تتسم الحيوانات بتنوع كبير في سلوكيات تقديم الهدايا، والتي تتراوح بين المغازلة وتعزيز الروابط الاجتماعية، مما يعكس تعقيد هذا السلوك في عالم الكائنات الحية.

من العقارب والعناكب إلى القردة والدلافين، يلجأ الذكور إلى تقديم الهدايا كوسيلة لجذب الإناث أو لتعزيز العلاقات مع أفراد آخرين. وقد أظهرت الأبحاث أن تقديم الهدايا لا يقتصر على التزاوج، بل يُستخدم أيضاً لبناء شبكات اجتماعية قوية.

وأكدت دراسة أجراها علماء في جامعة تورنتو بكندا أن هذا السلوك يشمل أنماطاً متنوعة ومعقدة.

على سبيل المثال، بين العناكب، يقدم الذكور هدايا مغلفة بخيوط الحرير مملوءة بمواد كيميائية لجذب الإناث. إذا قوبلت الهدية بالرفض، يعيد الذكر تغليفها بشكل أكثر إتقاناً لمحاولة أخرى. في بعض الحالات، يلجأ الذكور إلى الحيلة، حيث يقدمون هدايا ذات جودة منخفضة، مثل أجزاء من فريسة سبق تناولها جزئياً. دراسة كشفت أن 70% من الهدايا المقدمة من ذكور العناكب كانت مزيفة، تُستخدم كوسيلة لخداع الأنثى والسيطرة عليها.

أما في بعض الأنواع الأخرى، فإن تقديم الهدايا يتطلب تضحيات كبيرة. فذكر الجراد الصحراوي يسمح للأنثى بقضم أجنحته الخلفية خلال التزاوج، ما يحرمه من فرصة البحث عن شريكة جديدة. في المقابل، يقدم ذكر العنكبوت الأحمر حياته كهدية، حيث يسمح للأنثى بالتهام طرف بطنه أثناء التزاوج، ما يؤدي إلى وفاته لاحقاً.

هذه السلوكيات تكشف عن تنوع مذهل في الاستراتيجيات التي تستخدمها الحيوانات للتواصل والتفاعل، مما يبرز مدى تعقيد علاقاتها الاجتماعية.

هدية كهرمانية من العصر الحجري
في اكتشاف مذهل، توصلت عالمة الحشرات تشوفاي تانج من أكاديمية جيانجسو للعلوم الزراعية في الصين إلى مثال على تقديم الهدايا محفوظ في قطرة كهرمانية تعود إلى 99 مليون سنة. فقد اكتشف العلماء ذكر ذبابة من نوع ألافيشيا ممسكاً ببالون فارغ من المخاط، ما يثبت أن هذا السلوك قديم جداً.

تبادل الهدايا بين الحيوانات
لكن الهدايا لا تقتصر فقط على المغازلة والتزاوج. فقد كشفت دراسة أجريت عام 2013 أن البونوبو، وهو نوع من القردة العليا التي تشترك في 99% من جيناتها مع البشر، يتبادل الهدايا مع غرباء من نوع آخر من الحيوانات. على غرار البشر، يقدم البونوبو الطعام، مثل التفاح والموز، لأقرانه من غير المجموعة الخاصة به، في لفتة من الكرم الاجتماعي، حتى يتاح لهم التفاعل والتواصل وبناء علاقات جديدة.الهدايا بين الإنسان والحيوان
الهدية بين الحيوانات قد لا تكون مرتبطة دائماً بالرغبة في المغازلة أو التزاوج، بل قد تكون أداة لبناء العلاقات والتواصل الاجتماعي بين أفراد الأنواع المختلفة. في بعض الحالات، مثل ما تفعله الدلافين مع البشر، قد تكون الهدية مجرد وسيلة لإرضاء المتلقي ونقل مشاعر الإعجاب.
إذاً، من العقارب والعناكب إلى القرود والدلافين، لا يبدو أن تقديم الهدايا أمراً مقتصراً على البشر فقط، بل هو سلوك طبيعي بين العديد من الكائنات الحية، يعزز العلاقات الاجتماعية والتواصل بين أفراد الأنواع المختلفة.

صحيفة الخليج

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: تقدیم الهدایا

إقرأ أيضاً:

دراسة تكشف كيف نجا البشر الأوائل من ظروف البيئات القاسية

يُعد البشر الحيوان الوحيد الذي يعيش في جميع البيئات الممكنة تقريبًا، من الغابات المطيرة إلى الصحاري وصولًا إلى التندرا.

هذه القدرة على التكيف مهارة تعود إلى ما قبل العصر الحديث، فوفقًا لدراسة جديدة نشرت في مجلة "نيتشر"، فقد طور الإنسان العاقل القديم مرونة البقاء من خلال إيجاد الغذاء والموارد الأخرى في مجموعة واسعة من الموائل الصعبة قبل أن ينتشر من أفريقيا منذ حوالي 50000 عام.

