بقلم : تيمور الشرهاني ..

من خلال متابعتنا تطورات الأحداث في العالم العربي، وتحديداً تداعيات سقوط نظام البعث السوري، يبرز سؤال حول المقارنة بين نظامي صدام حسين في العراق وبشار الأسد في سوريا.
وعلى الرغم من انتمائهما إلى نفس الأيديولوجيا البعثية العفلقية، إلا أن الفروق بينهما واسعة وشاسعة، سواء على مستوى إدارة الحكم أو أساليب القمع أو تأثير سياساتهما على شعبيهما.


من الواضح للجميع أن نظام صدام حسين كان رمزاً للبذخ والاستعراض المفرط للسلطة، حيث اشتهر ببناء القصور الرئاسية الضخمة التي تعكس جبروت النظام وسطوته، بينما كان الشعب العراقي يعاني من الفقر نتيجة الحروب والحصار الاقتصادي الطويل. في المقابل، تبدو مظاهر الترف والبذخ أقل وضوحاً لدى نظام بشار الأسد، حيث أشارت تقارير إعلامية إلى أن قصور الأسد لا تختلف كثيراً عن مساكن موظفين عاديين في دول الخليج من حيث الحجم والتأثيث، ما يعكس صورة تواضع ظاهري للنظام السوري قد يكون جزءاً من استراتيجية إعلامية في ظل الحرب الداخلية التي تشهدها البلاد.
بينما عُرف نظام صدام حسين بوحشيته المفرطة، حيث اشتهرت سجون مثل “أبو غريب” بأساليب التعذيب المروعة التي أصبحت رمزاً للقمع البعثي في العراق، فضلاً عن المقابر الجماعية التي عجزت منظمات حقوق الإنسان عن إحصائها بعد سقوط النظام. أما نظام بشار الأسد، فقد ارتبط اسمه بسجن “صيدنايا”، الذي وصفته تقارير حقوقية بأنه “المسلخ البشري”، حيث يشير الناجون إلى أساليب تعذيب ممنهجة ووحشية. ورغم عدم الكشف عن مقابر جماعية بنفس النطاق في سوريا، إلا أن تقارير الأمم المتحدة وثقت جرائم واسعة النطاق، مثل استخدام البراميل المتفجرة، وحصار المدن، وتجويع السكان حتى الموت.
أما عن صدام حسين فإنه لعب دوراً بارزاً في إشعال حروب عبثية خارجية أرهقت العراق وشعبه، بدءاً من الحرب مع إيران (1980-1988) إلى غزو الكويت (1990)، والتي أدت إلى عزلة العراق دولياً وعواقب كارثية على اقتصاده ومستقبله السياسي. على النقيض، لم يخض بشار الأسد حروباً خارجية مباشرة، لكنه اعتمد على تحالفات إقليمية ودولية لضمان بقائه في السلطة، أبرزها مع إيران وحزب الله وروسيا. ورغم أن هذه التحالفات أنقذت نظامه، فقد انعكست تداعياتها بشكل سلبي على الداخل السوري، مما زاد من معاناة الشعب وأطال أمد الحرب الأهلية.
لا سيما أن أبناء صدام حسين، عدي وقصي، تركوا أثراً سيئاً في ذاكرة العراقيين، حيث ارتبطت أسماؤهم بالفساد والجرائم البشعة، من اغتصاب وقتل إلى استغلال السلطة بشكل فاضح. أما الجانب الآخر، أبناء بشار الأسد، حافظ وكريم، لم يظهروا في المشهد الإعلامي ولم ترتبط أسماؤهم بأي فضائح أو سلوكيات مشابهة، ما يعكس فارقاً واضحاً في طريقة إدارة العائلة الحاكمة للواجهة الإعلامية.
وعلى الرغم من اختلاف أساليب الحكم بين صدام وبشار، إلا أن القمع كان نقطة التقاء بينهما. صدام حسين اعتمد على الترهيب المباشر من خلال الإعدامات الجماعية والمجازر وعمليات القمع العنيفة، بينما لجأ بشار الأسد إلى القمع المنهجي والمستمر، مستخدماً الحرب الأهلية كغطاء لتدمير المعارضة المسلحة والمدنية على حد سواء.
حيث أن كلا الزعيمين ينتميان إلى نفس الأيديولوجيا البعثية، إلا أن الفروق بينهما واضحة. صدام حسين كان زعيماً أكثر ميلاً للمغامرات الخارجية والصدامات المباشرة، بينما اعتمد بشار الأسد على التحالفات الإقليمية والقمع الداخلي للبقاء في الحكم. ورغم هذه الفوارق، فإن كلا النظامين تركا أثراً سلبياً بالغاً على شعبيهما، حيث ارتكب كل منهما جرائم خطيرة تسببت في معاناة طويلة الأمد.
بيد أن كلاهما يظل مثالاً حياً على استبداد السلطة وغياب العدالة في العالم العربي.

تيمور الشرهاني

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات بشار الأسد صدام حسین إلا أن

إقرأ أيضاً:

السوداني يعلن إنشاء متحف بالشعبة الخامسة في بغداد بأدوات التعذيب لنظام صدام

السوداني يعلن إنشاء متحف بالشعبة الخامسة في بغداد بأدوات التعذيب لنظام صدام

مقالات مشابهة

  • تعلن محكمة بعدان الابتدائية ان على المدعى عليه صدام احمد الحضور إلى المحكمة
  • السوداني يعلن إنشاء متحف بالشعبة الخامسة في بغداد بأدوات التعذيب لنظام صدام
  • عماد الدين حسين: أمريكا تمد إسرائيل بالسلاح والمال والدعم السياسي
  • السجن 6 سنوات لمدان يروج لأفكار حزب البعث المحظور في العراق
  • بعد إسقاط الحصانة: فرنسا تطلب مذكرة توقيف جديدة بحق بشار الأسد
  • أول دولة أوروبية تصدر مذكرة توقيف دولية جديدة بحق الرئيس السوري السابق بشار الأسد.
  • لهجوم 2013 الكيميائي.. طلب إصدار مذكرة توقيف بحق بشار الأسد في فرنسا
  • السلطات السورية تقبض على لواء طيار بارز في نظام الأسد
  • النيابة العامة الفرنسية تطلب إصدار مذكرة توقيف جديدة بحق بشار الأسد
  • لاعب نيجيري يلمس الكرة 111 مرة بدقيقة واحدة بينما وضع كرة ثانية على رأسه – فيديو