سلطت صحيفة "تايمز" البريطانية في تقرير الضوء على قصة سفينة شحن دولية تحمل حبوباً أوكرانية، تحدّت التهديدات الروسية بفرض حصار بحري على البحر الأسود، وأبحرت خارج ميناء أوديسا.

غادرت السفينة جوزيف شولت، وهي سفينة ترفع علم هونغ كونغ، الميناء في وقت مبكر من صباح الأربعاء الماضي مع 30,000 طن من البضائع، بما في ذلك 2,114 حاوية من المنتجات الغذائية، وفقا لأولكسندر كوبراكوف، نائب رئيس الوزراء الأوكراني.

ليست المرة الأولى

وهذه هي المرة الأولى التي تبحر فيها سفينة شحن من أوديسا منذ انسحاب روسيا من صفقة الحبوب في البحر الأسود الشهر الماضي، محذرة من أن السفن المدنية التي تحمل شحنات أوكرانية ستعتبر أهدافاً عسكرية مشروعة.

على الرغم من التهديدات القاسية من موسكو، أظهرت بيانات تتبع السفن أن جوزيف شولت كان قبالة سواحل رومانيا في طريقها إلى تركيا، بحلول صباح الخميس.

The first ship that used Ukraine's Black Sea 'humanitarian corridor' is crossing through Turkey's Bosphorus Strait, a @Reuters witness said. The Hong-Kong-flagged Joseph Schulte container arrived in Istanbul https://t.co/DLwTUEPhF7 pic.twitter.com/Yome1GIuPM

— Reuters (@Reuters) August 18, 2023

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي: "لقد اتخذت أوكرانيا للتو خطوة مهمة نحو استعادة حرية الملاحة في البحر الأسود".

حوصرت حوالي 25 سفينة في موانئ أوديسا وبيفديني وتشورنوموريتس الأوكرانية منذ أن تخلت روسيا عن الصفقة، والتي كان لها الفضل في خفض أسعار المواد الغذائية في جميع أنحاء العالم بنسبة 20%، وفقا لديميترو بارينوف، نائب الرئيس التنفيذي لهيئة الموانئ البحرية الأوكرانية.

مشكلة عالمية

وأدى التخلي عن صفقة الحبوب، التي سمحت لأوكرانيا بتصدير 33 مليون طن من الذرة والقمح وزيت عباد الشمس، إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية في جميع أنحاء العالم مرة أخرى، كما يشير التقرير.

في مقابلة مع "تايمز" اتهم بارينوف البحرية الروسية بالتصرف مثل "القراصنة"، وقال: "إنها قضية عالمية وليست قضية إقليمية. هذه ليست مشكلة أوكرانية لا يستطيع المزارعون بيع منتجاتهم إلى السوق، إنها مشكلة عالمية".

وأضاف "الكثير من البلدان تعاني بسبب ذلك.. إنه أمر يغذي التضخم، وإذا كنت في إثيوبيا أو كينيا أو بنغلاديش، فهذا أمر كارثي.. البحر الأسود هو بحر دولي، وليس بحراً روسياً أو بحراً أوكرانياً.. إنهم يتصرفون مثل القراصنة".

وتمتلئ مرافق التخزين حول أوديسا في وقت حاسم من العام للمزارعين الأوكرانيين، بعد حصاد محصول القمح في وقت سابق من هذا الصيف ومع اقتراب أزهار عباد الشمس من الإزهار الكامل.

وشهدت الصحيفة طوابير طويلة على الطرق المحيطة بأوديسا، بينما كان سائقو الشاحنات ينتظرون تفريغ بضائعهم في الميناء.

حصاد ضئيل

ومن المتوقع أن يكون حصاد عام 2023 أقل من 60 مليون طن تم جمعها العام الماضي، وفقاً لميكولا هورباشوف، رئيس جمعية الحبوب الأوكرانية، إذ كان حصاد عام 2021، العام السابق للحرب الروسية الأوكرانية، رقماً قياسياً بلغ 106 ملايين طن.

A container ship set off from Ukraine's Black Sea port of Odesa in a test of Russia's threat to attack shipping. The departure of the Joseph Schulte vessel followed a new Russian attack on Ukraine's grain export infrastructure https://t.co/lCUFqxDklj pic.twitter.com/KQaPmbOV94

— Reuters (@Reuters) August 16, 2023

وتصاعدت التوترات في البحر الأسود منذ انسحاب روسيا من اتفاق الحبوب الذي توسطت فيه الأمم المتحدة في 17 يوليو (تموز).. ويوم الأربعاء، أعلنت إدارة الأمن الأوكرانية مسؤوليتها عن ثلاث ضربات أخيرة على جسر كيرتش في شبه جزيرة القرم وسفينتين روسيتين، حيث كشفت النقاب عن طائرتها البحرية "سي بيبي" التي استخدمت في تنفيذ الهجمات.

