حوار مع صديقي ال ChatGPT الحلقة (76)
تاريخ النشر: 27th, December 2024 GMT
د. أحمد جمعة صديق
جامعة الزعيم الازهري
حوار اليوم:
• ما الفرق بين ما يحدث الان في السودان وما حصل في الصومال؟
• هل دخل السودان مرحلة تصنيفه كدولة فاشلة؟
********************
الفرق بين ما يحدث الآن في السودان وما حصل في الصومال يكمن في عدة جوانب، تتراوح بين طبيعة النزاع، السياق التاريخي، استجابة المجتمع الدولي، وكذلك درجة التفكك والسيطرة الحكومية.
1. طبيعة النزاع والسيطرة العسكرية:
• السودان:
o في السودان، النزاع الحالي يدور بشكل رئيسي بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع (RSF)، وهما قوتان عسكريتان تتنافسان على السيطرة على السلطة في الدولة. هذا النزاع هو نتيجة لتراكمات سياسية وعسكرية، بدأ من الإطاحة بنظام الرئيس عمر البشير في 2019، ثم تحولت الخلافات بين المجموعات العسكرية إلى نزاع مسلح واسع النطاق في 2023.
o الخلافات العسكرية بين الجيش والدعم السريع هي صراع من أجل الهيمنة السياسية والعسكرية على البلاد، والاقتصاد والموارد، والانتقال الديمقراطي في ظل غياب توافق سياسي.
• الصومال:
o في الصومال، النزاع الذي بدأ في أوائل التسعينيات تمثل في انهيار الدولة المركزية بعد الإطاحة بنظام الرئيس محمد سياد بري في 1991. بعد سقوط الحكومة المركزية، اندلعت حروب أهلية بين القبائل والمليشيات المسلحة المختلفة، بما في ذلك الصراع بين قوات المحاكم الإسلامية والميليشيات الأخرى.
o الانقسام العرقي والقبلي كان العنصر المركزي في الصراع الصومالي، حيث بدأت المناطق المختلفة في البلاد في البحث عن سيادة ذاتية أو استقلال عن الحكومة المركزية التي انهارت.
2. فقدان وحدة الدولة مقابل الانقسام المؤسساتي:
• السودان:
o وحدة الدولة في السودان لا تزال قائمة من الناحية الرسمية، حيث توجد حكومة مركزية (الجيش) بالإضافة إلى المناطق المتعددة التي تتنازع حول الحكم. رغم أن النزاع العسكري أدى إلى تفكك فعلي في النظام المالي والإداري، فإن الحدود الجغرافية والسياسية لا تزال موجودة.
o يشهد السودان تقسيمًا مؤقتًا في النظام المالي والاقتصادي (مثل العملتين المختلفتين في مناطق الجيش والدعم السريع)، ولكنه لم يصل بعد إلى حالة انفصال كامل بين المناطق.
• الصومال:
o في المقابل، الصومال شهد تفككاً كاملاً في الدولة المركزية، حيث أصبحت مناطق مثل صومالي لاند في الشمال الغربي وجوبالاند في الجنوب تشهد نوعًا من الاستقلال الفعلي، رغم أن الحكومة الفيدرالية الصومالية لا تعترف بذلك.
o اللامركزية كانت أحد النتائج الطبيعية لانهيار الدولة في الصومال، حيث نشأت حكومات محلية في بعض المناطق التي كانت تتخذ قرارات مستقلة عن الحكومة الفيدرالية.
3. التدخلات الدولية والإقليمية:
• السودان:
o هناك تدخلات إقليمية ودولية نشطة في النزاع السوداني، حيث تلعب الولايات المتحدة، الاتحاد الإفريقي، الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي دورًا في محاولة التوسط للوصول إلى اتفاقات لوقف إطلاق النار أو التسوية السلمية. كما أن هناك اهتمامًا دوليًا بمساعدة السودان في العودة إلى مرحلة الانتقال الديمقراطي بعد فترة طويلة من حكم الأنظمة العسكرية.
o في السودان، على الرغم من الصراع الداخلي، العديد من الأطراف الإقليمية والدولية لا ترغب في أن يصل الوضع إلى درجة الصوملة، حيث يسعى المجتمع الدولي إلى الحفاظ على وحدة السودان السياسية والحد من الانقسام الجغرافي.
