محلل سياسي: غير متفائل بمستقبل سوريا.. مشهد ضبابي
تاريخ النشر: 28th, December 2024 GMT
أكد الدكتور صلاح حسب الله، المحلل السياسي والمتحدث الرسمي السابق لمجلس النواب، أن المشهد السوري ضبابي حتى الآن، وتأثير المشهد السوري يتجاوز سوريا، حيث يؤثر على منطقة الشرق الأوسط بأكملها، مشددًا على أن الفترة التي تسمى بالربيع العربي بالانتكاسة العربية، معتبرا أن هذه الفترة كان مُخطط فيها إسقاط الدول العربية، وإعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط لخدمة كيان الدولة الإسرائيلية.
أوضح "حسب الله"، عبر فضائية "الشمس"، أنه كان هناك محاولات لإسقاط نظام بشار الأسد استمرت 14 عاما، ولكن النظام السوري قاوم هذه المحاولات، منوها بأن النظام السوري الذي قاوم 14 عاما سقط خلال 14 ساعة، الأمر الذي يُعد علامة استفهام، متسائلا: هل استطاعت المليشيات المسلحة بتسليحها البدائي إسقاط النظام السوري بهذا الشكل؟.
قال إن ظهور أحمد الشرع والملقب بـ"أبو محمد الجولاني" استكمل المشهد المأساوي الذي تعيشه سوريا، معلقا: "أحمد الشرع هذب لحيته وقلع البدلة العسكرية، ولبس بدلة كاجوال، وظهر متربعا داخل القصر الرئاسي يستقبل الوفود"، مشيرًا إلى أنه غير متفائل بمستقبل سوريا الفترة المقبلة رغم التمنيات لسوريا بالاستقرار، والنهضة لصالح شعبها، وإنما الواقع غير مُبشر بأن تشهد سوريا تداول سلمي للسلطة.
وأوضح أنه لا يمكن أن نقول أن سوريا ذاهبة للأفضل، منوها بأنه يجب الانتباه لمخطط يُنفذ في المنطقة، مشددا على ضرورة الانتباه لتصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي عن خطورة الوضع في المنطقة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المشهد المشهد السوري سوريا الدولة الإسرائيلية النظام السوري الشمس
إقرأ أيضاً:
من يُمثّل فلسطينيي سوريا؟ قراءة في مقابلة سفير فلسطين في دمشق
في حضرة السرد وغياب المساءلةضمن مقابلة مطوّلة مع موقع "العربي الجديد"، قبل يومين استعرض الدكتور سمير الرفاعي، سفير السلطة الفلسطينية في دمشق وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح، جملة من المحطات التاريخية والسياسية التي مرّت بها العلاقة الفلسطينية- السورية، مع تركيز ملحوظ على صراعات الماضي، لا سيما انشقاق "فتح" عام 1983. ورغم الأهمية التوثيقية لما ورد، يبقى السؤال الأهم: أين الفلسطيني السوري في كل هذا السرد؟
لقد قرأنا عن السجون التي دخلها السفير لأنه لم ينشق عن "أبو عمار"، واطّلعنا على توصيف الفصائل التي قاتلت أو تمسّكت بالقرار "المستقل"، وتعرفنا إلى محاولات إصلاح العلاقة بين فتح والنظام السوري السابق، لكننا لم نسمع كلمة واحدة عن مخيم اليرموك حين سُحق تحت الحصار، أو عن أولئك الذين غرقوا في البحر بحثا عن وطن ثالث بعد أن فقدوا الوطن الأول والثاني.
"الضيف" الذي لا يُورِّث ولا يعود
في واحدة من العبارات المفتاحية، قال السفير إن "الفلسطينيين ضيوف في سوريا". لكنها عبارة ثقيلة لا تمرّ، لأن الضيف لا يُسجن لسنوات دون محاكمة، ولا يُحرم من التوريث، ولا يُجبر على التهجير، ولا يُكتب في وثيقته أنه لا يستطيع العودة دون إذن. الضيف يُكرّم، أما الفلسطيني السوري فقد جُرّد -بقرارات رسمية من نظام الأسد الابن- من بعض حقوقه القانونية.
لم تأتِ على ذكر اسم معتقل فلسطيني واحد من الذين اختفوا في سجون النظام السوري السابق منذ 2011، ولم تتناول حتى رمزا إنسانيا كأطفال اليرموك الذين ماتوا جوعا، أو مسنّي درعا الذين هُجّروا مرارا، ولم يُطرح السؤال الأخلاقي والسياسي عن دور الفصائل الفلسطينية التي قاتلت مع النظام ضد أبناء جلدتها في المخيمات
اللافت أن السفير أقرّ بهذا التراجع: حذف عبارة "العودة دون تأشيرة" من وثيقة السفر، ومنع التوريث العقاري لأبناء الفلسطيني. لكنه أورد هذه الاعترافات الجسيمة بصيغة تقرير إداري سردي لا تحمل في طيّاتها أي مطالبة فعلية بمحاسبة أو مساءلة أو حتى تحفظ.
