إرث بايدن: ما وراء الجولة الأخيرة لـ”بلينكن” إلى شرق آسيا؟
تاريخ النشر: 17th, January 2025 GMT
أجرى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، آخر جولة خارجية له قبل رحيله عن منصبه، وشملت الجولة التي امتدت من 4 إلى 11 يناير 2025، زيارته كلاً من كوريا الجنوبية واليابان، ضمن جولة شملت إلى جانب البلديْن المذكوريْن، فرنسا وإيطاليا والكرسي الرسولي في الفاتيكان.
اضطرابات قائمة:
تأتي تلك الزيارة في خضم عدد من التحولات والمُتغيرات التي تلقي بظلالها على علاقات الولايات المتحدة بآسيا، ولعل أبرزها:
1.
وقد عوّلت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على كوريا الجنوبية باعتبارها شريكاً رئيساً في جهود احتواء خطر الصين؛ ومن ثم فإن مصير يون والتغييرات المُحتملة في القيادة الكورية الجنوبية تعني أن واشنطن قد تواجه مُستقبلاً لا يمكن التنبؤ به في سيول؛ إذ قد يخلفه من يحمل توجهات أكثر عدائية لليابان، بخلاف توجهات يون التي كانت تؤيد التعاون مع اليابان بشكل كبير. بل إن تحركات يون قد تسببت في الإضرار بمكانة الولايات المتحدة التي يُنظر لها بأنها لم تكن قادرة على إقناع الحلفاء عالمياً باحترام مبادئ الديمقراطية.
وتجدر الإشارة إلى أن يون كان من أكثر القيادات الكورية تحالفاً مع الولايات المتحدة، بما يجعل تلك الأزمة الداخلية مُهددة للمصالح الأمريكية بدرجة أو بأخرى. ويتطلع أنصار يون إلى تنصيب الرئيس الأمريكي المُنتخب دونالد ترامب في 20 يناير 2025، سعياً إلى معاونته في التشبث بالسلطة إذا ما تواءم مع استراتيجية ترامب الإقليمية وتوجهاته؛ بما يجعل الأخير يدعمه باعتباره حليفاً له؛ وهو ما يمكنه من البقاء في السلطة.
2. تخوّف الحلفاء من سياسات ترامب: يتخوّف الحلفاء الآسيويون من عودة ترامب للبيت الأبيض؛ مما دفع بعضاً منهم إلى التريث في تحركاتهم الخارجية، مثلما هو الحال بالنسبة لليابان؛ حيث أفادت بعض التقديرات الصينية بأن رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا يُخطط لتأجيل زيارته للولايات المتحدة إلى فبراير 2025؛ وربما وقت لاحق لذلك، بينما يؤكد الأهمية الحيوية لزيارته للصين لتعزيز استقرار العلاقات الثنائية وحلحلة القضايا العالقة بين الجانبيْن الياباني والصيني؛ في حين أن ترامب قد أعرب عن استعداده لإجراء مُحادثات مع إيشيبا ربما قبل عودته إلى البيت الأبيض.
3. تزايد التهديدات: ترى واشنطن أن التهديدات الصينية مُتزايدة ضد مصالحها وحلفائها في منطقة الإندوباسيفيك (منطقة المحيطين الهندي والهادئ)، والأمثلة على ذلك عديدة؛ إذ إنه وقبيل نهاية العام 2024، أقرّت كوريا الشمالية في اجتماع الحزب الحاكم اعتزامها تبني نهج أكثر صرامة ضد التوجهات الإقليمية الأمريكية التي وصفتها بـ”المعادية” لها، حيث انتقدت بيونغ يانغ العلاقات المتنامية بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة واليابان، ووصفتها بأنها “تقوض السلام في المنطقة”.
4. خلاف اقتصادي بين الولايات المتحدة واليابان: تصاعدت، خلال الفترة الأخيرة، بوادر خلاف اقتصادي بين الولايات المتحدة واليابان، وذلك على إثر قرار بايدن بمنع عرض شركة نيبون ستيل Nippon Steelاليابانية بقيمة 14.9 مليار دولار لشراء شركة US Steel يو إس ستيل، وهو القرار الذي وصفه رئيس الحكومة اليابانية بأنه “مُحيّر”. وقد رفعت شركتا نيبون ستيل ويو إس ستيل دعوى قضائية تتهمان فيها بايدن بانتهاك الدستور الأمريكي من خلال منع اندماجهما بقيمة 14.9 مليار دولار من خلال ما أسمّته “مراجعة وهمية للأمن القومي”. وطالبتا المحكمة الفدرالية الأمريكية بإلغاء القرار، معتبرة أن بايدن اتخذه بناءً على أسباب سياسية بحتة.
