الخرطوم- تشهد عدة مدن سودانية مواجهات عسكرية عنيفة بين الجيش وقوات الدعم السريع تستخدم فيها الأسلحة الثقيلة سيما الطيران الحربي والمدفعية الموجهة، وتركزت في مدن الفاشر والخرطوم وولاية الجزيرة.

وقالت مصادر عسكرية للجزيرة نت إن طيران الجيش السوداني شن ضربات جوية عنيفة على مواقع قوات الدعم السريع بالخرطوم، وأوضحت أن القصف استهدف جنوب الخرطوم عند نقطة مجمع ساريا السكني وأوقع خسائر وصفت بالكبيرة.

كما قصفت مقاتلة حربية مواقع قوات الدعم بضاحية العزبة شمال شرق بحري، وتلا ذلك قصف مدفعي من الجيش على مواقع الدعم السريع ببحري التي تشهد معارك مستمرة بين الجيش الساعي لفك حصار قيادته العامة وقوات الدعم السريع التي تستميت في الدفاع عن مواقعها شمال القيادة العامة وتسعى لإيقاف تقدم الجيش عبر استخدام القناصة والكمائن.

في الأثناء، قصفت مسيرة لقوات الدعم قاعدة حطاب العملياتية التابعة للجيش السوداني وأوقعت خسائر في الأرواح، بحسب مصادر عسكرية.

معارك الوسط والفاشر

في وسط البلاد، تشهد ولاية الجزيرة اشتباكات مستمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع، إذ يسعى الجيش للتوغل نحو مدينة ودمدني الخاضعة لسيطرة قوات الدعم.

وتدور المعارك بحسب مصادر تحدثت للجزيرة نت شرق وجنوب ود مدني، وقالت مصادر إن الجيش اشتبك -فجر اليوم الثلاثاء- مع قوات الدعم السريع ببلدة الشبارقة الواقعة على بعد 20 كيلومترا شرق ود مدني، كما تقدم الجيش وفرض سيطرته على بلدة الحرقة شرق مدني بعد معارك مع قوات الدعم.

إعلان

من جانب آخر، تشهد ولاية شمال دارفور غربي البلاد معارك مستمرة بين الجيش المسنود بالقوة المشتركة لحركات سلام جوبا من جهة، وقوات الدعم السريع من جهة أخرى.

وتطورت المعارك حيث امتدّت إلى عمق الصحراء في دارفور سيما في الزرق ود شريفي والمالحة، وذكرت القوة المشتركة في بيان أنها أوقعت قوات الدعم في كمين محكم تمكنت خلاله من إلحاق خسائر بقوات الدعم من بينها مقتل ضباط كبار.

وفي مدينة الفاشر قصفت قوات الدعم السريع قيادة الجيش بالمدفعية الثقيلة -فجر اليوم- في حين قصف الطيران الحربي مواقع الدعم السريع شمال شرق المدينة.

وتعاني الفاشر أوضاعا إنسانية بالغة التعقيد سيما بعد تحول المدينة لميدان للمعارك مما خلف مئات الضحايا وسط المدنيين.

غزو أجنبي

وقال مني إركو مناوي حاكم إقليم دارفور ورئيس حركة جيش تحرير السودان، إن ما يحدث في السودان غزو أجنبي باستخدام أصابع سودانية بغرض تفكيك الدولة السودانية.

ودعا مناوي -في خطاب اليوم- جميع السودانيين للعمل سويا من أجل الحفاظ على وحدة البلاد وسيادتها وإعادة مؤسساتها وحدودها الدولية كاملة، من ثم يتفق الجميع على رؤية لحوار وطني شامل قبل الجلوس مع قيادة الدولة من أجل إخراج البلاد من المأزق الحالي.

وشدد مناوي على ضرورة التفريق بين الحرب والاستهداف المندرج تحت جرائم الحرب التي أصبحت السمة الرئيسية في عمليات الدعم السريع، وقال "لن نتنازل عن موقفنا حتى نرى سودانا موحدا آمنا مستقرا ينعم فيه الإنسان السوداني بالسلام والعدل".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات وقوات الدعم السریع قوات الدعم السریع بین الجیش

إقرأ أيضاً:

ماذا تعني تلميحات مناوي بإمكانية تواصله مع الدعم السريع؟

الخرطوم- أثارت تصريحات حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي التي ألمح فيها إلى إمكانية التواصل مع قوات الدعم السريع تساؤلات على المستوى السياسي والشعبي.

وقال مناوي في ختام اجتماع اللجنة السياسية للكتلة الديمقراطية "سنظل في تواصل مع المجتمع الدولي، والقوى السياسية، حتى الدعم السريع إذا وجدنا له رؤية معقولة".