وفي تصريح سابق قال فاسيل ماليوك، رئيس إدارة أمن الدولة: "يتم إنتاج هذه الطائرات من دون طيار في منشأة إنتاج تحت الأرض في أراضي أوكرانيا.. نحن نعمل على عدد من العمليات الجديدة المثيرة للاهتمام، بما في ذلك في مياه البحر الأسود.. أعدكم، سيكون الأمر مثيراً، خاصة لأعدائنا".

في غضون ذلك، زعمت موسكو أنها أطلقت طلقات تحذيرية من سفينة دورية فاسيلي بيكوف على سوكرو أوكان، وهي سفينة شحن ترفع علم بالاو، الأسبوع الماضي.. ونشرت وزارة الدفاع الروسية في وقت لاحق لقطات لطائرة هليكوبتر من طراز كا-29، وهي تصعد على متن السفينة أثناء توجهها إلى ميناء إسماعيل على نهر الدانوب.

هجمات متبادلة

وهو ما شكل مأزقاً لسفن الشحن الدولية عند مصب نهر الدانوب، حيث يحاول المصدرون استخدام الموانئ الأوكرانية على طول النهر كبديل للموانئ المحاصرة حول أوديسا.

وردت موسكو بشن موجات من الصواريخ وهجمات بطائرات من دون طيار على مينائي إسماعيل وريني في الدانوب، اللتين تقعان على بعد مئات الأمتار فقط من رومانيا، العضو في حلف شمال الأطلسي.

كما استهدفت أحدث هجمات الطائرات من دون طيار الروسية في وقت سابق من هذا الأسبوع صوامع الحبوب والمستودعات في ريني، ما أدى إلى تدمير أطنان من الحبوب الأوكرانية.

وقال بارينوف إن طابوراً آخر من السفن التي تنتظر دخول البحر الأسود تشكلت عند مضيق البوسفور، موضحاً أن إعادة فتح الموانئ البحرية الأوكرانية أمر حيوي لتحقيق الاستقرار في أسعار المواد الغذائية الدولية.

وتابع "لا توجد طريقة أخرى.. لا يمكننا المقارنة مع محطات الموانئ العميقة الكبيرة التي يمكنها تحميل أكثر من 100,000 طن في ثلاثة أيام، نحن مستعدون ونبقي جميع موظفينا على كشوف المرتبات.. هذا هو السبب في أن الميناء كان قادراً على استئناف العمليات في أسبوع واحد، بعد أن تم حظره لمدة 6 أشهر في بداية الحرب.. ونحافظ على الأرصفة والسكك الحديدية والطرق في حالة جيدة، كما يمكننا الاستئناف تقريباً على الفور".

كما نفى المخاوف بشأن الألغام البحرية في البحر الأسود، بعد انفجار عبوة ناسفة على جدار بحري في منتجع شاطئي روماني هذا الأسبوع، وقال: "خلال عام ونصف من مبادرة الحبوب في البحر الأسود، دخلت السفن وخرجت ولم نتعرض لحادث".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني فی البحر الأسود فی وقت

إقرأ أيضاً:

المقاومة البحرية.. قصص كسر الحصار البحري عن غزة

قبل سنوات أتيحت لي مهمة صحفية رافقت خلالها سفينة العودة التي انطلقت من النرويج مرورا بالسويد وألمانيا وهولندا في طريقها إلى غزة، في محاولة لكسر الحصار على القطاع. المهمة كانت تقتضي قضاء ليلة واحدة في السفينة وإجراء مقابلات مع من كانوا على متنها. كانت تبدو مهمة سهلة يسيرة خاصة وأن الإبحار كان يتم في تلك الأثناء في المياه الإقليمية الأوروبية، لكن الأمر لم يكن بهذه السهولة مطلقا، وكما يُتوقع أن يكون الأمر مع قارب مادلين لكسر الحصار الذي يبحر نحو غزة حاليا في مياه البحر الأبيض المتوسط.

يظن كثيرون أن السفر البحري عبر قوارب كسر الحصار على غزة لا تكتنفه أخطار سوى المخاطر الأمنية والسياسية، وفي الحقيقة أن الأخطار تحيط بهذه القوارب من كل جانب. فعلى الصعيد الشخصي لم أكن أدري أنني مصاب بدوار البحر، وهي حالة تصيب كثير من الناس خاصة عندما يكونون على متن قارب صغير تهزه الأمواج بشدة. وقد أنقذني المرافقون ببعض الأدوية مع شرب كثير من الماء والاستلقاء. ليس هذا وفقط، بل على كل من يركب هذه القوارب أن يمارس مهامه اليومية وهو يكافح السقوط أو الارتطام بالجدران والحواجز الحديدية داخل السفينة بسبب الاهتزاز المتواصل. وهذا لا يتم على مدار ساعات وإنما لأيام وليال طويلة على راكبي مثل هذه السفن والقوارب أن يتعايشوا مع هذا النمط من الحياة.