وكانت الشركة اليابانية قد وصفت عملية الاستحواذ بأنها شريان حياة لشركة أمريكية تجاوزت عصرها المزدهر منذ فترة طويلة، لكن المعارضين حذّروا من أن المالكين اليابانيين سوف يقومون بخفض الوظائف. وتجدر الإشارة إلى أن اليابان والولايات المتحدة من أكبر المستثمرين الأجانب في كل منهما، حيث استثمرت الشركات اليابانية ما يقرب من 800 مليار دولار في الولايات المتحدة في عام 2023.
تعاون ثنائي:
في ظل المتغيرات المتسارعة في الإقليم، فإن الهدف الرئيس للزيارة هو البناء على زخم التعاون الثلاثي بين الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية؛ ومن ثم فإن جولة بلينكن الأخيرة في آسيا تأتي لمناقشة عدد من الملفات والتطورات، لعل أبرزها:
1. ضرورة حماية الديمقراطية في كوريا الجنوبية: التقى بلينكن بوزير المالية المفوض بتولي مهام رئاسة البلاد مُؤقتاً تشوي سانغ موك. وتضمنت المناقشات سبل التعاون بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية وكذلك اليابان، والتهديدات والمخاطر الإقليمية والدولية. وكذا مُناقشة سبل تعزيز الجهود الرئيسية لتعزيز منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة والمزدهرة.
وقد أكّد بلينكن، خلال اللقاء، أهمية حماية الديمقراطية في كوريا الجنوبية، وأنها قوية ومرنة، ووصف التحالف بين واشنطن وسيول بأنه “حجر الزاوية للسلام والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية”.
2. تأكيد قوة التحالف مع اليابان: التقى بلينكن ومُستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان بوزير الخارجية الياباني تاكيشي إيوايا، ومسؤولين يابانيين كبار آخرين في طوكيو. وتم تأكيد زخم العلاقات الثنائية خلال عهد بايدن بما يدل على مركزية دور اليابان في الاستراتيجية الأمريكية إزاء منطقتيْ جنوب وجنوب شرق آسيا، وكذلك الأهمية التي توليها واشنطن لتلك الشراكة التي تركز على القضايا الثنائية والإقليمية والعالمية.
وقد تمت مراجعة التقدم الذي حقّقه التحالف بين الولايات المتحدة واليابان على مدى السنوات القليلة الماضية بما في ذلك الموافقة على مبيعات أسلحة كبرى بموجبها ستسلم الولايات المتحدة نحو 3.5 مليار يورو من الصواريخ متوسطة المدى والمعدات ذات الصلة والتدريب إلى اليابان؛ وهو الأمر الذي تعارضه الصين لما له من تأثير في الأمن الإقليمي. كما أعرب رئيس الوزراء الياباني عن قلقه من أن تسارع كوريا الشمالية في إجراء تجارب صاروخية من شأنه أن يعزز قدراتها، وما تمثله من تهديد.
ومن جهته؛ أشار بلينكن إلى قوة العلاقات الاقتصادية لكنه لم يذكر بشكل مباشر قرار بايدن بمنع استحواذ شركة نيبون ستيل على شركة يو إس ستيل السابق الإشارة له. بينما حذّر إيشيبا من تصاعد المخاوف داخل العالم الصناعي الياباني بشأن الاستثمارات اليابانية الأمريكية المستقبلية.
3. بحث تهديدات بيونغ يانغ: خلال الزيارة الأمريكية؛ أطلقت كوريا الشمالية صواريخ للمرة الأولى منذ نوفمبر 2024؛ مما دفع بلينكن لتأكيد أهمية التعاون بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان في المجال الصاروخي وإجراء تدريبات عسكرية ثلاثية، ولاسيما في ضوء إرسال الولايات المتحدة قاذفة بعيدة المدى خلال مُناورات عسكرية ثلاثية مع كوريا الجنوبية واليابان، وهو ما استنكرته كوريا الشمالية.
كما انتقد بلينكن موسكو في ظل التقديرات التي تُشير إلى أن روسيا تستعد لمشاركة تكنولوجيا الأقمار الاصطناعية المتقدمة مع بيونغ يانغ، بينما قال زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، إن عملية الإطلاق كانت بمثابة اختبار لنظام صاروخي جديد أسرع من الصوت من شأنه أن يُساعد على ردع مُنافسي البلاد في المحيط الهادئ، وأضاف أن تطوير القدرات الدفاعية لكوريا الشمالية سوف يتسارع بشكل أكبر.
