لا شك أن تحقيق السلام وإنهاء النزاعات يعتبر أمرًا حيويًا لأي دولة تتطلع إلى التقدم والاستقرار. وفي هذا السياق ظهر منبر جدة الذي ترعاه المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية كوسيلة هامة لتحقيق السلام وإنهاء الحرب بين الدعم السريع والجيش السوداني. إن هذه المبادرة لا تعكس فقط التوجه نحو إيجاد حلاً للصراع بين الجانبين، بل تجسد أيضًا رغبة الشعب السوداني في العيش بسلام واستقرار.


إن الحرب والنزاعات تخلف دمارًا هائلاً على البنية التحتية والاقتصاد والمجتمع في أي دولة تتعرض لها. وبالنسبة للسودان، فقد عانت البلاد لفترة طويلة من النزاعات والصراعات الداخلية التي أثرت سلبًا على حياة المواطنين وأثقلت كاهل التنمية. لذلك، فإن ضرورة إنهاء الحرب وبناء سلام دائم يأتي على رأس أولويات السودان. فقد شارفت الحرب على الدخول في الشهر الخامس منذ اندلاعها.
لذلك يمثل منبر جدة فرصة ذهبية للجانبين المتصارعين للتفاوض والوصول إلى اتفاق ينهي النزاع ويؤسس لمستقبل أكثر استقرارًا. فالتفاوض يعتبر وسيلة هامة لحل النزاعات بطريقة سلمية ومبنية على الحوار والتفاهم. ومن خلال التفاوض يمكن للجانبين التوصل إلى تسوية تلبي مصالح الجميع وتعزز من فرص النمو والاستقرار.
هذه المبادرة تحظى بشعبية بين السودانيين في قوى الحرية والتغيير والمنظمات السودانية والشخصيات التي ترغب في السلام والإستقرار حيث يتطلعون بشدة إلى رؤية بلادهم تنهي حقبة النزاعات وتدخل مرحلة جديدة من التطور والتقدم. إن رغبة الشعب السوداني في السلام تعكس رغبتهم الصادقة في بناء مستقبل أفضل لأجيالنا القادمة. وقد ذكر ذلك المجتمعون مؤخراً بالعاصمة الاثيوبية أديس أببا حيث دعت قوى الحرية والتغيير إلى تغليب صوت العقل والشروع في وقف دائم لإطلاق النار ومن ثم الذهاب في المسار السياسي نحو حلحلة الخلافات. من الجدير بالذكر أن تحقيق السلام ليس مسؤولية الجيشين فقط، بل يتطلب تعاونًا وجهودًا مشتركة من جميع القوى السياسية والمجتمعية يجب أن تدعم القوى الدولية والإقليمية هذه المبادرة وتسهم في توفير البيئة الملائمة للتفاوض والحوار.
إن إنهاء الحرب وتحقيق السلام بين الدعم السريع والجيش السوداني هو تحد كبير يجب التصدي له بكل جدية واهتمام. منبر جدة يمثل منصة مهمة للتوصل إلى اتفاق ينهي النزاع ويبني جسور الثقة والتعاون بين الأطراف المتصارعة. إن تحقيق السلام في السودان سيكون خطوة هامة نحو تحقيق التنمية والرخاء لشعبها، وستبقى هذه المساعي النبيلة خالدة في ذاكرة السودانيين والعالم أجمع.

جد. سامر عوض حسين
18 أغسطس 2023

samir.alawad@gmail.com
///////////////////  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: تحقیق السلام منبر جدة

إقرأ أيضاً:

وزير المالية السوداني: وقف الحرب أولا وشعبنا سيحكم نفسه بنفسه

وفي حلقة جديدة من بودكاست "ذوو الشأن"، سلط الدكتور جبريل إبراهيم، الذي يترأس حركة العدل والمساواة، الضوء على مسيرته الحافلة بالتحولات، من قرية طينية نائية على الحدود التشادية إلى أروقة السياسة والاقتصاد في السودان، مرورا بتجربة دراسية وعملية غنية في اليابان والسعودية ولندن.

