صحيفة التغيير السودانية:
2024-06-02@19:44:15 GMT

جدل الخيانة الدوّار

تاريخ النشر: 18th, August 2023 GMT

جدل الخيانة الدوّار

خالد فضل
1
هل كلنا كسودانيين خونة؟ سؤال مقلق يخطر على البال من كثرة ما أطلقت هذه الصفة. ذات مرّة وقف أحد الزملاء الصحفيين يهاجم زميلا له كانا شريكين في إحدى الصحف وصفه بالخيانة والحرمنة وكال له من العيار الثقيل لقد كانا وثالث لهما أبناء (كار) إسلاموي واحد.

يكثر في أوساط المعلمين الذين يؤسسون مدارس خاصة عن طريق الشراكة إطلاق نعت الخيانة على بعضهم البعض عندما يتفرق شملهم غالبا .

أتصور أن أي شراكة بين سودانيين اثنين أو أكثر تنتهي في غالب الحالات إلى سبط مطول من نعوت ومترادفات الخيانة لدرجة تجعل المرء صراحة يتلفت يمنة ويسرى ويردد في سره عندما يحادث نفسه التي بين جنبيه: هل أنا خائن؟
2
هذا على مستوي الأنشطة الخاصة إنها حالة انعكاس لحالة الحياة السياسية العامة منذ يوم الإستقلال الأول وحتى عهد صراع جنرالات الحرب الراهنيين  أنشوطة مكتملة من حالة التخوين شملت الجميع دون فرز . مولانا القاضي /السياسي جنوب السوداني (حاليا) أبيل ألير أفرد كتابا رصد فيه وقائع خرق العهود في الحياة السياسية السودانية. أليس خرق العهود هو الخيانة وإن لم يتم تسميته بها مباشرة !! وقد ظلّ الجنوبيون يتهمون رصفائهم الشماليين بالخيانة للعهود والمراوغة في التقدم بخطوات حقيقية وصادقة تجاه حل قضيتهم المركزية وهي قضية جعل الدولة السودانية (تسع) جميع أهلها دون انتقاص لحق فرد في أن يكون كما هو كائن وهو اتهام يصدق بأمانة في معظم أزمان الدولة السودانية التي غلب على جل وقتها عنصران اثنان سيطرة العسكر أي الجيش السوداني وهيمنة التيارات الإسلامية السياسية وإلى هذين المكونيين تُرد كثير من أدبيات رمي الآخرين المخالفين لهما بـ(الخيانة).

إنّ أكبر مفرخة لتوليد صفة الخيانة والعمالة هي الحكومات السودانية نفسها؛ خاصة بصفتيها المار ذكرهما. الملاحظ أن الرمي بصفة الخيانة قد انحسر إلى حد بعيد فقط في الفترة القصيرة التي تشكلّت فيها الحكومة الانتقالية الأخيرة برئاسة د. عبدالله حمدوك وإلى شباب الثورة يعود الفضل فقد ابتدعوا صيغا (سلمية) عميقة المغزى من ذلك وصف الحركات السياسية المسلحة التي تنشط في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق بـ(حركات الكفاح المسلّح) عوضا عن النعوت القبيحة التي كانت تسود ل30سنة من حكم الثنائي المدمّر (عسكر/اسلامي).
3
الحقيقة أن الحاكمين ظلوا يسرفون في وصف من يعارضهم بالخيانة بمناسبة أي اختلاف يعجز الحاكم عن ايجاد صيغ معقولة لحلحلته يلجأ للحيطة القصيرة أو عند بلوغ حالة الإختلاف مرحلة المواجهة السياسية أو العسكرية  يستل الحكام – ذوي الطبيعة العسكرية أو الإسلامية أو الجامعين لكليهما – من معين اللغة العربية الذاخر (بالخيرات الهجائية) ما يصادفهم ليطلقوه على المخالفين لهم  وأدنى العبارات والصفات ( الخونة والمرجفون والعملاء). لقد تم وصفي شخصيا بالعمالة مثلا في كتابات بعض شباب وشيوخ الإسلاميين في الصحف السودانية وفصّل بعضهم في هذا الشرح الموثق تفصيلا لدرجة (شكيت) في كوني عميل أمريكي لسفارة لم أتشرف بعد بمعرفة موقعها بالضبط في الخرطوم .. أها نسيت أعترف بأن أحد أصدقائي وقريبي وزميل دراسة منذ الطفولة يعمل موظفا في تلك السفارة الأمريكية ولذلك فشخصي (عميل) ولو بصورة غير مباشرة ها ها هااااااا !!! وعفوا للاستطراد في ما نال شخصي من بلاوي الاسلاميين.
في حكومات الستينيات من القرن الماضي كان يتم اتهام بعض الوزراء بأنهم عملاء مصر في السودان؛ خاصة الوزراء الاتحاديين، وفي فترة العسكري المرحوم النميري شملت قائمة الخيانة الجميع يسارا ويمينا ووسطا وهي ذات الحالة التي انطبقت في ثلاثينية العسكري البشير وهي الحقبة الأوسع زمنيا والأكثر في توزيع صكوك الخيانة والعمالة في تاريخ السودان. لم ينج الصادق المهدي عليه الرحمة وبالطبع لم ينج نقد رحمه الله وما بينهما من بعث وجون قرنق وعقار وحتى جبريل إبراهيم ّ!! لكن شباب الثورة ورئيس وزاء فترة الانتقال كانوا عفيفي اللسان  هل سمع أحدكم عبدالله حمدوك يصف شخصا بالخيانة والعمالة والارتزاق؟ حاشا وكلا فقد كان أفق الرجل يؤسس لدولة تتجاوز جحر الضب الخرب هذا ولكن تأتي الانقلابات والاسلاميين بما لا تشتهي سفن عبور البلاد غلى برّ الأمان وتدور الدائرة التخوينية تلفح معها هذه المرة (حميدتي) وبالطبع مع ثبات السابقين من المنعوتين بالخيانة , ولله في السودانيين شؤون .
و خالص التعازي لأبناء عمي المرحوم موسى ود حاج أحمد في فقيدنا الشاب الملازم أبوالناس الذي لقي ربه مطلع الإسبوع الفائت ليروح كضحية لصراعات التخوين الخاسرة بين جنرالات الحرب الدائرة الآن في الخرطوم وغيرها من مناطق السودان لقد كان أبو الناس شابا من ذوي الهمة والبسالة واتسع افقه القومي مترفعا عن دنايا التخوين والتبعيض كان حلمه كأترابه من عشريني العمر وطن بالفيهو نتساوى نحلم نقرا نتداوى لكنها رصاصة خائرة من أصبع شاب أخر دون شك أردته قتيلا ولو علم القاتل من ستقتل رصاصته لما أطلقها أساساً إن القاتل والمقتول من شباب السودان الذين من حقهم أن يعيشوا لا أن يقتلوا وقودا لشراهة المزايدين بالدين والوطنية أو الطامعين في شهوات السيطرة والحكم تبا لمن يقتل ويرفد الحرب بالوقود النتن تبا لهم , ورحم الله أبا الناس وغيره من شباب غر ميامين فجعت بفقدهم قلوب أمهات وأسر .

