قالت صحيفة عبرية إن الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وجماعة الحوثي يعزز قبضة الأخيرة على الداخل اليمني ويثير في الوقت نفسه قلق دول الخليج العربي.

 

وذكرت صحيفة "هارتس" في تحليل للباحث تسفي برئيل وترجم أبرز مضمونه إلى العربية "الموقع بوست" إن الحرب المستمرة تحافظ على النظام الصارم للحوثيين في اليمن، وليس هناك يقين من أنه إذا انتهت الحرب في غزة، أو إذا طلبت إيران منهم وقف هجماتها، فإن المتمردين سيتوقفون عن إرهاب إسرائيل والبحر الأحمر.

 

وقال التحليل إن اتفاق الرواتب، وهو نتاج لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع في عام 2022 بين الحكومة اليمنية والحوثيين، يشكل انتصارا مهما للحوثيين لأنه قد يزيل على الأقل عنصرا واحدا من القائمة الطويلة من العوامل التي تشكل تهديدا مستمرا لاستقرار نظام الحوثيين الذي سيطر على صنعاء في عام 2014.

 

وأضاف "في مواجهة هذه الترتيبات والاتفاقيات التي تدعم نظام الحوثيين، قد يتساءل المرء عن مدى تأثير هجمات إسرائيل على ميناء الحديدة وأهداف أخرى على قدرة النظام على مواصلة الحرب أو ردعه عن إطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار على إسرائيل.

 

نطاق العمليات الإسرائيلية محدود

 

وحسب التحليل فإن الأمر الأكثر أهمية هو أنه على الرغم من الصور المثيرة للإعجاب القادمة من المواقع المتضررة وانقطاع التيار الكهربائي المرتبط بها، فإن نطاق العمليات الإسرائيلية في اليمن محدود. ومع ذلك، لا يرجع هذا إلى نقص القدرات العسكرية. فعندما يتم ضرب ميناء الحديدة، لا يتوقف الضرر في مناطق الحوثيين، بل يؤثر على البلاد بأكملها.

 

وطبقا للصحيفة فإن الحديدة هي ميناء الدخول ليس فقط للأسلحة الإيرانية والمساعدات العسكرية، ولكن أيضًا للمساعدات الإنسانية المخصصة لنحو 70 في المائة من سكان البلاد الذين يعيشون تحت خط الفقر. وكان هذا أيضًا السبب وراء تجنب الولايات المتحدة وشركائها في التحالف العسكري الذي أنشأته في البحر الأحمر لمكافحة التهديد الحوثي مهاجمة الميناء باستمرار.

 

ووفقا للصحيفة العبرية فإن استراتيجية الاستجابة الأمريكية تقوم على مبدأ "الردع والتدهور" في مواجهة الحوثيين في اليمن، وهو ما يعني عمليًا ضرب القواعد العسكرية ومواقع إطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار، ولكن ليس البنية التحتية المدنية.

 

قلق دول الخليج

 

وترى أن إدارة بايدن، التي لا تخلو إدارتها لحملة البحر الأحمر من التناقضات، سعت دون جدوى إلى اتباع سياسة ثنائية، تعزيز المفاوضات بين شطري اليمن بيد واحدة والعمل بقوة ضد الإرهاب الحوثي الذي شل حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر وألحق أضرارا جسيمة بالاقتصاد العالمي بشكل عام ودول المنطقة بشكل خاص.

 

وقالت "للوهلة الأولى، لا تواجه إسرائيل مثل هذه المعضلة، ولا يشكل تدمير البنية التحتية المدنية عقبة في اعتباراتها الاستراتيجية. ولكن أكثر من غزة ولبنان، والآن في سوريا، يجب على اسرائيل أن تأخذ في الاعتبار ليس فقط المصالح والسياسات الأمريكية، ولكن أيضًا مصالح وسياسات المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر.