وقد أدانت واشنطن، خلال الزيارة، إطلاق كوريا الشمالية للصواريخ، وتبادلت، مع حلفائها الآسيويين، التنسيق وتوحيد الرؤى والجهود بشأن مخاطر القوى النووية الكورية وتعاونها مع روسيا، وتعزيز أطر الدفاع المشترك والردع الموسع للتصدي لأي استفزازات مُحتملة في إطار انعقاد اجتماعات (2+2) بين وزراء الدفاع وتوسيع معاهدات الدفاع المشترك بين البلدين لتشمل مجال الفضاء الخارجي.
آفاق مُستقبلية:
خَلُصَتْ الزيارة إلى بعض المخرجات، كما أنها تحمل بعض الدلالات والتداعيات المُحتملة بشأن الآفاق المستقبلية للعلاقات بين الدول الثلاث، وهو ما يمكن إيجازه على النحو التالي:
1. بلورة التحالفات الأمريكية في آسيا: وهي الرسالة التي حرص بلينكن على تأكيدها من خلال بلورة الأهمية التي توليها بلاده لتلك التحالفات وتجديد الثقة بها وتعزيز التعاون الأمريكي مع كل من اليابان وكوريا الجنوبية، وتأكيد التزامها -أي واشنطن- الراسخ إزاء كل منهما في مختلف المجالات مثل الأمن والأمن الاقتصادي والتكنولوجيا المتقدمة والتعاون الإنمائي، ومراجعة ما تحقق من إنجازات على صعيد التعاون الثلاثي.
كما جرى، خلال الزيارة، تقييم ما تم تنفيذه بشأن التعريفات الجمركية المشتركة، فضلاً عن التعاون في مجال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة، وتم تبادل وجهات النظر حول تنفيذ قانون IRA وCHIPS وتعزيز بيئة استثمارية مواتية للشركات الكورية في الولايات المتحدة.
2. بلورة إرث بايدن: حرص بلينكن على بلورة مكتسبات السياسة الخارجية الأمريكية في عهد بايدن (وجذورها منذ عهد الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما) والتي أولت المزيد من الاهتمام للحلفاء في منطقة المحيطين الهندي والهادئ؛ إذ كانت الوجهة الأولى والأخيرة لوزير الخارجية خلال تلك الفترة الرئاسية؛ من أجل تعزيز تلك التحالفات للتصدي للتهديدات المشتركة وتشكيل المستقبل المشترك، وتجديد ثقة الحلفاء في الشريك الأمريكي كحليف موثوق به.
ولعل أبرز مظاهر الاهتمام الأمريكي هو انعقاد قمة كامب ديفيد، وتعميق آفاق التعاون الاقتصادي، والتزام واشنطن بتوسيع آفاق التعاون الدفاعي على صعيد القدرات التقليدية والنووية، وتعزيز التعاون الثلاثي مع اليابان وكوريا الجنوبية لضمان بقاء منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة والمزدهرة والآمنة والمرنة.
وفسر بعض المراقبين الصينيين زيارة بلينكن إلى اليابان على أنها ذات أهمية عملية محدودة، واعتبروها بمثابة رسالة رمزية تسعى إلى طمأنة طوكيو بأن تحالفهما لا يزال قوياً حتى بعد تولي الإدارة القادمة بالرغم من أن تلك الطمأنينة تحاط بقدر من عدم اليقين.
3. غموض السياسات المُرتقبة لترامب: فيما يخص الآفاق المستقبلية المحتملة للعلاقات الأمريكية الكورية اليابانية، فإنها قد تتوقف على بعض العوامل بما فيها التوجهات الخاصة بالسياسة الخارجية الأمريكية خلال الفترة الرئاسية القادمة للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب سواء إزاء الحلفاء، أم حتى إزاء الخصوم؛ وفي مقدمتهم كوريا الشمالية، التي سبق أن فتح ترامب قنوات اتصال معها خلال ولايته الأولى.
إلى جانب ما ستُفضي إليه الأزمة السياسية الحالية في كوريا الجنوبية، وما ستُسفر عنه من بلورة ملامح الإدارة الكورية الجديدة، بل قد تدفع إدارة ترامب الحكومة اليابانية لتعزيز سياساتها الدفاعية، وذلك بالنظر إلى تصريحات سابقة لأحد المرشحين لمنصب رفيع بالبنتاغون، تشير إلى أن طوكيو يجب أن تنفق ما لا يقل عن 3% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع.
