لجريدة عمان:
2025-06-02@14:22:16 GMT

رسائل بحر عُمان للعالم

تاريخ النشر: 11th, December 2024 GMT

إذا كانت السماء ميدانًا لطيور الزاجل، التي تعدّ أقدم سعاة بريد، ساهمت بتقريب المسافات، ومدّ جسور التواصل بين المتباعدين، قبل إنشاء دوائر البريد، فبحر عمان كان وما يزال ميدانًا للعديد من رسائل المحبّة، والسلام، والإخاء الإنساني، فالسفن العمانية منذ القِدَم، خطّت مسارات للصداقة على الماء عندما كانت تمخر عُباب المحيطات والبحار، وهي تنقل اللبان، والبخور، ورسائل الأخوّة إلى العالم، فكانت خير سعاة بريد، للعالم المترامي الأطراف، وما (السفـينة سلطانة)، التي رستْ على ضفاف ميناء نيويورك، فـي 13 أبريل عام 1840 إلّا نموذج يشهد على تاريخ من العلاقة مع العالم الخارجي، كانت السفن العمانية همزات وصل ربطته به، ويكفـي أن (السفـينة سلطانة) كانت أول سفـينة عربية تبلغ ذلك المكان النائي بقارة أمريكا فـي عهد السلطان سعيد بن سلطان، وعلى متنها أوّل سفـير عماني هو أحمد بن النعمان الكعبي، وكانت محملة بالبضائع، والهدايا، وفـي مقدّمتها البخور واللبان.

فـي كتابه (ربان من عمان) يخصص القبطان صالح بن سعيد الجابري صفحات عديدة للحديث عن سفـينة شباب عمان، الشراعية التي بنيت من الخشب فـي مدينة (بيكي) شمال شرق أسكتلندا وتم شراؤها عام 1977م، كما يقول الجابري مبينا الهدف من شرائها: «إحياء للتراث البحري العماني، ومن أجل إتاحة الفرصة أمام الشباب المغامر الطامح للتدريب على الإبحار الشراعي على خطى الأجداد».

وكانت رحلتها الأولى إلى نيويورك عام 1986 للمشاركة فـي العرض البحري الذي أقيم بمناسبة الذكرى المئوية الأولى لتنصيب تمثال الحرية بحضور مائة سفـينة شراعية تمثل 36 دولة وبالوقت نفسه إحياء ذكرى رحلة السفـينة سلطانة.

وإلى اليوم يواصل شباب عُمان حمل رسائل السلام والمحبة، وهم يسيرون على خطى الأجداد، من خلال سفـينة (شباب عمان) التي أدرجتها منظّمة اليونسكو فـي قائمة أفضل الممارسات عالميًا، وقد تابعنا المحطّات التي قطعتها هذه السفـينة، وهي تمدّ أشرعتها لتعانق الرياح، والمياه، وتغمس أقدامها فـي محيطات الضوء، منطلقة من عمق التاريخ العريق، إلى فضاءات المستقبل المشرق، وتنتقل من ميناء إلى آخر، ومدينة إلى أخرى، فترسو فـي بعض الموانئ للتزوّد بالوقود، والمؤن، وإفراغ بعض حمولتها من رسائل التقارب، والإخاء، وعناوين رمزية من الثقافة العمانية بمفرداتها المختلفة قبل أن تشد الرحال إلى مكان آخر.

ولا تقتصر نشاطاتها على الإبحار، بل تشارك فـي بعض محطاتها فـي مسابقات الإبحار الشراعي، والأنشطة الثقافـية والرياضية التي تقام فـي المحطات التي ترسو فـيها.

وسفـينة (شباب عمان)، التي بُنيت على غرار السفن الشراعية القديمة، لها مهابة الماضي، وشموخ الحاضر، إذ يصل ارتفاع صواريها إلى ٥٢ مترًا، وعلى متنها ثلاثة أشرعة رئيسة، إلا أنّها مزوّدة بأجهزة ملاحية حديثة، ومختلف أنظمة الاتصالات، فـيضوع من أشرعها عبق الماضي، فـيما تندفع إلى الأمام بقوّة نبض الحاضر الذي يستلقي على سطحها.

وإذا كانت (السفـينة سلطانة) قد حملت على متنها من ضمن الهدايا جوادين عربيين وسبيكة من الذهب الخالص وسيفا مرصّعا بالذهب ومجموعة من الأحجار الكريمة، فسفـينة (شباب عمان) تحمل لوحات فنية وتحفا، ومشغولات يدوية وكتبا تعكس الأشواط التي قطعتها الحضارة العمانية عبر التاريخ، والقيم العمانية، فهدفها «تعزيز التراث الثقافـي ونشر ثقافة الحوار والسلام، والحفاظ على التراث الثقافـي غير المادي للإنسانية»، وحين صعدت الكاتبة التونسية المقيمة فـي لندن يمينة حمدي على متنها عندما رست فـي (ويست إنديا دوك) بلندن، فـي آخر رحلة قامت بها، كتبت فـي مدوّنة لها» تعلّمت أمورا كثيرة عن التسامح والحكمة، والشجاعة، والاحترام، وهي مستقاة من بيئة عُمان المتسامحة، والمنفتحة على العالم، تعلمتها من أجيال أصغر سنا من شيوخ الحكمة التاريخية فـي سلطنة عمان. أجيال تستمد حماستها من جرأة الرحلات البحرية المليئة بالمغامرات والصعاب، وكأن البحر قد لقن هؤلاء الشباب دروسا، فـي كيفـية الإقدام على المجازفات، والمخاطر، وأطلق العنان لقدراتهم الإبداعية، ومنحهم فرصة للتدريب والتجريب والمتعة والاستكشاف».

فهذه الرحلات تشبه المخيّمات الكشفـيّة التي تعلّم الشباب الذين يلتحقون فـيها الصبر وتحمّل المشاق، خصوصا أن فـي خوض عباب البحار الكثير من الدروس، استقاها الإنسان من هذا المارد الأزرق الذي وصفه الشاعر محمود درويش بقوله:

«البحر دهشتنا، هشاشتنا، وغربتنا، ولعبتنا

والبحر أرض ندائنا المستأصلة

والبحر صورتنا، ومن لا برّ له.. لا بحر له

بحر أمامك فـيك

بحر من ورائك

فوق هذا البحر بحر، تحته بحر

وأنت نشيد هذا البحر».

ويأتي إدراج منظّمة اليونسكو المنظّمة الدولية برنامج سفـينة (شباب عُمان) التي تشرف عليها البحرية السلطانية العمانية، فـي قائمة أفضل الممارسات عالميًا، ليكون تعزيزا لسفـينة (شباب عمان)، وهي تبحر منطلقة من بحر عُمان، محفوفة برعاية الرحمن، لتنقل الأمواج رسائله إلى العالم.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: شباب عمان على متنها شباب ع

إقرأ أيضاً:

برلماني: مصر كانت و لا زالت في طليعة الدول الداعمة للقضية الفلسطينية

أكد الدكتور جمال أبو الفتوح، عضو مجلس الشيوخ، أن مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي تبذل جهودًا مضنية على كافة الأصعدة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتقديم الدعم الكامل للشعب الفلسطيني الشقيق، موضحًا بأن تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، جاءت لتكشف أمام العالم أجمع حجم تلك الجهود ومدى وانعكاساتها على القضية الفلسطينية وإقرار حقوق الشعب الفلسطيني، مشيرًا إلى أن الخارجية المصرية قادت معركة دبلوماسية تاريخية لرفض التهجير القسري وأيضا لإدانة العدوان الإسرائيلي والمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار، وحماية المدنيين الأبرياء.