اللافت في المقابلة أيضا أن السفير يعيد إنتاج خطاب قديم يقول إن سوريا كانت "أكثر دولة عربية تعاملت مع الفلسطينيين بإنسانية"، دون أن يميز بين الدولة والنظام، ودون أن يوازن هذا المديح بالحقائق الدامغة عن الاعتقال، الحصار، التجويع، التهجير، والتجريد من الوثائق. إن إنكار هذه الحقائق -أو تجاهلها- لا يصنع رواية سياسية مسؤولة، بل يكرّس القطيعة مع الضحايا.
غياب الضحايا.. حضور الفصائل
المقابلة، رغم طولها، لم تأتِ على ذكر اسم معتقل فلسطيني واحد من الذين اختفوا في سجون النظام السوري السابق منذ 2011، ولم تتناول حتى رمزا إنسانيا كأطفال اليرموك الذين ماتوا جوعا، أو مسنّي درعا الذين هُجّروا مرارا، ولم يُطرح السؤال الأخلاقي والسياسي عن دور الفصائل الفلسطينية التي قاتلت مع النظام ضد أبناء جلدتها في المخيمات.
والأسوأ من الصمت هو التبرئة الضمنية: لا لوم، لا تقييم، لا مساءلة. وكأن الفصائل الموالية للنظام المجرم كانت تقوم بدورها الطبيعي، وكأن الفلسطيني الذي وقع تحت قصفها ليس جزءا من "القضية".
والمفارقة القاسية أن السفير يروي تجربته الشخصية كمعتقل سابق، لكنه لا يذكر كلمة واحدة عن آلاف المعتقلين الفلسطينيين في سجون النظام، وكأن جيل الضحايا الجديد غير معترف به سياسيا. هذا الصمت يعكس فصلا بين التجربة الشخصية والواجب الوطني، وهو صمت ثقيل لا تبرره الدبلوماسية ولا الواقعية السياسية.
ما الذي نحتاجه من الخطاب الرسمي؟
نحتاج إلى خطاب سياسي لا يغلق ملف اللاجئين داخل الحسابات التكتيكية للعلاقة مع الأنظمة، نحتاج إلى اعتراف شجاع أن الفلسطيني السوري ليس "ورقة ضغط"، ولا مجرد "رقم" في بيانات الإغاثة.
نحتاج إلى تمثيل حقيقي لمآسي فلسطينيي سوريا داخل منظمة التحرير الفلسطينية، وإلى جرأة في قول ما يجب أن يُقال، حتى لو أغضب بعض الحلفاء.
حين تُمثَّل الجهات الأربع.. ويغيب الصوت الواحد
السفير الرفاعي، في هذه المقابلة، لا يتحدث باسمه فقط، بل بصفته الرسمية التي تجمع أربع جهات أساسية في القرار الوطني الفلسطيني: فتح، والسلطة، ومنظمة التحرير، والسفارة. وهذا التداخل في المسؤوليات يعكس مركزية الرجل، لكنه في الوقت نفسه يُحمّله، ومعه هذه الجهات مجتمعة، مسؤولية مباشرة عن ضعف الحضور السياسي والحقوقي لقضية فلسطينيي سوريا.
لماذا غابت هذه الجهات مجتمعة عن:
- المطالبة بالإفراج عن المعتقلين في سجون النظام على مدار عقد ونيّف؟
- ماذا عن المطالبة بتفعيل الحماية القانونية للفلسطيني السوري في الدول المجاورة؟
- هل تم توفير بدائل للوثائق المتدهورة قانونيا؟
- أو حتى توثيق جرائم الحصار والتهجير والمنع من العودة؟
ما تم تجاهله هو جوهر المأساة: الإنسان الفلسطيني السوري، الذي يعيش اليوم بلا بيته في مخيمه، ومن دون حقوق مدنية كاملة، وبلا تمثيل حقيقي
لا يمكن لجهة تدّعي تمثيل الشعب الفلسطيني أن تتجاهل معاناة مئات آلاف الفلسطينيين السوريين لعقد كامل، ثم تعود لتحدثهم بلغة "الإخوة" و"الضيافة"، وكأن الماضي والحاضر لم يُحمّلهم كلفة حرب لم يخوضوها وخاضها ضدهم دعاة تمثيلهم!
أما الحديث عن انشقاقات الفصائل الموالية للنظام، فقد جاء وكأنه يسرد مشهدا داخليا بلا مسؤولية، وكأن هذه الفصائل لم تكن طرفا مباشرا في حصار وتجويع وتشريد الفلسطينيين. لم نسمع موقفا واضحا من منظمة التحرير -التي يمثلها السفير- تجاه هؤلاء، ولم يطرح سؤال العدالة لا كحق ولا كواجب.
ختاما..
ليست المشكلة في أن المقابلة لم تتحدث عن كل شيء -فهذه طبيعة اللقاءات السياسية- بل في أن ما تم تجاهله هو جوهر المأساة: الإنسان الفلسطيني السوري، الذي يعيش اليوم بلا بيته في مخيمه، ومن دون حقوق مدنية كاملة، وبلا تمثيل حقيقي.
لقد آن أوان أن نُعيد تعريف "الواجب الوطني" تجاهه، لا كشعارات عاطفية، بل كموقف أخلاقي وسياسي مسؤول. وهذا يبدأ، ببساطة، من السؤال: من يمثّل الفلسطيني السوري اليوم بحق؟ ومن يدافع عنه؟