معرض «حنظلة فلسطين» .. قضية فن «ناجي العلي» الخالدة
تاريخ النشر: 24th, December 2024 GMT
يتراءى للناظر من بعيد علم فلسطين مرفرفا، ويدًا تقف بصلابة كالوتد ترفعه نحو السماء، وفي طرف الساعد يشق غصن شجرة طريقه باتجاه العلم، «إنه الأمل الذي لا يمكن أن يموت في قلب كل المناضلين في تلك الأرض الطاهرة»، هكذا وصف خالد الابن الأكبر للفنان الفلسطيني الشهيد ناجي العلي، إحدى لوحات والده التي علّقت في معرض «حنظلة فلسطين» بجاليري سارة التابع لبيت الزبير.
افتتح المعرض مساء أمس ، حيث احتضن عددا من الأعمال الفنية لفنان الكاريكاتير الراحل ناجي العلي، ومحاكاة لأعماله بلوحات الفنانة صفاء سرور التي جسّدت روح التراث الفلسطيني في أعمالها المشغولة بالتطريز.
يتميز معرض «حنظلة فلسطين» كونه المشروع الذي عمل عليه الفنان الراحل ناجي العلي، حيث اختار شخصية «حنظلة» في كل أعماله، لتصبح أيقونة فلسطينية معروفة، وقدّمها العلي في أعماله التي نشرها في 1969م بجريدة السياسة الكويتية، وهي رمز للهوية الفلسطينية جسّدها العلي من خلال صورة صبي في العاشرة من عمره، وجاء اختياره للاسم تعبيرًا عن نبات الحنظل الذي يعد من النباتات المعمرة في فلسطين، ينمو رغم قطعه، وله جذور عميقة، وجاء وصف الفنان الراحل لهذه الشخصية أنها تمثله هو حين غادر فلسطين مجبرًا، وقد كان في العاشرة وشعر أن عمره توقف آنذاك.
بدأت مسيرة ناجي العلي في الرسم داخل الزنزانة، حيث ملأ جدران السجن بالرسومات أثناء اعتقاله، ونقل تلك الرسومات أيضًا إلى جدران مخيم الحلوة، التي نشرت في مجلة الحرية بعد أن شاهدها غسان كنفاني في المخيم، وبعدها انطلق العلي في رسم الكاريكاتير ونشرها في مختلف الصحف، مستعينا بشخصية حنظلة، إضافة لشخصية فاطمة المرأة الفلسطينية وزوجها.
لناجي العلي ما يقارب 40 ألف كاريكاتير، ينتقي فيها فكرته الصريحة، وأصبحت أيقونة معروفة من قبل كل قراء الصحف في الوطن العربي والعالم أجمع، ولم يتوانَ يومًا عن تقديم رسالته الفنية بكل قوة، واضعًا صورة الأرض المحتلة والعدو الصهيوني نصب عينيه في كل أعماله، ولم يتوانَ عن الرسم الساخر أيضًا لبعض المواقف العربية، غير آبه بالخطر الذي قد يلحق به، وأصدر ثلاثة كتب احتوت على مجموعة من رسومه المختارة.
وحول أهمية مشاركة صفاء سرور في المعرض فقالت: أهمية المعرض تكمن في إعادة سبك هذه اللوحات وتمازج الريشة مع الخيط، الخيط الذي يعنيه من تطريز وما يعنيه من هوية للشعب الفلسطيني، الثوب هو أداة نضال ومقاومة، وتكريمًا للشهيد ناجي العلي وحفاظًا على إرثه ووفاء لتضحياته، قررنا إعادة لوحاته بإضافة مجال اختصاصنا وما يعنيه هذا الاختصاص، فكان الاشتغال على المشروع بعمل تكاملي عدد من النساء واستمر التفكير في المشروع مدة سنة، للخروج بالفكرة هذه، والبحث عما يمكن إضافته لناجي العلي، حيث إن ناجي العلي بالنسبة لنا نحن الفلسطينيين شيء مقدس، فكان لا بد من طرح فكرة لا تنقص من عظمة فكرته، فاخترت التلوين لتصبح اللوحة ناطقة، وإضافة النمنمات والوحدات الزخرفية للوحة.
وأضافت الفنانة: أنا ممتنة وشاكرة لسلطنة عُمان كونها البلد الأول الذي يستضيف هذا المعرض، وما يمثله من رسالة وفكرة.
تجدر الإشارة إلى أن المعرض متاح للزوار، وستكون أبوابه مفتوحة للجميع حتى السادس من يناير المقبل.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: ناجی العلی
إقرأ أيضاً:
معرض لوحات ولافتات كفرنبل الناجية.. ذاكرة حية للثورة السورية في دمشق
دمشق-
"تذكرون لماذا بدأتم وكيف؟ اذكروني جيدا، واعلموا أنكم ستبلغوني حين تعرفوني. أنا الثورة: روحي ستبقى ولن تموت في صدوركم".
كانت تلك عبارة من عشرات العبارات التي كتبها نشطاء وفنانون من الحراك الثوري بمدينة كفرنبل في إدلب السورية على لافتات رُفعت في الكثير من المناسبات تأكيدا على تمسّك السوريين بقيم ثورتهم على نظام بشار الأسد المخلوع طيلة 14 عاما.
وبسقوط النظام السوري السابق في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي، تحوّلت تلك اللافتات، إلى جانب لوحات كاريكاتيرية عديدة، إلى ذاكرة حية للثورة السورية توثّق المراحل التي مرّت بها بطرق أدبية وفنية، وتجذب الانتباه وتذكّر بالمخاض العسير الذي أدى نهاية إلى ولادة سوريا الجديدة.
