في مشهد حزين تقطر منه الإنسانية دموعها، قررت محكمة جنايات المنصورة، برئاسة المستشار ممدوح أحمد عبد الدايم، إحالة أوراق اثنين من المتهمين في قضية قتل مأساوية إلى فضيلة مفتي الجمهورية، لبحث الرأي الشرعي في إعدامهما.

جريمة حملت بين طياتها وجعًا عائليًا ودماءً أريقت على مذبح الطمع، حيث تعود الحكاية إلى صراع أزلي على الميراث، لكن في هذه المرة كان ثمنه حياة "محمود" تاجر المواشي البالغ من العمر 54 عامًا، الرجل الذي كان عائدًا من عمله على دراجته البخارية، لم يكن يدري أن الطريق سيختزل النهاية، سيارة يقودها شقيقه، "أحمد" ومعه نجله ونجله الآخر، ارتطمت به بقصد إنهاء حياته.

أُسعف محمود إلى مستشفى طوارئ المنصورة، مصابًا بإصابات قاتلة في العمود الفقري والنخاع الشوكي، لكن الجسد المنهك استسلم بعد ثلاثة أسابيع من محاولات الأطباء إنقاذه.

في تلك اللحظة، لم تكن الأسرة فقط من فقدت أحد أركانها، بل كان الدم يعلن تمرّده على روابط القرابة، لتحل المأساة محل الرحمة.

الأجهزة الأمنية ألقت القبض على المتهمين، وبعد اكتمال التحقيقات واعتراف الجناة وتمثيلهم للجريمة، كانت العدالة تتحرك بخطى واثقة.

صراع الميراث تحول إلى قضية رأي عام، وقرار المحكمة إحالة أوراق المتهمين إلى المفتي كان بمثابة رسالة: الدم لن يمر دون حساب.

الجلسة تأجل فيها النطق بالحكم على المتهم الثالث إلى جلسة 16 يناير المقبل، لكن الظلال الثقيلة للجريمة لا تزال تخيم على مدينة دكرنس.

الطمع في ميراث الأرض التي كانت تجمعهم يومًا، فرقهم للأبد، من قطعة أرضٍ كانت رمزًا للعمل والشقاء، تحولت إلى ساحة قتل وانتهت بدماء الأخ على يد شقيقه.

المأساة ليست فقط في الجريمة، بل في كيف يمكن أن يتحول الحب الذي يجمع العائلة إلى نار تحرق الجميع.

 

 







مشاركة

المصدر: اليوم السابع

كلمات دلالية: قتل ميراث حوادث الدقهلية الطمع

إقرأ أيضاً:

لن تنتهي الحرب إلا بولادة الدولة العاقلة في إيران

آخر تحديث: 24 يونيو 2025 - 10:17 صبقلم: فاروق يوسف منذ ثلاث سنوات وحرب أوكرانيا مستمرة، لا لأن روسيا التي بدأتها لا ترغب في إنهائها بل لأن تلك الحرب خرجت من نطاقها الجغرافي لتكون حربا غربية على روسيا. وإذا ما كانت جذور تلك الحرب تمتد إلى عام 2014 حين ضمت روسيا شبه جزيرة القرم إلى أراضيها فإن الحرب التي شجعت الولايات المتحدة على اشتعالها قد اعتبرتها روسيا اختبارا مصيريا؛ إما أن تفرض إرادتها على حكومة فولوديمير زيلينسكي أو تتحول إلى صيد يومي سهل لصواريخ الناتو. تلك رسالة استلمها الغرب بعناد فصار يحارب كله من خلال أوكرانيا. في الوقت نفسه فإن الحرب على غزة التي بدت إسرائيل كما لو أنها تدافع عن نفسها فيها وهو ما يلقي بظلال من الشك على الدور الإيراني الخبيث في تدمير القضية الفلسطينية وتشويه صورتها عالميا، لم يقتصر هدفها على احتواء حركة حماس وشل قدراتها العسكرية حين تحولت إلى حرب إبادة، سقط فيها أكثر من مئة وخمسين ألفا من الفلسطينيين بين قتيل ومعاق وجريح. ربما أكملت إيران دورها المريب من خلال إتاحة الفرصة لإسرائيل للقضاء على حزب الله ولكن بعد أن يدفع لبنان ثمن ذلك. وهو ما فتح عن طريق الخطأ أبواب الأمل أمام استعادة الدولة اللبنانية لهيبتها. لقد هُزم حزب الله وانتهت حربه من غير أن تنتهي حرب غزة. مثل حرب أوكرانيا التي صارت أشبه بالحرب المنسية، لا أحد يفكر في نهاية لحرب غزة ما دامت الحربان قد خرجتا عن نطاق الحروب التي يتفاوض من أجل إنهائها الطرفان المتحاربان. ليست أوكرانيا من تقرر وضع نهاية لحربها ولا إسرائيل قادرة على طيّ صفحة الحرب. فلا أحد من صناع القرار في الغرب يأمل في أن تُعاد عقارب الساعة إلى الوراء. هناك أشياء خيالية يجب أن تحدث كأن تستعيد أوكرانيا شبه جزيرة القرم أو تتحول غزة إلى ريفييرا الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد أن يتم طرد سكانها. من غير ذلك فإن الحروب ستُنسى، وهو أمر ممكن في ظل هيمنة التفاهة على طريقة تفكير البشر بمصائرهم. سألت أحد الأصدقاء ذات مرة “ما الذي يملكه ذلك المذيع الجاهل من مؤهلات لكي يُمنح خمسة آلاف دولار ثمنا لوقوفه المتقطع خلال ساعة من الزمن أمام عدسات التصوير في برنامج عابر؟” قال متفاجئا “له أكثر من مليوني متابع على تويتر.”

