وول ستريت جورنال: بوادر تحسن في الاقتصاد السوري وطريق التعافي طويل
تاريخ النشر: 31st, December 2024 GMT
بعد أكثر من عقد من الحرب التي دمرت سوريا اقتصاديًا، تحاول القيادة الجديدة إعادة بناء البلاد وسط تحديات تشمل العقوبات الدولية، ونقص الخبرة وانعدام السيطرة على الموارد النفطية بحسب ما ذكرته صحيفة وول ستريت جورنال في تقرير حديث.
ووفقًا لتقرير الصحيفة، فإن بوادر انتعاش أولية بدأت بالظهور، لكن الطريق نحو التعافي لا يزال طويلًا ومعقدًا.
وتشير الصحيفة إلى أن الحرب التي استمرت لأكثر من 10 سنوات تركت الاقتصاد السوري في حالة انهيار، حيث فقدت البلاد مليارات الدولارات من عائدات النفط، والتي كانت تشكل تقريبًا نصف إيرادات التصدير السنوية، وبلغت ما تتراوح من 3 إلى 5 مليارات دولار قبل الحرب.
ومع تراجع قيمة الليرة السورية، ارتفعت تكلفة السلع الأساسية، وأصبح المواطنون يضطرون إلى حمل أكوام من النقود لدفع ثمن الاحتياجات اليومية.
وحاليًا، يحتاج الدولار الأميركي إلى 13 ألف ليرة سورية، مقارنة بـ 50 ليرة فقط قبل الحرب، مما يبرز تأثير التضخم الهائل بحسب الصحيفة.
ووفقًا للبنك الدولي، يعيش 75% من السكان على أقل من 3.65 دولارات يوميًا، بينما يعيش 33% في فقر مدقع بأقل من 2.15 دولار يوميًا.
وقد أدى ذلك -وفق وول ستريت جورنال- إلى اعتماد متزايد على السوق السوداء لتأمين الوقود والمواد الأساسية.
قطاع النفط والتحديات السياسيةوبحسب الصحيفة فقد خسرت سوريا السيطرة على معظم حقولها النفطية، التي تقع الآن تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية في الشمال الشرقي.
إعلانوأكد طارق عصفور، المسؤول عن إدارة الوقود في الشركة الحكومية المخصصة لتوزيع الوقود، أن استعادة السيطرة على هذه الحقول يمثل أولوية قصوى.
وقال عصفور في حديث للصحيفة: "إذا استعدنا السيطرة على حقول النفط، يمكننا تحقيق قدر من الاستقلال في الطاقة بدلا من الاعتماد شبه الكامل على الواردات".
وترى الصحيفة صعوبة في مسار سوريا الجديدة لرفع العقوبات مع استمرار تصنيف هيئة تحرير الشام كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، وهو ما يعقد جهود استقطاب الاستثمارات الدولية.
ويشير محمد حلاق، نائب رئيس غرفة تجارة دمشق إلى أن رفع العقوبات أمر ضروري لإعادة تشغيل النظام المصرفي وتحفيز النمو الاقتصادي، قائلا: "نحتاج إلى الخبرة التقنية، التكنولوجيا، والأهم من ذلك رفع العقوبات لكي نتمكن من المضي قدمًا".
تحسن نسبي في بعض القطاعاتورغم التحديات، لاحظت وول ستريت جورنال بعض بوادر التحسن في الاقتصاد السوري. على سبيل المثال، أسهمت إزالة الرسوم والرشاوى التي فرضها النظام السابق في خفض الأسعار، كما أصبحت الأدوية المستوردة أكثر توفرًا وأقل تكلفة.
وقالت ريما صبيح، صيدلانية في دمشق: "العملاء سعداء بالحصول على الأدوية الأجنبية بأسعار معقولة الآن. الأدوية السورية كانت تعاني من سمعة بأنها أقل فعالية، لكننا الآن قادرون على توفير خيارات أفضل".
وكما يشير التقرير إلى أن المنتجات الأجنبية، التي كانت تُهرب وتباع سرًا في السابق، تُعرض الآن بشكل علني في المتاجر.
وقال صالح مصطفى، صاحب متجر لبيع التبغ في دمشق، "يمكنك الاختيار مما تشاء، ولم يعد هناك خوف من عرض المنتجات الأجنبية".