• الصومال:
o التدخلات الدولية والإقليمية في الصومال كانت حاسمة خلال التسعينات، حيث شهدت البلاد تدخلات عسكرية من الأمم المتحدة (بعثة الأمم المتحدة إلى الصومال)، والتدخل العسكري الأمريكي (عملية إعادة الأمل في 1992). في تلك الفترة، كانت الصومال بمثابة دولة فاشلة، حيث دمر النزاع الداخلي الوضع الأمني في البلاد بشكل كامل.
o التدخلات الإقليمية مثل تدخلات الاتحاد الإفريقي ودول الجوار مثل إثيوبيا وكينيا ساعدت في استعادة بعض الاستقرار في السنوات الأخيرة، ولكن الصومال لا يزال يعاني من نزاعات محلية مستمرة.
4. الظروف الاقتصادية:
• السودان:
o رغم النزاع، السودان لا يزال يمتلك اقتصادًا مركزيًا نسبيًا، مع وجود موارد طبيعية (مثل النفط والمعادن) التي قد تلعب دورًا في التمويل المستقبلي للبلاد.
o الانقسام المالي (كما في وجود عملات مختلفة في مناطق الجيش والدعم السريع) قد يعمق الفجوة الاقتصادية، لكن لا يزال هناك محاولة لفرض الوحدة النقدية والاقتصادية على المدى البعيد.
• الصومال:
o بعد انهيار الدولة في الصومال، الاقتصاد الصومالي دمر تمامًا، وأصبحت البلاد تعتمد على المساعدات الإنسانية الدولية والمستوى المحلي من الاقتصاد الريفي والتجارة. هناك اقتصادات محلية في المناطق التي كانت تسيطر عليها المليشيات أو حكومات محلية.
o تدمير البنية التحتية وعدم وجود مركز مالي فاعل جعل الاقتصاد الصومالي ضعيفًا للغاية.
5. الهوية الوطنية والمجتمعية:
• السودان:
o رغم النزاع المستمر، لا يزال لدى السودانيين هوية وطنية مشتركة تنطوي على الكثير من التنوع الثقافي والإثني والديني، وهو ما يمكن أن يشكل أساسًا لبناء الوحدة الوطنية المستقبلية.
o الوعي الوطني في السودان أقوى مقارنة بالصومال في الفترة التي تلت انهيار الدولة المركزية، على الرغم من التصاعد الواضح للمطالبات بالاستقلال أو الحكم الذاتي في بعض المناطق.
• الصومال:
o في الصومال، غياب الدولة المركزية أدى إلى تعميق التفكك الاجتماعي، حيث كان هناك صراع طويل بين القبائل المختلفة على السلطة. كما أن المناطق التي حاولت الانفصال (مثل صومالي لاند) تطورت إلى كيانات شبه مستقلة بعيدة عن سيطرة الحكومة الفيدرالية.
o الهوية الوطنية في الصومال تأثرت بشكل كبير بفقدان السيطرة المركزية، وكان النزاع القبلي والقبائل يشكل الأساس الرئيسي للصراع الداخلي.
6. المؤسسات العسكرية ووجود "دولة داخل الدولة":
• السودان:
o هناك تقسيم داخلي داخل الدولة بين القوى العسكرية التي تتنازع على السلطة، حيث تتجلى القوة العسكرية في الجيش وقوات الدعم السريع، ويجري فرض سلطة غير مباشرة في المناطق التي تسيطر عليها كل جهة.
o رغم الوضع العسكري المضطرب، تظل هناك محاولات لتوحيد القوى المسلحة من خلال جهود الحوار السياسي.
• الصومال:
o في الصومال بعد انهيار الدولة، كان هناك مجموعات مسلحة متعددة تسيطر على أجزاء من البلاد، وكان هناك العديد من "الدول داخل الدولة" مثل محاكم الإسلام التي حكمت بعض المناطق في الوقت الذي كانت الحكومة الفيدرالية ضعيفة للغاية.
