قيود على السوريين في مصر.. هل يواجه النظام خطر انتشار عدوى الربيع العربي؟
تاريخ النشر: 16th, December 2024 GMT
في ظل التطورات السياسية الأخيرة في سوريا، اتخذت السلطات المصرية إجراءات جديدة تتعلق بالسوريين المقيمين على أراضيها، ما أثار تساؤلات ومخاوف بين أفراد الجالية السورية.
هذه الإجراءات، التي جاءت في سياق متغيرات إقليمية ودولية، فرضت قيودًا جديدة على تجديد الإقامات، دخول الأراضي المصرية، وأيضًا على الأنشطة الاقتصادية التي يمارسها السوريون في مصر.
موافقة أمنية لتجديد الإقامات والدخول
وأعلنت الأجهزة الأمنية المصرية عن ضرورة الحصول على موافقة أمنية مسبقة لتجديد إقامة السوريين في البلاد. وتم تعليق تجديد الإقامات مؤقتًا حتى إشعار آخر، ريثما تُستكمل الفحوصات الأمنية اللازمة.
وتُشرف ثلاث جهات أمنية على مراجعة وفحص طلبات تجديد الإقامة. وشملت الإجراءات الجديدة إلغاء أي استثناءات سابقة كانت تُمنح لبعض السوريين لدخول أو الإقامة في مصر.
قيود على دخول السوريين
في السياق ذاته، فرضت السلطات المصرية قيودًا مشددة على دخول السوريين إلى أراضيها. شملت هذه الإجراءات منع دخول السوريين الحاملين لإقامات أو تأشيرات من دول أوروبية، أمريكية، وكندية، إلا بعد الحصول على موافقة أمنية مسبقة. كما تم تعليق دخول السوريين الحاملين لتأشيرات "شنغن" إلى مصر.
وتم وضع شروط جديدة للسوريين المتزوجين من مصريين أو مصريات، حيث أصبح دخولهم مشروطًا أيضًا بالحصول على موافقة أمنية.
بحسب التصريحات الرسمية، فإن تلك القيود لا تستهدف السوريين بشكل خاص، بل تأتي في إطار مراجعة دقيقة للملفات الأمنية لجميع القادمين إلى مصر، وذلك بعد تطورات الأوضاع في سوريا والقرارات السياسية الإقليمية والدولية التي أثرت على الوضع الأمني في المنطقة.
ضوابط على الأنشطة الاقتصادية
من ناحية أخرى، فرضت السلطات ضوابط جديدة على الأنشطة الاقتصادية التي يزاولها السوريون في مصر، وتأتي هذه الإجراءات في وقت حساس، حيث تشهد مصر تحولات سياسية وإقليمية كبيرة.
موافقة أمنية مسبقة لفتح الأعمال التجارية
من أبرز القرارات التي تم اتخاذها هو فرض شرط الموافقة الأمنية المسبقة على فتح أي نشاط تجاري أو اقتصادي تملكه أو يديره سوريون في مصر.
تشمل هذه الأنشطة فتح المطاعم، المحلات التجارية، شركات التصدير والاستيراد، والأعمال الحرة. في هذه الحالة، لا يُسمح للسوريين بفتح أو إدارة أي نوع من المشاريع التجارية دون أن تحصل هذه الأنشطة على التصريح الأمني من الجهات المعنية.
التأكد من مصادر التمويل
تزامنًا مع الضوابط على الأنشطة التجارية، يتم فرض ضوابط دقيقة على مصادر التمويل الخاصة بالمشروعات السورية. إذ تقوم السلطات المصرية بمراجعة مصادر الأموال التي يتم استخدامها لتمويل هذه المشاريع، للتأكد من عدم وجود ارتباطات بأطراف قد تُشكل تهديدًا للأمن القومي أو تُستخدم لأغراض سياسية أو تمويل نشاطات إرهابية. إلى جانب ذلك، تقوم الأجهزة الأمنية بمراقبة التحويلات المالية الخاصة بالسوريين داخل وخارج مصر، لضمان عدم استخدامها في عمليات قد تؤثر على الاستقرار الاقتصادي في البلاد.
