قراءةٍ متأنية، تأخذ في الاعتبار الجوانب الاستراتيجية والتوقيتية والرمزية، والرسائل السياسية والعسكرية التي حملتها هذه العملية المباركة.
ويمكن تناول هذه العملية في قراءةٍ سريعة من ثلاثة محاور رئيسية:
الأول: يتمثل في التوقيت، وارتباطها بالوضع القائم في غزة، حيث وضح العميد سريع، أن العملية جاءت كإسنادٍ للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، الذي يشهد تصعيداً إسرائيلياً عنيفاً منذ 14 شهراً، على مرأى ومسمع العالم أجمع.
فاختيار هذا التوقيت، يعكس رغبة القيادة السياسية والعسكرية اليمنية في الدفع نحو توحيد الجبهات العربية ضد كيان العدو الإسرائيلي، وخلق إحساس بالتضامن والمساندة الإقليمية، كون العملية تأتي في ظل اهتمام عالمي غير مسبوق بالصراع القائم في سوريا، وبات الصراع الفلسطيني الصهيوني يشكل محوراً ثانوياً في الاهتمام العالمي.
كما أن استغلال هذه اللحظة يمنح العملية صدى أوسع، ويعيد بوصلة الاهتمام العالمي إلى ما هو حاصل في غزة، وكرسالةٍ إقليميةٍ ودولية، مفادها أن اليمن، الذي يواجه عدواناً مستمراً وحصاراً خانقاً منذ عشرة أعوام، يثبت أنه وعلى الرغم من الضغوط، فإن لديه القدرة على التأثير في موازين القوى الإقليمية، ولن يترك العدو الصهيوني ينفرد بعزة بأي شكلٍ من الأشكال.
المحور الثاني في هذه القراءة يتمثل في الهدف الحساس، وهي منطقة “يفنة” الواقعة في مغتصبة “أسدود”، فاختيار هذا الهدف يبرز تطوراً في القدرات الاستخباراتية والتكنولوجية للقوات المسلحة اليمنية، كون “يفنة” منطقة جنوبية، مما يطلق عليها الكيان “تل أبيب الكبرى”، وذات أهمية استراتيجية لقربها من منشآت حيوية وصناعية داخل الكيان، وبالتالي فإن العملية تشير إلى أن القوات المسلحة اليمنية لم تعد فقط تدافع عن أراضيها، بل بإمكانها أن تهاجم أهدافاً خارج حدودها، حتى في العمق الإسرائيلي، وهذا من جهة يعزز من قوة الردع اليمنية التي تسعى لبنائها، ومن جهة أخرى فأي هجوم دائماً ما يُظهر هشاشة الأمن الإسرائيلي، ويترك تأثيراً كبيراً على جبهته الداخلية، ويزيد من الضغوط السياسية على حكومة المجرم “نتنياهو”.
العميد سريع في بيانه، وفي إطار المحور الثالث، ذكر أن الطائرة الانقضاضية اليمنية أصابت هدفها بدقة، ما يعكس تطوراً كبيراً في قدرات الطيران المسيّر اليمني، خصوصاً في مجالات الملاحة الدقيقة والاتصالات بعيدة المدى، والتحدي التكنولوجي، وفي تحقيق إصابة دقيقة على مسافة كبيرة، ما يؤكد أن اليمن تجاوز كل العقبات المعقدة؛ مثل أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية (القبة الحديدية، وثاد الأمريكية) وغيرها.
هذا الأمر دائماً ما يثير عاصفة من الأسئلة والمناقشات في الأروقة البحثية وعلى مختلف وسائل الإعلام ومنها الصهيونية، حول التكنولوجيا اليمنية المستخدمة، وما إذا كانت محلية الصنع أم حصلت على دعمٍ من حلفائها، إلا أن نجاحها لا يعزز من الروح المعنوية للمقاومة الفلسطينية ومحور المقاومة ككل، فحسب، بل ويقدم دليلاً عملياً على القدرة اليمنية على اختراق التفوق العسكري الإسرائيلي والأمريكي والغربي مجتمعاً.