الخلاصة:
الاختلافات الجوهرية بين ما يحدث الآن في السودان وما حدث في الصومال تتجلى في شدة التفكك والسيطرة العسكرية والاقتصادية. في السودان، الصراع العسكري بين الأطراف لم يصل إلى تفكك كامل للدولة بعد، بينما في الصومال شهدت البلاد انهيارًا كاملًا للدولة المركزية. ولكن، مع استمرار النزاع في السودان، هناك مخاوف من أن تؤدي التقسيمات المالية والاقتصادية إلى انفصال فعلي بين المناطق المتنازعة، وهو ما قد يعزز التصورات حول "صوملة" السودان.
• هل دخل السودان مرحلة تصنيفه كدولة فاشلة؟
نعم، يمكن القول إن السودان قد دخل بالفعل مرحلة يمكن تصنيفه كـ دولة فاشلة، أو على الأقل يمر بتطورات تعكس السمات الرئيسية التي تشهدها الدول الفاشلة. ولكن من المهم أن نوضح أن وصف الدولة بـ "الدولة الفاشلة" ليس حكمًا مطلقًا أو نهائيًا، بل هو تصنيف يعتمد على مجموعة من المؤشرات الاقتصادية، السياسية، الاجتماعية، والأمنية. لذلك، دعونا نستعرض بعض السمات التي تميز الدولة الفاشلة، وكيف تنطبق هذه السمات على الحالة السودانية في الوقت الراهن.
1. فقدان السيطرة على الأراضي:
• السودان يشهد تقسيمًا فعليًا للأراضي بين مناطق تسيطر عليها قوات الجيش وأخرى تحت سيطرة قوات الدعم السريع. هذا التقسيم يخلق حالاً من عدم الاستقرار الأمني ويجعل من الصعب على الحكومة المركزية فرض سيطرتها على كامل أراضي البلاد.
• النزاعات المسلحة المستمرة بين الفصائل العسكرية تعني أن الحكومة المركزية لا تستطيع التحكم في معظم الأراضي أو ضمان سيادة القانون في الكثير من المناطق.
2. ضعف المؤسسات الحكومية:
• انهيار الحكومة المركزية أو تهميشها هو أحد السمات الأساسية للدول الفاشلة. في السودان، المؤسسات الحكومية ضعيفة للغاية أو تتعرض للتحديات الكبيرة بسبب الخلافات بين الأطراف العسكرية والسياسية.
• مع تزايد التنافس بين الجيش والدعم السريع، أصبح من الصعب على الحكومة السودانية الحالية تلبية احتياجات الشعب في مجالات مثل الأمن، الرعاية الصحية، التعليم، والخدمات الأساسية.
• الفساد المستشري داخل المؤسسات الحكومية وتدني مستوى الشفافية والمساءلة يجعل الحكومة عاجزة عن تقديم الحلول المناسبة لتحديات البلاد.
3. انهيار الاقتصاد:
• الأزمة الاقتصادية الحادة في السودان تمثل سمة بارزة لدولة فاشلة. البلاد تعاني من التضخم، الارتفاع الكبير في أسعار السلع الأساسية، البطالة المرتفعة، و انهيار العملة المحلية. كما أن النظام المالي يعاني من انقسام كبير بعد اعتماد مناطق مختلفة على عملات موازية نتيجة للصراع العسكري، مما يعمق من الانقسام المالي داخل البلاد.
• نقص الموارد مثل الوقود والكهرباء والمياه أصبح من العوامل المسببة للاحتجاجات الشعبية، مما يعزز من ضعف قدرة الحكومة على تقديم الدعم الأساسي للمواطنين.
4. التدهور الأمني وانتشار العنف:
• انعدام الأمن في العديد من المناطق السودانية بسبب النزاع بين القوات العسكرية والصراعات القبلية، بالإضافة إلى الوجود المستمر للمليشيات المسلحة، يُعد من السمات المهمة لدولة فاشلة.
• التحولات الأمنية أدت إلى تفشي العنف في الشوارع، و التهجير القسري للمواطنين من مناطق النزاع، و انعدام الأمن الشخصي.
• ازدياد الهجمات على المدنيين والضغوط على الشرطة والجيش للوصول إلى حلول حاسمة يساهم في مزيد من الفوضى.
