الوفد العماني في صنعاء : تفاوض لضبط الصراع لا لإنهائه
تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT
ثلاثة أيام مضت على وصول الوفد العماني العاصمة صنعاء لم تغادر خلالها تعليقات الحُذاق في السياسة.
مربع عدم التفاؤل ولم يُبشر أحد بانفراجة و لم يُنشر حتى الآن أي خبر رسمي عن انعقاد لقاء ما و بالنظر لهذه المعطيات وما سبق وتبع وصول وفد السلطنة على مستوى التحركات الأمريكية هل نحن على عتبة تطور إيجابي في المحادثات بين اليمن و رُباعية العدوان عبر القناة العمانية وهل بحوزتها جديد ؟
الإجابة على هذين السؤالين تتشكل من عودة سريعة للمؤشرات التي تواترت عقب خطاب اللاءات العشر للسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في الثاني عشر من هذا الشهر؟ بداية بإعلان الإدارة الأمريكية بعد يومين من الخطاب عن زيارة تيموث ليندركينغ منطقة الخليج و”العمل بشكل وثيق مع السعودية وسلطنة عُمان وشركاء آخرين من أجل إطلاق عملية سلام شاملة في اليمن” لكن ما تبع ذلك لم يقدم دليلا جديا على ما سوق له بيان الخارجية الأمريكية لدرجة أن ليندركينغ لم يلتقِ من يفترض أن يكون صاحب قرار في الإمارات واقتصر الأمر على تجاذب الحديث مع أنور قرقاش، وفي السعودية لم يسع الترتيبات أن تتجاوز الدمية رشاد العليمي سمسار واشنطن القديم لربما أن جدول أعمال المسؤولين في السعودية _ المشغول بزيارة وزير خارجية الجمهورية الإسلامية في إيران _ لم يتح التسويق للمزاعم الأمريكية حول
دعم جهود السلام في اليمن ولو من حيث شكل و مستوى اللقاءات المفترض أن تناقش القضايا ذات
الصلة بإحلال السلام، ليكتمل سوء التسويق لدعاوى الأمريكية بشأن السلام في اليمن أو قل أدلة غياب
النوايا الإيجابية بتحليق طائرة الوفد الوطني رفقة
الوفد العماني قبل أن تحط طائرة ليندركينغ في مسقط أي قبل أي محادثات أو نقاشات بين الجانبين
أو بين ممثلي رباعية العدوان وقناتهم للمحادثات مع
اليمن وهذه المؤشرات تعني أن الوفد العماني وصل صنعاء خالي الوفاض وهو استنتاج يعززه نفي مصدر
مطلع لصاحب السطور انعقاد أي لقاء كرس للمحادثات حول ماذا بعد تلويح السيد القائد بانتهاء مرحلة خفض التصعيد، وأن ذلك استمر حتى قبل موعد مغادرة الوفدين صنعاء بعد ظهر اليوم و هذا بدوره يقودنا لتوقع أن وفد السلطنة العمانية مايزال ينتظر ما يقرره الأمريكي من عروض جديدة أمام صنعاء فيما يخص الملفات ذات الأولوية اليمنية وأن الوصول دون ذلك سرعته حاجة يمنية ترتبط بتشاورات رئيس الوفد مع القيادة في ضوء المتغيرات والمستجدات المتلاحقة من جهة ومن أخرى حاجة أمريكية خليجية للتأسيس لدوامة من اللقاءات والتحليق بين أكثر من عاصمة لا تسمح بالتوصل لحل مستدام وتبحث فقط فيما نتوقع عن تأمين حد أدنى من التفاهمات يُنجي رباعية العدوان من نفاد الصبر اليمني؛ وهكذا نكون أمام استمرار أمريكا في استخدام التفاوض أداة لضبط الصراع لا لإنهائه ولا نقول ذلك بناء على توقعات وافتراضات إذ عبرت عن ما نذهب إليه لقاءات ليندركينغ الأخيرة في أبو ظبي والرياض و مسقط ومن نواحي عدة، هذا النهج قد يكون معلقا بما يتجاوز شراء الوقت والأخذ والرد لفتح الباب أمام تدخل أطراف خارج إطار التفاوض لكسر الحلقة المفرغة على طريقة لا تتناسب كليا مع الاستحقاقات اليمنية، أو هذا ما تنتظره واشنطن و الرياض من حيلة إحياء العلاقات الدبلوماسية بين الأخيرة وطهران التي لا نستبعد ازدرائها النوايا الأمريكية السعودية ويبقى أن نرى ما إذا ستكشف عنه الأيام القادمة وإن كنا على ثقة إن استمرار السياسة الأمريكية السعودية تجاه اليمن يؤكد أن المنطقة تنتظر عاصفة كبيرة قادمة من اليمن هذه المرة.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: الوفد العمانی
