موقع 24:
2025-06-03@16:29:16 GMT

سوريا في المفترق

تاريخ النشر: 16th, December 2024 GMT

سوريا في المفترق

إنه شيء يشبه مناماً مريحاً، هذا الذي جرى في سوريا قبل هرب الرئيس القائد تحت جنح الظلام إلى موسكو، وخلال الأسبوع الذي أعقب ذلك الهرب.

لقد سقط الرئيس بشار الأسد ونظامه في سرعة لا يتخيلها عقل، ومعركة الأيام الـ 10 التي أنهت حكم السلالة الأسدية عاكست نظرية "المسيرة الطويلة" الصينية الضرورية لـ "الوصول إلى الحكم"، وقالت أيضاً بانتهاء عصر "الحرب الشعبية الطويلة الأمد" نحو سلطة لا "تنبع إلا من فوهة البندقية"، وكشفت الحال السورية أن قمعاً موروثاً استمر أكثر من نصف قرن لا يمكنه الاستمرار إلى الأبد مهما زرع من تدجين داخل حدوده وفي خارجها.


انتصر السوريون بالخلاص من نظام القتل والبراميل وإهانة الإنسان، ومن دول وميليشيات ناصرته، ودخلوا بسرعة وبسلاسة تُسجل إلى مرحلة انتقالية حساسة لا يمكنها، كي تنجح، سوى أن تكون نقيضاً لمبدأ القمع المستند إلى نظام طائفي ومذهبي يستند إلى نظام مصالح دولي وإقليمي، طائفي في عمقه وتجلياته، بهدف إرساء نظام نقيض يقوم على العدالة والإنسانية والمساواة.
يراقب جيران سوريا ودول العالم بدقة أفراح ومخاوف السوريين، مثلما يتابع السوريون فرداً فرداً وحارة حارة، خصوصاً أصحاب الرأي منهم في الداخل والمنافي، تطورات بلادهم، وهم الذين دفعوا أثماناً غالية في مواجهة زنازين الأسد وأساليب حكمه المعادية لأبسط حقوق البشر، وتزداد القناعة لديهم ولدى الحريصين على سوريا أن مستقبل البلد في أيدي السوريين أنفسهم إذا أحسنوا التصرف، وأن هذا المستقبل سيبقى مهدداً لو رضخوا للحسابات الإقليمية والدولية التي رعت مرحلة الاقتتال والانقسام التي سادت منذ أكثر من 10 أعوام.
على السوريين مجتمعين تقع مهمة صياغة النظام الجديد الذي يجمعهم، نظام يقوم على نقض نهج وأساليب النظام السابق، يستعيد وحدة الدولة السورية ذات السيادة على أساس دستور جديد يقوم على المواطنية، ويتيح تداولاً للسلطة في انتخابات حرة.
سوريا تستحق استقراراً بعد عقود من الانقلابات العسكرية وتجربة نصف قرن من الاستبداد قضت على بدايات تجربة ديمقراطية ترعرعت منذ أيام الانتداب والاستقلال قبل أن تنهيها طموحات العسكرة وعبادة الأشخاص، وقبل الاستقلال وتحت الاحتلال  الفرنسي تمكن فوزي الغزي وهاشم الأتاسي ونخبة من السوريين من وضع الدستور السوري الأول عام 1928، أيام النفي في جرود لبنان (دوما البترون)، والآن أيضاً سيمكن ويجب على النخب السورية أن تنجز ذلك الأمر، ووضع دستور جديد يأخذ بعين الاعتبار واقع الشعب السوري وتحولات قرن عابق بالتجارب المريرة.
الدستور مسألة أساس في سوريا الجديدة، بسبب الانقسامات القائمة وتعدد فصائل مناهضي النظام البائد، وتوزع الأرض بين مناطق نفوذ واحتلال، ولم يكن صدفة أن تتبنى الأمم المتحدة أولوية إنجاز صياغة الدستور المفترض وتتابعها على مدى أعوام إلى أن أفشلها الأسد، فهذه العملية جزء أساس من القرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي رقم (2254) الذي يرسم خريطة طريق للتسوية في سوريا.
ولم يسقط هذا القرار بسقوط أحد طرفيه، بل هو الآن بمثابة مرجعية قانونية دولية يمكن للسوريين الاستناد إليه لإعادة بناء مؤسساتهم ودولتهم وضمان الدعم الدولي لثورتهم وبلادهم، وهو في صلب المداولات العربية والأوروبية والدولية الدائرة بنشاط حول التطورات في سوريا،


