طالبان: النساء لا قيمة لهن بدون الحجاب والناس يريدون الشريعة ونحن نطبقها
تاريخ النشر: 18th, August 2023 GMT
تفقد النساء قيمتهن اذا راى الرجال وجوههن في الاماكن العامة، بحسب مسؤول في حكومة حركة طالبان الافغانية، والذي قال ايضا ان علماء الدين في البلاد متفقون على ان على المرأة تغطية وجهها خارج المنزل.
اقرأ ايضاًوتقول حركة طالبان التي احيت هذا الاسبوع الذكرى الثانية على سيطرتها على افغانستان، ان عدم اتباع النساء طريقة ارتداء الحجاب الاسلامي الصحيحة، كان سبب منعهن من ارتياد الأماكن العامة، بما في ذلك الحدائق والوظائف والجامعات.
وقال مولوي محمد صادق عاكف المتحدث باسم وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حكومة طالبان في مقابلة مع وكالة الاسوشييتد برس، انه عندما تكون وجوه النساء مكشوفة في الاماكن العامة، فهناك احتمال للفتنة والوقوع في الخطيئة.
واعتبر عاكف ان من المسئ جدا رؤية النساء غير ملتزمات بتغطية وجوههن في بعض مناطق المدن الكبيرة، وعلماؤنا ايضا يتفقون على ان وجوه النساء ينبغي اخفاؤها.
وقال ان "ذلك لا يعني ان وجهها سيتعرض للاذى او الضرر. المراة لها قيمتها، وتلك القيمة تتضاءل بنظر الرجال اليها. الله يهب الاحترام للاناث اللواتي يرتدين الحجاب وفي هذا قيمة".
الناس يريدون الشريعةواكد عاكف إأن وزارته لا تواجه عقبات في عملها حيث أن الناس يدعمون تدابيرها في هذا الصدد، قائلا انهم ارادو تطبيق الشريعة ونحن نقوم بذلك.
واضاف انه عقب هذه التدابير، لم يعد هناك رجال يتحرشون بالنساء او يحدقون فيهن كما كان الحال ابان الحكومة السابقة.
وتقول حكومة طالبان انها قضت على شرور شرب الخمور وكذلك الباشابازي، وهي ممارسة كانت شائعة وتقوم على استغلال الاغنياء والمتنفذين لللغلمان المتشبهين بالفتيات خاصة في حفلات الرقص الماجن وكذلك ليالي العربدة الجنسية.
وبحسب عاكف، فان وزارته تعتمد على شبكة من المخبرين والمراقبين الذين يعملون على مراقبة التزام الناس بالانظمة.
وقال ان مفوضي الهيئة يتواجدون باستمرار في الاسواق والاماكن العامة والمدارس والجامعات والمساجد والمعاهد الدينية لمراقبة تطبيق تلك الانظمة، فضلا عن انهم يقومون بتوعية الناس والتحدث اليهم.
ليس بتلك الطريقةوحين سئل عما إذا كان بإمكان النساء الذهاب إلى الحدائق، قال إنهن سيكن قادرات على ذلك اذا تحققت شروط معينة.
وقال ان بمقدورهن الذهاب الى الحدائق ما لم يكن فيها رجال، واذا كان هناك رجال فان الشريعة لا تجيز ذلك.
واضاف "نحن لا نقول إن المرأة ليس بامكانها ممارسة الرياضة، أو لا تستطيع الذهاب إلى الحديقة، أو لا تستطيع الجري. يمكنها القيام بكل هذه الأشياء، ولكن ليس بنفس الطريقة التي تريدها بعض النساء، أن تكون شبه عارية وبين الرجال."
اقرأ ايضاًوكان مسؤول في وزارة التعليم الأفغانية قال في وقت سابق ان هناك استعداد لاعادة الطالبات الى الجامعات، لكن الكلمة الفصل في ذلك تعود لزعيم حركة طالبان الملا هبة الله أخوند زاده، وهو رجل غامض لم يظهر علنا سوى مرات معدودة.