التأكد من التراخيص القانونية
بجانب الموافقة الأمنية، يُشترط على السوريين الذين يزاولون أي نشاط اقتصادي في مصر الالتزام بجميع القوانين المحلية واللوائح الخاصة بممارسة الأعمال. وهذا يشمل التأكد من أن الشركات والمشروعات تعمل وفقًا للمحددات القانونية المتعلقة بالضرائب، التراخيص التجارية، وقوانين العمل. وبموجب هذا النظام، سيتم منح تراخيص الأعمال بناءً على المراجعات الأمنية، على أن يتم أيضًا مراقبة تنفيذ هذه الأنشطة وفقًا للأطر القانونية والتشريعات الاقتصادية الخاصة بمصر.
فحص الأعمال التجارية القائمة
بالإضافة إلى الموافقة المسبقة على الأعمال الجديدة، تشمل الضوابط الجديدة أيضًا فحص الأعمال التجارية القائمة التي يديرها سوريون. وتعمل السلطات على إجراء مراجعات دورية للأعمال التجارية الحالية، للتأكد من التزامها بالقوانين المصرية، والامتثال لمتطلبات الأمن القومي. وقد يؤدي عدم الالتزام بهذه الضوابط إلى اتخاذ إجراءات قانونية ضد أصحاب الأنشطة.
إبعاد بعض السوريين لأسباب أمنية
وفقًا لتصريحات المصادر الأمنية، قامت السلطات بإعداد قائمة تضم عددًا من السوريين الذين تم تحديدهم للإبعاد من البلاد لدواعٍ أمنية. وأوضحت المصادر أن هذه الإجراءات اتُخذت بناءً على مراجعات دقيقة وأنها لا تستهدف الجالية السورية بشكل عام.
الجالية السورية في مصر
تعد الجالية السورية واحدة من أكبر الجاليات الأجنبية في مصر، حيث يبلغ عددهم نحو 1.5 مليون شخص. منذ اندلاع الأزمة السورية في 2011، لعب السوريون دورًا بارزًا في تنشيط الاقتصاد المصري، خاصة من خلال الأنشطة التجارية الصغيرة والمتوسطة مثل المطاعم والمحلات التجارية الصغيرة. كانت هذه المشاريع مصدرًا رئيسيًا للدخل للعديد من العائلات السورية، وعاملًا هامًا في توفير فرص عمل للمصريين أيضًا.
ومع ذلك، فإن الإجراءات الأخيرة التي فرضتها السلطات المصرية على تجديد الإقامات وعلى الأنشطة التجارية للسوريين قد تؤثر على الاقتصاد المحلي في مصر. فالسوريون أصبحوا يشكلون جزءًا مهمًا من الحركة التجارية والاقتصادية في البلاد، وتأثير هذه الإجراءات قد يؤدي إلى تباطؤ النشاط التجاري في بعض القطاعات التي يسيطرون عليها.
عدوى الربيع العربي
ومن جانبه، قال رئيس الجالية السورية الأسبق في مصر، نزار الخراط، في تصريحات خاصة لـ"عربي21"، إن القرارات التي أصدرتها الحكومة في مصر متوقعة وغير مفاجئة، حيث تخفي وراءها تخوفًا من انتصار الثورة السورية وسقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، حتى لا تنتقل عدوى الربيع العربي من جديد بين البلدان.
وأضاف الخراط أن هذه الإجراءات التي يعلن المسئولين أنها لا تستهدف السوريين فقط ولكن على أرض الواقع فإنها تتطبق على السوريين فحسب، ولكنها قد تعجل بعودة السوريين إلى سوريا وعودة شبابهم، مشيرًا إلى أن الشعب السوري كتب قصص نجاح في أصعب وأحلك الأوقات قبل الثورة وأثنائها.