ودفع هذا الموقف المراقبين والمحللين إلى البحث عن خلفياته وتداعياته، وتحدثت الجزيرة نت إلى عدد من المحللين لتستطلع آراءهم بشأن تصريحات مناوي الجديدة.

مناوي (يمين) أكد في ختام اجتماع اللجنة السياسية للكتلة الديمقراطية انفتاحه على الحوار مع الدعم السريع (الجزيرة)دعوة مشروطة

يشغل مناوي منصب حاكم إقليم دارفور المكون من 5 ولايات منذ العام 2021 بعد توقيع اتفاق سلام جوبا، وهو قائد حركة جيش تحرير السودان، التي تقاتل بجانب القوات المسلحة السودانية في حربه الحالية، وهو رئيس اللجنة السياسية بتحالف الكتلة الديقراطية.

ويرى المحلل السياسي أحمد موسى عمر أن تصريحات مناوي لا تبتعد كثيرا عن رؤية الحكومة في التزامها بترك باب الحلول مفتوحا، في حال التزامه بمخرجات اتفاق جدة لإحلال السلام في السودان، الذي وقّعت عليه المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية والسودان في 20 مايو/أيار 2023، مع ممثلين للقوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع.

وقال في تصريحات للجزيرة نت إن السياق الذي خرج فيه تصريح مناوي هو رؤية للقطاع السياسي للكتلة الديمقراطية وليس رؤية فردية للقائد أو رؤية جماعية لحركته ولا تمثل الدولة.

وأكد أن الحوار مع الدعم السريع لن يكون مُلزما للحكومة السودانية "فهو وإن تم؛ قبل مرحلة الحوار الحكومي، يُهيَأ له باتفاق حول رؤية مقبولة ومعقولة يمكن أن تلعب فيها الكتلة دور الوسيط بين الجيش والدعم السريع؛ بمعنى أن يكون حوارا إجرائيا أكثر من أن يكون حوارا يؤدي لحلول".

إعلان

ويوضح موسى أن الحوار مع الدعم السريع مربوط بتقديمه "رؤية معقولة" لوقف الحرب، وهي دعوة للحوار تنتظر مبادرة الدعم السريع بتقديم ما يمكن أن يكون معقولا، ويشير إلى أن قبول الدعم السريع هذه الدعوة يعتبر فتح باب حوار يؤسس لتسوية سياسية.

وقال إن مناوي ربط جدية الحوار بأن يناقش موقف الحرب؛ "وفي هذا الأمر الكلمة الأخيرة للجيش السوداني، الأمر الذي يضع الكتلة الديمقراطية في موضع الوسيط".

ويوضح أن الكتلة الديمقراطية لديها التزام بتهدئة الأوضاع وفتح المسارات الإنسانية في دارفور، ولتحقيق هذا الأمر تُقدم "دعوة مشروطة للدعم السريع لتقديم رؤية معقولة تصلح لعرضها على الأجهزة الرسمية، "كما أن الأمر لا يخلو من حسابات إقليمية ودولية خاصة حسب قوله".

فواعل دولية

وتشكل مدينة الفاشر أهمية إستراتيجية بالغة الأهمية للجيش السوداني؛ إذ فيها آخر معاقل الجيش في دارفور، كما أنها تشكل مقر قيادة القوات المشتركة، وتمثل خط الدفاع الأول عن مدينة الأبيض، كما يعني سقوطها سيطرة الدعم السريع على كامل ولايات دارفور.

من جهته، يقرأ مدير مركز العاصمة للدراسات السياسية والإستراتيجية، المحلل السياسي حسن شايب تصريح مناوي بأنه ليس موضوعيا ولا منهجيا في طرح قضية لم يناقشها هو في مجلسي السيادة والوزراء "بصفته أحد شركاء الحكم الآن".

ويرى شايب في تصريح خاص للجزيرة نت أن مناوي لم يفصح عن الكثير فيما يتعلق بمثل هذه التصريحات، وتساءل عن سبب عدم طرح هذا الأمر أمام مجلس السيادة ومجلس الوزراء، وطرحه للشارع السوداني.

وقال إن مثل هذه التصريحات تمثل نوعا من الممارسة السياسية غير الراشدة، وإن أية تسوية سياسية شاملة داخل السودان لا بد أن يكون فيها مركز صنع القرار، ولا يمكن لمناوي أن يقوم بها وحده.