كان النشطاء الذين قابلتهم من عدة جنسيات أوروبية يدركون هذه المشاق، ومع ذلك قرروا المضي قدما في هذه الرحلة المتعبة في محاولة لنصرة أهالي غزة المحاصرين. ولم يكن وقتها هذا هو القارب الأول ولم يكن الأخير. والخروج في مثل هذه الرحلات يحتاج إلى إعداد واستعداد مسبق يشتمل أيضا على التدريب القانوني على التعامل مع المحققين الإسرائيليين في حال تعرضوا للاعتقال، وهو الاحتمال الأكبر لمصير هؤلاء الذين قرروا خوض غمار هذه التجربة.

لم يكن من جمهور لأخبار هذا القارب سوى أهالي غزة أنفسهم لكفى، فيكفي أن يعرفوا أن هناك سياسيين وصحفيين ونشطاء من دول مختلفة في العالم قرروا خوض هذه المغامرة الشاقة من أجلهم وأنهم ليسوا وحدهم بالفعل وليس بالقول وحده
قصة هذه القوارب تعود إلى خمسة عشر عاما إلى الوراء، وتحديدا إلى عام 2010 عند تأسيس تحالف أسطول الحرية لتدشين حركة مقاومة بحرية تهدف لمهمة إنسانية وهي كسر الحصار عن قطاع غزة. وقد منعت إسرائيل كثيرا من السفن من الوصول إلى قطاع غزة واعتقلت آخرين على متنها، لكنها لم تستطع منع هذا التدفق البحري المستمر منذ ذلك الحين وحتى الآن. وكان آخرها قارب مادلين الذي يقترب أثناء كتابة هذه المقال من المياه الإقليمية المصرية، ولم يبق سوى القليل ليصل إلى شواطئ غزة. واستطعت عن طريق رابط التتبع الموجود على بعض المواقع الإخبارية أن أحدد موقعه بدقة أمام سواحل مدينتي الإسكندرية ورشيد المصريتين على ساحل البحر المتوسط.

لم يحظ قارب مادلين بنفس الزخم الإعلامي الذي حظيت به قوارب أخرى قبل عملية طوفان الأقصى عام 2023، فحصيلة الشهداء والدمار في غزة تفوق الوصف وتغطي على ما دونها من أخبار، هذا فضلا عن أخبار المفاوضات المتعثرة التي خيّمت على وسائل الإعلام. ومع ذلك، لو لم يكن من جمهور لأخبار هذا القارب سوى أهالي غزة أنفسهم لكفى، فيكفي أن يعرفوا أن هناك سياسيين وصحفيين ونشطاء من دول مختلفة في العالم قرروا خوض هذه المغامرة الشاقة من أجلهم وأنهم ليسوا وحدهم بالفعل وليس بالقول وحده.

لقد أبدع هؤلاء النشطاء على مدار أكثر من عقد ونصف العقد من الزمان؛ في صك تجربة فريدة في المقاومة البحرية لشق ممر إنساني لإيصال المساعدات الإنساني لأناس محاصرين محرومين من مقومات الحياة الأساسية.

x.com/HanyBeshr

مقالات مشابهة

  • الجيش الروسي يشن هجوما واسع النطاق بالدبابات على التمركزات الأوكرانية في مقاطعة زاباروجيا
  • سفينة “مادلين” .. رسالة أمل وتضامن وصلت رغم المنع والاعتقال
  • “مادلين».. سفينة الحرية التي كسرت حاجز الصمت وفضحت قرصنة الاحتلال
  • بعد تصدرها التريند.. من هي مادلين التي أُطلق اسم سفينة الحرية تكريمًا لها؟
  • تداول 29 سفينة حاويات وبضائع عامة بميناء دمياط
  • البحرية الأوكرانية: الجيش الروسي بصدد شن هجوم جوي على أراضينا
  • صحيفة أمريكية: درون “دان-إم” الروسي هدف صعب للدفاعات الجوية الأوكرانية
  • تداول 23 سفينة حاويات وبضائع عامة بميناء دمياط
  • المقاومة البحرية.. قصص كسر الحصار البحري عن غزة
  • عاجل. للمرة الأولى منذ بدء الحرب.. الجيش الروسي يعلن شن هجوم على منطقة دنيبروبتروفسك الأوكرانية