وبعد أن جالت عددا من الدول حول العالم لتسليط الضوء على ثورة السوريين، وصلت لافتات ولوحات حراك كفرنبل إلى دمشق أخيرا، حيث أقامت "تظاهرة بداية"، بالتعاون مع مجموعة من منظمات المجتمع المدني، معرض "لافتات كفرنبل الثورية" في صالة محطة الحجاز في دمشق الأحد الماضي.
وقالت زينة شهلا، إحدى المنظمات في "تظاهرة بداية"، إنه كان من المقرر أن يُقام هذا المعرض تزامنا مع ذكرى الثورة السورية في مارس/آذار الماضي، ولكن المنظمين قرروا تأجيله بسبب الأحداث الأمنية التي شهدتها محافظات الساحل في حينها.
إعلانوأوضحت أن المعرض هو أول احتفال لـ"تظاهرة بداية" بذكرى الثورة من قلب العاصمة دمشق، مشيرة إلى أن لهذا الحدث وقعا خاصا في وجدان المنظمين والقائمين على المعرض والمشاركين فيه.
وتابعت شهلا في حديث للجزيرة قولها إن للمعرض خصوصية تنبع من رمزية اللافتات المعروضة فيه، وأوضحت قائلة: "إنها مثلنا قد نجت من الحرب"، في إشارة منها إلى أن بعض اللافتات واللوحات تحمل آثار قصف وحرائق وطين، وبعضها الآخر مر برحلة نزوح أو نجا من القصف. وأضافت شهلا أن هذه اللافتات ليست مجرد صور، بل ظاهرة فنية تحمل سردية الثورة وتاريخها، وإنها أيضا "بمثابة ناجية تشاركنا اليوم نصرنا".
وقال الفنان ورسام الكاريكاتير السوري أحمد خليل الجَلل إن لافتات كفرنبل بدأت بالظهور تزامنا مع خروج أولى المظاهرات السورية، وكانت بمثابة أرشيف حي يوثق المراحل المتعدد للثورة؛ بداية بانطلاقتها، ومرورا بتراجع الحراك المدني فيها، ووصولا إلى تحولها لثورة مسلحة.
وأوضح الجلل، في حديث للجزيرة نت، أنه وغيره من الفنانين والنشطاء في مدينة كفرنبل قد خسروا عددا من اللافتات في ظروف مختلفة، بعضها بسبب عدم إدراكهم لأهميتها في البداية، وبعضها الآخر بسبب الأوضاع الأمنية.
ولكنه أضاف أن حوالي 80% من اللافتات تم الحفاظ عليها رغم التحديات، مشيرا إلى أنها رُسمت في ظروف صعبة، وبأدوات بسيطة، وأحيانا داخل خيم في البساتين والأحراش.
كما روى الجلل حكاية إنقاذ عدد كبير من اللافتات أثناء قصف كفرنبل في عام 2020، حين تمكن شبان من المدينة من إخراج اللافتات من تحت ركام مبنى قد دُمِّر، ونجت اللافتات بفضل عشب صناعي لملعب هناك غطّاها مصادفة. ووصف الجلل تلك الحكاية بأنها "أشبه بملحمة"، مضيفا: "الله حمانا وحماها لنصنع أرشيف الثورة".
إعلانوحول سر تميّز لافتات كفرنبل عن غيرها من اللافتات التي رُفعت في المناطق السورية الأخرى خلال سنوات الثورة، قال الفنان: "إن كفرنبل كان لديها شخصيات فريدة مثل الصحفي رائد الفارس الذي أعطى لهذه التجربة خصوصيتها بالتعاون مع العديد من النشطاء والفنانين".
واشتهر الصحفي السوري رائد الفارس، الذي اغتيل وزميله الناشط الإعلامي حمود جنيد في كفرنبل عام 2018 على يد مسلحين مجهولين، باللافتات الاحتجاجية التي كان يكتبها مع فريقه ضد نظام بشار الأسد المخلوع في حراك كفرنبل الثوري.
ويقول عبد الله سلوم، ناشط سابق في حراك كفرنبل الثوري وأحد المساهمين بالحفاظ على أرشيف لافتات المدينة، إن كل لافتة أو لوحة معلقة اليوم في المعرض تحكي حكاية ولها سياق يمكن للسوريين أن يرجعوا إليه، ومن هنا جاءت العلاقة بين اللافتات وذاكرة الثورة السورية.
وعلى سبيل المثال، أشار سلوم إلى أن اللافتة التي تحمل عبارة "ستنتصرون في إدلب لكنها معركة وليست النهاية، لعلها تعلّمكم أن باتحادكم تظفرون بقصر الأسد" قد كُتبت بمناسبة تحرير مدينة إدلب من قبل فصائل المعارضة السورية المسلحة (سابقا)، وأراد الناشطون حينها توجيه رسالة للفصائل مفادها "إن تحرير إدلب لا يجب أن يكون انتصارا عابرا، وإنما عليه أن يكون بداية لتحرير سوريا".
وأضاف: "وأنا اليوم سعيد لأن هذه اللافتة قد تحقق مضمونها على أرض الواقع، وأصبحت هي (اللافتة) نفسها في الحجاز وسط العاصمة دمشق".
وأما عن اللافتة التي تحمل عبارة "لسنا طائفيين، ولسنا إقصائيين، إنها ساحات الحرية، وتحت سقف الوطن مرحّب بالجميع" فهي -بحسب سلوم- جاءت تأكيدا لمقولة: "إن الثورة لجميع السوريين بغض النظر عن مشاربهم وطوائفهم".
وسجلت مدينة كفرنبل حضورا لافتا خلال سنوات الثورة السورية، بفضل لافتاتها الاحتجاجية التي انتشرت على شاشات التلفزة ومواقع التواصل الاجتماعي، معبّرة عن تطلعات السوريين للحرية والعدالة.
إعلانتابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline