الجيش يحاصر ود مدني من «3» محاور .. تفاصيل واقع الأوضاع على الأرض
تاريخ النشر: 10th, January 2025 GMT
في تطور ميداني جديد استعاد الجيش السُّوداني برفقة قوات درع السُّودان بقيادة أبو عاقلة كيكل و القوات المشتركة لحركات دارفور المًسلحة مناطق جديدة بولاية الجزيرة من قبضة الدعم السريع الذي خسر دفاعاته المتقدمة في ثلاث محاور وبات محاصراً في عاصمة ولاية الجزيرة ود مدني.
ود مدني/الشبارقة ـــ التغيير
و صباح اليوم الجمعة تمكنت قوات درع السودان بقيادة أبو عاقلة كيكل المنشق عن الدعم السريع بمساندة الطيران الحربي للجيش من السيطرة على رئاسة محلية أم القرى شرق ود مدني بعد معارك ضارية استمرت ليومين وقبلها استعاد القريتين «34 و35» بذات المحلية ومن ثم تقدمت قواته حتى منطقة “ود الأبيض” التي استولت عليها ظهر اليوم و مطاردة قوات الدعم السريع حتى كبري “ود المهيدي” 29 كيلو متر شرق ود مدني.
وفي الـ من 7 ديسمبر الماضي، سيطرت قوات الدعم السريع على مدينة أم القرى من قبضة الجيش الذي تمكن من الإستيلاء عليها لأيام قليلة قبل أن ينسحب بعد هجوم عسكري عنيف تعرض له.
ووقتها أعلن قائد قوات درع السُّودان أبوعاقلة كيكل من أمام رئاسة المحلية سيطرتهم على مدينة أم القرى، وبثت منصات تابعة للجيش مقاطع فيديو لانتشار الجيش في البلدة الواقعة على بعد 40 كيلو متر شرقي مدينة ودمدني عاصمة ولاية الجزيرة.
و قالت مصادر مطلعة لـ «التغيير» أن معارك عنيفة تدور بين الجيش وقوات الدعم السريع في القرى القريبة من مدينة ود مدني حاضرة ولاية الجزيرة، وأكدت أن الجيش فرض حصار على ود مدني من ثلاثة اتجاهات، متحرك من محور سنار وصل منطقة “الشكابات” وقوات من المناقل اقتربت من “بيكة” وجيش الشرقيه تجاوز منطقة الشبارقه بجانب قوات درع السودان في محلية أم القرى ما دفع الدعم السريع إلى التراجع و التمركز في مناطق “أبو الحسن والفعج البشير” المحازية للطريق القومي الشرقي “الخرطوم ـــ ود مدني”.
وسيطرت قوات الدعم السريع في ديسمبر 2023 على الجزء الأكبر من ولاية الجزيرة بما في ذلك عاصمتها مدينة ود مدني، ولاحقت القوات اتهامات بارتكاب انتهاكات واسعة طالت المدنيين شملت القتل والنهب والاغتصاب والإخفاء القسري وتدمير المرافق الخدمية.
الأوضاع داخل ود مدنيو تسود عاصمة ولاية الجزيرة حالة من الخوف و القلق و الترقب وسط المدنيين المحاصرين داخل المدينة حيث يوجد عدد كبير جداً من المواطنين العالقين لم يتمكنوا من مغادرة “ود مدني” بعد أن فرضت قوات الدعم السريع قيوداً على الحركة ومنع المدنيين من مغادرة المدينة.
وقال شهود عيان من مدينة ود مدني لـ «التغيير» إن المواطنين في رعب وقلق كبيرين نتيجة لتدهور الأوضاع منذ أكثر من ثلاثة أيام، وتعاظمت مخاوفهم من تأثير المعارك التي تدور في محيط المدينة من ثلاثة إتجاهات، و أشار إلى أنّ الطيران الحربي للجيش ظل منذ أيام يُنفّذ غارات جوية متوالية على المدينة، وقال :”تحولت ود مدني إلى مدينة أشباح يلفها الظلام الحالك و انعدمت الحركة في الشوارع تماماً حتى في ساعات النهار و إلتزم المواطنين منازلهم بعد أن أغلقت الأسواق و حتى المتاجر في الأحياء”، وأوضح شهود العيان أن قوات الدعم السريع جمعت مُعظم أجهزة الإتصال «إستارلينك» من المواطنين بالتزامن من تقدم الجيش ومحاصرة المدينة فضلاً عن تهديدها بمعاقبة و تصفية كل من يتم ضبط جهاز «إستارلينك» بحوزته بوصفه متعاوناً من الجيش.