وأضاف أن أي تسوية سياسية "لا تؤدي إلى خروج هذه المليشيا من المشهد السياسي والعسكري لا يمكن تسميتها تسوية، لأن ما أحدثه الدعم السريع لم يترك خط رجعة للخلف، ولم يترك مساحة لقبوله في المشهد السياسي من قبل الشعب السوداني"، ويرى أن الحديث عن أي تسوية سياسية في الوقت الراهن ربما يكون نتيجة ضغوط خارجية كبيرة، مشيرا إلى إلغاء اجتماع الرباعية.

وتابع أن الفواعل الدولية والإقليمية موجودة في السودان ولديها تأثير كبير في هذا الملف، كما أن صراع المحاور، يمكن أن يشكل ضغطا مع استخدام سياسة العصا والجزرة، مؤكدا أن مسار الحرب في دارفور والتعامل مع الأوضاع الإنسانية هناك يحتاج إلى رؤية ثاقبة، وأنه يجب أن يكون لدى الدولة السودانية رؤية واضحة لفك الحصار عن الفاشر سواء كان ذلك من خلال الرؤية العسكرية أو السياسية.

مرونة أم انعدام تأثير؟

ويصف المحلل السياسي وليد النور، مناوي بأنه "أكثر شخصية سياسية مثيرة للجدل" وأنه "أكثر شخصية تجيد التصريح والتصريح المناقض له في الموقف وفي الاتجاه".

وقال إن تصريحاته الأخير تُعد كسابقاتها؛ وهي لن تؤثر ولن تفتح بابا أمام التسوية السياسية في السودان، لأن التسوية السياسية تحتاج إلى إرادة حقيقية "وليست مزايدات"، ولن تحدث الكثير من الإيجابية.

ولا يتوقع النور أن تتأثر مجريات الحرب بمثل تلك التصريحات؛ فهي تتأثر فقط بمجريات الطبيعة والإرادة السياسية الحقيقية وبالضغط الدولي على الأطراف المتحاربة.

إعلان

أما رئيس تحرير موقع "قلب أفريقيا" الإخباري لؤي عبد الرحمن، فيقول إن في تصريحات مناوي الأخيرة "مرونة سياسية" لا توجد في غالبية السياسيين السودانيين؛ كونهم يتمسكون بمواقفهم، وإن مناوي حاول من خلال تصريحاته أن يرسل رسالة بأنه مرن، وأنه حمل البندقية ليس غاية وإنما وسيلة لواقع أفضل سواء كان لدارفور أو للسودان.

واستبعد أن تمثل هذه التصريحات تغييرا في مواقفه السابقة، ووصف تلك التصريحات بأنها "بادرة طيبة باتجاه السلام، وضوء أخضر للحكومة السودانية للمضي قدما في التفاوض مع مليشيا الدعم السريع".

ورجح لؤي في تصريح خاص للجزيرة نت، أن تزيل مثل هذه الخطوة الحرج عن كثير ممّن كانوا يترددون في طرح مثل هذه المواقف التي تدعو للسلام والحوار، والتفاوض بين السودانيين.

وقال إن هذه التصريحات تعكس جدية مناوي باتجاه السلام، وهي محاولة لمحو الانطباع المشوه عنه الذي كان في السابق في نظام الإنقاذ وما بعد ذلك.

واستبعد أن يكون لمثل تلك التصريحات تأثير على الواقع الميداني للعمليات، وتوقع أنها ربما تساعد في دفع الحكومة باتجاه المفاوضات والعملية السلمية، وتسهم في تهدئة الأوضاع في دارفور وربما تقود إلى سلام شامل.

مقالات مشابهة

  • حاكم غرب بحر الغزال: عبور عناصر من الدعم السريع إلى جنوب السودان دون إذن رسمي أثار الذعر ونزوح السكان
  • ماذا تعني تلميحات مناوي بإمكانية تواصله مع الدعم السريع؟
  • الاتحاد الإفريقي يحذر من تقسيم السودان ويرفض الاعتراف بالحكومة الموازية لـالدعم السريع
  • حملة أمنية باكستانية في مقاطعة باجور
  • مناوي: مستعدون للتواصل مع “الدعم السريع” في هذه الحالة…
  • الجيش السوداني يقصف وقوة من “الدعم السريع” تغادر مدينة مهمة في كردفان
  • فارون من انتهاكات “الدعم السريع”.. مصرع وإصابة 27 نازحا من الفاشر
  • إعادة دفن جثامين من “الدعم السريع” في الخرطوم
  • منشق عن “الدعم السريع” يكشف معلومات خطيرة
  • حكومة موازية في نيالا.. ماذا تعرف عن خريطة نفوذ الدعم السريع في دارفور؟