أكد الدكتور عصام متولي، خبير تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي، أن الأدوات المتنامية للذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، والتي أصبحت تتمتع بتطبيقات متعددة، قد تؤدي إلى أنشطة مدمرة، لذلك أصبح من الضروري أن تتبنى الدول قوانين وقواعد تنظيمية لاستخداماتها.

وأشار إلى أن هذه القوانين تمثل جزءًا أساسيًا ومهمًا في استراتيجية الذكاء الاصطناعي، حيث تساعد في السيطرة على الاستخدامات الضارة المحتملة، التي قد تصل إلى حد تقويض النظم الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية بشكل عام.

صياغة تشريع للذكاء الاصطناعي 

وأضاف في حواره مع برنامج «أوراق اقتصادية» بقناة النيل للأخبار، أنّ هناك جهود مصرية لصياغة تشريع للذكاء الاصطناعي وتبادل البيانات، مشددا على ضرورة أن يأخذ المشرعون في حسبانهم عند صياغة بنود التشريع أن تفتح تلك البنود المجال واسعًا؛ لتحفيز الأنشطة القائمة على الذكاء الاصطناعي وتبادل البيانات مع تجنب الإفراط في القواعد الضابطة؛ ما يؤدي إلى تثبيط همم المبتكرين عن الدخول بقوة في المجال وغلق مساحة الخيال الابتكاري لديهم بما يؤدي في النهاية إلى تقويض قدراتهم على مجاراة التطور العالمي في المنتجات الابتكارية للذكاء الاصطناعي.

الخطط الاستراتيجية للقطاعات المختلفة

وتابع: «هناك ضرورة أن تندرج استراتيجية الذكاء الاصطناعي تحت  إشراف وزارة التخطيط، لأنها هي المعنية بتنسيق التوجهات الاستراتيجية للدولة في نطاق عمل الوزارات المختلفة، تأسيا بالتجارب المماثلة في الهند وألمانيا واليابان والعديد من الدول، وخاصة وأن وزارة التخطيط قامت في العام 2023 بعمل خطة استراتيجية محدثة لمصر 2030 تغطي جميع المجالات وتحتوي في طياتها على عوامل نجاحها، فتكون الخطة الاستراتيجية للذكاء الاصطناعي متماشية وداعمة لخطة الدولة الاستراتيجية والخطط الاستراتيجية للقطاعات المختلفة».

الاتحاد الأوروبي صاغ قانون الذكاء الاصطناعي بشكل مهني

وقال إنّ الاتحاد الأوروبي قد صاغ قانون الذكاء الاصطناعي بشكل مهني شامل ومتكامل في يونيو 2024 وصدر في الأول من أغسطس 2024 وسيدخل للتنفيذ على مراحل في 2025 و2026، في حين تعتمد الولايات المتحدة ومعظم البلدان على مجموعة من القوانين وقواعد العمل الضابطة والتوجيهات الإرشادية لعمل الذكاء الاصطناعي منبثقة من القوانين الحالية، موضحا أنه كما للذكاء الاصطناعي تأثيرات متعددة فإن القوانين المنظمة أيضا لها نواحي متنوعة للسيطرة منها؛ ما يحفز استخدام الذكاء الاصطناعي في التطبيقات المختلفة، ومنها ما هو مصاغ من أجل الحد من الأثار السلبية لاستخداماته..

 

وأكد ضرورة أن تتواصل عمليات التطوير التكنولوجي للبنى التحتية للاتصالات ومراكز البيانات، بما يواكب مثيلاتها في الدول المتقدمة مع الاستمرار في تطوير البنية التشريعية الحاكمة لنشاطات المعلومات والذكاء الاصطناعي، مع تواصل تطوير عمليات التدريب ورفع كفاءة الموارد البشرية بشكل متواصل على جميع المستويات مشيدا بالتطور الجاري في العملية التعليمية والتدريبية في مجال الذكاء الاصطناعي في ظل دخول وزارة التعليم العالي بقوة في المجال بالتعاون مع وزارة الاتصالات.

