يواجه الاتحاد العام التونسي للشغل -أحد أبرز المنظمات النقابية في تونس منذ تأسيسه عام 1946- أزمة داخلية عميقة تهدد بتقويض دوره التاريخي بوصفه قوة تعديلية تدافع عن حقوق العمال والحريات والديمقراطية. هذه الأزمة ليست مجرد خلافات داخلية عابرة، بل تعكس انقسامات هيكلية وتجاذبات سياسية أثرت على أداء المنظمة وفعاليتها في مواجهة الأوضاع الراهنة.

تعود جذور الأزمة إلى مؤتمر طبرقة عام 2010، عندما أُقر تعديل النظام الأساسي للاتحاد لتحديد دورات المكتب التنفيذي بدورتين فقط. ومع اقتراب انتهاء الدورة الثانية لنور الدين الطبوبي، تم عقد مؤتمر استثنائي بمدينة سوسة عام 2021 لتعديل الفصل 20 من النظام الأساسي، مما سمح بترشحه لدورة ثالثة.

وأثار هذا التعديل انقساما حادا داخل المنظمة، إذ اعتبره بعض النقابيين تلاعبا بالقوانين لضمان استمرار قيادة الطبوبي. ويعتبر هذا القرار أحد أبرز الأسباب وراء حالة الانشقاق الحالية، إذ تشكل تيار معارض داخل المكتب التنفيذي يطالب بإصلاحات شاملة.

وصلت الأزمة الحالية ذروتها عندما قاطع الاجتماعات الرسمية 5 أعضاء من المكتب التنفيذي، وهم أنور بن قدور ومنعم عميرة والطاهر البرباري وصلاح الدين السالمي وعثمان الجلولي. ودفعت هذه المقاطعة، التي تعبر عن انعدام الثقة بين أعضاء القيادة، بن قدور للدعوة إلى عقد مؤتمر استثنائي في الربع الأول من العام المقبل، بدلا من الانتظار حتى موعد المؤتمر في فبراير/شباط 2027.

إعلان تاريخ حافل

لعب الاتحاد دورا مركزيا في الدفاع عن حقوق العمال وفي المشهد السياسي التونسي منذ الاستقلال. وفي عام 2015، حاز الاتحاد جائزة نوبل للسلام لدوره المحوري في حل الأزمة السياسية التي هددت استقرار البلاد خلال "الحوار الوطني".

ولكن مع الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس قيس سعيد منذ يوليو/تموز 2021، بما في ذلك تعليق البرلمان وحل المجلس الأعلى للقضاء، وجد الاتحاد نفسه في موقف ضعيف. ويرى أستاذ علم الاجتماع مهدي مبروك أن سعيد لا يعترف بالأجسام الوسيطة، بما في ذلك الأحزاب والنقابات، وهو ما أدى إلى تهميش الاتحاد وإضعاف دوره في الساحة الوطنية.

وأصبح الاتحاد، حسب النقابي عبد الرحمن الهذلي، منقسما بين تيارين:

تيار يسعى للحفاظ على استقلالية المنظمة ودورها الاجتماعي. تيار آخر ينسجم مع سياسات سعيد ويرى أن الاتحاد يجب أن يكون جزءا من مسار 25 يوليو/تموز.

أتاح هذا الانقسام للسلطة فرصة التدخل بشكل غير مباشر في الاتحاد، إذ تعمل على تغذية الخلافات الداخلية لإضعافه وإلهائه بمشاكله.

وتأتي الأزمة الحالية في وقت يعاني فيه العمال من ارتفاع تكاليف المعيشة وتجميد الأجور. ورغم المطالب المتكررة للاتحاد بعقد مفاوضات اجتماعية مع الحكومة لمعالجة هذه القضايا، فإن السلطة لم تستجب، مما زاد من غضب القواعد النقابية التي باتت تشعر بخيبة أمل من القيادة.

أسباب الأزمة وسبل الحل

يرى مبروك أن الأزمة التي تعصف بالاتحاد ليست مجرد خلافات شخصية، بل تعكس مشكلات هيكلية أعمق تشمل:

غياب الانسجام داخل القيادة النقابية. عدم وجود رؤية واضحة للتعامل مع السلطة. التحايل على القانون الداخلي من خلال تعديل الفصل 20.