الأوضاع على الأرضأحكم متحرك الفاو الشرقي للجيش و القوات المشتركة صباح اليوم الجمعة سيطرته على منطقة الشبارقة “39” كيلو شرق و د مدني و أستولى عليها أمس الخميس بعد معركة طاحنة، و جاء هذا التقدم بعد نجاح متحرك الفاو الشرقي من السيطرة على “الشريف يعقوب”، البُقاصة”، “التنوبة” و عدد من القرى المجاورة، و تزامن هذا التقدم مع معارك ضارية في الجهة المحازية لمحلية “أم القرى” و التي تمكنت قوات درع السودان بقيادة أبو عاقلة كيكل من الإستيلاء عليها صباح اليوم الجمعة بعد معارك استمرت ليومين.
و ساهمت قوات درع السودان بصورة كبيرة في تأمين متحرك الفاو الشرقي وسبق أن تمكنت قوات الدعم السريع أكثر من مرة من الإلتفاف على الجيش و المشتركة عبر محور أم القرى ونصب كمين له بإستدراجه إلى “الشبارقة” و الإلتفاف عليه و محاصرته و تكبيده خسائر عديدة و إجباره على التراجع إلى إرتكازاته الرئيسية في منطقة “الخياري” 60 كيلو متر شرق ود مدني، و بسيطرته “درع السودان” على أم القرى.
وقال شهود عيان لـ «التغيير» من الشبارقة إن الجيش بسط سيطرته على المنطقة تماماً ووزّع إرتكازاته منذ مساء الأمس، و أوضح أن قوات الجيش شرعت في تفتيش المنازل بصورة دقيقة بحثاً عن المتعاونين و السلاح، وأكد أنها ضبطت كمية كبيرة من الأسلحة موزعة على المنازل الطرفية التي هجرها أهلها منذ فترة بعضهم غادر المنطقة و الآخر انتقل إلى داخل الشبارقة، و أكد أن قوات كبيرة من الجيش تحركت ظهر اليوم إلى منطقتي “الدومة”و “الدناقلة”.
و تمُهد سيطرة الجيش على الشبارقة و درع السودان على “ام القرى” و “ود الأبيض” إلى إلتقاء القوات في منطقة “العريباب” أقل من 16 كيلو شرق مدني، و تُعد “العريباب” البوابة الشرقية لعاصمة الولاية و مدني و تفصلها حوالي “5” كيلو من حنتوب أولى أحياء مدينة ود مدني.
متحرك سنار و مناقلوأكد مصدر لــ «التغيير» أن المتحرك الغربي للجيش القادم من المناقل وصل قرية “بيكة” 4 كيلو متر جنوب ود مدني، و أمس أستطاعت قوات الجيش من الإستيلاء على منطقة “الوراق أبو سنينة” وقبلها على مناطق «الطلحة ود الطريفي»، «الكمر الجعلين»، «كبري السليمى» «كبري 57» و وصلت حتى منطقة «مهلة» 13 كيلو متر غرب ود مدني، قبيل أن تتمركز ظهر اليوم في “بيكة”.
و لكن تواجه الجيش عقبة كبيرة في منطقة “بيكة” التي يفصلها عن ود مدني قناة رئيسية لمشروع الجزيرة حيث يوجد بها مدخل “كبري” صغير يعد المنفذ الرئيس للعبور إلى ود مدني تسيطر عليه قوات الدعم السريع فضلاً عن نشرها قناصين بالقرب من المناطق المتاخمة إلى “بيكة” حتى حي “الكريبة” أول أحياء ود مدني من الناحية الغربية.
فيما واصل متحرك سنار الجنوبي سيطرته على منطقتي «الحاج عبد الله» و «الشكابة النور» 40 كيلو متر جنوب ود مدني.
وأتت هذه التحركات عقب زيارة نائب القائد العام للجيش شمس الدين كباشي، إلى ولايتي الجزيرة وسنار صباح الثلاثاء الماضي ووقوفه على سير العمليات العسكرية ومنح الضوء الأخضر للجيش بالتحرك إلى ود مدني.