وتابع رئيس الجالية السورية الأسبق في مصر، أن الإجراءات التي فرضتها الحكومة سواء على تجديد الإقامة أو تصاريح إنشاء المؤسسات التجارية للسوريين سوف تؤثر على القطاع الاقتصادي في مصر، خاصة أن السوريين أصبح لهم تأثير كبير على الحركة التجارية والاقتصادية في البلدان المستضيفة لهم مثل مصر وغيرها. كما شدد على أن هذه الإجراءات قد تؤدي إلى تشويش على العلاقات بين الجالية السورية والحكومة المصرية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سوريا المصرية سوريا مصر النظام المصري السوريين في مصر قيود جديدة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الجالیة السوریة السلطات المصریة دخول السوریین هذه الإجراءات موافقة أمنیة على الأنشطة فی مصر
إقرأ أيضاً:
لبنان بلا دعم دولي للاجئين السوريين.. المفوضية تُعلن انسحاباً تدريجياً حتى نهاية 2025
أعلنت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان عن قرارها وقف معظم أشكال الدعم المقدّم للاجئين السوريين على الأراضي اللبنانية، بما يشمل التغطية الاستشفائية والمساعدات النقدية وبرامج التعليم، وذلك بسبب أزمة تمويل حادّة تهدد قدرة المفوضية على مواصلة عملها الإنساني في البلاد.
وفي تصريح لصحيفة “الشرق الأوسط”، أكدت الناطقة باسم المفوضية، ليزا أبو خالد، أن الدعم الصحي الأولي قد توقف فعلياً منذ فترة، ما سيؤثر مباشرة على نحو 80 ألف لاجئ سوري كانوا يعتمدون على هذه المساعدة لتغطية الحد الأدنى من الخدمات الطبية.
أما على صعيد المساعدات النقدية، فقد تراجعت قدرة المفوضية، ضمن برنامجها المشترك مع برنامج الأغذية العالمي، على الوصول إلى المستفيدين بنسبة 65% منذ يناير 2025، ما أدى إلى وقف الدعم لما يقارب 350 ألف شخص من الفئات الأشد ضعفاً.
وأشارت أبو خالد إلى أن نحو 200 ألف لاجئ إضافي معرضون لفقدان هذا الدعم بحلول شهر سبتمبر في حال استمرار العجز في التمويل.
كما أوضحت أن المفوضية ستوقف أيضاً برامج التعليم غير النظامي للأطفال غير الملتحقين بالمدارس، مثل محو الأمية وتعليم الحساب، اعتباراً من يوليو 2025، مما سيؤثر بشكل مباشر على قرابة 15 ألف طفل نازح.
ورغم هذا الواقع الصعب، اعتبرت أبو خالد أن “الظرف الراهن يشكل فرصة إيجابية لبحث العودة الطوعية لأعداد أكبر من اللاجئين السوريين إلى وطنهم، أو على الأقل للبدء في التفكير الجدي بهذا الاتجاه”، لكنها شددت في الوقت نفسه على أن الأزمة الإنسانية داخل سوريا لا تزال مستمرة، إذ لا يزال ملايين السوريين بحاجة إلى مساعدات أساسية في مجالات الغذاء، والمأوى، والرعاية الصحية.
وفي هذا السياق، كشفت أبو خالد عن خطة عمل مشتركة بين المفوضية وشركائها الإنسانيين في لبنان، تهدف إلى دعم العودة الطوعية لنحو 400 ألف لاجئ سوري خلال عام 2025، من ضمنهم خمسة آلاف لاجئ فلسطيني قدموا من سوريا. وتتضمن الخطة تسهيلات لوجستية وإدارية، من بينها توفير وسائل نقل، والمساعدة في إنجاز الوثائق المطلوبة داخل سوريا.
هذا القرار يعكس التحديات المتزايدة التي تواجهها المفوضية وسط تراجع التمويل الدولي، ويُنذر بانعكاسات إنسانية خطيرة على مئات آلاف اللاجئين السوريين الذين ما زالوا يعانون من أوضاع هشّة في لبنان.