ويشير مبروك إلى أن الاتحاد يمكنه استعادة مكانته من خلال:

إصلاحات داخلية: إنهاء الصراعات واحترام النظام الداخلي، بما في ذلك معالجة مسألة الفصل 20. إعادة تحديد دوره الوطني: تحديد موقف واضح من السلطة والعودة إلى دوره كمدافع عن القضايا الديمقراطية والاجتماعية. إعلان

على الرغم من كل هذه الأزمات، يؤمن نقابيون وخبراء بأن الاتحاد العام التونسي للشغل لايزال يمتلك إرثا نضاليّا كبيرا يمكّنه من تجاوز محنته الحالية. لكن استمرار الانقسامات الداخلية والركود التنظيمي وعجز القيادة عن مواجهة السلطة قد يؤدي إلى مزيد من التراجع في دوره التاريخي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

ماجد المصري يبدأ تصوير دوره في فيلم الست لما.. صور

بدأ الفنان ماجد المصري تصوير مشاهده الأولى في فيلم «الست لما»، الذي يجمعه بالنجمة يسرا، ضمن فريق عمل يواصل التصوير حاليًا. 

ويجسّد المصري شخصية زوج يسرا، حيث يواجهان سويًا سلسلة من المواقف الحياتية، في إطار اجتماعي إنساني.

ماجد المصري يبدأ تصوير فيلم الست لماأبطال فيلم الست

يشارك في بطولة الفيلم نخبة من النجوم، أبرزهم: يسرا، ماجد المصري، درة، ياسمين رئيس، عمرو عبد الجليل، محمد أنور، كريم عفيفي، محمود البزاوي، رانيا منصور، دنيا سامي، انتصار، أحمد صيام، مي حسن، إلى جانب عدد من ضيوف الشرف.

الفيلم من تأليف كيرو أيمن ومحمد بدوي، وإخراج خالد أبو غريب، ومن إنتاج ندى ورنا السبكي.

وتدور أحداث «الست لما» حول قضايا نسائية متنوعة، تُروى من خلال شخصيات نسائية متعددة تمرّ بتجارب قاسية تحمل أبعادًا إنسانية ومجتمعية.

وتؤدي النجمة يسرا شخصية «دينا الكردي»؛ إعلامية مؤثرة في الأربعينيات من عمرها، تتمتع بشخصية صارمة وعقلانية، وتقود «مركز صوت المرأة» في نضال نسوي جاد، غير أن حياتها تتأثر بصدمة خفية تُلقي بظلالها على علاقاتها الشخصية، خاصة مع الرجال.

أما ياسمين رئيس، فتجسد شخصية «وفاء»، فتاة عشرينية جريئة ومتفتحة، خريجة جامعة أمريكية، تتعرض لتحرش عنيف داخل سيارة أجرة (أوبر)، ما يؤدي إلى إصابتها بصدمة نفسية تقلب حياتها رأسًا على عقب.

بينما تظهر الفنانة درة في دور «فاطمة»، وهي امرأة جميلة في الأربعينيات نشأت في ملجأ أيتام، وتحلم بالأمومة، لكن زواجها من رجل أناني يحوّل حلمها إلى كابوس.

وتسرد فاطمة حكايتها للجميع، لتكشف حجم المأساة التي تعيشها كثير من النساء.

فيلم «السلم والثعبان – لعب عيال»

يواصل ماجد المصري حضوره السينمائي اللافت، إذ يصوّر حاليًا فيلم «السلم والثعبان – لعب عيال»، الذي يشاركه بطولته عمرو يوسف، أسماء جلال، ظافر العابدين، حاتم صلاح، فدوى عابد، هبة عبد العزيز، وآية سليم.

الفيلم من تأليف أحمد حسني، وإخراج طارق العريان، وتدور أحداثه في إطار رومانسي اجتماعي.

كما ينتظر ماجد المصري عرض فيلمه الجديد «الغربان»، الذي يجمعه بالفنان عمرو سعد.

طباعة شارك ماجد المصرى الفنان ماجد المصرى فيلم الست لما يسرا الفنانة يسرا

مقالات مشابهة

  • انتشار البرباشة بشوارع تونس يعكس الأزمة الاقتصادية في البلاد
  • انتشار البرباشة في شوارع تونس يعكس الأزمة الاقتصادية في البلاد
  • شوبير: الأهلي يواجه 3 أزمات في الفترة الحالية
  • الاتحاد الأوروبي يخصص 1.1 مليون يورو لمعالجة أزمة المياه في البصرة
  • فليك يتخذ موقفًا حاسمًا تجاه تير شتيغن وسط أزمة غيابه وشارة القيادة
  • بسبب الحرارة والحرائق.. تركيا تواجه أزمة بيئية غير مسبوقة
  • ماجد المصري يبدأ تصوير دوره في فيلم الست لما.. صور
  • المكلا تشتعل غضبًا.. المواطنون يقطعون الطرقات احتجاجًا على أزمة الكهرباء
  • وزير الزراعة: مصر شهدت نهضة زراعية غير مسبوقة في عهد الرئيس السيسي
  • محافظة تعز .. نجاحات خدمية وتنموية وتحولات نوعية خلال العام 1446هـ