الوسومأم القرى الجزيرة الجيش الدعم السريع بشارقة كيكل وكد مدنيالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: أم القرى الجزيرة الجيش الدعم السريع كيكل
إقرأ أيضاً:
ماذا تعني تلميحات مناوي بإمكانية تواصله مع الدعم السريع؟
الخرطوم- أثارت تصريحات حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي التي ألمح فيها إلى إمكانية التواصل مع قوات الدعم السريع تساؤلات على المستوى السياسي والشعبي.
وقال مناوي في ختام اجتماع اللجنة السياسية للكتلة الديمقراطية "سنظل في تواصل مع المجتمع الدولي، والقوى السياسية، حتى الدعم السريع إذا وجدنا له رؤية معقولة".
ودفع هذا الموقف المراقبين والمحللين إلى البحث عن خلفياته وتداعياته، وتحدثت الجزيرة نت إلى عدد من المحللين لتستطلع آراءهم بشأن تصريحات مناوي الجديدة.
يشغل مناوي منصب حاكم إقليم دارفور المكون من 5 ولايات منذ العام 2021 بعد توقيع اتفاق سلام جوبا، وهو قائد حركة جيش تحرير السودان، التي تقاتل بجانب القوات المسلحة السودانية في حربه الحالية، وهو رئيس اللجنة السياسية بتحالف الكتلة الديقراطية.
ويرى المحلل السياسي أحمد موسى عمر أن تصريحات مناوي لا تبتعد كثيرا عن رؤية الحكومة في التزامها بترك باب الحلول مفتوحا، في حال التزامه بمخرجات اتفاق جدة لإحلال السلام في السودان، الذي وقّعت عليه المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية والسودان في 20 مايو/أيار 2023، مع ممثلين للقوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع.
وقال في تصريحات للجزيرة نت إن السياق الذي خرج فيه تصريح مناوي هو رؤية للقطاع السياسي للكتلة الديمقراطية وليس رؤية فردية للقائد أو رؤية جماعية لحركته ولا تمثل الدولة.
وأكد أن الحوار مع الدعم السريع لن يكون مُلزما للحكومة السودانية "فهو وإن تم؛ قبل مرحلة الحوار الحكومي، يُهيَأ له باتفاق حول رؤية مقبولة ومعقولة يمكن أن تلعب فيها الكتلة دور الوسيط بين الجيش والدعم السريع؛ بمعنى أن يكون حوارا إجرائيا أكثر من أن يكون حوارا يؤدي لحلول".
إعلانويوضح موسى أن الحوار مع الدعم السريع مربوط بتقديمه "رؤية معقولة" لوقف الحرب، وهي دعوة للحوار تنتظر مبادرة الدعم السريع بتقديم ما يمكن أن يكون معقولا، ويشير إلى أن قبول الدعم السريع هذه الدعوة يعتبر فتح باب حوار يؤسس لتسوية سياسية.
وقال إن مناوي ربط جدية الحوار بأن يناقش موقف الحرب؛ "وفي هذا الأمر الكلمة الأخيرة للجيش السوداني، الأمر الذي يضع الكتلة الديمقراطية في موضع الوسيط".
ويوضح أن الكتلة الديمقراطية لديها التزام بتهدئة الأوضاع وفتح المسارات الإنسانية في دارفور، ولتحقيق هذا الأمر تُقدم "دعوة مشروطة للدعم السريع لتقديم رؤية معقولة تصلح لعرضها على الأجهزة الرسمية، "كما أن الأمر لا يخلو من حسابات إقليمية ودولية خاصة حسب قوله".
فواعل دولية
وتشكل مدينة الفاشر أهمية إستراتيجية بالغة الأهمية للجيش السوداني؛ إذ فيها آخر معاقل الجيش في دارفور، كما أنها تشكل مقر قيادة القوات المشتركة، وتمثل خط الدفاع الأول عن مدينة الأبيض، كما يعني سقوطها سيطرة الدعم السريع على كامل ولايات دارفور.
من جهته، يقرأ مدير مركز العاصمة للدراسات السياسية والإستراتيجية، المحلل السياسي حسن شايب تصريح مناوي بأنه ليس موضوعيا ولا منهجيا في طرح قضية لم يناقشها هو في مجلسي السيادة والوزراء "بصفته أحد شركاء الحكم الآن".