إقرأ أيضاً:
بين تكتيك الأرض المحروقة وأوهام السيطرة الشاملة.. “عربات جدعون” ورقة تفاوض بيد الاحتلال
البلاد – غزة
في سياق تصعيد عسكري مستمر ضمن عملية “عربات جدعون”، تواصل إسرائيل تعزيز وجودها الميداني في قطاع غزة، معززة ذلك بخطاب سياسي وعسكري يوحي بعزمها على فرض سيطرة شاملة على كامل الجغرافيا الفلسطينية في القطاع، وفق ما جاء في تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
ويأتي إعلان الجيش الإسرائيلي عن تدمير مسار نفق في مدينة رفح، بعد أيام من تهديد مباشر وجه لسكان خان يونس، في خطوة تؤكد التدرج المدروس في استراتيجية التوغل جنوبًا، حيث تزداد تعقيدات المعركة جغرافيًا وديمغرافيًا. فالنفق الذي كشف عنه الجيش يقع في ممر موراج، وهو موقع استراتيجي يفصل بين خان يونس ورفح، مما يجعله نقطة وصل لوجستية بالغة الأهمية لحركة حماس، سواء في نقل الأفراد أو الذخائر أو حتى الرهائن.
توقيت هذا الإعلان، المتزامن مع دعوات الإخلاء الجماعي لسكان خان يونس نحو منطقة المواصي، يحمل أبعادًا نفسية وسياسية. فمن جهة، هو تمهيد لمزيد من التوغل، يهدف إلى تقويض البيئة الحاضنة للمقاومة من خلال إضعاف البنية التحتية لحماس، ومن جهة أخرى، هو رسالة للمجتمع الدولي بأن إسرائيل تتقدم بخطى “ممنهجة ومدروسة” في حربها ضد ما تسميه “الإرهاب”.
اللافت في التطورات الأخيرة هو استخدام القوات الإسرائيلية لأساليب تنكرية، كما في حالة القوة الخاصة التي دخلت خان يونس متنكرة بزي نازحات فلسطينيات. هذه العملية تشير إلى تصعيد واضح في أدوات العمل الاستخباري الميداني، وتدلّ على صعوبة المعركة في المناطق المكتظة بالسكان، حيث تحتاج إسرائيل إلى اختراقات دقيقة لجمع المعلومات حول مصير الأسرى الإسرائيليين. لكنها في الوقت نفسه تثير تساؤلات قانونية وإنسانية، لا سيما في ظل توظيف التمويه المدني في العمليات القتالية.
والملاحظ أن تصعيد العمليات البرية والجوية، واستهداف أكثر من 160 موقعًا خلال الساعات الأخيرة، يأتي في ظل استمرار المفاوضات غير المباشرة بوساطات إقليمية ودولية. ما يوحي بأن إسرائيل تعتمد استراتيجية “المفاوضات تحت النار”، للضغط على حماس لإبداء مرونة أكبر، خصوصًا فيما يتعلق بملف الأسرى والمساعدات الإنسانية.
تصريحات نتنياهو حول نية إسرائيل السيطرة على “كامل مساحة” القطاع تكشف عن تحوّل في الخطاب الرسمي من مجرد “تفكيك بنى تحتية” إلى فرض وقائع ميدانية دائمة. هذه التصريحات لا تُقرأ فقط في سياق المعركة الحالية، بل تعكس سعي نتنياهو لتكريس عقيدة أمنية إسرائيلية تقوم على الهيمنة الميدانية ومنع أي كيان معادٍ من إعادة التمركز مجددًا.
وفي ظل استمرار القصف، وتقدم القوات البرية، وتدهور الأوضاع الإنسانية، يجد المدنيون في غزة أنفسهم عالقين بين مطرقة التصعيد الإسرائيلي وسندان الجمود السياسي. وبينما تحاول إسرائيل رسم معادلة جديدة على الأرض، تبقى فاعلية هذا الخيار رهنًا بمدى قدرته على تحقيق أهدافه دون الانزلاق إلى مستنقع استنزاف طويل الأمد، أو فقدان مزيد من شرعية عمليتها أمام المجتمع الدولي.