والأربعاء، دعا مبعوث الأمم المتحدة الخاص للتعليم العالمي غوردون براون، المحكمة الجنائية الدولية الى ملاحقة قادة طالبان بتهم جرائم ضد الإنسانية بسبب منع التعليم والتوظيف عن الفتيات والنساء الأفغانيات.
وفرضت طالبان القيود المشددة على النساء خلافا لتعهداتها المعلنة، الامر الذي عرقل جهودها للحصول على اعتراف دولي وكذلك مساعدات تخفف من الازمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد البالغ عدد سكانها 38 مليون نسمة.
المصدر: البوابة
كلمات دلالية: التشابه الوصف التاريخ حركة طالبان الشريعة الاسلامية الحجاب افغانستان
إقرأ أيضاً:
علماء الشريعة والسياسة.. بداية الإشكال وأخطاء الاشتباك
منذ قرن على الأقل ويوجد دعاة إلى إبعاد الدين عن الشأن العام، وقد تنامت هذه الدعوات مع ظهور المشروعات القومية ووصول الحكام العسكريين إلى الحكم، وصدامهم مع حركات سياسية ترتكن إلى الدين في مرجعيتها، ولعل أولها وأبرزها إلى الآن؛ جماعة الإخوان المسلمين. ولا يمكن فصل هذا التوجه السياسي للجماعة عن نشأة حركات سياسية دينية في الغرب، وأحزاب مسيحية أوروبية، وهو ما استهوى الشيخ الكبير الراحل حسن البنا، فأنشأ تنظيما يغلب عليه الطابع السياسي، رغم محاولته المزاوجة بين الهيكل الصوفي السائد في الثقافة الإسلامية لقرون سابقة، والهيكل السياسي للأحزاب المسيحية الأوروبية، وليته ما فعل.
كان الشيخ الراحل صاحب لسان طلق، وقدرة هائلة على الحشد والتجييش، وأراد -فيما يبدو- قطع الفصام بين الديني والسياسي الذي تعاظم -حينها- مع ظهور كتب مثل "الإسلام وأصول الحكم" عام 1925، وذيوع مظاهر التغريب الثقافي والقيمي، فأراد إنشاء تنظيم حديث مرتكن إلى أصالة حضارة الأمة، كما فعل محمد علي عندما أنشأ جيشا على النظام الحديث، وعلي مبارك عندما أنشأ كلية دار العلوم، وغير ذلك من المؤسسات القديمة التي بدأت حينها تكتسي بحلة الحداثة مهتدية بالأنماط الغربية، فأنشأ الشيخ الراحل حركة دينية بدأت بالشكل الصوفي الذي يشكِّل مجموعات من نقباء يجمعهم مرشد عام للطريقة، ووضع نظام الأذكار مهتديا بالوظيفة الزَّرُّوقِيَّة للشيخ أحمد زَرُّوق الفاسي، وجعل لهم وِرْد رَابِطَة كالصوفية الذين يستحضرون هيئة الشيخ عند الدعاء بالوِرد، وما إلى ذلك من الصور الصوفية الطيبة.
وال نحو قرن من مسألة وجود الدين في الشأن العام تشكَّلت أفكار وممارسات، لكن السمة التي وُجدت في الأغلب الأعم من المنتسبين إلى الشريعة، سواء كانوا تابعين للأنظمة أو معارضين لها أو من الذين نَحَوْا إلى العنف أو الغلو في مسائل التكفير، أن جُلَّهُم يفتقدون إلى دراسة السياسة
بالطبع تحولت الجماعة مع مرور الزمن، خاصة مع انتقال الكثير من قادتها إلى السعودية في الخمسينيات وما بعدها، وأصبح عموم أفرادها أقرب للفكر الديني السلفي، مع مجافاتهم للسلفية في الجانب السياسي، وأصبحت الجماعة أقرب للخصومة مع الفكر الصوفي، لكن هذه مسألة ليست محل النقاش هنا.