ويرى شايب في تصريح خاص للجزيرة نت أن مناوي لم يفصح عن الكثير فيما يتعلق بمثل هذه التصريحات، وتساءل عن سبب عدم طرح هذا الأمر أمام مجلس السيادة ومجلس الوزراء، وطرحه للشارع السوداني.
وقال إن مثل هذه التصريحات تمثل نوعا من الممارسة السياسية غير الراشدة، وإن أية تسوية سياسية شاملة داخل السودان لا بد أن يكون فيها مركز صنع القرار، ولا يمكن لمناوي أن يقوم بها وحده.
وأضاف أن أي تسوية سياسية "لا تؤدي إلى خروج هذه المليشيا من المشهد السياسي والعسكري لا يمكن تسميتها تسوية، لأن ما أحدثه الدعم السريع لم يترك خط رجعة للخلف، ولم يترك مساحة لقبوله في المشهد السياسي من قبل الشعب السوداني"، ويرى أن الحديث عن أي تسوية سياسية في الوقت الراهن ربما يكون نتيجة ضغوط خارجية كبيرة، مشيرا إلى إلغاء اجتماع الرباعية.
وتابع أن الفواعل الدولية والإقليمية موجودة في السودان ولديها تأثير كبير في هذا الملف، كما أن صراع المحاور، يمكن أن يشكل ضغطا مع استخدام سياسة العصا والجزرة، مؤكدا أن مسار الحرب في دارفور والتعامل مع الأوضاع الإنسانية هناك يحتاج إلى رؤية ثاقبة، وأنه يجب أن يكون لدى الدولة السودانية رؤية واضحة لفك الحصار عن الفاشر سواء كان ذلك من خلال الرؤية العسكرية أو السياسية.
مرونة أم انعدام تأثير؟ويصف المحلل السياسي وليد النور، مناوي بأنه "أكثر شخصية سياسية مثيرة للجدل" وأنه "أكثر شخصية تجيد التصريح والتصريح المناقض له في الموقف وفي الاتجاه".
وقال إن تصريحاته الأخير تُعد كسابقاتها؛ وهي لن تؤثر ولن تفتح بابا أمام التسوية السياسية في السودان، لأن التسوية السياسية تحتاج إلى إرادة حقيقية "وليست مزايدات"، ولن تحدث الكثير من الإيجابية.
ولا يتوقع النور أن تتأثر مجريات الحرب بمثل تلك التصريحات؛ فهي تتأثر فقط بمجريات الطبيعة والإرادة السياسية الحقيقية وبالضغط الدولي على الأطراف المتحاربة.
إعلانأما رئيس تحرير موقع "قلب أفريقيا" الإخباري لؤي عبد الرحمن، فيقول إن في تصريحات مناوي الأخيرة "مرونة سياسية" لا توجد في غالبية السياسيين السودانيين؛ كونهم يتمسكون بمواقفهم، وإن مناوي حاول من خلال تصريحاته أن يرسل رسالة بأنه مرن، وأنه حمل البندقية ليس غاية وإنما وسيلة لواقع أفضل سواء كان لدارفور أو للسودان.
واستبعد أن تمثل هذه التصريحات تغييرا في مواقفه السابقة، ووصف تلك التصريحات بأنها "بادرة طيبة باتجاه السلام، وضوء أخضر للحكومة السودانية للمضي قدما في التفاوض مع مليشيا الدعم السريع".
ورجح لؤي في تصريح خاص للجزيرة نت، أن تزيل مثل هذه الخطوة الحرج عن كثير ممّن كانوا يترددون في طرح مثل هذه المواقف التي تدعو للسلام والحوار، والتفاوض بين السودانيين.
وقال إن هذه التصريحات تعكس جدية مناوي باتجاه السلام، وهي محاولة لمحو الانطباع المشوه عنه الذي كان في السابق في نظام الإنقاذ وما بعد ذلك.
واستبعد أن يكون لمثل تلك التصريحات تأثير على الواقع الميداني للعمليات، وتوقع أنها ربما تساعد في دفع الحكومة باتجاه المفاوضات والعملية السلمية، وتسهم في تهدئة الأوضاع في دارفور وربما تقود إلى سلام شامل.