فلا يزال القرار 2254 مستنداً أساساً في يد دول العالم المهتمة بعودة سوريا لحياتها الطبيعية، دولة مستقلة ديمقراطية موحدة سيدة على أرضها، على رغم أنه في يوم صدوره عن مجلس الأمن الدولي في الـ 18 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، أي قبل تسعة أعوام بالضبط، كان يتوجه إلى المعارضة والسلطة الممثلة في الأسد، لكنه في الواقع كان يرسم معالم الطريق لمرحلة ما بعد الأسد ونظامه المديد عندما أشار إلى الفترة الانتقالية، وهو جاء خلاصة لإجماع دولي قلّ حصوله، تحتاجه سوريا اليوم أكثر من أي وقت مضى.
أكد القرار في حينه التزام العالم باستقلال وسلامة أراضي سوريا، وهو أمر أساس في الظروف الراهنة خصوصاً مع التوغل والقضم الإسرائيليين في أجزاء إضافية من الجولان المحتل، وأوضح القرار أن الحل يكون من خلال "عملية سياسية جامعة بقيادة سورية عبر إنشاء هيئة حكم انتقالية جامعة، مع كفالة استمرارية المؤسسات الحكومية"، وهيئة الحكم المطلوبة هي الخطوة الأولى في عملية سياسية تتولى الأمم المتحدة تسييرها بهدف "إقامة حكم لا يقوم على الطائفية" ويحدد جدولاً زمنياً وعملية لصياغة دستور جديد، ويدعم إجراء انتخابات حرة تجري في غضون 18 شهراً تحت إشراف الأمم المتحدة".
بهذه الروحية تعامل الاجتماع العربي في العقبة مع التحول السوري، وشاركه في ذلك الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي، وفي الخلاصة رأى الجميع أن سوريا يجب أن تخرج من دائرة التقسيم والأطماع الإقليمية، وأن يسمح لأبنائها بالإمساك بمستقبل بلادهم وجمهوريتهم.
ويحتاج تحقيق ذلك إلى لجم الأطماع الإسرائيلية التي لا تتوقف قضماً وتدميراً، ويستلزم تخفيف الطموحات التركية في استعمال انتصارات الشعب السوري على النظام إلى وسيلة صدام داخلي مع جزء من الشعب الكردي - السوري، كما يتطلب إقفال الطريق أمام مهزوم أساس هو إيران من العودة للتلاعب بسوريا الساحة.
لم يتحمل المرشد الإيراني علي خامنئي ما جرى في محافظته الـ 35، وهو في آخر خطابات الأسبوع الماضي جزم أن "المناطق التي استولى عليها الأعداء في سوريا سيجري تحريرها على يد الشباب السوريين الغيورين، لا شك في أن هذا سيحدث وتُطرد أميركا من المنطقة عبر جبهة المقاومة".
كلام خامنئي والأصوليين الإيرانيين استحق تعليقاً لاذعاً من معلقين إيرانيين كتب أحدهم في صحيفة "هم ميهن" يقول: "تقدمون تحليلات حول الوضع في سوريا تجعل حتى الجماد يضحك ويسخر منها".
قد يكون الأمر كذلك، لكن الكلام الإيراني والنيات التركية والمشاريع الإسرائيلية تكشف جانباً أساسياً من جبل التحديات الذي تواجهه سوريا الآن، والتي لا يمكن لشخص أو فصيل مسلح أن يتحمل وحده مسؤولية الانتقال بها من حكم الأسد إلى المشروع الوطني الديمقراطي السوري الأرحب، الذي يحفظ وحدة شعبها واستقلاله وسيادته على أرضه.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية سقوط الأسد الحرب في سوريا فی سوریا یقوم على

إقرأ أيضاً:

وزير النقل السوري يتحدث عن قطار سريع يربط سوريا بدول الخليج ومشروع "مترو دمشق"


تحدث وزير النقل السوري يعرب بدر خلال لقاء مع قناة "الإخبارية السورية" حول أبرز المستجدات في قطاع النقل الذي يشهد إعادة تأهيل بعد عقود من الإهمال والتخريب.

وقال بدر: قطاع النقل يعاني من تدهور حاد في البنية التحتية نتيجة الإهمال المتعمّد من قِبل النظام البائد، مشيرًا إلى أن الوزارة بدأت العمل على إعادة تأهيل هذا القطاع الحيوي وفق رؤية قائمة على تحديد الأولويات وإشراك القطاع الخاص".

وأضاف: "لقد خسرت سوريا جزءا كبيرا من شبكة السكك الحديدية وتضررت شبكات الطرق العامة بشكل خطير نتيجة غياب الصيانة خلال المرحلة الماضية، ما يتطلب جهدًا كبيرا لاستعادة هذه المرافق".