قالت إليانور سكيري، عالمة الآثار التطورية في معهد ماكس بلانك لعلم الإنسان الجيولوجي في يينا، ألمانيا: "قوتنا العظمى هي أننا متخصصون في النظم البيئية".

كيف نجا البشر الأوائل من ظروف البيئات القاسية؟

تطور جنسنا البشري لأول مرة في أفريقيا منذ حوالي 300، 000 عام. وبينما تُظهر الاكتشافات الأحفورية السابقة أن بعض المجموعات قامت بغزوات مبكرة خارج القارة، فإن المستوطنات البشرية الدائمة في أجزاء أخرى من العالم لم تحدث إلا بعد سلسلة من الهجرات منذ حوالي 50، 000 عام.

قالت إميلي هاليت، عالمة الآثار بجامعة لويولا في شيكاغو، والمؤلفة المشاركة في الدراسة: "ما الذي اختلف في ظروف الهجرات الناجحة؟ لماذا كان البشر مستعدين هذه المرة؟".

بشر العصر الحجري حققوا تقدمًا تقنيًا مهمًا واحدًا

افترضت نظريات سابقة أن بشر العصر الحجري ربما حققوا تقدمًا تقنيًا مهمًا واحدًا أو طوروا طريقة جديدة لمشاركة المعلومات، لكن الباحثين لم يجدوا أدلة تدعم ذلك.

اتبعت هذه الدراسة نهجًا مختلفًا بالنظر إلى سمة المرونة نفسها.

جمع العلماء قاعدة بيانات للمواقع الأثرية التي تُظهر الوجود البشري في جميع أنحاء أفريقيا منذ 120000إلى 140000 عام. لكل موقع، وضع الباحثون نموذجًا للمناخ المحلي خلال الفترات الزمنية التي عاش فيها البشر القدماء.

قال هاليت: "كان هناك تغيير حاد في نطاق الموائل التي استخدمها البشر بدءًا من حوالي 70، 000 عام. لقد رأينا إشارة واضحة جدًا إلى أن البشر كانوا يعيشون في بيئات أكثر تحديًا وتطرفًا".

في حين أن البشر قد نجوا لفترة طويلة في السافانا والغابات، إلا أنهم انتقلوا إلى كل شيء من الغابات المطيرة الكثيفة إلى الصحاري القاحلة في الفترة التي سبقت 50000 عام، متطورين ما أسماه هاليت "مرونة بيئية أتاحت لهم النجاح".

كما أن هذه القفزة النوعية في القدرات مثيرة للإعجاب، فمن المهم ألا نفترض أن الإنسان العاقل وحده هو من فعل ذلك، كما قال عالم الآثار بجامعة بوردو، ويليام بانكس، الذي لم يشارك في البحث.

وأضاف أن مجموعات أخرى من أسلاف البشر الأوائل غادرت أفريقيا أيضًا وأقامت مستوطنات طويلة الأمد في أماكن أخرى، بما في ذلك تلك التي تطورت إلى إنسان نياندرتال الأوروبي.

وأضاف أن البحث الجديد يساعد في تفسير سبب استعداد البشر للتوسع عبر العالم في الماضي البعيد، لكنه لا يجيب على السؤال الدائم حول سبب بقاء جنسنا البشري فقط اليوم.

اقرأ أيضاًباستخدام مجسمات لحيوانات الغابة.. حفلات مفتوحة بالمنتجعات السياحية بالبحر الأحمر

باستخدام مجسمات لحيوانات الغابة.. حفلات مفتوحة بالمنتجعات السياحية بالبحر الأحمر

مقالات مشابهة

  • بالصور.. الهلال وسالزبورغ يتبادلان الهدايا التذكارية بين شوطي المباراة في واشنطن
  • علماء يكشفون كيف سيمتلك البشر قوى خارقة بحلول عام 2030!
  • كأس العالم للأندية.. الأهلي يتبادل الهدايا التذكارية في مأدبة عشاء
  • سم العقرب.. أمل واعد في مواجهة سرطان قاتل يصيب النساء
  • الأهلي يتبادل الهدايا التذكارية في مأدبة عشاء على هامش المونديال
  • دراسة تكشف كيف نجا البشر الأوائل من ظروف البيئات القاسية
  • برج العقرب .. حظك اليوم الأحد 22 يونيو 2025: تجنب المواجهات
  • أمر طوارئ بمنع إطلاق الاعيرة النارية في المناسبات بالنيل الابيض
  • برج العقرب حظك اليوم السبت 21 يونيو 2025 .. ‌كن عميقًا وصادقًا
  • ولأوروبا أيضا صوت يُسمع وسط ضجيج الحرب بين إيران وإسرائيل.. جهودٌ لنزع فتيل الانفجار