بعد احتلال الضفة الغربية العام 1967 جاء الى حارتنا في جناعة عجوز وزوجته، يرتدي قبعة مدورة «برنيطة». قميص الرجل كان كحديقة مشجراً مائلا الى الاخضرار فوق سروال قصير كاكي بلون الارض. اما زوجته المسنة فكان فستانها ازرق قصير الاكمام موشحا بالبياض كطيور مهاجرة.
كلاهما كان وجهاهما أحمرين كحبتي مشمش لفحتهما الشمس.
ما ان رأى الرجلان بعضهما، وبدون كلام، تعانقا عناقا طويلا مبللا بدموعهما فيما نحن الاولاد ننظر بدهشة اليهما. كانت زوجة الرجل هي الاخرى تنظر لكن بفرح اعادها ثلاثين سنة الى الوراء. «يللا يا اولاد، روحوا لبيوتكم « صاح بنا ابوخليل و.. استفرد هو وعائلته بالرجل الاجنبي الاحمر و زوجته المسنة.
في المساء تداول اهل الحارة الحكاية:
الرجل يهودي الماني هرب وأهله من النازية الى فلسطين وابو خليل فلسطيني ذو جذور ضاربة في تاريخ البلد، عاشا جيرانا متحابين في فلسطين قبل قيام الكيان الاسرائيلي. لكن الرجل لم يكن صهيونياً فهاجر مع عائلته الى استراليا.
تذكرت تلك الحادثة التي سبق أن كتبت عنها وأنا أقرأ ما يقوله رؤوفلين ريفلين الرئيس العاشر لاسرائيل 2014 – 2021 عن أن حل الصراع الدامي يكمن في اقامة « كونفيدرالية اسرائيلية فلسطينية « من النهر الى البحر « فلا أي منا يستطيع الغاء الآخر.
يتحدث ريفلين المولود في القدس 1939 عن الحياة التي كانت في فلسطين قبل انشاء اسرائيل بحميمية دافئة. «لقد هاجرت عائلتي للبلاد عام 1890، وطالما تعاملت مع العرب كأبناء البلاد أبناء الوطن. وهكذا تعاملنا مع أنفسنا في القدس «.
ويكشف في مقابلة مع صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن فزع اليهود في فلسطين خلال الحرب العالمية الثانية حينما كان الجيش النازي بقيادة رومل يتقدم في شمال إفريقيا نحو مصر والبلاد: بالنسبة لليهود، كانت تلك الأيام مرعبة. كانت علاقة عائلتي بعائلة نسيبة وفريج والحسيني متينة، وكنا نتحدث بالعربية. فوالدي يوسيف يوئيل ترجم القرآن للعبرية.
وأذكر في طفولتي قمنا بزيارة لعائلة فريج في بيت لحم عام 1942، حيث جلس الجميع على شرفة البيت وتحدثوا عن الحرب عشية معركة العلمين. وكان أصدقاؤنا العرب في تلك المحادثة في بيت لحم يقولون لوالدي: الألمان سينتصرون في الحرب، ولكن لا تقلقوا فعندما سيصلون للبلاد سنقوم نحن بحراسة عائلتكم، فكان والدي يبتسم ويقول: لا، سينتصر مونتيغومري في الحرب، وسيعمق الإنجليز انتدابهم في البلاد. وسيمكوننا من إقامة دولة يهودية بناء على قرار مؤتمر سان ريمو عام 1923، وفي دولة إسرائيل لن أحتاج لحراستكم لأن القوانين فيها ستحميكم وتحمي حقوقكم.
حديث ريفلين للصحيفة جاء بمناسبة اصدار كتابه الجديد « رئيس فوق مياه هائجة «. ومع أنه يعتبر ليكوديا متشددا قبل أن يظهر على الساحة من هم أكثر تشددا منه أعني بن غفير وسموتشريتش، فانه يعني بالعنوان بنيامين نتنياهو. حيث يقول :
قال لي شامير رئيس الوزراء الليكودي آنذاك : لا تخطئ يا ريفلين، فأنا أعلم أنك معني بنتنياهو لأنك تريد لليكود أن يقوى وينجح، ونتنياهو يتمتع بقدرات بيانية كبيرة. أنا عيّنته نائبا لوزير الخارجية، وأنا أيضا تعاملت معه كشخص يدفع الليكود للأمام، لكنه حالة شريرة مرضية، وهو لا يرى سوى نفسه، وهو ملاك الخراب من شأنه أن يهدم كل شيء. أعلم أن الدولة مهمة لك، ولذا كن حذرا من دفعه للأمام، وهو لن يفي بأي وعد يقطعه.
ها هو نتنياهو يريد احتلال أجزاء من الأردن ولبنان و سوريا لتحقيق المخطط الصهيوني المتطرف جداً باقامة «إسرائيل الكبرى» من الفرات الى النيل. إنه يندفع ليس الى الأمام فقط بل الى النهاية... نهاية «إسرائيل» !!