وأكد أن خطة الوزارة اليوم تتركز على محورين أساسيين، الأول يتمثل في تشخيص الواقع وتحديد الأولويات حسب الأهمية، والثاني هو إشراك القطاع الخاص في إعادة التأهيل ضمن صيغ تشاركية معتمدة، مشددا على أن الحكومة تخطط وتنظّم، والقطاع الخاص ينفّذ ويستثمر.

وتابع: "شهدنا أيضا اهتماما إقليميا ودوليا بمشاريع استراتيجية كبرى، من بينها ربط شبكة السكك الحديدية السورية بدول الجوار، وإنشاء طرق مأجورة، واستثمارات بنظام البناء والتشغيل والنقل".

وأشار إلى أن مؤسسات تمويل دولية بارزة أبدت رغبة في التعاون مع سوريا، في مقدّمتها البنك الدولي، الذي يدرس إمكانية تمويل مشاريع السكك الحديدية، مؤسسة IFC التمويل الدولية التي تستعد لعقد اجتماع فني لبحث المساهمة في دراسات الجدوى وإجراءات الطرح الاستثماري.

ونوه بأن الحكومة لا تسعى إلى الاستدانة لتمويل مشاريع النقل، مشددا على أن الاستراتيجية الحالية تركز على جذب استثمارات وشراكات نوعية دون تحميل الدولة أو المواطن أعباء مالية جديدة.

وأكد أن الوزارة قطعت أشواطا مهمة في التحضير لإعادة إطلاق المشاريع المتوقفة، ومنها مشروع تأهيل الخط الحديدي الحجازي الذي يمتد بين دمشق وعمّان، مشيرا إلى أنّ العمل يتم بجهود ذاتية وبدعم كريم من بعض الجهات الدولية التي تُنسّق معها الوزارة لتحديث الدراسات الفنية.

وكشف أن الوزارة تعمل على منهج بعيد المدى يتمثل بإطلاق خط نقل سككي حديث بين دمشق والحدود الأردنية بسرعة تصل إلى 250 كم/سا، وفق خارطة معتمدة من لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا).

وأشار إلى أن كلفة هذا الخط في الجانب السوري تقدّر بـ 250 مليون دولار، ولن يكون مجديا ما لم يُدرس ضمن منظومة إقليمية تربط سوريا بدول الخليج عبر الأردن والسعودية.

وفيما يتعلق بمشروع "مترو دمشق"، أكد الوزير أن المشروع لا يزال ينتظر تحديث دراسة الجدوى الاقتصادية التي أعدّتها شركة سيسترا الفرنسية عام 2011 بتمويل من البنك الدولي، مشيرًا إلى أن الوزارة طلبت من المانحين تحديث الدراسة فقط، لأنها أساس المشروع، ومرتبطة بمحطة الحجاز وخطوط النقل السككي الإقليمي.

وحول قطاع النقل الداخلي، أوضح الوزير أنه تم استلام 50 حافلة من بيلاروس وجرى توزيعها وتشغيلها في دمشق، حلب، حمص واللاذقية، ونشهد حاليًا توجهًا متسارعًا من مستثمرين سوريين نحو مشاريع النقل الداخلي بالباصات، ونتائج هذه الاستثمارات ستنعكس بسرعة على المواطنين

مقالات مشابهة

  • منذ سقوط الأسد .. آلاف السوريين يواصلون العودة إلى قراهم
  • وزير العمل السوريّة لنظيرها اللبناني: نعمل على إعادة السوريين للمشاركة في عملية بناء بلدهم
  • وثائق تؤكد احتجاز نظام الأسد للصحفي الأمريكي أوستن تايس
  • سوريا تحديات أمنية واقتصادية بعد 6 أشهر من عزل الأسد
  • رفع العقوبات عن سوريا.. هل يطلق نظامًا إقليميًا جديدًا؟
  • مدير الحج السوري: وصول جميع الحجاج السوريين إلى مكة المكرمة
  • وزير النقل السوري يتحدث عن قطار سريع يربط سوريا بدول الخليج ومشروع "مترو دمشق"
  • أربع سيناريوهات للبلديات: الثقة الشعبية أساس القرار؟ / د. عامر بني عامر
  • بمشاركة سوريا… بدء أعمال الاجتماع الوزاري الإقليمي للتعليم حول عودة اللاجئين السوريين في الدوحة
  • تركيا.. تراجع ملحوظ في أعداد السوريين بعد سقوط نظام الأسد