 

وأار إلى أن هناك أهمية للتعاون بين وزارة الاتصالات ووزارات التعليم ووزارة العمل تنبع من حقيقة أن الخطورة الرئيسية القادمة المصاحبة للذكاء الاصطناعي، تتمثل في أن كل الأعمال والوظائف سوف تعتمد خلال المرحلة القادمة على الذكاء الاصطناعي، ما يفرض ضرورة أن يتم تنظيم عملية تدريبية كبرى ومتواصلة لجميع المواطنين في مختلف القطاعات على أدوات الذكاء الاصطناعي في مختلف المستويات التعليمية سواء المدارس أو الكليات أو المعاهد أو مراكز التدريب، وعلى مختلف المستويات المهنية والإدارية.

 

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي تكنولوجيا مصر تطور عالمي للذکاء الاصطناعی الذکاء الاصطناعی الاصطناعی فی ضرورة أن

إقرأ أيضاً:

هل يهدد الذكاء الاصطناعي التعليم والجامعات ؟

وقع نظري مؤخرًا على مقال نشره كاتب أمريكي يُدعى «رونالد بروسر»، وهو أستاذ إدارة الأعمال بجامعة «سان فرانسيسكو». 

نُشر المقال في مجلة «Current Affairs»، وهي مجلة سياسية ثقافية تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك في 1 ديسمبر 2025. 

تحدّث الكاتبُ في هذا المقال عن أزمة التعليم في ظل وجود الذكاء الاصطناعي، ويرى أن الجامعات الأمريكية عقدت الكثير من الشراكات مع شركات الذكاء الاصطناعي مثل شركة OpenAI، وأن هذا التوجّه يمثّل تهديدًا للتعليم ومستقبله، ويسهم في تفريغه من مضمونه الرئيس؛ بحيث يتحوّل التعليم إلى ما يشبه مسرحية شكلية فارغة من التفكير وصناعة الفكر والمعرفة الحقيقية. 

يرى «بروسر» أن هناك تحوّلا يدفع الطلبة إلى استعمال الذكاء الاصطناعي بشكل مكثّف وغير منضبط في إنجاز الواجبات والأعمال المنوطة إليهم، وكذلك يدفع كثيرا من الأساتذة إلى الاعتماد المفرط عليه في إعداد المحاضرات وعمليات التقويم والتصحيح، وتدفع الجامعات ـ كما يذكر «بروسر» ـ ملايين الدولارات في إطار هذه الشراكات مع شركات الذكاء الاصطناعي مثل OpenAI؛ لتوفير النُّسخ التوليدية التعليمية وتسخيرها للطلبة والأكاديميين. 

بناء على ذلك، تذهب هذه الملايين إلى هذه النظم التوليدية الذكية وشركاتها التقنية، في حين استقطعت الأموال من موازنات الجامعات؛ فأدى إلى إغلاق برامج أكاديمية في تخصصات مثل الفلسفة والاقتصاد والفيزياء والعلوم السياسية، وكذلك إلى الاستغناء عن عدد من أعضاء هيئة التدريس. 

يكشف الكاتبُ في نهاية المطاف أن الجامعات بدأت تتحول من الاستثمار في التعليم ذاته إلى تسليم النظام التعليمي ومنهجيته وعملية التعلّم إلى منصات الذكاء الاصطناعي، وهو ما يقلّص الاعتماد على الكوادر البشرية وعلى المنهجيات النقدية والتفكيرية. 

كذلك يُظهر الكاتبُ الوجهَ المظلم للذكاء الاصطناعي والاستغلال الذي قامت به شركات الذكاء الاصطناعي بالتعاون مع بعض الجامعات ومؤسسات البحث العلمي، ويرتبط هذا الوجه المظلم بعملية فلترة المحتوى الذي يُضخّ في نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية؛ حيث تُكلَّف فئات من البشر ـ في الغالب من الدول الأفريقية الفقيرة ـ بمراجعة هذا المحتوى وتصنيفه وحذف غير الملائم منه، مقابل أجور زهيدة جدا، وذلك بغية صناعة واجهة «آمنة» لهذه النماذج، وتقتضي هذه العملية في الوقت نفسه استهلاك كميات هائلة من الطاقة والمياه لتشغيل مراكز البيانات التي تقوم عليها هذه الأنظمة. 