 

وأردفت "لم تنضم هذه الدول إلى التحالف العسكري المناهض للحوثيين الذي أنشأته واشنطن، على الرغم من الأضرار الاقتصادية التي تعاني منها. ويتمثل خوفها الرئيسي في أن يضعها الحوثيون على قائمة أهدافهم ويجددون هجماتهم على الأصول الاقتصادية الحيوية - وخاصة على المنشآت النفطية، كما فعلوا في عام 2019، عندما تضررت منشآت أرامكو".

 

وأوضحت أن هجمات من هذا النوع دفعت أبو ظبي إلى الانسحاب من التحالف العسكري الذي أنشأته المملكة العربية السعودية في عام 2017 وتوثيق علاقاتها مع إيران مقابل الهدوء من جانب الحوثيين. ولا تزال السعودية ترى نفسها وسيطًا في عملية السلام الداخلية في اليمن، والتي تهدف، من بين أمور أخرى، إلى إنشاء حكومة يمنية يكون الحوثيون شركاء فيها.

 

وأفادت أن مصر حاولت التفاوض مع الحوثيين من أجل السماح لحركة المرور في قناة السويس بالتعافي، ولكن حتى الآن دون جدوى.

 

حرب البحر الأحمر تخدم سياسة الحوثي

 

وزادت هارتس "النتيجة هي أنه في حين أن إسرائيل شريكة في التحالف العسكري في البحر الأحمر، والذي يعتمد بشكل أساسي على القوات الأمريكية والبريطانية في اختيار أهداف هجماته، إلا أنها مقيدة بـ "الخطوط الحمراء" التي تمليها دول المنطقة، وعلى الرغم من توسيع نطاق الهجمات، إلا أنها لا تزال تبدو ملتزمة بنهج إدارة بايدن "الردع والتدهور".

 

"ولا يُتوقع أن يضمن تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب الشهر المقبل توسيع القيود المفروضة على الاستجابات العسكرية. لقد دعم ترامب حرب المملكة العربية السعودية في اليمن، وفي عام 2019 استخدم حق النقض ضد مشروع قانون لخفض مبيعات الأسلحة إلى الرياض بسبب الكارثة الإنسانية الشديدة التي تسببت فيها الحرب في اليمن"، حد قول الصحيفة.

 

"لكن ترامب كان أيضًا الرئيس الذي أجبر السعوديين على بدء مفاوضات مع الحوثيين وحتى صرح بأن الحرب في اليمن لن تنتهي بقوة السلاح بل على طاولة المفاوضات"، وفق التحليل.

 

في غضون ذلك، لا يزال طموح انهيار النظام الحوثي من خلال استهداف البنية التحتية المدنية ومصادر الدخل -حسب التحليل- بعيدًا عن التحقق. مشيرا إلى إن ميناء الحديدة هو في الواقع مصدر دخل مهم للنظام، لكنه ليس المصدر الوحيد.

 

وتطرقت الصحيفة الإسرائيلية إلى إعلان الحوثي أن "الأميركيين يدفعون النظام السعودي نحو تصرفات حمقاء وعدوانية لن نقبلها. وحقيقة أننا منخرطون في "نظام الدعم" لغزة (مصطلح يرمز إلى وحدة الجبهات) لا تعني أننا لا نستطيع أن نفعل أي شيء ضد تصرفاتهم الجنونية. سنرد بالمثل. الموانئ ضد الموانئ، والمطارات ضد المطارات، والبنوك ضد البنوك". وقد نجح التهديد، وتراجعت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا عن قرارها.

 

وحسب هارتس فإن الحرب في البحر الأحمر تخدم السياسة التي يفرضها الحوثي على مواطنيه، فضلا عن فرض التجنيد العسكري والنضال الدؤوب ضد المنافسين السياسيين.

 

وخلصت صحيفة هارتس في تحليلها إلى القول "رغم أن صنعاء جزء من "حلقة النار" التي أنشأتها إيران، فإن بقاء النظام يشكل أولوية قصوى بالنسبة للمتمردين، والحرب المستمرة تخدم هذا الهدف. وبالتالي، ليس هناك يقين من أن الحرب في غزة ستنتهي، وحتى لو طلبت إيران من الحوثي وقف إطلاق النار في البحر الأحمر أو ضد إسرائيل، فقد لا يمتثل".


