بين تكتيك الأرض المحروقة وأوهام السيطرة الشاملة.. “عربات جدعون” ورقة تفاوض بيد الاحتلال
تاريخ النشر: 20th, May 2025 GMT
البلاد – غزة
في سياق تصعيد عسكري مستمر ضمن عملية “عربات جدعون”، تواصل إسرائيل تعزيز وجودها الميداني في قطاع غزة، معززة ذلك بخطاب سياسي وعسكري يوحي بعزمها على فرض سيطرة شاملة على كامل الجغرافيا الفلسطينية في القطاع، وفق ما جاء في تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
ويأتي إعلان الجيش الإسرائيلي عن تدمير مسار نفق في مدينة رفح، بعد أيام من تهديد مباشر وجه لسكان خان يونس، في خطوة تؤكد التدرج المدروس في استراتيجية التوغل جنوبًا، حيث تزداد تعقيدات المعركة جغرافيًا وديمغرافيًا.
توقيت هذا الإعلان، المتزامن مع دعوات الإخلاء الجماعي لسكان خان يونس نحو منطقة المواصي، يحمل أبعادًا نفسية وسياسية. فمن جهة، هو تمهيد لمزيد من التوغل، يهدف إلى تقويض البيئة الحاضنة للمقاومة من خلال إضعاف البنية التحتية لحماس، ومن جهة أخرى، هو رسالة للمجتمع الدولي بأن إسرائيل تتقدم بخطى “ممنهجة ومدروسة” في حربها ضد ما تسميه “الإرهاب”.
اللافت في التطورات الأخيرة هو استخدام القوات الإسرائيلية لأساليب تنكرية، كما في حالة القوة الخاصة التي دخلت خان يونس متنكرة بزي نازحات فلسطينيات. هذه العملية تشير إلى تصعيد واضح في أدوات العمل الاستخباري الميداني، وتدلّ على صعوبة المعركة في المناطق المكتظة بالسكان، حيث تحتاج إسرائيل إلى اختراقات دقيقة لجمع المعلومات حول مصير الأسرى الإسرائيليين. لكنها في الوقت نفسه تثير تساؤلات قانونية وإنسانية، لا سيما في ظل توظيف التمويه المدني في العمليات القتالية.
والملاحظ أن تصعيد العمليات البرية والجوية، واستهداف أكثر من 160 موقعًا خلال الساعات الأخيرة، يأتي في ظل استمرار المفاوضات غير المباشرة بوساطات إقليمية ودولية. ما يوحي بأن إسرائيل تعتمد استراتيجية “المفاوضات تحت النار”، للضغط على حماس لإبداء مرونة أكبر، خصوصًا فيما يتعلق بملف الأسرى والمساعدات الإنسانية.
تصريحات نتنياهو حول نية إسرائيل السيطرة على “كامل مساحة” القطاع تكشف عن تحوّل في الخطاب الرسمي من مجرد “تفكيك بنى تحتية” إلى فرض وقائع ميدانية دائمة. هذه التصريحات لا تُقرأ فقط في سياق المعركة الحالية، بل تعكس سعي نتنياهو لتكريس عقيدة أمنية إسرائيلية تقوم على الهيمنة الميدانية ومنع أي كيان معادٍ من إعادة التمركز مجددًا.
وفي ظل استمرار القصف، وتقدم القوات البرية، وتدهور الأوضاع الإنسانية، يجد المدنيون في غزة أنفسهم عالقين بين مطرقة التصعيد الإسرائيلي وسندان الجمود السياسي. وبينما تحاول إسرائيل رسم معادلة جديدة على الأرض، تبقى فاعلية هذا الخيار رهنًا بمدى قدرته على تحقيق أهدافه دون الانزلاق إلى مستنقع استنزاف طويل الأمد، أو فقدان مزيد من شرعية عمليتها أمام المجتمع الدولي.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: خان یونس
إقرأ أيضاً:
حماس: المصادقة على شرعنة 19مستوطنة تصعيد خطير بمشروع الضم
غزة - صفا قالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن إعلان وزير مالية الاحتلال بتسلئيل سموتريتش المصادقة على شرعنة 19 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية، يشكل تصعيدًا خطيرًا في مشروع الضم والتهويد. وأضافت الحركة في بيان يوم الجمعة، أن هذا الإعلان يعبّر عن طبيعة الحكومة المتطرفة التي تتعامل مع الأرض الفلسطينية كغنيمة استعمارية، وتسعى بشكل مستميت لتكريس واقع استيطاني وصولًا للسيطرة التامة على الضفة الغربية. وأكدت أن هذا القرار وما سبقة من قرارات مماثلة هو استمرار لسياسة سرقة الأراضي، وفرض الوقائع الاستعمارية بالقوة، بما يشمل بناء مستوطنات جديدة وتوسيع البؤر القائمة، في مخالفة صريحة للقانون الدولي ولقرارات مجلس الأمن التي تحظر الاستيطان بكل أشكاله. وحذرت حماس من التمادي الاستيطاني الذي يعكس مخططات واضحة لإعادة رسم الجغرافيا الفلسطينية، وعزل المدن والقرى عن بعضها البعض، والدفع نحو تهجير صامت لأبناء شعبنا، في إطار مشروع تفريغ الضفة الغربية. وشددت على أن هذه المخططات لن تفلح في كسر صمود شعبنا وتشبثه بأرضه وحقوقه. ودعت حماس المجتمع الدولي والأمم المتحدة والهيئات الحقوقية إلى تحمّل مسؤولياتهم أمام هذا السلوك الاستيطاني المنفلت، واتخاذ خطوات عملية لوقف توسع المستوطنات ومحاسبة قادة الاحتلال على جرائمهم بحق شعبنا وأرضنا ومقدساتنا.