5. غياب سيادة القانون:
• في السودان، أصبحت العدالة والقضاء غير مستقلين بسبب تأثيرات الأطراف العسكرية في اتخاذ القرارات القضائية. إذ أن الحكومة المركزية عاجزة عن فرض سيادة القانون أو تحقيق العدالة بشكل عادل للمواطنين.
• بسبب تفشي الفساد في الجهاز القضائي والأمني، انعدام المحاسبة وغياب الشفافية، بدأت العدالة تفقد مصداقيتها في نظر الشعب السوداني.
6. الاستجابة الدولية المحدودة:
• السودان يعاني من تدخلات دولية متفرقة، لكن على الرغم من تلك التدخلات، فإن المجتمع الدولي ما زال يجد صعوبة في إيجاد حل شامل للنزاع السوداني. كثير من الدول والمنظمات الدولية تحاول تقديم المساعدات الإنسانية، إلا أن الاستجابة الدولية لا تزال محدودة ولم تُثمر عن حلول جذرية.
• هناك أيضاً عقوبات اقتصادية دولية، وهو ما يزيد من حالة العزلة الاقتصادية والسياسية التي يعاني منها السودان.
7. ضعف البنية التحتية:
• انهيار البنية التحتية في مجالات مثل النقل، الاتصالات، المرافق العامة، و الطاقة بسبب الصراع المستمر وضعف التمويل الحكومي قد أدى إلى تدهور مستوى الحياة في معظم المناطق السودانية.
• تأثرت خدمات الصحة و التعليم بشكل كبير، مما يعكس ضعف الحكومة المركزية في توفير أساسيات الحياة للمواطنين.
8. التشرذم الاجتماعي والقبلي:
• التقسيم الاجتماعي والقبلي في السودان أصبح أكثر وضوحًا في سياق النزاع الحالي، حيث تستغل القوى العسكرية المختلفة الهوية القبلية والدينية لصالحها.
• التوترات العرقية والقبلية زادت من تفتت المجتمع السوداني و غياب الهوية الوطنية الموحدة، وهو أمر يشير إلى ضعف لحمة الدولة.
هل السودان دولة فاشلة الآن؟
نعم، السودان يمكن أن يُعتبر في مرحلة دولة فاشلة أو دولة على حافة الفشل استنادًا إلى مجموعة من المؤشرات التي تتعلق بالعوامل الأمنية، السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية. فالبلاد تواجه حالة من الفوضى السياسية، الانقسام العسكري، و ضعف مؤسسات الدولة، إضافة إلى انهيار النظام المالي وانتشار العنف.
ومع ذلك، من المهم أن نلاحظ أن السودان ليس في حالة صوملة (كما كان الحال في الصومال بعد انهيار الدولة في التسعينيات)، وذلك لأن هناك محاولات من المجتمع الدولي، المنظمات الإقليمية، و القوى السياسية الداخلية للتوصل إلى حلول، على الرغم من أن هذه الجهود لم تنجح بشكل كامل حتى الآن.
المستقبل:
• السيناريوهات المستقبلية للسودان قد تتراوح بين محاولة إعادة بناء الدولة من خلال محادثات سياسية واتفاقات بين الأطراف المتنازعة، إلى مزيد من التفكك والإنهيار إذا استمرت الخلافات العسكرية والسياسية.
• المهم هو أن الاستقرار الداخلي و التوافق السياسي يجب أن يتحقق في مرحلة ما، وإلا فقد يؤدي الوضع الراهن إلى مزيد من التفكك، خاصة إذا فشل المجتمع الدولي في تقديم حلول عملية وفعالة.
الخلاصة:
السودان يمر بفترة صعبة جدًا، حيث تزداد المؤشرات التي تشير إلى تفاقم الأزمة الداخلية، وهو ما يعكس سمات الدول الفاشلة. لكن لا يزال الأمل قائمًا في إمكانية حدوث تحول إيجابي، شريطة أن تتعاون الأطراف المختلفة من أجل إيجاد حل شامل يضمن استقرار البلاد.