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن اسرائيل البحر الأحمر دول الخليج الحوثي التحالف العسکری فی البحر الأحمر فی الیمن الحرب فی فی عام

إقرأ أيضاً:

مجلة أمريكية: حرب “إسرائيل” على إيران فشلت.. وردع طهران تعزز بدلاً من إضعافه

الثورة نت /..

أكدت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية أنّ الحرب الأخيرة بين “إسرائيل” وإيران جاءت بنتائج عكسية، إذ فشلت “إسرائيل” في تحقيق أهدافها الاستراتيجية، بل ألحقت بها خسائر فادحة.
وأشارت إلى أنّ العمليات الإسرائيلية المكثفة لم توقف البرنامج النووي الإيراني، بل أسهمت في تعميق عزلة “إسرائيل” وتعزيز المشاعر القومية داخل إيران.
وقالت الصحيفة إنّ الخسائر في “إسرائيل” كانت “مذهلة”، بينما  لا يزال المدى الحقيقي للضرر داخل إيران غير واضح إذ يكشف هذا الغموض عن معضلة جوهرية لـ”إسرائيل” وحلفائها الأميركيين؛ فالقوّة العسكرية وحدها لا تضمن النجاح الاستراتيجي.

نتائج غير محسومة للضربات على البرنامج النووي
بدأت الحرب بهجوم صهيونية مكثف شمل عمليات سرية وضربات جوية على منشآت نووية. لكن إيران ردّت سريعاً بهجمات صاروخية استهدفت مدناً “إسرائيلية” وقواعد أميركية، ما أدّى إلى تصعيد إقليمي خطير، لذلك فإنّ إيران “وجّهت رسالة مُتعمّدة مفادها أنّها قادرة على تصعيد الوضع خارج حدودها”، وفق المجلة.
ولفتت “فورين بوليسي” إلى أنّه على الرغم من التصريحات الإسرائيلية، لم تُسجل أضرار مؤكدة في البرنامج النووي الإيراني، إذ لا تزال المكونات الأساسية لتطوير السلاح النووي سليمة، بحسب تقييمات استخبارية غربية، وكذلك لم تحقق “إسرائيل” هدف “تقويض قوة الردع الإيرانية”.

وقف التعاون الإيراني مع الوكالة الدولية
رداً على الهجمات، أقرّ البرلمان الإيراني تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، معززاً استراتيجية “الغموض النووي”. وهي استراتيجية مماثلة للموقف الذي اتخذته “إسرائيل” نفسها منذ فترة طويلة، إذ ترفض “تل أبيب” توضيح نطاق قدراتها النووية ومنع وصول المفتشين إليها.
ويُمثل هذا فصلاً جديداً خطيراً في مهاجمة المواقع النووية. ومع استمرار المطالبة بالتفتيش والعقوبات، قوّضت الولايات المتحدة و”إسرائيل” منطق دبلوماسية منع الانتشار.
ومن المفارقات أن أفعالهما ربما أسهمت في “تطبيع فكرة السلاح النووي الإيراني” أكثر من أي خطوة اتخذتها طهران نفسها، وفق المجلة الأميركية.
وأوضحت المجلة أنّه في حين أنّ النتيجة النووية غير مؤكدة، فقد تجلّت قدرات إيران الصاروخية بوضوح لا لبس فيه، إذ نجحت صواريخها الباليستية في اختراق الدفاعات الجوية الإسرائيلية والأميركية، مستهدفةً قواعد عسكرية ومقار استخبارات ومصافي نفط ومراكز أبحاث.