الحاصل أن ما فعله الشيخ الراحل البنا اصطدم مع نظام الحكم في مصر، انتهى باغتياله -رحمه الله- ثم استمر النزاع مع الجماعة بعد انقلاب تموز/ يوليو 1952، وهنا بدأت العداوة مع الدين في الشأن العام تأخذ منحى أكثر سفورا، نتيجة الخلاف السياسي بين عبد الناصر والجماعة، خاصة عقب أزمة آذار/ مارس 1954 التي انحاز الإخوان فيها إلى محمد نجيب ومطالبه الديمقراطية. ونكَّل عبد الناصر بمواطنين مصريين بذريعة الخلاف السياسي، على نحو لم يُعهَد في المجتمعات العربية، وحذت أنظمة القمع العربية حذوه. ولا يزال الصراع مستعرا بين الجماعة والحكَّام العرب إلى يومنا هذا، ولم تسلم أي حركة أو حزب سياسي ديني من الاكتواء بنيران الاستبداد، سواء كانت مصيبة في قراراتها أم مخطئة، فالعلاقة بين الدين والشأن العام باتت علاقة صراع فقط، وأحسب أن ما سبق يمثِّل جذور هذا الصراع وبدايته.
فَهِمَ الحكَّام أن الهجوم على التنظيمات الدينية ينبغي أن يكون بالثقافة نفسها التي ينطلق منها رجال الحركات السياسية الدينية، فاستمالوا إليهم شيوخا ينافحون عما تدعو إليه الأنظمة الحاكمة، أيّا كان ما تدعو إليه، فأصبحت هناك فتاوى ومواقف لرموز دينية متضاربة، إحداها تدعو إلى أمر، والأخرى تجافيه وتعاديه، لتدخل المسألة الدينية في صراع يشعله الاستبداد، ووقوده دعاة السلطان من جهة وغير المختصين من أبناء الحركات السياسية الدينة من جهة أخرى، ويكتوي المجتمع بهذه النيران.
طَوال نحو قرن من مسألة وجود الدين في الشأن العام تشكَّلت أفكار وممارسات، لكن السمة التي وُجدت في الأغلب الأعم من المنتسبين إلى الشريعة، سواء كانوا تابعين للأنظمة أو معارضين لها أو من الذين نَحَوْا إلى العنف أو الغلو في مسائل التكفير، أن جُلَّهُم يفتقدون إلى دراسة السياسة، والمقصود هنا من ينشغل بالسياسة والكلام عنها لا المنكفئون إلى الدراسة والتدريس.
فمثلا حديث مفتي الجمهورية في مصر الذي انتقد فيه دعوات الجهاد، كان خادما بصورة واضحة لرؤية الكيان الصهيوني، من جهة الدعاية لقوته وقوة الدول الداعمة له، فقال بيان الإفتاء: "إن الدعوة إلى الجهاد دون مراعاة لقدرات الأمة وواقعها السياسي والعسكري والاقتصادي، هي دعوة غير مسؤولة وتخالف المبادئ الشرعية التي تأمر بالأخذ بالأسباب ومراعاة المآلات، فالشريعة الإسلامية تحث على تقدير المصالح والمفاسد، وتحذر من القرارات المتسرعة التي لا تراعي المصلحة العامة، بل قد تؤدي إلى مضاعفة الضرر على الأمة والمجتمع". وما قدمه اليمنيون طوال معركة إسناد غزة يكذِّب تماما هذه الرواية الغربية، بوقوفهم أمام الأمريكان والإنجليز وكيان الاحتلال.
كذلك، نجد دعاة من المعارضين لأنظمة الحكم القمعية، يتخذون مواقف سياسية شديدة الخطأ، وهي مواقف لا تُحصى في الفترة ما بين 2011 و2013، وهذه المواقف تسببت في انتكاسة كبرى لمصر وللمنطقة، وآخرها كان مؤتمر دعم سوريا، ورغم أن كثيرا من المواقف قد لا يكون خطأ من نواحٍ عديدة، لكن سوء التقدير السياسي للظرف، قد يؤدي إلى مفاسد دينية ودنيوية لا حصر لهما، ومصر خير شاهد على ذلك.