كما يكشف وجها آخر للاستغلال الرقمي، ضحاياه الطلبة في بعض الجامعات الأمريكية ـ خصوصا المنتمين إلى الطبقات العاملة ـ عبر استغلالهم لصالح مختبرات شركات وادي السيليكون؛ إذ تُبرَم صفقات بملايين الدولارات بين هذه الشركات وبعض الجامعات، دون استشارة الطلبة أو أساتذتهم، في حين لا يحصل الطلبة إلا على الفتات، ويُعامَلون كأنهم فئران تجارب ضمن منظومة رأسمالية غير عادلة. 

أتفقُ مع كثير من النقاط التي جاء بها «رونالد بروسر» في مقاله الذي استعرضنا بعض حيثياته، وأرى أننا نعيش فعلا أزمة حقيقية تُهدِّد التعليم والجامعات، ونحتاج لفهم هذه الأزمة إلى معادلة بسيطة معنية بهذه التحديات مفادها أننا الآن في مرحلة المقاومة، والتي يمكن اعتبارها مرحلة شديدة الأهمية، لأنها ستُفضي في النهاية إما إلى انتصار التقنية أو انتصار الإنسان. 

مع ذلك، لا أعتقد أن هذه المعركة تحتاج إلى كل هذا القدر من التهويل أو الشحن العاطفي، ولا أن نُسبغ عليها طابعا دراميًا مبالغًا فيه. 

كل ما نحتاجه هو أن نفهم طبيعة العلاقة بيننا وبين التقنية، وألا نسمح لهذه العلاقة أن تتحول إلى معركة سنخسرها بكل تأكيد، نظرا إلى عدة عوامل، من بينها أننا نفقد قدرتنا على التكيّف الواعي مع المنتجات التقنية، ولا نحسن توظيفها لصالحنا العلمي والتعليمي؛ فنحوّلها ـ عن قصد أو بدون قصد ـ إلى خصم ضار غير نافع. 

نعود بالزمن قليلا إلى الوراء ـ تحديدا تسعينيات القرن العشرين ـ 

لنتذكّر المواجهة التي حدثت بين المنظومة التعليمية ـ من جامعات وأساتذة وباحثين ومهتمّين بالمعرفة ـ وبين موجة التهديدات الجديدة التي تزّعمها الإنترنت ومحركاته البحثية، وكان أحد أبرز هذه التهديدات ظهور ما يمكن تسميته بثقافة البحث السريع؛ حيث ابتعد الطالب والباحث عن الطرق التقليدية في البحث مثل استعمال الكتب والقراءة المطوّلة والعميقة، ولجأ إلى الإنترنت والبحث عن المعلومات في غضون ساعات قليلة، والاكتفاء بتلخيص الدراسات والكتب. 

ولّد هذا التحوّل مشكلات أخرى، من بينها تفشّي ظاهرة الانتحال العلمي والسرقات الفكرية، ولكن، لم تستمر هذه المشكلة لفترة طويلة؛ فحُلّت تدريجيا بعد سنوات، وتحديدا مع ظهور أدوات قادرة على كشف حالات الانتحال والسرقة العلمية، وظهور أنظمة تأقلمية ومعايير وقوانين تعليمية وأكاديمية عملت على إعادة تموضع الإنترنت داخل المنظومة التعليمية، وهكذا خرج النظام التعليمي والجامعات من تلك المواجهة رابحًا في بعض أجزائه وخاسرًا في أجزاء أخرى. 

لا أتصور أن مشكلتنا الحالية مع الذكاء الاصطناعي تشبه تماما المشكلة السابقة التي أحدثها ظهور الإنترنت ومحركات البحث؛ فكانت التحديات السابقة -نسبيا- أسهل، وكان من الممكن التعامل معها واحتواؤها في غضون سنوات قصيرة. أما المشكلة الراهنة مع الذكاء الاصطناعي، فتكمن في سرعته التطورية الهائلة التي لا نستطيع حتى أن نتحقق من مداها أو نتنبّأ بوتيرة قدراتها الإبداعية؛ فنجد، مثلا ، أنه في غضون سنتين أو ثلاث فقط انتقل الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل«ChatGPT» من مرحلته البدائية إلى مرحلته المتقدمة الحالية، تجاوز فيها في بعض الزوايا قدرات الإنسان العادي في المهارات اللغوية، وأصبح يشكّل تحديًا حقيقيًا كما أشرنا في مقالات سابقة. 