ومن خلال الرؤية الاستراتيجية العامة لهذه العملية تظهر أن اليمن ليس فقط لاعباً محلياً، بل يمكن أن يؤثر في سياقات إقليمية ودولية أوسع، ما يعيد تعريف ما تسميه حكومة الكيان بالتهديد، كونها الآن تواجه تهديدات من عدة جبهات، بما في ذلك الجبهة اليمنية البعيدة جغرافياً، وهذا إلى جانب الاستهداف في البحر؛ يفرض على الكيان استنزافاً عسكرياً ومالياً أكبر.
وأيضاً؛ حملت هذه العملية رسائل للخصوم الإقليميين، ومنها تلك الدول التي تدعم الكيان بشكلٍ مباشر أو غير مباشر، خصوصاً من دول المنطقة، التي يجب أن ترى في هذه العملية رسالة ضمنية مفادها أن استمرار مواقفها وتخاذلها وعدائها للمقاومة الفلسطينية قد يجعلها عرضة لمواقف مشابهة.
وعليه؛ فإن هذه العملية تكشف عن تحولٍ نوعي في الاستراتيجية اليمنية من الدفاع إلى الهجوم كجزءٍ من محور الجهاد والمقاومة، وتعكس تقدماً ملحوظاً في التكنولوجيا العسكرية اليمنية، التي بات الجميع يدرك أنها محلية الصنع والتشغيل، ما يعيد صياغة توازن القوى في المنطقة، والأخذ بعين الاعتبار لكل التحركات المستقبلية ضدها.
نقلا عن المسيرة نت
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: المسلحة الیمنیة القوات المسلحة هذه العملیة
إقرأ أيضاً:
فساد الرحلات يفتك بالمسافرين.. فضائح “اليمنية” تتفجر من عدن وسط غضب شعبي عارم
يمانيون |
في مشهد يعكس السقوط الأخلاقي والإداري المريع الذي بات يطبع مؤسسات الدولة في المناطق المحتلة، فجّر الإعلان عن جدول رحلات الخطوط الجوية اليمنية – فرع عدن – لشهر أغسطس موجة عارمة من الغضب الشعبي، بعد أن كُشف عن ممارسات وصفها مسافرون ومراقبون بأنها لا تمت للمهنية أو الإنسانية بصلة، بل ترقى إلى مستوى الابتزاز الرسمي الممنهج واستغلال حاجة المواطنين المرضى والمضطرين.
الجدول الجديد، الذي أُعلن عنه نهاية يوليو، كشف بشكل فج عن اختلالات كارثية في توزيع الرحلات بين القاهرة وعمّان، حيث تم تخصيص خمس رحلات أسبوعية إلى العاصمة المصرية مقابل رحلة واحدة يتيمة إلى العاصمة الأردنية، رغم ازدحام مئات المسافرين – معظمهم من المرضى القادمين من صنعاء – في مطار عمّان منذ أسابيع بانتظار فرصة للعودة.
تمييز مناطقي أم مصلحة خفية؟.. الغضب ينفجر
القرارات التي صدرت من داخل إدارة “اليمنية” بعدن، والتي يديرها محسن حيدرة ومساعدوه، وُصفت بأنها انحياز صريح وممنهج ضد المسافرين من الشمال، وخصوصاً المرضى الذين يستخدمون خط عمان كمسار طبي رئيسي للعلاج في الأردن، والذي غالبًا ما يكون أقل كلفة وأسهل من المسارات الأخرى.
وقال أحد الناشطين في منشور واسع التداول:
“بينما تُمنح رحلات القاهرة الأولوية رغم أن معظم ركابها من عدن، يتم إهمال خط عمان حيث يتكدس مئات المرضى، فقط لأنهم من صنعاء. إنها فضيحة مناطقية لا تغتفر”.