[email protected]
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الجیش والدعم السریع الحکومة الفیدرالیة الحکومة المرکزیة الدولة المرکزیة المجتمع الدولی انهیار الدولة النظام المالی الدعم السریع المناطق التی على الرغم من فی السودان فی الصومال دولة فاشلة الدولة فی یعانی من انهیار ا لا یزال أن هناک وهو ما
إقرأ أيضاً:
حرب السودان تخرج عن السيطرة
يبدو السودان اليوم كأنه يقف عند مفترق طرق خطير بعد التطورات التى شهدتها مدينة الفاشر هذا الأسبوع، فاستيلاء ميليشيا الدعم السريع على عاصمة شمال دارفور لم يكن مجرد انتصار ميدانى، بل تحول إلى مؤشر صادم على دخول البلاد مرحلة جديدة، تعيد إلى الأذهان السيناريو الليبى الذى تجمد سياسياً وعسكرياً طوال خمسة أعوام، وهكذا يجد السودان نفسه منقسماً فعلياً إلى كيانين، شرق يحتفظ بالمدن التاريخية الكبرى تحت سيطرة الجيش، وغرب واسع يضم دارفور وكردفان ويقع بالكامل تحت قبضة ميليشيا باتت تتحكم فى معظم إنتاج الذهب وما تبقى من النفط.
سقوط الفاشر المدينة التى كان يقطنها نحو مليون ونصف المليون إنسان، جاء بعد حصار تجاوز الـ500 يوم، وبسقوطها انتهى وجود الدولة السودانية عملياً فى دارفور، المدينة تعرضت خلال تلك الفترة لعزلة خانقة، منظمات الإغاثة منعت من دخول مخيمات النازحين مثل نيفاشا وزمزم تركت لمصيرها وشهدت الأحياء عمليات قتل وإعدامات ميدانية ودفناً جماعياً، كما طالت الاعتداءات المستشفيات وبيوت العبادة فى مشاهد وثقتها مجموعات تابعة للميليشيا نفسها.
هذه الانتهاكات لم تكن مجرد فوضى حرب بل عكست طبيعة مشروع عسكرى يتوسع بثبات ويستند إلى دعم إقليمى واضح، فسيطرة الميليشيا على غرب السودان لا تقتصر على الجغرافيا بل تمتد إلى ثروات حيوية من معادن وبترول، وتشمل إقليما يلتقى مع حدود جنوب السودان وإفريقيا الوسطى وليبيا وتشاد، وهى مناطق تجرى فيها صراعات نفوذ معقدة، وتشير المعطيات إلى أن تشاد باتت منصة لاستقبال الدعم العسكرى الخارجى، بينما وفرت إحدى الدول الإقليمية أسلحة متقدمة ومقاتلين أجانب لتعزيز قدرات هذه الميليشيا وجاء إعلان قائد الدعم السريع فى أبريل الماضى عن تشكيل حكومة موازية بعد مشاورات استضافتها كينيا ليضيف بعداً سياسياً صريحاً لما يجرى، فالحديث لم يعد عن ميليشيا تتحرك داخل حدود الدولة بل عن كيان يسعى لبناء سلطة موازية تمتلك السلاح والموارد والعلاقات الإقليمية، فى ظروف تعجز فيها الدولة المركزية عن استعادة زمام المبادرة.
وفى ظل هذا المشهد تبدو فرص الحسم العسكرى ضئيلة، وهو ما يدفع البلاد نحو حالة شبيهة بالوضع الليبى، واقع منقسم، وحدود رخوة وهدوء مضطرب يستند إلى موازين قوى وليس إلى حل سياسى، غير أن ما يزيد الصورة تعقيداً هو الطموح الأثيوبى فى استغلال هشاشة السودان بحثاً عن منفذ له على البحر الأحمر، وهو ما قد يجر أطرافاً إقليمية إضافية إلى الصراع، ويحول الوضع السودانى من حرب داخلية إلى مواجهة تتجاوز حدود الدولة.
خلاصة المشهد أن السودان يعيش لحظة إعادة هيكلة، ليس فى الخريطة فحسب بل فى توازنات القوى وعلاقات الإقليم، وبينما تتقدم الميليشيات وتتراجع الدولة يبقى المواطن السودانى هو الطرف الأكثر خسارة، يدفع ثمن حرب تدار فوق أرضه ومن حوله بينما يغيب أفق الحل وتتعاظم المخاطر يوماً بعد يوم.
اللهم احفظ مصر والسودان وليبيا