وتناول الوزير السوداني الأوضاع الاقتصادية الراهنة، معترفا بصعوبتها جراء الحرب، لكنه نفى وجود مجاعة شاملة، مشيرا إلى وفرة الإنتاج الزراعي ومشكلة رئيسية في إيصال الغذاء للمتضررين، كما تطرق إلى جذور الصراع في دارفور، وخلفيات تأسيس حركة العدل والمساواة، وموقفه من حمل السلاح.

بدأ الدكتور جبريل إبراهيم حديثه مستذكرا طفولته في قرية صغيرة قرب الطينة، المحاذية لتشاد، حيث الحياة القاسية وشظف العيش. وقال "الناس تتنقل نصف اليوم للوصول إلى مصادر المياه، وتعُود نصف اليوم الآخر"، واصفا كيف قاده إعجابه بمظهر أخيه الأكبر الأنيق إلى الالتحاق بالمدرسة.

وروى كيف تنقل بين المدارس الداخلية من الطينة إلى الفاشر، ثم إلى جامعة الخرطوم، مواصلا "انزياحا شرقا" أوصله إلى اليابان، التي يسميها البعض "بلاد الوقواق"، موضحا أن اسمها الحقيقي "واكوكو" يعني "بلاد السلام".

إعلان

وأمضى إبراهيم 7 سنوات في اليابان، حيث درس الاقتصاد وأتقن اللغة اليابانية، التي بدأت تتآكل بمرور الزمن، على حد قوله. وعن تجربته هناك، ذكر كيف كان الأفارقة منظرا غريبا لليابانيين، خاصة في القرى، حيث كان الأطفال يتجمعون حولهم.

تكوين ورؤى اقتصادية

وبعد اليابان، انتقل وزير المالية للعمل في السعودية لمدة 4 سنوات، مدرسا للاقتصاد في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، قبل أن يعود إلى السودان حيث كُلف بتأسيس شركة "عزة" للنقل الجوي، وهو الاسم المستعار الذي كان يُطلق على السودان إبان الاستعمار.

ثم غادر إلى تشاد ومنها إلى الإمارات، قبل أن يستقر في لندن لاجئا بعد أن طلبت الحكومة السودانية آنذاك تسليمه، وأوضح أن اتهامه بدعم الثورة في دارفور كان السبب وراء طلب تسليمه.

وعن الأوضاع الاقتصادية الحالية، أقر إبراهيم بصعوبتها، مشيرا إلى أن معظم النشاط الاقتصادي ومصادر إيرادات الدولة كانت متمركزة في العاصمة الخرطوم التي تضررت بشدة، وأكد أن الدولة لم تصل إلى الصفر في إيراداتها، وتعتمد حاليا على مواردها الذاتية من ضرائب وجمارك وعوائد الذهب.

ونفى الوزير وجود مجاعة شاملة، مؤكدا أن إنتاج السودان من الغلال يفوق الحاجة، وأن برنامج الغذاء العالمي يشتري الذرة من السودان لتصديرها، وأرجع شح الغذاء في بعض المناطق إلى ممارسات "المليشيا المتمردة" التي تمنع وصوله، فضلا عن فقدان القدرة الشرائية للمواطنين النازحين.

رؤية لإعادة البناء

وطرح الدكتور جبريل إبراهيم رؤيته لإعادة بناء الاقتصاد السوداني، مرتكزة على محورين: الأول هو الاستثمار في "رأس المال البشري" عبر التعليم النوعي والخدمات الصحية، والثاني هو تطوير البنية التحتية المادية من طرق وجسور والسكك الحديدية وموانئ وشبكات خدمات.

وأشار إلى سعي وزارته قبل الحرب لرفع نصيب التعليم والصحة في الميزانية إلى 40%. ولتمويل البنية التحتية، دعا إلى شراكات إستراتيجية بنظام البناء والتشغيل ثم تحويل الملكية "بي أو تي" (BOT)، مؤكدا تهيئة البيئة التشريعية لذلك.

إعلان

وفيما يتعلق بالمساعدات الخارجية، أوضح أن أموال الغرب "مُسيّسة"، وأن الدعم حاليا يأتي عبر طرف ثالث، غالبا وكالات الأمم المتحدة، بعد تصنيف التغيير في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021 انقلابا، وأشاد بالدعم الإغاثي من الدول العربية والخليجية وإيران وتركيا.