السوق السوداء تتغول داخل “اليمنية”: شبكة تنهب المسافرين علنًا
بعيدًا عن التوزيع غير العادل، تفجّرت فضيحة من نوع آخر، تتمثل في وجود سوق سوداء داخلية تعمل تحت أعين الإدارة، إن لم تكن بتواطؤ مباشر معها.
وأكدت مصادر من داخل قسم الحجز والمبيعات أن ما يُعرف بـ”سماسرة الحجوزات” صاروا يتحكمون بالمقاعد، ويبيعونها عبر وسطاء بمبالغ إضافية تصل إلى 350 دولارًا للمقعد الواحد.
وتورّدت في الاتهامات أسماء مسؤولين بارزين في القسم التجاري لـ”اليمنية” بعدن، وعلى رأسهم سامي الصوفي، الذي يُتهم بإدارة التنسيق مع وكالات خاصة أبرزها وكالة “ناس”، المرتبطة برجل الأعمال رشيد عبدالسلام حميد، نجل أحد وزراء حكومة المرتزقة.
أحد المسافرين قال في شهادته:
“دفعت 300 دولار زيادة عبر وسيط، فقط لأحصل على مقعد. لم تكن هناك أي طريقة رسمية، كلها مغلقة بوجهنا. الإدارة تعلم بكل شيء، لكنها تتظاهر بالعمى”.
شبكة فساد تتحدى القانون والرقابة
وتكشف هذه الشهادات المتكررة عن وجود شبكة منظمة من الفساد داخل الشركة، تديرها حلقات مترابطة من الموظفين والمتنفذين، تعمل وفق آلية توزيع انتقائية، تخدم مصالح ضيقة وتتربح من حاجات الفقراء والمرضى.
ويرى مراقبون أن ما يجري لا يمكن فصله عن حالة الانهيار التي ضربت مؤسسات الدولة في المحافظات المحتلة، حيث تحوّلت الشركات الوطنية إلى أدوات ربحية بيد النافذين، بعيدًا عن الدور الخدمي والمصلحة العامة.
انعدام للعدالة.. وأصوات المسافرين تعلو: “الرحمة لمن لا يملكون إلا الدعاء”
في مواقع التواصل، تضج صفحات الناشطين بالشكاوى والصرخات التي تعكس حجم الظلم الواقع على شريحة واسعة من المواطنين. أحد المسافرين كتب:
“إن لم تستحِ فاصنع ما شئت.. اليمنية باتت مزادًا علنيًا، والمقاعد تُباع للواسطة والسماسرة، أما الفقير فله الانتظار أو الموت”.
وأرفق منشوره بآية من القرآن الكريم:
﴿ولا تحسبن الله غافلًا عما يعمل الظالمون﴾، في إشارة إلى الشعور العام بغياب العدالة وسحق الفقراء أمام شبكة فساد محصنة بالسلطة والنفوذ.
مطالب بمحاسبة المتورطين ونقل إدارة الحجوزات إلى جهة محايدة
على ضوء هذا الواقع المتدهور، تتصاعد الدعوات لمحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات، وإجراء تحقيق شفاف وموسع يكشف المستفيدين الحقيقيين من السوق السوداء، ويضمن إعادة هيكلة الإدارة التجارية للشركة بما يحمي المواطنين من الاستغلال.
كما اقترح ناشطون وحقوقيون تشكيل لجنة فنية مشتركة من مناطق محايدة تتولى مراقبة توزيع الرحلات وضمان العدالة في الحجز، خاصة أن أغلب المسافرين في هذه الخطوط هم من المرضى والمحتاجين، وليسوا من الطبقة المترفة.
ويرى محللون أن ما يجري ليس مجرد فساد إداري عابر، بل هو نتاج لمنظومة سلطوية فاسدة ترى في المرافق العامة أدوات للابتزاز والسيطرة، لا مؤسسات وطنية يجب أن تخدم كل اليمنيين دون تمييز.