الدستور الأردني
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه نتنياهو إسرائيل الكبرى نتنياهو الاحتلال التوسع إسرائيل الكبرى مقالات مقالات مقالات رياضة سياسة عالم الفن سياسة صحافة سياسة اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
بعد فرنسا وبريطانيا.. 9 دول جديدة تتحرك للاعتراف بدولة فلسطين
تتسارع وتيرة التحركات الدولية نحو الاعتراف بدولة فلسطين، مع انضمام تسع دول جديدة إلى قائمة المؤيدين لهذا المسار، استعداداً لإعلان رسمي مرتقب خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل، في خطوة وصفها مراقبون بأنها “تحول دبلوماسي غير مسبوق” على الساحة الدولية.
وجاء هذا الزخم السياسي عقب اختتام “مؤتمر الأمم المتحدة لتعزيز حل الدولتين” في نيويورك، الذي انعقد برعاية فرنسية سعودية، وبمشاركة واسعة من دول مؤيدة لقيام دولة فلسطينية مستقلة.
وبرز في ختام المؤتمر “إعلان نيويورك”، الذي دعا إلى إنهاء الحرب في غزة، وتسليم حركة حماس أسلحتها إلى السلطة الفلسطينية، وإطلاق عملية سياسية تؤدي إلى قيام دولة فلسطينية على أساس حل الدولتين.
وفي بيان مشترك، أعلنت تسع دول، معظمها أوروبية، عزمها الاعتراف بدولة فلسطين للمرة الأولى، وهي: أستراليا، كندا، فنلندا، نيوزيلندا، البرتغال، أندورا، مالطا، سان مارينو، ولوكسمبورغ، كما جددت دول أخرى سبق لها الاعتراف بفلسطين تأكيد دعمها، مثل إيسلندا، إيرلندا، وإسبانيا.
ووصف وزراء خارجية هذه الدول الاعتراف بالدولة الفلسطينية بأنه “خطوة أساسية لا غنى عنها لتحقيق حل الدولتين”، داعين بقية الدول التي لم تعترف بعد إلى اتخاذ القرار ذاته، لما فيه من دعم للسلام الإقليمي والاستقرار العالمي.
تحول بريطاني مشروط يحظى بدعم إقليمي
وفي تطور لافت، نقلت مصادر بريطانية أن رئيس الوزراء كير ستارمر أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعزمه الاعتراف رسميًا بدولة فلسطين، مشيرًا إلى أن تنفيذ القرار مشروط بوقف إطلاق النار في غزة، وضمان عدم تنفيذ عمليات ضم جديدة في الضفة الغربية، وبدء مفاوضات سياسية جادة تفضي إلى حل الدولتين.
ورغم الضغوط الإعلامية والسياسية المتزايدة داخل بريطانيا، شدد ستارمر على أن قراره “نابع من قناعة استراتيجية، وليس نتيجة ضغوط داخلية”، وهو ما لاقى ترحيباً من السعودية والأردن، حيث وصفت وزارة الخارجية الأردنية الخطوة البريطانية بأنها “إشارة سياسية صحيحة نحو إنهاء الاحتلال وتحقيق السلام العادل”.
أما الرئيس الفلسطيني محمود عباس فقد اعتبر القرار البريطاني “موقفاً تاريخياً”، داعياً بقية دول العالم إلى محاكاة هذا التوجه ودعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
قلق إسرائيلي وتحذيرات داخلية
على الجانب الإسرائيلي، قوبل التوجه الدولي المتسارع نحو الاعتراف بفلسطين بقلق شديد في الأوساط السياسية والدبلوماسية. فقد أصدر منتدى يضم 18 سفيراً إسرائيلياً سابقاً بياناً حذروا فيه من “انهيار سياسي غير مسبوق” يهدد إسرائيل نتيجة عزلتها المتزايدة بسبب استمرار الحرب في غزة، مؤكدين أن “أي خطوات ضم إضافية ستفاقم الوضع وتزيد من عزلة تل أبيب”.
ودعا البيان إلى وقف العمليات العسكرية فوراً، وإطلاق سراح الرهائن، والبدء بعملية سياسية تؤدي إلى إنهاء حكم حماس في غزة ضمن إطار دولي.
إجماع دولي متنامٍ على دعم حل الدولتين
مؤتمر نيويورك الذي رعته باريس والرياض شهد مشاركة 17 دولة، منها بريطانيا، مصر، قطر، تركيا، كندا، والبرازيل، وأكد في بيانه الختامي على ضرورة استعادة المسار السياسي، وإنهاء الصراع عبر حل الدولتين، استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية.
هذا التحول المتسارع في المواقف الدولية يعكس ضغطًا سياسيًا متزايدًا لإنهاء النزاع الفلسطيني الإسرائيلي من خلال حلول سياسية قابلة للتنفيذ، وسط تصاعد الغضب الشعبي والدولي من آثار الحرب المستمرة في غزة والانقسامات الحادة داخل إسرائيل.