وأضاف "أبو الفتوح"، أن الدبلوماسية المصرية لم تدخر جهدًا في التواصل مع كافة الأطراف الفاعلة لدفع عملية السلام والوصول إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، موضحًا أنها قدمت كافة سبل الدعم الإغاثي والإنساني، منوهاً بأن  مصر كانت وما زالت في طليعة الدول التي تقدم المساعدات الإنسانية والإغاثية لقطاع غزة، مشددًا على أن المعابر المصرية لم تتوقف عن استقبال وإدخال المساعدات الإغاثية والطبية والوقود، بالرغم من كل التحديات، بخلاف ذلك فإن مصر قدمت الرعاية الطبية ونجحت في استقبال  الجرحى والمصابين الفلسطينيين.

الأمم المتحدة تحذر: الوضع في غزة كارثي رغم استئناف المساعداتترامب: حماس وإسرائيل قريبتان من وقف إطلاق النار في غزةوزير الخارجية الألماني: إرسال شحنات الأسلحة لإسرائيل يعتمد على الوضع في غزةعبد العاطي: نتنياهو يماطل لتمديد الحرب ورفض وقف إطلاق النار في غزة

وأشار عضو مجلس الشيوخ، إلى أنه على الصعيد السياسي، فإن الجميع يدرك أن مصر تعتبر القضية الفلسطينية قضيتها المركزية والأولى، وأن دعم حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية هو مبدأ ثابت لا يمكن التنازل عنه، مؤكداً بأن هناك إيمان راسخ لدى مصر شعبا وقيادة بعدالة القضية الفلسطينية، وأن تضحيات الشعب الفلسطيني وصموده إزاء الجرائم الإنسانية التي ترتكب كل لحظة ستنجح في إنهاء هذا الاحتلال والحفاظ على أرضه وحقه في العيش بسلام.



وأوضح الدكتور جمال أبو الفتوح، أن مصر ستظل دائمًا السند والعون للشعب الفلسطيني حتى ينال حقوقه المشروعة كاملة، لافتاً إلى أنه على مدار العامين الماضيين استضافت القاهرة عدة جولات من الحوار الفلسطيني - الفلسطيني، بهدف إنهاء الانقسام وتوحيد الصف الوطني الفلسطيني، كما شاركت مصر في تنسيق الجهود الإقليمية والدولية لوقف التصعيد، وسعت إلى تثبيت التهدئة، بالتعاون مع الأمم المتحدة وعدد من القوى الدولية، لكن إسرائيل مازالت تتعنت وترفض الوصول إلى حل سلمي يحقن دماء الأبرياء، مشدداً على أهمية مواصلة جهود المجتمع الدولي لرفض سياسة العقاب الجماعي ضد المدنيين، وإدانة استهداف المستشفيات والمدارس والبنية التحتية، مع ضرورة العمل على فتح أفق سياسي حقيقي يفضي إلى حل الدولتين، وفقًا للمرجعيات الدولية.

طباعة شارك جمال أبو الفتوح مجلس الشيوخ عبد الفتاح السيسي قطاع غزة غزة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

مقالات مشابهة

  • نقابة السياحيين: المتحف المصري الكبير هدية للعالم وافتتاحه نقلة حضارية
  • اعتماد المواصفة القياسية العمانية الجديدة لأكياس القمامة أحادية الاستخدام
  • يوجين جريبو.. الفرنسي الذي فتح أبواب الكرنك للعالم
  • بعثة الحج العمانية تشارك في ندوة الحج الكبرى بجدة
  • علماء: إنسان نياندرتال كانت لديه قدرات فنية
  • نموذج ذكاء اصطناعي جديد يبث عوالم تفاعلية ثلاثية الأبعاد
  • جامعة الإمام تحذر من رسائل احتيالية تستغل اسمها
  • برلماني: مصر كانت و لا زالت في طليعة الدول الداعمة للقضية الفلسطينية
  • محام: إذا كانت المرأة معتادة على شرب القهوة في بيت أبيها وجب على زوجها فعل ذلك
  • عادل عوض: تونس كانت تنظم 480 مهرجانا فنيا قبل الربيع العربي