صحيفة صدى:
2025-05-23@23:45:43 GMT

(حوسة) مشاعر

تاريخ النشر: 14th, January 2025 GMT

(حوسة) مشاعر

صبيحة يوم باردٌ، رياحه شرقية بدرجة حرارة متدنية، المكيفات توّزع الهواء الساخن في جميع الغرف والأسياب، ارتشفت كأساً من الحليب الساخن ومع تدفئة المكيّف شعرت بالدفء، فبدأت أتجول في الغرف أوزع فيها النظرات المشبّعة بالفراغ حتى وصلت إلى غرفة المعيشة، فوقع نظري على مكتبتي التي هجرتها ما يقارب السنة، فبدأت أتفحص الكتب، فوقع بصري على كتاب وكأني للمرة الأولى أشاهده، الكتاب للدكتورة: اميرة الزهراني.

بعنوان” لا احد يهينك دون إذنك” لم يشدّني العنوان كثيراً، وكوني لا أذكر متى اقتنيت هذا الكتاب، ولا أذكر هل قرأته أم لا؟! رفعت الغلاف ومعه صفحتين أو ثلاثاً، فكان أول موضوعاً وقع عليه بصري(تعلّم من الفقير سبب بقائه فقيراً).

ليت بصري وقع على كتابٍ آخر! هذا الموضوع نفّس مشاعري بعد أن كانت في(روقان) جميل، استنفر حواسي، وسبّب لي ربكة، عمدتُ إلى الكنب، وبدأت فوراً بالقراءة، تدور القصة حول الأمريكي من أصل ياباني(روبرت كايوساكي) الذي أفلس اكثر من مرة قبل أن يصبح مليونيراً، فقد روى قصته بكتابه المشهور ” أبي الغني أبي الفقير” وقام بترجمته وتلخيصه” رؤوف شبيك ” من وجهة نظره ويعتبرها تعريف منطقي للغني والفقير، الغني: من مصاريفه ونفقاته أقلّ من إجمالي دخله، وفي كل شهر يصبح لديه فائضاً من المال.

الفقير: من نفقاته ومصاريفه تفوق إجمالي دخله، وسينتهي به الشهر وهو مدين، قد يكون هناك عامل بسيط أغنى من موظف في وظيفة مرموقة، مشيراً إلى أن الفرق بين الغني والفقير هو: الفقير يعمل من اجل المال، بينما الغني: يجعل المال يعمل من اجله، يرى(روبرت) أن مشكلة الفقراء أنهم يضعون جلّ أموالهم في شراء الخصوم وهي الكماليات التي يستغنى عن معظمها.

(روبرت كايوساكي) كأنه يعرفني وغيري كثير من يحملون هذا النمط، ويعرف سلوك تعاملنا مع معطيات الحياة، وما عَلِمَ أنني نشأت بين فرص متنوعة ورغم تدنّي دخلي إلا أني اعتبرها فرص ذهبية، ولكن لم يكتب لي الله منها شيئاً، وهذا لا يعني أن (روبرت) ناجحاً بكل المقاييس والبقية مخفقين، بل هنا الكثير من بذلوا جهوداً وغامروا مغامرات كثيرة ولكن لم يكتب الله لهم نصيباً.

لم ينظّر علينا (المليونيورون) إلا بعد أن حالفهم الحظّ، وبنو رؤوس أموالهم على ادمغتنا المختلفة الظروف، فلولا مستهلكاً نمطه اليومي الدفع لما كان هناك (مليونيراً) تنمو أمواله يوماً بعد يوم، وهكذا سنن الله، وهذا لا يعني أن نستسلم بل نخطط ونطور ونصحح أخطاءنا إن أمكن، وأن نعلم علم اليقين أن الموفق هو الله ولن نحصل على شيءٍ لم يكتبه لنا، ونرضى بالمقسوم.

بعد قراءتي للكتاب تحمّستُ وفيما يبدو لي أنه حماساً كاذباً أن أشغّل افكاري، وأبدأ بمشروع مهني، ولكني تذكرت أني في خريف عمري، والحساب البنكي رهين نمط معيشيٌّ مختلفٌ ويتوسع يوماً بعد يوم، وأسعارٌ تتدرج بالارتفاع، وفي الأخير قررت أن أعيد الكتاب إلى مكانه، وأن احمد الله على ما منّ علينا من نعم تعد ولا تحصى.

أمنيتي أن يسخّر الله لي (مليونيراً) يتنازل لي ويأخذ أفكاري ويخلطها مع أفكاره، لعلّ أفكاري تتأثر بأفكاره، وانتقل إلى عالم المال والأعمال، ولكني اخشى أن تأثر أفكاره بأفكاري فتدور عليه الدوائر، وتستقر به الأحوال (محكحك) حديث عهد بها بجانب (محكحك) أصيل!

وحفاظاً على سلامة نشاطك التجاري أيها (المليونير) كن بعيداً ومارس نشاطك بكل احتراف، ونمّي أموالك بكل أريحية وامان، ونحن نتعهد لك بأن نكون مستهلكين، ونتقبل كل جديد حتى وإن خالف بعض قيمنا ومبادئنا.