الحرب والسياسة والمستقبل

وتطرق وزير المالية إلى الحرب الدائرة مع قوات الدعم السريع، معتبرا إياها "مشروعا إقليميا ودوليا كبيرا" وأن الدعم السريع "مجرد أداة تستخدم مرحليا"، وربط الصراع بأطماع في سواحل البحر الأحمر وموارد السودان المائية والزراعية والمعدنية، وربما بمحاولة "تغليف المسألة بمحاربة الإسلام السياسي".

وبشأن الأوضاع في الفاشر، أكد صمود المدينة أمام هجمات الدعم السريع المتكررة، قائلا "لن تسقط بإذن الله"، مشيرا إلى رمزيتها التاريخية كعاصمة لإقليم دارفور.

وعن موقفه من الحكم العسكري، قال إبراهيم إنه مع الحكم المدني تماما، وإن الظرف الحالي فرض وجودا عسكريا في السلطة، مددت الحرب عمره.

وأعرب عن ثقته في قدرة الشعب السوداني على تغيير الأنظمة العسكرية عبر الثورات، متوقعا حوارا سودانيا-سودانيا شاملا بعد الحرب لرسم خارطة طريق نحو انتخابات حرة.

وردا على تصريحات الفريق البرهان حول أداء بعض الوزراء، نفى الدكتور جبريل أن يكون من المقصودين، مؤكدا أن التعيينات في الدولة تخضع لإجراءات وقوانين تحد من سلطة الوزير المطلقة، وأن صلاحياته في التعيين المباشر تقتصر على 3 أشخاص.

جذور الصراع في دارفور

وعاد إبراهيم بالذاكرة إلى نشأة حركة العدل والمساواة، مؤكدا أنها حركة قومية وليست قبلية أو إقليمية، تهدف إلى تحقيق العدالة والتنمية المتوازنة في كل أقاليم السودان. وأوضح أن فكرة الحركة تبلورت منذ عام 1995 نتيجة شعور بالظلم والتهميش.

وكشف الوزير أنه كان "الوحيد الذي اعترض على حمل السلاح" في المؤتمر الذي تقرر فيه ذلك بألمانيا، مفضلا الحوار، لكن قناعة الأغلبية كانت أن الحكومة آنذاك "لا تسمع إلا أصوات المدافع". ورغم ذلك، أكد أنه ليس نادما على خيار التمرد المسلح الذي فرضته الظروف.

إعلان

وأرجع أسباب الصراع في دارفور إلى الشعور بالظلم من قبل المركز في توزيع الفرص والمشروعات التنموية، وإلى دور الحكومة أحيانا في "اللعب على التناقضات القبلية وتفضيل مكونات على أخرى"، مما أدى إلى تطاحن كبير.

واختتم الدكتور جبريل إبراهيم حديثه بالتأكيد على أن وقف الحرب هو الأولوية، وأن الشعب السوداني بعد ذلك "سيحكم نفسه بنفسه"، معربا عن تفاؤله بمستقبل السودان رغم التحديات الجسيمة.

30/5/2025

مقالات مشابهة

  • العمل الأهلي الفلسطيني: غياب ضمانات إنهاء الحرب عقبة أمام نجاح أي مبادرة سياسية
  • محللون إسرائيليون: لهذه الأسباب فشلنا في تحقيق أهداف حرب غزة
  • وزير المالية السوداني: وقف الحرب أولا وشعبنا سيحكم نفسه بنفسه
  • فتح: الاحتلال دمر أكثر من 80% من مباني غزة.. ونتنياهو لا يريد إنهاء الحرب
  • استطلاع: أغلبية إسرائيلية تشكك في تحقيق النصر وتؤيد صفقة لإنهاء الحرب
  • مصادر: البيت الأبيض متفائل بإمكانية إنهاء الحرب في غزة قريبا
  • تفاؤل أمريكي بقرب إنهاء الحرب في غزة.. مبادرة ويتكوف تدخل مرحلة الحسم
  • عائلات إسرائيلية تفند ادعاء نتنياهو “تحقيق إنجازات” بالحرب
  • ردة فعل ترامب على مراسلة سألته عن بوتين ورغبته في إنهاء الحرب.. فيديو
  • الشعب السوداني الآن هو ليس الشعب البائس التعيس كما يريد القحاتة والمرجفين إقناعنا