ومع ذلك، فثمّة مخاوف من تضرر المصالح والشراكات الاقتصادية وتعثُر الاستثمارات اليابانية والكورية في الولايات المتحدة في عهد ترامب بفضل سياساته الحمائية المُتوقعة كما كان عليه الحال في ولايته الأولى حينما انسحب من اتفاقية التجارة الناشئة في منطقة المحيط الهادئ، وعوّل على استخدام الرسوم الجمركية.
ومن ثم تعقّد الأزمة الأخيرة التي تسبب فيها قرار بايدن بشأن صفقة شركتيْ الصلب، والذي يُخشى أن يؤدي لتداعيات غير محمودة العواقب، لما قد يُثيره من شكوك حول سياسات الولايات المتحدة المفتوحة ونظام التجارة الحرة.
ومع ذلك، يرى بعض المراقبين أنه في ظل المخاوف الأمنية المشتركة بشأن الصين، فإن التحالف بين البلدين سيظل قوياً على الرغم من ذلك القرار. وقد أكّد ترامب بعد فوزه في الانتخابات أنه ضد الاندماج تماماً، وتعهد بمنعه كرئيس ودعم شركة يو إس ستيل من خلال الإعفاءات الضريبية والتعريفات الجمركية. بما يعكس أنه قد يتخذ نفس نهج بايدن في تلك القضية. وتنظر بعض التقديرات إلى أن ذلك التوجه قد تكون له تداعيات سلبية على جهود الولايات المتحدة للعمل مع حلفائها لإنشاء سلاسل إمداد مرنة في مواجهة الهيمنة الصينية.
وفي التقدير، يمكن القول إن الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الأمريكي هدفت إلى بلورة مُنجزات عهد بايدن بشأن تعميق التحالف الثلاثي بين الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية، وإن كان مُستقبل ذلك التحالف يُحاط بقدر من عدم اليقين سواء في ظل ما تشهده كوريا الجنوبية من تطورات داخلية، أم ما تشهده العلاقات الاقتصادية بين اليابان والولايات المتحدة من توتر، وستظل الآفاق المستقبلية مرهونة بما ستكشفه إدارة ترامب من خطوط عريضة لسياساتها إزاء الحلفاء والخصوم في منطقة آسيا والمحيطين الهندي والهادئ.
” يُنشر بترتيب خاص مع مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أبوظبى ”
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
كاتب أميركي: الولايات المتحدة لم تعد بلدا مستقرا
يرى الكاتب الأميركي ديفيد فرنش أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تتعامل مع الاحتجاجات في مدينة لوس أنجلوس في ولاية كاليفورنيا برؤية قتالية كما لو أن الولايات المتحدة على شفا حرب، مؤكدا أن المؤشرات تتزايد يوميا على أن أميركا لم تعد بلدا مستقرا.
وكتب فرنش، في مقال رأي في صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، أن "إدارة ترامب تتأهب للقتال في شوارع أميركا" في تعاملها مع أعمال العنف التي اندلعت في أوساط المهاجرين في لوس أنجلوس إثر احتجاجات على الاعتقالات التي قام بها موظفو إدارة الهجرة والجمارك ضد المهاجرين.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2واشنطن بوست تستطلع آراء ألف أميركي بشأن احتجاجات لوس أنجلوسlist 2 of 2صحيفة إسرائيلية: تحالف نتنياهو والحاخامات يحبط آمال الجيش بتجنيد الحريديمend of listولاحظ الكاتب أن مستوى أعمال العنف في لوس أنجلوس لا يزال حتى الآن محدودا، والأهم من ذلك أنه في مقدور مسؤولي ولاية كاليفورنا ومدينة لوس أنجلوس التعامل معه، لكن إدارة ترامب تميل للتعامل مع الوضع بأنه "تمرد" كما ورد على لسان ستيفن ميلر، أحد أقرب مستشاري الرئيس ترامب وأهم مهندس لسياسات الهجرة في إدارته.
"غزو"ومن جانبه، يرى جي دي فانس نائب الرئيس الأميركي أن ما يجري في لوس أنجلوس هو "غزو"، وكتب في تدوينة على منصة إكس "لدينا مواطنون أجانب ليس لديهم حق قانوني في الوجود في البلاد، يلوحون بأعلام أجنبية ويعتدون على سلطات إنفاذ القانون. يا ليت لدينا كلمة طيبة تُعبّر عن ذلك".
إعلانوفي المنحى نفسه، برر وزير الدفاع بيت هيغسيث، في تدوينة على منصة إكس، لجوء الإدارة الأميركية إلى نشر الحرس الوطني لدعم قوات إنفاذ القانون الفدرالية في لوس أنجلوس وحشد قوات مشاة البحرية للغرض نفسه.