المصدر: صحيفة صدى

إقرأ أيضاً:

يوميات مافيا سودانية (١)

يوميات مافيا سودانية (١)..
رشان اوشي
قد لا يبدو الوضع الراهن مثالياً؛ إذ يواجه السودان تحديات سياسية واجتماعية واقتصادية وأمنية صعبة، تجعلنا نشعر بالقلق، وهو قلق مبرر، لأن الطريق الى(سوداناً قوياً ومقتدراً) مليء بالذئاب، والأخطاء، وبعض الأخطاء أخطر من العدو، وتخدمه.

أصعب الأشياء في يوميات الصحافة هو الحيرة، ليس في قلة المواضيع، بل في كثرتها.وليس في ماهية المعلومات انما في خطورتها، لأن ابطالها موظفين يشغلون مواقع حساسة تمس الأمن القومي، وهم غارقون في الفساد ، التجاوزات والخيانة ، خيانة النازحين واللاجئين ، خيانة اللحظة السودانية الحرجة التي تتطلب رجال على قدر وفير من الأخلاق و الوطنية .
“مافيا مدراء المكاتب” والتي يقودها موظف سيادي رفيع، تاريخه مثقل بالتجاوزات ، نهب المال العام والابتزاز.مليشيا الفساد هذه تشكلت على أساس المال والمصالح المشتركة.
عندما أصدر مجلس الوزراء القرار (154) الخاص باستيراد السيارات وضع ضوابط لتنفيذ، إذ تم الاتفاق على إلغاء إذن الإنزال في الميناء وأن تعامل السيارة معاملة السلع التجارية الأخرى ، كما أشرنا في مقالنا السابق أن الغرامة المفروضة على استيراد سيارة مستعملة تصاعدية تبدأ من قيمة ٥% للموديل ٢٠٢٤، وترتفع كلما تأخر، ولم توضع هذه الضوابط عبثاً، انما قصد منها الحد من استيراد موديلات قديمة، بجانب تعويض المواطنين الذين نهبت سياراتهم أثناء الحرب، ولكن “مافيا الفساد” استفادت ولم يستفد الشعب المكلوم .

في مارس ٢٠٢٥/ تم إنزال (150) شاحنة و”دفار” بموديلات مختلفة يعود تاريخ تصنيعها إلى العام ١٩٩٠_٢٠٠٠ باسم شخص غير معروف ، وصل خطاب بالموافقة على طلب المواطن المشار إليه أعلاه، بإنزال شحنة السيارات، إلى مدير الجمارك، بتوجيه من عضو مجلس السيادة “عبدالله يحيى” والمريب في الأمر أن الخطاب ممهور بتوقيع مدير مكتبه الرائد “كمال ابراهيم” وهو ضابط يتبع لهيئة الجمارك ، تم انتدابه بواسطة الموظف السيادي ليشغل منصب مدير مكتب عضو مجلس السيادة .

بحوزتي ..أكثر من (١٠) خطابات توجيه بجمركة سيارات قديمة غير مطابقة للمواصفات التي وضعت لأجلها ضوابط الاستيراد ،تسببت في إهدار مبالغ مالية ضخمة، صادرة عن عضو مجلس السيادة ولكن بتوقيع مدير مكتبه، مما يوضح أن الضابط المشار إليه يستخدم نفوذ “عبدالله يحيى” في غفلة منه أو بمعرفته.

السودان اليوم تبتلعه نيران الفساد،وتغيب فيه سلطة الدولة وسط سطوة شبكات المصالح ، فارتهن القرار في مؤسساتنا لتوازنات عصابات تتقاسم النفوذ، ومواردنا ، وتنهب خزائن المال العام.

لم يعد السوداني يريد شيئاً سوى أن يذهب إلى عمله ويعود إلى بيته ،لاينقصه سوى الطمأنينة، وهي الأكثر أهمية .
محبتي واحترامي

رشان اوشي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • عون اطّلع من ياسين على عمل وزارة المال
  • أبناء يلقون بأمهم المسنة في الشارع بالديوانية .. فيديو
  • مختص يكشف علامات تدل على الإصابة بالكبت النفسي .. فيديو
  • حكم مغالاة التُجار في الأسعار بصورة غير مبررة .. دار الإفتاء تحذر المُغالين
  • يا مشاعر.. نوال الزغبي تشوق جمهورها لألبومها الجديد
  • دون إنفاق المال.. 10 أعمال من سنة النبي ثوابها كأجر الصدقة
  • عاجل: مشاعر الفخر تسبق وصولهم.. أهالي أبطال ”آيسف 2025“ ينتظروهم في مطار الدمام
  • رشاد عبد الغني: كلمة الرئيس بفاعليات موسم حصاد القمح تؤكد عزم الدولة على تحقيق الاكتفاء الذاتي
  • يوميات مافيا سودانية (١)
  • دمشق توضح طبيعة اللقاء الذي تم في إدلب بين الشرع والسفير السابق روبرت فورد عام 2023