مستقبل الاقتصاد السوريوتجعل التحديات الاقتصادية والسياسية الهائلة من إعادة الإعمار عملية معقدة. حيث يتطلب الأمر احتياطيات نقدية أجنبية لتثبيت العملة وتمويل الرواتب الحكومية، وهو ما يفتقر إليه البنك المركزي السوري حاليًا.
إعلانوأشارت رندا سليم، زميلة في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، إلى أن "احتياطات البنك المركزي منخفضة للغاية، مما يعرقل جهود إعادة الإعمار ودعم العملة".
رغم ذلك، هناك تفاؤل حذر بشأن المستقبل. حيث تعمل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على تقديم مساعدات إنسانية محدودة دون رفع العقوبات بالكامل، بينما أبدت تركيا اهتمامًا كبيرًا بالمشاركة في مشاريع إعادة الإعمار لتعزيز صناعاتها ومصالحها الجيوسياسية.
وأشار عمر ضاحي، أستاذ الاقتصاد في كلية هامبشاير إلى أن الوضع الحالي قد يؤدي إلى ظهور "قطاعات عامة متعددة" حيث تمول الدولة مشاريع كبيرة بشكل مستقل عن الحكومة المركزية.
وأضاف ضاحي: "السلام في سوريا هش للغاية، خاصة بالنظر إلى الاحتياجات الاقتصادية الملحة".
ورغم التفاؤل النسبي ببعض التحسن الاقتصادي، فإن استقرار سوريا يتطلب جهودًا دولية منسقة، وتخفيف العقوبات، وتعزيز الشفافية في إدارة الموارد، بحسب الصحيفة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات وول ستریت جورنال الاقتصاد السوری السیطرة على إلى أن
إقرأ أيضاً:
ما القطاعات المستفيدة من رفع العقوبات الأميركية على سوريا؟
دمشق– وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمرا تنفيذيا لإنهاء العقوبات على سوريا ليدخل حيز التنفيذ أول أمس الثلاثاء، حسبما أعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت.
يأتي ذلك بعد إعلان الرئيس دونالد ترامب نية بلاده رفع العقوبات عن سوريا خلال زيارته للسعودية في مايو/أيار الماضي.
وأفادت وزارة الخزانة الأميركية، عبر "مكتب مراقبة الأصول الأجنبية" (OFAC) بأنها نفذت القرار الصادر عن الرئيس دونالد ترامب، والقاضي برفع العقوبات الأميركية عن سوريا، "في خطوة تهدف إلى دعم الشعب السوري وحكومته الجديدة في جهودهم لإعادة إعمار البلاد، واغتنام فرصة التحول إلى دولة مستقرة ومزدهرة تنعم بالسلام الداخلي ومع دول الجوار" وفقا لبيان الوزارة.
وألغى الأمر التنفيذي الجديد الأوامر السابقة التي فرضت عقوبات شاملة على سوريا، مع الإبقاء على آليات المحاسبة المفروضة على نظام بشار الأسد المخلوع، متمثلة بإدراج 139 فردا وكيانا من المرتبطين بـ"النظام وسلطات إيران" ضمن قوائم العقوبات، "لضمان استمرار المحاسبة عن الانتهاكات التي ارتكبها النظام السابق" وفقا لبيان وزارة الخزانة الأميركية الصادر في 30 يونيو/حزيران الماضي.
وفي السياق نفسه، قام مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بشطب 518 فردا وكيانا كانوا مشمولين ببرنامج العقوبات على سوريا، وذلك كخطوة تهدف إلى رفع القيود عن الأفراد والجهات المحورية في عملية إعادة الإعمار، وتسهيل عمل الحكومة الجديدة، وترميم النسيج الاجتماعي في البلاد.
معظم القطاعات الحيويةيقول الخبير الاقتصادي أيمن عبد النور إن رفع العقوبات على سوريا شمل معظم القطاعات الحيوية في البلاد، متوقعا إلغاء الكونغرس قانون قيصر بشكل كامل، بعد أن أصبح في الوقت الحالي مجمّدا.
ويضيف عبد النور، في حديث للجزيرة نت، أن القرار الأخير أعاد فتح القطاعات كافة، بما فيها تلك التي كانت معطّلة منذ عام 1979، عقب تصنيف سوريا دولة راعية للإرهاب من قبل الولايات المتحدة.
