حقن الموت السريع.. ١١ دواء من الصيدلية إلى القبر
تاريخ النشر: 14th, December 2024 GMT
فى مساء أحد الأيام دخلت أمّ خالد إلى عيادة أحد أطباء الأطفال المشهورين بالدراسة وهى تحمل طفلها البالغ من العمر ثلاث سنوات.
كان الطفل يعانى من ارتفاع شديد فى درجة الحرارة وألم فى الأذن، وبعد إجراء الفحوصات، قرر الطبيب أنه يعانى من التهاب حاد فى الأذن الوسطى، وكتب له وصفة طبية تحتوى على حقن السفترياكسون، لكن ما حدث بعد ذلك كان كارثة ستغير حياة الأسرة إلى الأبد.
فى اليوم التالى، وبعد أن تلقى الصغير الجرعة الأولى من السفترياكسون، بدأ يظهر عليه أعراض مثل صعوبة فى التنفس وتورم فى الوجه. وكانت حالته تزداد سوءًا بسرعة، حتى أنه لم يتمكن من التنفس.
هرعت الأم إلى أقرب مستشفى، لكن الطفل توفى فى غضون ساعات من وصولها. كانت صدمة كبيرة، وتساءلت الأم عن السبب وراء الوفاة، وكشف الطبيب فى وقت لاحق أنه كان يعانى من رد فعل تحسسى شديد تجاه السفترياكسون، مما تسبب فى مضاعفات مفاجئة أدت إلى وفاته.
ما حدث مع «خالد» لم يكن الحالة الوحيدة، إذ وثقت «الفجر» عدة حالات مشابهة فى أماكن مختلفة، مما يثير العديد من التساؤلات حول مدى أمان استخدام السفترياكسون كعلاج فى الحالات التى تتطلب تدخلًا عاجلًا.
على مدار الخمس سنوات الماضية تحدث العديد من المواطنين عن تجاربهم المأساوية مع حقن المضاد الحيوى، وتشير التقارير الطبية والصيدلانية إلى وجود سبعة أنواع من الحقن تشكل خطورة على حياة المرضى فى الوقت الحالى، نتيجة وجود تشغيلات مغشوشة، ورغم أن جميع تلك الحقن قد تؤدى إلى مضاعفات صحية خطيرة، إلا أن حقنة السفترياكسون تُعد الأخطر.
تم توثيق العديد من حالات الوفاة التى تزامنت مع استخدامها، وحتى فى ظل إجراء اختبار الحساسية الذى يُفترض أنه يكشف عن أى تفاعل سلبى مع الدواء.
«الفجر» تواصلت مع مستشفيات وصيدليات وأطباء لتوثيق الحالات التى شهدت مضاعفات بعد حقنها بـ«السفترياكسون».
على باب الصيدلية، انتظرت أسرة الطفلة «مريم» وسيلة نقلها إلى مستشفى «أم المصريين» بالجيزة. تروى الأم بمرارة تلك اللحظات التى كانت من أصعب لحظات حياتها؛ سقط منها الكيس البلاستيكى الذى كان يحتوى على الدواء، وأمام الارتباك الذى أصابها خلعت حذاءها فى الشارع وركضت بكل قوتها، بينما كان الأب يحمل الطفلة بين يديه.
بعد وصولهم إلى غرفة استقبال المستشفى، تم وضع «مريم» على جهاز التنفس الصناعى، كما أوضح والدها فى حديثه. لكن بعد حوالى نصف ساعة، جاء الطبيب ليعلن لهم وفاة الطفلة. عند سماع الخبر، سقطت الأم مغشيًا عليها، بينما تعذر على الأب النطق بأى كلمة من شدة الصدمة.
وقال طبيب الطفلة، الذى طلب عدم ذكر اسمه، إنه لم يعرف السبب الدقيق لوفاة «مريم»، مشيرًا إلى أنه طيلة ٣٢ عامًا من عمله فى المجال الطبى لم يشهد موت مريض جراء الحقن بأى دواء سوى إذا كان يعانى من «حساسية تجاه الدواء» إلا فى السنوات الأخيرة بسبب السفترياكسون.
وأضاف أن مثل هذه الحالات تستغرق عادة بين ساعتين إلى ثلاث ساعات، وأن استخدام «أدرينالين تحت الجلد» كان كفيلًا بإنقاذ حياة المريض فى مثل هذه الظروف.
لم تختلف حالة الطفل «آدم» ففى مستشفى «المطرية» بمحافظة القاهرة، والذى لقى حتفه بعد تلقيه حقنة السفترياكسون فى صيدلية محلية.
كان «آدم»، البالغ من العمر ٦ سنوات، قد وصل إلى المستشفى وهو يعانى من حساسية شديدة، كان جسده يعانى من صعوبة فى التنفس وقلق حاد فى الدورة الدموية. استقبله نائب مدير مستشفى الأطفال، فى قسم الطوارئ.
ورغم محاولات إنعاشه لمدة ٢٠ دقيقة، حيث تم وضعه على جهاز التنفس الصناعى، إلا أن حالته استمرت فى التدهور، وتوقف قلبه، ليتم التأكد من وفاته بعد تلك المحاولات.
وجاء فى تقرير الطبيب أنه كان قد استقبل حالة مماثلة قبلها بيومين، ليؤكد بمرارة: «هذه كارثة! هناك أطفال يموتون بسبب حقن السفترياكسون، وأيًا ما كان السبب، يجب التحذير من صرف هذا المنتج للمرضى».
وقررت المستشفى بسبب هذه الحوادث المتكررة منع إعطاء حقن السفترياكسون فى قسم الطوارئ بمستشفى الأطفال.
ومثلهم عمر محمد، الطفل الذى لم يتجاوز السبع سنوات، والذى ظل ينتظر دوره فى صيدلية الحى، حيث كان «عمر» يعانى من التهاب حاد استدعى ضرورة الحصول على حقنة السفترياكسون. وكان قد خضع لاختبار الحساسية فى وقت سابق، والذى أظهر عدم وجود أى ردود فعل تحسسية تجاه الدواء. بناءً على ذلك، قرر الصيدلى إعطاءه الحقنة بعد أن تم التأكد من سلامته.
لكن حدث ما لم يكن فى الحسبان، وهو أن جسم «عمر» لم يتحمل الدواء. بعد دقائق معدودة من تلقيه الحقنة، بدأ يواجه صعوبة فى التنفس، وبدأت ملامح وجهه تتورم. على الرغم من محاولات إنقاذه السريعة من قبل الصيدلى، إلا أن حالته تدهورت بشكل سريع للغاية. تم نقله إلى أقرب مستشفى، لكن كل الجهود المبذولة لم تفلح فى إنقاذ حياته.
ومن ناحية أخرى أصدرت النقابة العامة لصيادلة مصر قرارًا فى ٢٠٢٢ يمنع أعضاءها من تقديم خدمة إعطاء الحقن بجميع أنواعها داخل الصيدليات، وذلك لتفادى الشبهات وتجنب فتح المجال للمسائل القانونية، بالإضافة إلى حماية الصيادلة من أى تبعات قانونية تتعلق بتقديم خدمة طبية غير مرخصة.
وبالرغم من ذلك يقول صيدلى رفض ذكر اسمه، إن الأهالى يترددون على الصيدليات بشكل مستمر للحصول على حقن بمختلف أنواعها حتى السفترياكسون. ويضيف: بعضهم يطلب إجراء اختبار حساسية للأدوية قبل إعطاء الحقن. موضحًا أن الكثير من المرضى يلجأون إلى الصيدليات باعتبارها الحل البديل والأرخص، رغم أنه فى بعض الحالات قد تكون هذه الممارسات غير قانونية وتعرض الصيدلى للمساءلة».
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: حقن حساسية الأدوية وفيات الأطفال المضادات الحيوية الأخطاء الطبية الرعاية الصحية صيدليات مصر إدارة الأدوية النقابة العامة للصيادلة القوانين الطبية الطوارئ الطبية التهاب الاذن الوسطى الممارسات غير القانونية الرعاية الطبية العاجلة یعانى من
إقرأ أيضاً:
قلق من ارتفاع الأمراض الموسمية مع بداية فصل الشتاء في الأردن
صراحة نيوز- يزداد القلق من انتشار الأمراض الموسمية مع دخول فصل الشتاء، إذ توفر التغيرات المناخية والانخفاض الملحوظ في درجات الحرارة بيئة مناسبة لانتشار الفيروسات، بحسب خبراء الصحة.
وشدد الأطباء على أهمية الالتزام بالإجراءات الوقائية وتعزيز الوعي حول اللقاحات، معتبرين أن الممارسات الصحية تمثل خط الدفاع الأول ضد انتشار الأمراض.
وأوضح مدير إدارة الأوبئة بوزارة الصحة، أيمن المقابلة، أن النمط السائد حاليا للإصابة في الأردن هو إنفلونزا أ – H3N2، مع توقع ارتفاع عدد الحالات، مؤكداً عدم تسجيل أي إصابة بالفيروس المخلوي، بينما سجل الأسبوعان الماضيان حالة واحدة من كوفيد-19 أسبوعياً.
وأشار إلى أن الأعراض متشابهة بين الفيروسات التنفسية ولا يمكن التمييز بينها إلا عبر الفحص المخبري، مشدداً على أن شدة الأعراض تختلف حسب مناعة الشخص.
قدم المقابلة توصيات وقائية مهمة، منها: أخذ مطعوم الإنفلونزا السنوي، غسل اليدين بانتظام، تهوية الأماكن المغلقة، استخدام الكمامات في الأماكن المزدحمة والمنشآت الصحية، وعزل المصاب في المنزل عند ظهور الأعراض.
من جانب آخر، قال الأمين العام للرابطة العربية لأطباء الأمراض الصدرية، محمد الطراونة، إن التغيرات المناخية ساهمت في انتشار الفيروسات التنفسية بشكل أوسع وبمناطق لم تُسجل فيها مسبقاً، مؤكداً أهمية تطعيم كبار السن والكوادر الطبية، وتعزيز التوعية في المدارس والجامعات حول عادات السعال الصحيحة والنظافة الشخصية.
وحذر الطراونة من الهلع، مشيراً إلى أن 90% من الإصابات تبقى في الجهاز التنفسي العلوي، بينما يحتاج 10% من المصابين لمراجعة الطبيب بسبب مضاعفات محتملة.
وحدد علامات تستدعي مراجعة الطبيب فوراً، مثل: آلام الصدر، صعوبة التنفس الشديدة، ارتفاع الحرارة غير المسيطر عليها، تشوش الوعي، وميل الشفاه والأطراف إلى اللون الأزرق.
فيما يتعلق بالصحة الفموية، قالت اختصاصية طب الفم، بسمة القضاة، إن البرد يزيد حساسية الأسنان واللثة ويزيد خطر القلاع الفموي وقروح الزكام، داعية إلى تبني إجراءات وقائية مثل التنفس عن طريق الأنف، تنظيف الأسنان جيداً، شرب الماء بانتظام، واستخدام مرطبات الشفاه، مع الحفاظ على التغذية السليمة لتقوية المناعة.
وأكد خبير التغذية إبراهيم الزق أن النظام الغذائي الصحي يعزز المناعة، مع التركيز على الحمضيات الغنية بفيتامين C، الجزر والبطاطا الحلوة، الثوم والبصل، الفواكه الغنية بمضادات الأكسدة، الأسماك، المكسرات، والزبادي. وأوضح أن الجمع بين التغذية المتوازنة والنوم الكافي والنشاط البدني هو أفضل وسيلة للوقاية من أمراض الشتاء.