يمكن النظر إلى الحرب التي بدأتها إسرائيل على إيران بطريقة خاطفة في سياق ذلك التحول الذي تمر به البشرية في عصرنا. كانت إسرائيل تنتظر انهيار المفاوضات النووية لكي تشن هجومها المخطط له سلفا بطريقة استخبارية متقنة. لم تفشل المفاوضات غير أن إيران كعادتها لعبت على الوقت. تلكأت كسبا للوقت وهذه عادتها وكان في ذلك مقتلها. بهدوء قال ترامب “مر ستون يوما من غير جواب إيراني وفي اليوم الحادي والستين ضُربت إيران.” وهو ما يعني آن التوقيتين الأميركي والإسرائيلي هما توقيت واحد. كان على إيران أن تعرف ذلك جيدا وهي الخبيرة بعدائها للطرفين. فليس مستهجنا أن يظن البعض أن إيران دولة معتدى عليها. غير أن ذلك لا يمثل الحقيقة كلها. فالخطر الإيراني حين وصل إلى إسرائيل فذلك معناه أنه ألغى عامل الجغرافيا وسحق الكثير من الدول من أجل أن يطرق أبواب إسرائيل.       

إيران دولة استعمارية في زمن انتهى فيه الاستعمار. تلك حقيقة ما انطوى عليه السلوك السياسي الإيراني المتغطرس والمتعالي وغير المنضبط. إذا كان البعض يصف الإيرانيين بالدهاء والمكر فإن ذلك ليس صحيحا ولا يمكن التسليم به في زماننا. لقد ضحت إيران بوكلائها وكانت تأمل أن الآخرين سيعفونها من المسؤولية، بل إن الولايات المتحدة ستكافئها باتفاق نووي مريح جديد. غير أن إسرائيل وقد جُنّ جنونها في غزة لم تكن على استعداد للانتظار أكثر. وهو ما تطابق مع وجهة نظر الرئيس الأميركي التي عبر عنها في رسالته إلى الزعيم الإيراني علي خامنئي. لذلك يمكن القول بناء على المعطيات السابقة إن هذه الحرب ليست تأديبية وهي لن تنتهي إلا إذا حققت هدفها الرئيس وهو إعادة إيران إلى داخلها دولة تفكر في أمنها بمعزل عن أوهام السلاح النووي. ولا معنى لمهلة الأسبوعين التي منحها ترامب لإيران بعد أن وجهت الولايات المتحدة ضرباتها الصاروخية إلى ثلاثة مفاعلات نووية إيرانية. وبعكس ما كانت تأمل إيران فإن الجبهة المعادية لها قد اتسعت ولم يعد قبولها بالعودة إلى المفاوضات كفيلا بدفع الخطر عنها.حرب أخرى بدأت، ترتبط نهايتها بشرط يصعب على إيران قبوله إلا إذا كانت مستعدة للقبول بالهزيمة. فالمفارقة تكمن في أن ذلك القبول سيكون بمثابة إعلان عن ولادة الدولة العاقلة في إيران.

مقالات مشابهة

  • طوارئ مياه المزة تنتهي من رفع التلوث عن منطقة المزة 86
  • لم يرزقا بأطفال وعطفا على الجميع.. مأساة زوجين قتلهما أحد أقاربهما طمعا فيهما
  • لن تنتهي الحرب إلا بولادة الدولة العاقلة في إيران
  • تعلن محكمة البيضاء الابتدائية بأن ورثة سعود وبهجة علي احمد النقيب تقدموا إليها بطلب قسمة ميراث
  • "قابيل وهابيل" تتكرر في قنا.. مشاجرة ميراث تنتهي بمقتل شقيق على يد شقيقه
  • مصرع مزارع وابنه على يد شقيقه لخلافات ميراث بقنا
  • الإعدام لعامل بتهمة قتل وإصابة 5 أشخاص فى قنا
  • ميراث.. "البنات"
  • تعطيش غزة.. نفاد الوقود يهدد تحلية المياه ويفاقم المأساة الإنسانية
  • ترامب يهدد إيران: السلام أو المأساة