فيما يتعلّق بالتعليم والجامعات، وكما أشار الكاتب في المقال الذي استعرضناه؛ فنحن أمام مشكلة حقيقية تحتاج إلى فهم عميق وإعادة ترتيب لأولوياتنا التعليمية. 

نقترح أولا ألا نتجاوز الحد المسموح والمقبول في استعمال الذكاء الاصطناعي في التعليم؛ فيجب أن تكون هناك حالة توازن واعية في التعامل مع أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدية في الجامعات، وكذلك المدارس. 

وبصفتي أكاديميًا، أرى من الضروري أن نقنن استعمال الذكاء الاصطناعي داخل الجامعات عبر وضع معايير وقوانين واضحة، والسعي في الوقت ذاته إلى تطوير أدوات قادرة على كشف حالات الانتحال والسرقات العلمية المرتبطة باستعمال هذه التقنيات والنماذج الذكية، رغم صعوبة ذلك في المرحلة الحالية، ولكن من المرجّح أن يصبح الأمر أكثر يسرا في المستقبل القريب. 

رغم ذلك، فلا يعني أنه ينبغي أن نمنع استعمال الذكاء الاصطناعي منعًا تامًا؛ فجلّ ما نحتاجه أن نُشرف عليه ونوجّهه ضمن حدود معيّنة؛ لتكون في حدود تعين على صناعة الإبداع البشري؛ فيمكننا أن نوجّه الذكاءَ الاصطناعي في تنمية مهارات الحوار والتفكير والتحليل لدى الطلبة إذا استُعملَ بطريقة تربوية صحيحة. 

ولكن في المقابل يجب أن تُشدَّد القوانين والعقوبات المتصلة بحالات الانتحال والاعتماد الكلّي على النماذج التوليدية سواء في مخرجات العملية التعليمية أو في البحوث العلمية. 

كذلك من الضروري أن نُعيد التوازن إلى دور أعضاء هيئة التدريس في الجامعات؛ فمن غير المعقول أن نترك صناعة المحتوى التعليمي مرهونة بالكامل للذكاء الاصطناعي، في حين يتراجع دور الأكاديمي وإبداعه الذي يمارس التفكير والنقد والإضافة المعرفية من عنده. 

على صعيد آخر، أظهرت دراسات حديثة التأثير السلبي للاستعمال المفرط للذكاء الاصطناعي والاعتماد عليه على الدماغ البشري بشكل فسيولوجي مباشر؛ فيمكن أن يدخله في حالة من الضمور الوظيفي مع الزمن، خصوصا حال تخلّى الإنسان عن ممارسة التفكير لصالح الخوارزمية. 

 د. معمر بن علي التوبي أكاديمي وباحث عُماني 

مقالات مشابهة

  • هل يهدد الذكاء الاصطناعي التعليم والجامعات ؟
  • تجمع بياناتك بسرية.. كيف تحمي نفسك من أدوات الذكاء الاصطناعي؟ -فيديو
  • كيف تحمي نفسك من أدوات الذكاء الاصطناعي التي تجمع بياناتك الشخصية (فيديو)
  • بقيادة ترمب.. تشكيل تحالف دولي لمواجهة الهيمنة الصينية في الذكاء الاصطناعي
  • خبير تكنولوجي: ما نراه من الذكاء الاصطناعي مجرد 10% مما سيحدث
  • جوجل تُطلق Gemini للآيفون والآيباد.. الذكاء الاصطناعي يصل متصفحك
  • ناصر الدين: نعمل على دمج الذكاء الإصطناعي في الاستراتيجية الأوسع للصحة الرقمية
  • حكماء المسلمين في إندونيسيا ينظِّم ندوة وطنيَّة لمناقشة سبل تعزيز الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي
  • تحذير من ضعف دقة الذكاء الاصطناعي لقياس النبض عند ارتفاعه
  • تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي ثروة النفط الجديدة لدول الخليج