الوسومالسودان خالد فضل

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: السودان

إقرأ أيضاً:

حزب سوداني يدين تصريحات دبلوماسية بشأن القاعدة الروسية

 

صرح سفير حكومة بورتسودان لدى موسكو، لوكالة “ريا نوفوستي” بالتزام حكومته السماح ببناء قاعدة عسكرية روسية على الأراضي السودانية

التغيير: كمبالا

أدان حزب المؤتمر السوداني تصريحات السفير السوداني لدى بشأن التزام حكومته السماح ببناء قاعدة عسكرية روسية على الأراضي السودانية المطلة على البحر الأحمر.

وأكد الحزب في بيان اطلعت عليه “التغيير”، حرصه التام على بناء علاقات ودية مع كل شعوب العالم،  إلا أنه يدين هذه الخطوة غير الحصيفة ويشدد على الرفض المبدئي لها، مشيرا إلى أن”حكومة بورتسودان لا تملك الحق في تنفيذ أي اتفاقيات تخص جمهورية السودان، فهي حكومة غير شرعية فُرضت بالقوة علي الشعب السوداني عبر انقلاب عسكري في ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١م، مما نتج عنه فراغ دستوري ومؤسسي أدى إلى اندلاع حرب بين شريكي الانقلاب، تعد الأكثر تدميراً وترويعاً في تاريخ السودان”.

وكان سفير حكومة بورتسودان لدى موسكو، محمد سراج، صرح أمس الأول من يونيو، لوكالة “ريا نوفوستي” بالتزام حكومته السماح ببناء قاعدة عسكرية روسية على الأراضي السودانية المطلة على البحر الأحمر، استناداً على اتفاق مسبق موقع من قبل حكومة المخلوع البشير عام ٢٠١٨م.

ويأتي هذا التصريح تأكيداً لتصريحات مشابهة صدرت مؤخراً من مساعد القائد العام الفريق أول ياسر العطا.

وقال حزب المؤتمر السوداني “إن المضي قدماً في بناء القاعدة العسكرية الروسية المشار إليها في هذا التصريح يتنافى مع القواعد الأساسية للقانون الدولي ويقوض سيادة السودان على أراضيه ويخل بمبدأ ضرورة انتهاج سياسة خارجية متوازنة ويسهم في زج البلاد في أتون صراع دولي لا يؤدي إلا إلى إطالة أمد الحرب وتحولها تدريجياً إلى حرب بالوكالة”.

وأضاف “إن الأولوية العاجلة اليوم في أجندة كل القوى الوطنية الحريصة على مصلحة البلاد هو وقف الحرب ووضع حد لويلاتها، ودفع شركائنا وأصدقائنا في المجتمع الإقليمي والدولي إلى دعم جهودنا في وقف الحرب ومعالجة الكارثة الإنسانية الطاحنة واعادة البناء والإعمار”.

وأردف بالقول إن “السودان اليوم يمر بأزمة غير مسبوقة هي الأسوأ عالمياً، ولا مخرج منها إلا عبر إيقاف الاقتتال والدخول في عملية سياسية شاملة لا تستثني إلا المؤتمر الوطني وواجهاته تمهد لإحلال السلام والتأسيس لفترة انتقالية بقيادة مدنية”.

 

مقالات مشابهة

  • المطاعم السودانية في القاهرة.. تجارب وليدة فرضتها الحرب
  • الإسماعيلية تنظم حفل لتكريم رموز سرابيوم
  • الدين والدولة في السودان
  • حزب سوداني يدين تصريحات دبلوماسية بشأن القاعدة الروسية
  • الاتحاد الأوروبي يدرس فرض عقوبات جديدة على أفراد في السودان
  • راهن الحرب السودانية
  • لا غنى عنها ولا بديل لها
  • «البرهان» يبحث مع لعمامرة حل الأزمة السودانية
  • نِقوش على جِدار الحرب السودانية (5): حكومة بورتسودان
  • الحزب الشيوعي وتقدم و مآلات الصراع