ونشر الرئيس ترامب السبت الماضي تدوينة على موقع "تروث سوشيال"، قال فيها إنه "إذا لم يتمكن غافن نيوسكوم حاكم كاليفورنيا، وكارين باس رئيسة بلدية لوس أنجلوس، من القيام بوظائفهما، وهو ما يعلم الجميع أنهما لا يستطيعان القيام به، فإن الحكومة الفدرالية ستتدخل وتحل مشكلة أعمال الشغب والنهب بالطريقة اللازمة".
وفي اليوم الموالي، قال ترامب إنه أعطى توجيهات لوزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم، ولوزير الدفاع بيت هيغسيث، والمدعية العامة بام بوندي، بالتنسيق مع جميع الوزارات والهيئات المعنية الأخرى، لاتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لتحرير لوس أنجلوس مما سماه "غزو المهاجرين".
انتهاك لسيادة الولايةواستدعى ترامب 2000 عنصر من الحرس الوطني للخدمة الفدرالية، ونشرهم في لوس أنجلوس، رغم أن كارين باس وغافن نيوسوم لم يطلبا ذلك التدخل لأن ولاية كاليفورنيا تمتلك موارد هائلة للتعامل مع الاضطرابات الحضرية، في وقت لم يترك لهما ترامب الفرصة لإجراء اللازم.
وطلب نيوسوم من ترامب إلغاء نشر قوات الحرس الوطني، واصفا إياه بأنه "انتهاك خطير لسيادة الولاية".
وتوقف الكاتب مليّا عند مغزى قرار ترامب، وقال إنه بالتدقيق في الأمر "نجد أن تصرفات إدارة ترامب لا تتطابق تماما مع قلقها. نشر ترامب الحرس الوطني، لكنه لم يُفعّل قانون التمرد، وهذا تمييز قانوني بالغ الأهمية".
واستشهد الكاتب برأي ستيفن فلاديك، وهو أستاذ القانون بجامعة جورج تاون، والذي قال إن "ترامب أمر الحرس الوطني بالتوجه إلى لوس أنجلوس بموجب قانون مختلف، يسمح للرئيس باستدعاء الحرس الوطني عندما يكون هناك تمرد أو خطر تمرد ضد سلطة حكومة الولايات المتحدة".
إعلانوبموجب ذلك القانون، فإن قوات الحرس الوطني تتمتع بسلطة "قمع التمرد"، لكنها لا تتمتع بالسلطة الكاملة لإنفاذ القانون التي قد يمتلكها الجنود إذا قرر الرئيس نشر وحدات الجيش بموجب قانون التمرد.
وبالتالي فإن مهمة قوات الحرس الوطني التي أمر ترامب بنشرها في كاليفورنيا، تتمثل في حماية موظفي وزارة الأمن الداخلي من هجمات المتظاهرين، وفق تفسير ستيفن فلاديك.
لغة متطرفةيخلص الكاتب إلى أن إدارة الرئيس ترامب تستعمل لغة متطرفة وأبدى تخوفه من أن تكون الخطوة التالية هي التعامل مع الأمر بأنه "تمرد" و"غزو المهاجرين" لتبرير المزيد من السيطرة العسكرية، وربما اللجوء إلى "قانون التمرد".
ويرى الكاتب أن صياغة "قانون التمرد" فضفاضة ومن شأنها أن تمنح الرئيس كل السلطة القانونية اللازمة لنشر عشرات الآلاف من الجنود في الشوارع، مشيرا إلى أن ترامب أعرب علنا عن ندمه لعدم استخدام المزيد من القوة لقمع الاضطرابات عام 2020 ويُقال إن حلفاءه وضعوا خططا لتفعيل قانون التمرد خلال ولايته الثانية.
وتساءل الكاتب: هل يريد ترامب إيذاء المتظاهرين؟ وهناك يتذكر الكاتب أن وزير دفاع ترامب السابق مارك إسبر صرّح بأن ترامب سأل رئيس هيئة الأركان المشتركة آنذاك الجنرال مارك ميلي عام 2020 "ألا يمكنك إطلاق النار عليهم ببساطة، إطلاق النار على أرجلهم أو شيء من هذا القبيل؟".
ويرى الكاتب أن خلفية الصراع بين ترامب وحاكم كاليفورنيا الديمقراطي غافن نيوسوم تكمن في تلويح إدارة ترامب بإلغاء واسع النطاق للتمويل الفدرالي لولاية كالفورنيا، في حين اقترح نيوسوم حجب أموال ضرائب كاليفورنيا عن الحكومة الفدرالية، مشيرا إلى أن سكان كالفورنيا يدفعون للحكومة الفدرالية ضرائب أكثر مما تتلقاه الولاية من تمويل فدرالي.