إعلانويوضح أن التعديلات ألغت القيود المفروضة على استيراد السلع ذات الاستخدام المزدوج، وهي المواد التي يمكن أن تُستخدم في الأغراض المدنية والعسكرية، وترتبط غالبا بقطاعات الصناعة والتكنولوجيا، كما أصبحت السلع الأساسية مثل الغذاء والدواء والمستلزمات الطبية تُورّد من دون الحاجة إلى موافقات خاصة من وزارة الخزانة الأميركية.
ويشير الخبير عبد النور إلى أن العقوبات المفروضة على المصرف المركزي السوري والبنوك قد رُفعت، ما يتيح للحكومة السورية إجراء تحويلات مالية بالدولار، كما شمل رفع العقوبات قطاعات حيوية كقطاع الكهرباء والطاقة.
ويتوقع عبد النور أن يرتفع سعر صرف الليرة السورية خلال الفترة المقبلة، في ظل السماح المتوقع باستيراد البضائع والخدمات والمعدات، إضافة إلى احتمال تدفق استثمارات أميركية، ما قد يخفف الضغط على الدولار، لكنه شدد على أن هذا الأمر يتطلب إدارة حكومية فاعلة، خاصة من وزارة الاقتصاد والصناعة، لضمان تحقيق نتائج إيجابية ومستدامة على العملة المحلية.
مناخ مشجّعويرى الخبير أن أسواق العقارات والأسواق المالية قد تستفيد من هذه الخطوة من خلال زيادة الطلب والنشاط الاقتصادي، ما سينعكس على الأسعار تدريجيا، وإن لم يكن بشكل فوري.
ويلفت عبد النور إلى أن المرحلة المقبلة قد تشهد تدفقا في الاستثمارات والأموال إلى قطاعات النفط، والصناعة، والزراعة، والتمويل، والمصارف، ما قد يترك أثرا إيجابيا مباشرا على الاقتصاد السوري.
من جهته يقول الخبير الاقتصادي أدهم قضيماتي إن قرار رفع العقوبات عن سوريا من شأنه أن يخلق مناخا مشجعا للتجار والشركات، خاصة العالمية منها، لاستئناف التعامل مع سوريا والكيانات الاقتصادية المرتبطة بالحكومة السورية الجديدة.
ويضيف قضيماتي، في حديث للجزيرة نت، أن هذا الانفتاح سيساهم في إعادة ربط البنوك السورية، العامة والخاصة، بالاقتصاد العالمي، ما يمهد الطريق أمام تدفق الاستثمارات الإقليمية والدولية من دون الخشية من التعرض لعقوبات أميركية أو دولية.
ويتوقع أن تدخل شركات عالمية إلى السوق السورية، بالتزامن مع استعداد حكومات ومؤسسات دولية للتعاون مع الحكومة، خصوصا فيما يتعلق بإعادة تأهيل البنية التحتية وتطويرها، بما في ذلك القطاع المصرفي.
ويشير إلى أن الشركات العاملة في قطاع الطاقة، لا سيما تلك المعنية بالتنقيب عن النفط والغاز، قد تجد فرصة حقيقية للاستثمار في سوريا، في ظل الحاجة الملحة إلى تأمين المشتقات النفطية لتلبية الطلب المحلي.
تحدياتوحول التحديات التي تواجه الحكومة السورية للاستفادة من هذه الإمكانيات، يقول قضيماتي إن معظم هذه التحديات تتعلق بإعادة هيكلة الأنظمة والقوانين الاقتصادية، وتطوير البنية التحتية اللازمة للتعامل مع البنوك والمؤسسات المالية الدولية.
ويضيف أن رفع العقوبات أتاح للحكومة فرصة التعاون مع المنظمات الدولية المعنية بالنظام المالي العالمي، من أجل تحديث القوانين وتنفيذ إصلاحات تصب في بناء اقتصاد عصري يعتمد على بنية تحتية متطورة.
ويؤكد قضيماتي أن ثمة مكاسب مباشرة للتجار السوريين، من أبرزها القدرة على تصدير المنتجات المحلية إلى الخارج، مع إمكانية الحصول على شهادات دولية كانت محظورة في السابق.
إعلانويقول إن سوريا قد تستفيد كذلك من المنح والقروض الدولية، بعد أن بدأ بعضها في التحقق فعليا، وإن لم يصل بعد إلى المستوى المنشود.