تكلفة باهظة لـ”إسرائيل” اقتصادياً وعسكرياً
تلفت الصحيفة، إلى أنّ مطارات أغلقت ولا سيما “بن غويرون”، وتعطل الاقتصاد، وتشير التقديرات إلى أنّ “إسرائيل” استخدمت ما لا يقل عن 500 مليون دولار من صواريخ “ثاد” الأميركية الاعتراضية.
وعلى الرغم من أنّ “الرقابة الإسرائيلية حدّت من التغطية الإعلامية، فقد قُدّمت أكثر من 41 ألف مطالبة تعويض عن أضرار الحرب”.
بدوره، أكد مستشار ترامب السابق، ستيف بانون، بصراحة أنّ وقف إطلاق النار كان ضرورياً “لإنقاذ إسرائيل”، التي قال إنّها تتلقى “ضربات وحشية” وتُعاني من نقص في دفاعاتها.
كما اعترف الرئيس الأميركي، دونالد ترامب نفسه بأنّ “إسرائيل” تضررت بشدّة، وفي الظهور الصحافي نفسه، أعلن أنّه سيُسمح للصين بشراء النفط الإيراني لمساعدة إيران على “استعادة لياقتها”، وفق زعمه.

الحرب على إيران عززت القومية والوحدة الداخلية بدلًا من إسقاط النظام
وكشفت الحرب الأخيرة بين “إسرائيل” وإيران عن نتائج اجتماعية غير متوقعة داخل إيران، إذ أدّت إلى تصاعد المشاعر القومية والوحدة الوطنية بدلاً من إشعال فتيل التغيير السياسي أو انهيار النظام، كما كانت تأمل بعض الجهات الغربية، بحسب المجلة.
ولفتت المجلة الأميركية إلى أنه وخلافاً للتوقعات، لم تزعزع الحرب الاستقرار الداخلي في إيران، بل عززت مشاعر التضامن الشعبي. وتحوّل الغضب من العدوان الإسرائيلي إلى حالة تعبئة وطنية واسعة، شملت مختلف الفئات الاجتماعية، من الفنانين والرياضيين إلى المتدينين والعلمانيين، وحتى الجيل “Z”.
ورداً على الهجمات “الإسرائيلية”، بادر الإيرانيون إلى احتضان النازحين، ما عزز الشعور بالمسؤولية الجماعية. وأسهمت مشاهد استهداف الأطفال والأطباء والمدنيين في تعزيز قناعة الإيرانيين بأنّ هدف الحرب لم يكن تحريرهم، بل تفكيك دولتهم.
وبينما كانت الرهانات “الإسرائيلية” تقوم على أن الحرب ستؤدي إلى إسقاط النظام الإيراني، جاءت النتائج عكسية تماماً. فبدلاً من إضعاف إيران، كشفت الحرب عن نقاط ضعف “إسرائيل” في تحقيق أهدافها، وأسهمت في تعزيز تماسك الجبهة الداخلية الإيرانية.
ووفق المجلة الأميركية، فإنّ “الحرب انتهت بوقف إطلاق نار غير محدد المعالم، في ظلّ استعداد الطرفين لقبول الغموض الاستراتيجي كبديل عن الحسم العسكري”.

مقالات مشابهة

  • نتائج معركة البحر الأحمر على اليمن تفرض نفسها في ميزانية الدفاع الأمريكية - شاهد
  • مجلس الأمن يشدد على حماية الملاحة ويتهم الحوثيين بعرقلة السلام في اليمن
  • إسرائيل تحذّر.. صاروخ من اليمن يعيد التصعيد إلى الحرب مع الحوثيين
  • توقيع بروتوكول تعاون مشترك بين مركز البحر الأحمر للدراسات السياسية والأمنية ومركز الخليج للدراسات الإيرانية
  • مغردون يتهمون إسرائيل بسرقة ركام المنازل من غزة
  • هآرتس: إعلان ترامب بشأن اتفاق محتمل بغزة محاولة للضغط على إسرائيل وحركة الفصائل الفلسطينية
  • تراجع واردات الوقود والغذاء إلى موانئ الحوثيين على البحر الأحمر بأكثر من 15%
  • السفير الأمريكي في إسرائيل بعد صاروخ الحوثي: ربما نحتاج قاذفات بي-2 لزيارة اليمن
  • مؤسسة دولية: سقوط أكثر من 1100 ضحية مدنية على الحدود مع اليمن بقصف سعودي (ترجمة خاصة)
  • مجلة أمريكية: حرب “إسرائيل” على إيران فشلت.. وردع طهران تعزز بدلاً من إضعافه