ربما يشترك دعاة السلطان ومعارضوهم من الدعاة في مطلب منع الإفتاء لغير المتخصص، وهو مطلب ضروري لضبط الفتوى، ومع ذلك، ينبغي على المنشغل بالشأن العام من المنتسبين إلى حَمَلَة الشريعة أن يحترموا التخصص في العلوم الاجتماعية، ومنها السياسة، فحديثهم بغير علم إما أن يؤدي إلى فساد بسبب اتباع جماعة لهم، أو إلى إسقاط حملة الشريعة من أعين الناس، فلا ينتفعون منهم ولا من وعظهم، وهذا بدا في مصر أيضا، عندما تورط دعاة وعلماء في قضايا سياسية، واستدرجهم المستبدون في قضايا تُسقطهم من أعين الناس، فاستباح بعض الناس المنابرَ وحُرْمَتَها، وأهانوا الخطباء على المنابر لتورطهم في شؤون سياسية كان ينبغي عليهم إما اجتنابها أو صياغة خطابهم بتوازن.
التخصص في كل علم مطلوب، والتخصص لا يعني احتكارَ العلم أو دراستَه أو التحدثَ فيه، لكن من أراد أن يتكلم فعليه أن يتكلم بوعي، وإذا كان رجل الشارع البسيط لا يأبه بالقواعد العلمية في أي مسألة بما فيها المسائل الطبية، فإن حامل المسؤولية والمتصدِّر لا ينبغي عليه أن يساوي نفسه بغيره ممن لا يحرِّك كلامه أحدا
صحيح أن الحديث في السياسة ليس حكرا على أحد، ومن حق الجميع أن يبدي رأيه، لكن الحقوق مقيدة بحسب المقام والمكان، فالمسؤول يضبط خطابه كي لا يتسبب في أزمة، ومن يقف في مسجد لا يتحدث كمن يتحدث في مقهى، ومن يمارس دعاية سياسية في نقابة أو في الشارع له الحق في ذلك، ومن يقوم بدعاية سياسية في بيوت الله ربما يقع في مخالفة قول الله: "وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا".
القصد أن المقام والمكان يحتِّمان على المتحدث مراعاتهما، وحَمَلَة الشريعة يحملون أعظم رسالة، ولا ينبغي عليهم أن ينخرطوا فيما يمس مقام الدعوة أو بيوت الله، وذلك دون مساس بحقهم في التكلم في الشأن العام، ودون فصل بين الدين والسياسة، فالسياسة لا يمكنها أن تكون منفصلة عن قيم تحكمها وتضع لها الحدود لضبط الممارسة، والعالم بأسره يستمد السلوك السياسي من التنظير، وبعض التنظير يرجع إلى أرسطو وأفلاطون من قرون سحيقة، ولن يجد البشر قيما أكثر حكمة أو عدالة مما شرعه خالق الخلق، الذي يعلم بما يصلحهم معاشهم ومعادهم.
إن التخصص في كل علم مطلوب، والتخصص لا يعني احتكارَ العلم أو دراستَه أو التحدثَ فيه، لكن من أراد أن يتكلم فعليه أن يتكلم بوعي، وإذا كان رجل الشارع البسيط لا يأبه بالقواعد العلمية في أي مسألة بما فيها المسائل الطبية، فإن حامل المسؤولية والمتصدِّر لا ينبغي عليه أن يساوي نفسه بغيره ممن لا يحرِّك كلامه أحدا، وكم عالما راسخا في مجال سقط لأنه تحدث دون علم في غير فنِّه وتخصُّصِه، فَبَدَا وكأنه أقرب للحمق فيما ولج فيه وهو غير خبير، وهذا ما ينبغي أن ينأى عنه حَمَلة الشريعة، إذ إن قيمتَهم مكتسبةٌ مما يبلّغونه عن الله، ومن وقوفهم على منابر المساجد، وإهانتهم تفتح الباب لإهانة التراث الفقهي وإهانة المنابر. وهذه مسؤولية كبيرة سيقفون بها أمام الله، سواء كانوا ممن باعوا دينهم لأجل دنياهم، أو كانوا يخوضون في قضايا لا علم لهم بها فتسببوا بانتقاص الناس للشريعة وأهلها.